أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف رزين - إشكالات بخصوص التاريخ الإسلامي















المزيد.....


إشكالات بخصوص التاريخ الإسلامي


يوسف رزين

الحوار المتمدن-العدد: 3971 - 2013 / 1 / 13 - 21:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قام باحث انجليزي في التاريخ الاسلامي يدعى توم هولاند باعداد برنامج وثائقي بثته قناة بي بي سي اللندنية عن بدايات الاسلام تحت عنوان : "الاسلام قصة لم ترو بعد ". و من خلال هذا البرنامج أثار مجموعة من الاشكالات و التساؤلات حول حقيقة الاسلام و بداياته من منطلق انه ليس مسلما و بالتالي فهو بحاجة الى ادلة مادية متينة للتأكد من صدق ما يدعيه المسلمون من كون الاسلام هو دين جاء به شخص اسمه محمد انطلق من مكة المدينة الصحراوية . فهذا الباحث يتسائل إذا كان محمد قد أتى فعلا بالاسلام لماذا لا يوجد اي اثر اركيولوجي عنه ؟ لماذا على سبيل المثال لم يذكر في نقوش و وثائق و نقود معاوية بن ابي سفيان ؟ لماذا مثلا عملة معاوية لا تتضمن اي اشارة الى الاسلام من قبيل كلمة الله او محمد ؟ و يخبرنا الباحث من خلال ابحاثه ان اول من نقش اسم الله و محمد على عملته كان هو عبد الله بن الزبير بعد 60 عاما من وفاة الرسول ليتلوه بعد ذلك عبد الملك بن مروان . و كتفسير لهذا التطور يقول الباحث أن عبد الله بن الزبير اراد ان يفعل مثل الامبراطور قسطنطين الذي شيد دولته ليس على اساس دنيوي فحسب بل ايضا على اساس ديني و هو نفس الامر الذي سيفعله عبد الملك بن مروان ليحرم خصومه من استغلال العامل الديني بعد ان وقف على خطورته .
ايضا يطرح الباحث مسألة تواجد الحرم المكي ، فإذا كانت مكة فعلا توجد في الصحراء ، فلماذا ذكرت كتابات المسيحيين المعاصرين للمسلمين الاوائل انهم كانوا يتوجهون في صلاتهم الى الشمال و هو اتجاه لا ينطبق على مكان تواجد مكة ؟ ايضا نرى في البرنامج اثار اقدم مسجد (100 عام بعد وفاة الرسول) يتواجد بفلسطين المحتلة حسب ما فهمت يتجه محرابه نحو الشرق و ليس نحو مكة التي توجد في الجنوب . ايضا الاية القرآنية التالية " و إن لوطا لمن المرسلين ، إذ نجيناه و أهله أجمعين ، إلا عجوزا في الغابرين ، ثم دمرنا الآخرين ، و إنكم لتمرون عليهم مصبحين و بالليل " الاية 133-137 سورة الصافات تشير الى تواجد قريش بسدوم مدينة لوط قرب البحر الميت و ليس بالصحراء ، ايضا في القرآن ذكر لزراعة التين و الزيتون و العنب و هي زراعات لا توجد الا بالشام و ليس بالصحراء ! مما يفتح بابا واسعا للتساؤل .
كل هذه الاشكالات التي طرحها الباحث توم هولاند جعلته يضع فرضية ان الاسلام لم يخلق الامبراطورية العربية بل ربما العكس هو الصحيح اي ان الامبراطورية العربية هي التي خلقت الاسلام و ان شخصية محمد قد تكون مختلقة من طرف المسلمين ، بالاضافة الى ان مكة ( التي لا تنطبق لا الاشارت القرآنية عليها و لا كتابات المسيحيين المعاصرين للمسلمين الاوائل و لا الاثار الاركيولوجية لاقدم مسجد) قد تكون مكانا مختلقا ايضا من طرف المسلمين وضعوه في قلب الصحراء ربما للدلالة على على طهارة هذا الدين و عدم تأثره بالمؤثرات اليهودية و المسيحية . و في النهاية يخلص الباحث ان أسئلته ما زالت بدون جواب و انه مازال يعتبر بدايات الاسلام بمثابة ثقب اسود كبير مليء بالالغاز .
كانت هذه إذن قراءته للمعلومات التاريخية التي توصل اليها و التي دفعته في اتجاه فرضية ان الاسلام ربما كان دينا مختلقا من طرف اصحابه العرب و ان الدولة العربية هي من انتج هذا الدين و ليس العكس كما يدعي المسلمون و انهم اختلقوا شخصية وهمية اسمها محمد و حرما وهميا اسمه الكعبة يوجد بقلب الصحراء . لكن هذه القراءة لا يمكن ان نعتبرها القراءة الوحيدة الممكنة لهذه المعلومات التي توفر عليها هذا الباحث ، بل يمكن ان نعالجها (المعلومات) من زاوية اخرى . فبخصوص عملة معاوية التي لا تتضمن اسم محمد يمكننا ان نقول ان الامر اكثر من منطقي ، فمعاوية هو ابن ابي سفيان عدو الرسول و شيء طبيعي انه عند تأسيس دولته لن ينس عداوة بني امية لمحمد و الدين الذي جاء به و بالتالي سقيم دولة باسم اسرته الاموية و ليس باسم خصمها محمد . إذن معاوية ليس مؤسسا للحكم الجبري فحسب كما تنبه لذلك بعض الباحثين السنة بل مؤسس لدولة لا تعترف اصلا بالاسلام لا في عملاتها و لا في وثائقها ، و هذا يذكرنا بخطبة زياد بن ابيه واليه على العراق الذي خطب خطبته في العراقيين دون ذكر الله او محمد فسميت بالبتراء . إذن عدم الاعتراف بالدين الاسلامي كان قرارا سياسيا واضحا من طرف الامويين . ايضا اذا تذكرنا البيت الشعري ليزيد بن معاوية حيث انشد " لعبت هاشم بالملك فلا ملك جاء و لا وحي نزل " ستتضح لنا الصورة أكثر حول ملامح الدولة الاموية . صورة تنتفي منها صبغة الاسلام و توضح لنا ان المسلمين عاشوا تحت اضطهاد هذه الدولة التي لا تعترف بدينهم . ايضا بخصوص نقش عبد الله بن الزبير لاسم الله و محمد على عملته فإن هذا العمل لا يمكن اعتباره تقليدا للامبراطور قسطنطين . اصلا هذا الامبراطور لم يخترع الدين المسيحي فهو كان موجود قبله بسنوات طويلة ، كل ما هنالك انه اعترف به و جعله دينا رسميا لدولته . أما بخصوص عبد الله بن الزبير فشيء طبيعي أن يذكر اسم الله و النبي محمد على عملته ، فهو معارض للامويين و يعبر عن الطرف الاخر المسلم الذي استطاع ان يتحرر من السلطة الاموية و يعبر اخيرا عن دينه من خلال نقش عبارة باسم الله محمد رسول الله على عملته . ايضا قيام عبد الملك بن مروان بطبع اسم الله و محمد على عملته معناه ان السلطة الاموية ممثلة في البيت المرواني أدركت ان الانفجارات السياسية التي تعرضت لها مردها الى العداء الصريح للامويين الاوائل للاسلام و هو ما سيدفع الامويين المروانيين الى احناء رؤوسهم للعاصفة و التحلي بالمرونة و الاعتراف الصوري بالاسلام فطبعوا اسم الله و محمد على عملاتهم خصوصا و نحن نعلم ان البيت المرواني الحاكم كان يضم مناصرين اشداء للاسلام على راسهم الامير عمر بن عبد العزيز.
اما بخصوص مكان تواجد مكة الحالي و الذي لا يتطابق مع الاشارات القرآنية التي تشير ان به آثار قوم لوط و ان به زراعات الزيتون و العنب و التين ،فيمكن القول انه تعرض للازاحة من مكانه الحقيقي و تم وضعه في الصحراء كمكان مفتوح تسهل السيطرة عليه و اقتحامه عسكريا خصوصا و نحن نعلم ان الكعبة هدمت مرتان و اقتحمت مكة اكثر من مرة لانها كانت ملجأ للمعارضين . و ربما كانت مكة الحقيقية في مكان ما في الشام تنطبق عليه المعلومات التي اوضحها الباحث . هذا المكان ربما كان حصينا بتضاريسه الجغرافية الشي الذي دفع السلطة العباسية بعد موقعة فخ الى تغيير مكانه و وضعه في مكان صحراوي فسيح و مفتوح يسهل اقتحامه ربما .
فرضية يلزمها الكثير من البحث للتأكد منها ، و في رأيي يلزمنا مزيد من الابحاث الاركيولوجية في منطقة الشام خصوصا في الاردن و سورية و فلسطين بحثا عن مسكوكات و خزفيات يعود تاريخها الى عصر الرسول ، فربما استطاعت ان تضئ لنا هذا الثقب الاسود المسمى ببدايات الاسلام لانه كما هو واضح فإن هذه البدايات تعرضت لعملية اخفاء و طمس معالم ممنهج من طرف السلطة الحاكمة .
يوسف رزيــــــن



#يوسف_رزين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنثربولوجيا الأضحية ..محاولة للفهم
- الاحتلال الروماني للمغرب
- وليلي مدينة إقامة يوبا و الحكام الرومانيين
- لوح بابلي..حوار السيد و العبد
- لمحة عن الحياة العلمية في الأندلس في عهد الناصر و المستنصر و ...
- الحقيقة الغائبة
- عبد السلام ياسين من منظور حداثي - نظرات في الفقه و التاريخ -
- البغاء في الإسلام


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يوسف رزين - إشكالات بخصوص التاريخ الإسلامي