|
الكنفدراليه في الواقع الفلسطيني بين جدلية الطرح و امكانية التنفيذ
ريهام عودة
الحوار المتمدن-العدد: 3968 - 2013 / 1 / 10 - 23:45
المحور:
القضية الفلسطينية
لقد بثت قناة العربية الفضائيه خلال الأسبوع الماضي بتاريخ 1-1-2013 مقابلة تلفزيونية مع السيد فاروق القدومي الذي تحدث خلال المقابلة عن تأييده لتأسيس كنفدرالية بين الضفة الغربية و المملكة الاردنية حيث بدا السيد فاروق القدومي متحمساً و مشجعا لفكرة الاتحاد الكنفدرالي، إلا أنه في نفس اليوم الذي أذيعت فيه مقابلة القدومي ،بثت قناة العربية مقابلة أخرى مع السيد صائب عريقات الذي نفى بشدة وجود أية محادثات بين السلطة الفلسطينية في رام الله مع الأردن حول أية مشاريع تتعلق بتأسيس كنفدراليه ، الأمر الذي جعل البعض يشكك في جدية السلطة الفلسطينية حول تبنيها فكرة اعادة تبعية الضفة الغربية للمملكة الأردنية .
و لو فرضنا أنه هناك أية احتمالات لإجراء محادثات حول تلك الكنفدراليه ، فإن أي ُمطلع على ملف القضية الفلسطينية ،يستطيع أن يلاحظ بشدة مدى تردد السلطة الفلسطينية في اتخاذ تلك الخطوة الخطيرة التي تحتاج إلي روح المغامرة السياسية و الجرأة في التنفيذ و تحمل مسئولية تلك الخطوة و نتائجها في المستقبل.
وقبل أن نناقش إمكانية تأسيس هذه الكنفدرالية دعونا أولاً أن نتعمق في مفهوم ذلك المصطلح السياسي و التعرف عليه من خلال تجارب بعض الدول التي كانت أو مازالت جزء من كنفدراليات. إن مفهوم الكنفدرالية يعني بالتحديد انشاء رابطة بين دول مستقلة و ذات سيادة تقوم بتفويض بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات وذلك دون أن يشكل هذا التجمع دولة أو كيانا وإلا أصبح شكلا آخرا يسمى بالفدرالية. و يؤكد مبدأ الكنفدرالية على مبدأ احترام سيادة الدول و ذلك بناء على توقيع معاهدة مع الدول التي ترغب بالارتباط مع بعضها ،و تخضع تلك المعاهدة حسب القانون الدولي للتعديل في حال اجماع الأطراف المتحدة. ومن أمثلة الكنفدراليات التي ُشكلت في الوطن العربي سابقاً هي الجمهورية العربية المتحدة التي كانت نتيجة الوحدة بين دولتا سوريا و مصر اللتان اتحدتا معاً في عام 1958 وذلك في عصر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، لكن في نهاية الأمر أنهيت الوحدة بين الدولتين اثر انقلاب عسكري في سوريا عام 1961 فانفصلت الدولتان عن بعضهما البعض. أما بالنسبة لعصرنا الحديث فإن أحدث الكنفدراليات المتواجدة حالياً هي الاتحاد الأوروبي الذي ُشكل من اتحاد 27 دولة أوروبية وله سياسة أوربية موحده و اتفاقيات دفاع مشترك بجانب العديد من الاتفاقيات الاقتصادية و التنموية و ذلك مع تأكيد استقلالية وسيادة كل دولة أوروبية مشتركة بالاتحاد. و أسوة بالاتحاد الأوربي برزت أيضاً على الساحة الخليجية عدة مطالبات و مناشدات من بعض الدول الخليجيه لتشكيل كنفدراليه خليجية تحاكي الاتحاد الأوروبي لكن تلك المطالبات مازالت في قيد الدراسة و المناقشة.
أما إذا أردنا التحدث عن مدى امكانية تطبيق تلك الكنفدرالية في الواقع الفلسطيني ، نستطيع القول أنها ممكنة و قد تكون حل يسير لإنهاء ملف القضية الفلسطينية التي أصبحت مع الأسف ممزقة بين أطراف فلسطينية متناحرة و بين صراع تديره بعض دول اقليميه تحاول أن توظف تلك القضية لصالحها. و بغض النظر عن إمكانية تأسيس تلك الكنفدرالية أم صعوبة تشكيلها ،أعتقد بأن المملكة الأردنية و السلطة الفلسطينية برام الله لن تقدما على تلك الخطوة الخطيرة إلا بعد الحصول على موافقة مبدئية من أعضاء الرباعية الدولية و جامعة الدول العربية و اسرائيل.
ففكرة الكنفدرالية بحد ذاتها قد تكون قابلة للتطبيق بشكل عملي في حال نالت الدولة الفلسطينية استقلالها الكامل حسب قرارات الأمم المتحدة التي تؤيد الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 وفي حال اجراء استفتاء شعبي للموافقة عليها. أما في حال اتحاد الضفة الغربية حالياً مع الأردن بدون قطاع غزة فسيعتبر ذلك خطأ تاريخي إستراتيجي لأنه بتلك الخطوة سوف يتم عزل قطاع غزة نهائياً عن أراضي الدولة الفلسطينية و بالتالي سيتم تشجيع انضمام ذلك القطاع الي مصر.
لكن لو فرضنا أن السلطة الفلسطينية و الأردن وافقتا على تشكيل كنفدرالية بينهما في الوقت الحالي فعلينا حينذاك أن نطرح عدة أسئلة استفهامية من ضمنها التساؤل حول الحدود النهائية للضفة الغربية التي ستتحد مع الأردن، فهل سيتم التخلي عن أراضي المستوطنات و القدس أم سيترك الأمر للأردن لكي تتفاوض مع الإسرائيليين حول ملفي المستوطنات و القدس ؟ و هل سيتم تشجيع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلي الأردن أيضا كوطن بديل لهم ؟ ومن سيقوم بتحمل الأعباء المالية و الاقتصادية للسلطة الفلسطينية ؟ وما هي طبيعة الاتفاقيات الأمنية و العسكرية بين الطرفين ؟ هل سيكون هناك مثلاً منظومة دفاع مشترك بين الطرفين؟
لذا نستطيع القول أنه في حال تم الاتفاق على تشكيل كنفدرالية بين الضفة الغربية و الأردن بدون ادماج قطاع غزة سوف يعتبر ذلك تسرع خطير وغير محسوب من الناحية السياسية و الوطنية و الأمنية و الجغرافية ، أما في حال انتهاء الانقسام الفلسطيني و توحيد كل من الضفة الغربية و قطاع غزة و نيل الاستقلال الكامل للدولة الفلسطينية ربما يكون الحديث في ذلك الوقت عن الوحدة مع أي دولة عربية منطقيا و أكثر عقلانيه حيث ستكون حينذاك مسئولية الكنفدرالية هي توفير غطاء سياسي و أمني و اقتصادي للدولة الفلسطينية المستقلة ،المعترف بها دولياً و التي تستطيع بعد فترة حضانتها أو رعايتها من قبل أي دولة عربية أن تنفصل في أي وقت بعد أن تكون قد استفادت من خبرات تلك الدول و دعمها السياسي و الأمني و الاقتصادي لأن الهدف الأساسي من تأسيس أي اتحاد بين الدول هو تبادل الخبرات بين تلك الدول و الحصول على دعم احدى الدول سواء كان ذلك لفترة مؤقتة أو فترة دائمة .
#ريهام_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأخلاق و حرية التعبير عن الرأي
-
التويتر من عصفور مغرد إلي صقر محارب
-
خادمة جارتي السمراء
-
أيها اللبنانيون ...... الأمن أولاً
-
غزة بين طبول الحرب على إيران و الانقسام الفلسطيني
-
اتفاقية أوسلو و التفكير في البديل الثالث
-
المرأة الفلسطينية و المشاركة السياسية
-
غزة عام 2020 ، ناقوس يدق في عالم النسيان ...
-
أبعاد انضمام فلسطين كعضو مراقب بالأمم المتحدة
-
العرب في عيون يابانية
-
تناول العشاء مع أوباما مقابل 3 دولارات فقط
-
حلمي أن أكون وزيرا
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|