|
الفيلم الوثائقي الملتزم حول احداث سياتل ضد العولمة
نير نادر
الحوار المتمدن-العدد: 1 - 2001 / 12 / 9 - 01:51
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
"هكذا تبدو ديمقراطيتكم"
تشرين ثان (نوفمبر) عام 1999 - عشرات آلاف المتظاهرين ضد العولمة يجتمعون في مدينة سياتل في الولايات المتحدة. المظاهرات ضد منظمة التجارة العالمية (WTO) استمرت خمسة ايام وتحولت الى رمز للمعارضة المتنامية للعولمة الرأسمالية. اكثر من مئة مصور ومخرج افلام وفيديو شاركوا في احداث سياتل ووثقوها بالافلام والصور. اثنان من هؤلاء، جيل فريدبرغ وريك رؤالي، كانا مسؤولين عن تشكيل "غرفة الحرب" لوسائل الاعلام البديلة التي نصبها المتظاهرون. بعد انتهاء المظاهرات قام المخرجان بمنتجة مئات الساعات من المواد الخام المصورة ليجعلا منها الفيلم الوثائقي "هكذا تبدو ديمقراطيتكم". وحظي الفيلم بنجاح باهر على نطاق عالمي، فقد تم عرضه للمرة الاولى في 50 موقعا في انحاء العالم على مدى 48 ساعة، ودعي للمشاركة في مهرجانات الافلام الدولية المختلفة، وبثته محطات تلفزيون عديدة. في اطار مهرجان الافلام الوثائقية - هوت دوكس (Hot Docs) الذي نظم في مدينة تورونتو بكندا في ايار الماضي، شارك فريدبرغ ورؤالي في مناظرة لمخرجي افلام وثائقية سياسية. عندما وُجه لهما السؤال هل يجب على مخرج افلام وثائقية ان يكون موضوعيا في افلامه، سارعت فريدبرغ للقول ان الموضوعية لا تعنيها بل ما يعنيها هو تغيير المجتمع. ساعتان بعد ذلك كان للصبار لقاء مع المخرجين لاستيضاح موقفهما من الاعلام البديل والتوجه البديل الذي يدعوان له. ريك رؤالي هو عضو مؤسس في مجموعة الفيديو المستقلة "بيغ نيوز فيلمس" (افلام الاخبار الكبيرة)، يقول: "كانت نيتنا خلق قناة لنشر إعلام من شأنه تغيير العالم. الاعلام اليوم هو حكر على الاحتكارات الكبيرة التي تخترع الاكاذيب للتغطية على جرائمها. عندما استخدمت الشرطة الغاز في مظاهرات سياتل كانت تعتقد ان هذا سيفرق المتظاهرين. ولكننا لم نهرب، فكانت هذه صدمة لقوات الشرطة وللاعلام ايضا الذين لم يستطيعوا ان يستوعبوا مصدر المعارضة للعولمة". في احد مشاهد الفيلم يقوم مراسل احدى محطات التلفزيون بمساعدة احدى المتظاهرات التي تعرضت لعنف الشرطة. ولكن سرعان ما يغض المراسل الطرف عن المتظاهرة، ويلخص لمشاهديه موقفه من المظاهرات بالقول: "انهم يحاولون سد الطريق، واعتقد انهم بذلك يجلبون المشاكل على انفسهم". جيل فريدبرغ هي عضو مؤسس في مركز الاعلام المستقل في سياتل (IMC)، تقول: "من سياتل بدأت "كرة الثلج" تتدحرج في المعركة ضد منظمة التجارة العالمية. مع اقتراب عقد مؤتمر المنظمة العالمية ازداد عدد الناس الذين تجندوا لمحاربته وقدموا من كل انحاء امريكا واستراليا. "مهمتي كانت تهيئة الارضية لنشاط الاعلام البديل. فجهزنا موقعا استخدم ك"غرفة حرب" تضمنت حواسيب واجهزة لتحرير الفيديو والاوديو (اعلام مرئي وصوتي). وقد احضر العديد من النشيطين اجهزة تصويرهم معهم الى المظاهرات، كما كان هناك النجارين والكهربائيين الذين ساعدونا في بناء "غرفة الحرب". وتم انجاز بناء الغرفة من خلال العمل التطوعي والمساهمات المالية. وكان الهدف بناء مركز يسمح بتوفير التغطية المتواصلة للاحداث في المدينة من وجهة نظر بديلة، وذلك ردا على وسائل الاعلام الكبيرة التي صورت المتظاهرين بشكل سلبي". رؤالي: "منذ بداية المظاهرات كنا في المركز الاعلامي، وبعد ساعتين بدأت الاشرطة بالوصول الينا من الميدان. في الساعة الثانية عشرة من كل ليلة عقدنا جلسة لتلخيص نشاط ذلك اليوم، وتقسيم العمل في التحرير والمنتجة على مجموعات صغيرة. كان هدفنا اخراج فيلم فيديو يستغرق نصف ساعة ليكون بالامكان بثه من خلال الفضائيات. في الصباح كان يخرج احد النشيطين بواسطة الدراجة الهوائية لينقل الشريط الى مركز لبث الافلام التابع للمحطة الفضائية "ديفديش"، وهو مركز يعكف على بث افلام ومواد بديلة منذ الثورة في نيكارغوا عام 1979. ائتلاف المتظاهرين في سياتل كان متعدد الاجناس والاتجاهات. القاسم المشترك كان الرغبة في اسقاط نظام العولمة الرأسمالية، ولكن لكل واحدة من المجموعات كان جدول عملها الخاص. ذروة النضال التي وصل اليها هذا الائتلاف كانت طرح السؤال: الى اين؟ رؤالي: "بعد الاحداث العاصفة رحل الناس من سياتل، وانا ايضا. بالتعاون مع جيل فريدبرغ استمر العمل على الافلام وقررنا استغلال الفرصة لانتاج فيلم. فتوجهنا الى نقابة السائقين الامريكية - تمسترز (TEAMSTERS) التي شارك اعضاؤها في المظاهرات. وساهمت النقابة من خلال منحنا غرفة قمنا فيها بمنتجة الافلام العديدة التي جمعناها في ايام سياتل الخمسة. وبعد تسعة اشهر كان الفيلم جاهزا". يضيف رؤالي: "التلفزيون الكندي الرسمي (CBC) بث الفيلم اياما قليلة قبل انعقاد قمة الامريكتين في كوبك (في نيسان الماضي حيث جرت مظاهرات مماثلة لمظاهرات سياتل). وقد دعانا التلفزيون للاستوديو للمشاركة في النقاش حول الفيلم. المظاهرات في كوبك كانت متوقعة هذه المرة، والقائمون على التلفزيون الكندي ادركوا ان الموضوع اصبح ساخنا، وكان الفيلم الذي اخرجناه الفيلم الوحيد الملائم". رؤالي: "لم يخطر ببال احد ان تقوم الشرطة الكندية باستخدام العنف والغاز المسيل للدموع ضد المواطنين. وكان القائمون على التلفزيون واثقين من انفسهم ان طريقة تقديمهم للاحداث ستكون نزيهة. لكن ما حدث في مظاهرات كوبك كان تكرارا طبق الاصل لما حدث قبل عام ونصف في سياتل. وقد حذرت الشرطة مراسلي وسائل الاعلام من انهم اذا خرجوا من قاعة المؤتمر الرأسمالي، لتصوير المظاهرات في الشوارع، فسيحرمون من العودة للقاعة. كل طواقم الاعلام الرسمية الذين كانوا معنا في البداية، اختاروا تصوير قمة الرؤساء وتركوا الشوارع دون اية تغطية". الفيلم "هكذا تبدو ديمقراطيتكم" يعكس جيدا مواقف المتظاهرين في سياتل. من وجهة نظرهم كانت هناك خمسة ايام هزت العالم. ثم اصبحت هذه الاحداث قالبا تكرر في واشنطن، براغ، دافوس، نيس وكوبك. ولكن بينما ينقل العالم صور الاحداث التي هزّته، فلا تزال قوانين النظام الرأسمالي ماضية في قيادة العالم نحو الكوارث. رؤالي وفريدبرغ: "عندما تعد فيلما وثائقيا يجب ان يكون هدفك واضحا. فإن شئت تصوير الامور من الجو فعليك ان تكون في الطائرة العامودية التابعة للشرطة. واذا اردت فيلما عن الصاروخ الذي اطلق على العراق، فعليك ان تكون في وزارة الدفاع الامريكية. بامكانك حصد مال كثير من افلام كهذه، ولكننا غير معنيين بالمال بل بتغيير العالم". ريك رؤالي وجيل فريدبرغ، كغيرهما الكثير من النشيطين، يحملان معهما الالهام من احداث سياتل. ولكن لا يزال الائتلاف الذي يشاركان فيه بعيدا عن بلورة بديل سياسي للنظام الرأسمالي. في تورونتو عقد على هامش مهرجان الافلام الوثائقية الذي شاركنا فيه، اجتماع لمناقشة دروس كوبك وسياتل. بين الهتافات الحماسية والدعوات للتضامن ساد شعور عام بان ملاحقة القيادات الرأسمالية من مدينة لاخرى لا تشكل بحد ذاتها استراتيجية نضالية - قادة العولمة اغنياء ولهم قوة كبيرة، وعلينا البحث عن طريق جديد لمواجهتهم.
عضو طاقم "فيديو 48"، الذي حضر تورونتو لعرض الفيلم الوثائقي "صفيح ورخام" حول قرية رمية غير المعترف بها
#نير_نادر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحليل لـCNN: كيف غيرت الأيام الـ7 الماضية حرب أوكرانيا؟
-
هل الدفاعات الجوية الغربية قادرة على مواجهة صاروخ أوريشنيك ا
...
-
كيف زادت ثروة إيلون ماسك -أغنى شخص في العالم- بفضل الانتخابا
...
-
غارة عنيفة تهز العاصمة بيروت
-
مراسلة RT: دوي انفجارت عنيفة تهز العاصمة بيروت جراء غارة إسر
...
-
عاجل .. صافرات الانذار تدوي في حيفا الآن وأنباء عن انفجارات
...
-
أوستن: القوات الكورية الشمالية في روسيا ستحارب -قريبا- ضد أو
...
-
ترامب يكشف أسماء جديدة رشحها لمناصب قيادية في إدارته المقبلة
...
-
البيت الأبيض يبحث مع شركات الاتصال الاختراق الصيني المشتبه ب
...
-
قمة كوب29: الدول الغنية ستساهم ب 250 مليار دولار لمساعدة الد
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|