أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.














المزيد.....

يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 3970 - 2013 / 1 / 12 - 07:32
المحور: الادب والفن
    


في مخيّم الزعتري، طفل سوريّ يمشي حافياً على الثلج، يلخّص كل مأساة الشعب السوري.

الطقس الثلجيّ العاصف، لا يعرّي مأساة الشعب السوري، العارية أصلاً، لكنّه كشط ما تبقّى من جلدها العالق بالجسد المُثخن! ولم يكن الطفل الحافي يمشي على الثلج، الطفل كان يمشي على ضمير العالم الجليديّ الجامد. لم تكن العاصفة الثلجيّة أقل رحمة، من سماسرة دم أطفالنا، كانت فرصة أخرى لمزادات كلاميّة رخيصة؛ لا تمنع موتاً، ولا تُطعم جائعاً، ولا تُدفئ جسداً مبلّلا يرتجف، ولا تُوقف خيمة واقعة على قدميها. حين نتكلّم ونختصر هذا الجحيم الفريد والنادر، بأحد وجوهه الكثيرة والمأساويّة، نكون كمن يرى ويتكلّم عن جرح صغير في قدم الطفلة السوريّة في مخيّم الزعتري، ويصمت عن قدمها الثانية المبتورة! الطفلة التي تتحرّك على قدم واحدة في جحيم الزعتري الجليديّ والقاتل، رغم البرد والصقيع والطين والوجع وأشياء كثيرة أخرى لا يعرفها إلّا من يموت هناك! تتحرك الطفلة على قدم واحدة وبلا عكّاز، قدم واحدة فقط! تتحرّك الطفلة وتهزّ السماوات في عيوني وتُرجف الأرض تحتي، تتحرك الطفلة بعناد من يتحدّى هذا العالم الدميم، وكأنها تبصق على لغو وخساسة ساسته. تتحرك لأنها لم تصدق بعد أن قدمها لن تعود إلى مكانها، تتحرّك لتتأكّد من أنّها مازالت على قيد اللعب والفرح رغم كلّ هذا الموت المتربّص بها، وبالناس الذين تعيش معهم في جحيم جليديّ متعدد الوجوه! ناهيك عن وجوه المأساة الأخرى الكثيرة والكثيرة جدّاً، في بقيّة مخيمات اللجوء، عادة تحظى المخيّمات ــ ركّزوا معي على كلمة "تحظى" ــ بالقليل القليل من تسليط الضوء على ما يحدث فيها، كونها بعيدة عن متناول مسوخ الجزّار، ولكن حين نريد تناول مآسي شعبنا في الداخل، سيكون الأمر في غاية الصعوبة، لكوننا سنتحدّث عن ملايين السوريين الهاربين بأرواحهم، ليس من الموت المتعدد الذي تتكرّم به طائرات ومسوخ المجرم وحسب، بل من أشكال الموت البطيء الأخرى: المأوى، الجوع، الحاجة، إلى آخر الموت. حين نتواصل مع أهلنا وأصدقائنا ومعارفنا وأبناء مدينتنا المشرّدين على الجغرافية السوريّة الدامية، نسمع منهم قصصاً لا يستطيع تحمّلها بشر ولا آلهة! قصصاً أقلّها ألماً، حالة الفرار الدائم بأرواحهم من مكان إلى مكان بعد أن خسروا أخوة وأقارب وجيراناً وجيرة دون أن يستطيعوا يحزنوا على فقدهم، ناهيك عن خسارتهم لكلّ شيء يملكون. هكذا حال بقيّة أهلنا في المدن والقرى السوريّة الاخرى والذين لا يختلف حالهم عن ما ذكرنا. أعداد السوريين الذين يعيشون هذه الحالة بالملايين، والعالم يرى ويسمع ويتفرّج.

أينهم؟
نفتقد ويفتقد السوريّون مئات ألوف المعتقلين والمختفين الذين لا نعرف عن أخبارهم شيئاً، لكننا لن نتعب ولن نملًّ من مناداتهم بأسمائهم التي تجرح الغياب وتلوي عنق الظلام.

ليس من أجل أن لا ننسى.. نحن لم ننسَ ولن ننساهم

ولكن، من أجل أن يبقوا بيننا! يربتون على قلوبنا كلّما اشتدّ الوجع!

يا عبد الله الماضي.. أينهم؟ أينكَ يا صديقي؟

عبد الله.. يا عبدالله
لا نحتاج إلى غيابك
لنحنَّ إلى فرات
يتخبّط "كالمزهور" فينا
على براعمكَ
تقوّت الفراش
وعاج نحل السكوت
أينك؟
لا وردة تدلّ عليك
ولا الفرات يصغي
وقع خطاك قريب
عين ترى وقلب يسمع
وحين أضمّكَ
تلتقي ذراعاي على فراغ
ويجفف دمعتي السؤال.



#فواز_قادري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرسم لها أرضاً حنونة.. وأرفع فوقها سمائي
- شهداء السنة الجديدة
- للكتب أرواح أيضاً
- حلم
- تفاصيل
- أمّهاتي الكثيرات
- جثّة من التي تفسّخت؟
- أسوارنا من لحم ودم
- الكثير من قصص الحب في الثورة السورية، لا نعرف عنها شيئاً.
- يجري الدم السوري ويسبق الجميع.
- تتفتّح زهور سورية في الخريف
- -هدنة العيد-
- الميادين
- صباحات تُشبه خريفاً سوريّاً
- -أنا أخو الوزير-
- صباح الخير أيّتها المرأة الحامل
- إشراقات
- آآآخ يا عمّو آآخ!
- يوم في حياة شهيد
- سورية قصيدة حرّة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.