|
الامتحانات الموحلة..!!
توفيق الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 3968 - 2013 / 1 / 10 - 22:26
المحور:
كتابات ساخرة
الامتحانات الموحلة..!!
توفيق الحاج
عفوا .. العنوان ليس خطأ..،وإنما مقصود.. في مطر وزحاليق هذا المنخفض العاتي، وتحته وجهة نظرمتواضعة قابلة للرفض ،أو القبول ..بمنطق بناء ،ومعقول..!! كنت اود طرحها في اللقاء التربوي الطيب الذي استضافت فيه عدة مدارس في خان يونس مشكورة قبل اسبوعين رئيس برنامج التعليم بوكالة الغوث ، ومدراء مناطق ،وموجهين ،وجمع غفيرمن المهتمين ،وأولياء الأمور..، لكني وجدت من اللائق ،والمفيد آن أكون متلقيا فقط للمداخلات، والتساؤلات ،والإجابات عن موضوع تربوي ،ومجتمعي خاص ،وعام في نفس الوقت.. يهم أكثر 90 %من شعبنا ،ويضاهي في الأهمية لقمة العيش ،والهم السياسي الذي لا يكاد ينتهي..!! واخترت ان يظهر مقالي هذا في توقيت (الامتحانات الموحدة) عينها ..!!أملا آن يساهم ،ولو قليلا في إضاءة المكان بشمعة بدلا من كيل ألف لعنة..!! مؤكدا تقديري، واحترامي لدور كل زميل تربوي كبر شانه أم صغر..!! لقد استمعت جيدا لمرافعات الدفاع الجيدة وخاصة من رئيس البرنامج الذكي الذي تجمعني به الزمالة ،والعبارة الساخرة..!! عن الامتحانات الموحدة ،وأننا بفضلها وصلنا إلى ماليزيا..!!وأحرزنا موقعا أفضل في ترتيب (التمس) الدولي..!! برافوووو ....أرفع القبعة مفتخرا ،و مباركا من القلب..لكنني رغم ذلك لم أقتنع ببراءتها تماما ،بل كنت اتوقع ان تتم محاسبتها بهدوء ،وإصدار قرار باعتقالها ، او إحالتها إلى التقاعد ،ولو مع وقف التنفيذ..!! خلونا نبدأ العصف ..بحرية رأي أتمنى ان تكون مكفولة من حيث المبدأ.. متسلحين بالنوايا الطيبة ،والأمل..معتذرين سلفا لكل قارئ قد يتثاءب مستشعرا عدم الأهمية ،و الملل..!! لنتفق أولا أن الامتحانات..أي امتحانات إنما هي وسيلة تربوية لا غاية!! وسيلة تهدف الى تقييم المنهاج ،وأداء الطالب ،والمعلم... والامتحانات الموحدة عندما بدأ تنفيذها قبل أعوام بعد تدني مستوى النتائج الملحوظ..!! كخطوة مركزية صارمة ، وبصراحة ، ومن الآخر من باب ضعف ثقة الرؤساء دائما بالمرؤسين ..!! وكان المرجو منها : *إعطاء المسئولين صورة موحدة عن الاداءات في المدارس بما فيها المقاربات ، والمقارنات ،والتحليلات التي تجعل الحكم عليها اقرب الى الصحة. *تشجيع التنافس الايجابي بين المدارس المتماثلة في سبيل الوصول إلى نتائج حقيقية أفضل تعكس ارتفاعا في المستوى. *الارتقاء بالامتحانات فنيا من خلال خبراء ،بما يتناسب ،ومتطلبات التطور التربوي.، ورفع مستوى النتائج، وللحق..فقد تحققت بعض الايجابيات على صعيد ما سبق ،لكن كما يقول المثل لم تات (القرايا على قد السرايا)..!! فبعد سنوات على التجربة لو القينا نظرة موضوعية فاحصة ،نجد من السلبيات مالا نستطيع إغفاله ،علما باني معايش لها ،وواجهت صعوباتها ،واشكالياتها.. ومنها : اننا لا نزال نعاني من تدني مستوى النتائج عمليا - بعض النظر عن النتائج الظاهرية على الورق ،والتي لا تخلو أحيانا من تصرف..!! خاصة في المواد الأساسية التي تعتمد على المهارات كاللغة العربية ،والانجليزية، والرياضيات ، ومادة العلوم التي تعتمد على كم كبير من مفاهيم يتطلب الحفظ أكثر..!! ولعل من أسباب التدني 1-الأداء الإداري ،والفني للمدرسة الذي تغلب عليه مظهرية (شوفيني يامرة خال)..!! ،وفوبيا الخوف من أعلى ،وإرضاء المسئولين قبل رب العالمين ،واذكر بالتحديد بداية فترة (التطهير) التي تولى فيها السيد (جنج) المسئولية !! حيث كان الجميع (يجري ما يدري)خوفا وتحسبا ..!! 2-سلبية الاهل ،وعدم استيعابهم لدورهم ،وللمنهاج الجديد ،وهذه كانت ،ولا تزال مسئولية المدرسة أولا ،والمنطقة ثانيا ،وبرنامج التعليم ثالثا. 3-اكتظاظ المنهاج بالحشو بما لا يتيح التركيز الكافي على المهارات الأساسية المطلوبة التي تحتاج الى مزيد من التدريب ،والتكرار.بالنسخ المأسوف على شبابه..!! مثلا والذي يشكل معبرا ضروريا للإملاء الصحيحة ،وجودة الخط ،وبحفظ جدول الضرب بدون ضرب!! ،وهو صلب عمليات الرياضيات الأولية..!! 3-الضعف التراكمي بسبب استمرار سياسة الترفيع الآلي ومن خلال حيلة تربوية اسمها(التعليم الصيفي)..!! 4-تنطع ،واستعراض واضعي الأسئلة ،مما يجعلها صعبة أحيانا. 5التجاوزات في بعض لجان الامتحان من خلال مجاملات (خذ وهات) كما يحدث أحيانا في (اللجان الخاصة)..التي تخفف فيها الملاحظة على طلاب ضعفاء بداعي المرض ،أو أي شيء آخر!! 6-التجاوزات في التصحيح ،والرصد. فهناك من يعرف لمن يتبع المظروف، ولا يتردد في التصرف ،وعمل المعروف..!! ،ونحن في الأول والآخر بشر و لسنا انبياء..!! *تحول التنافس الايجابي بين المدارس المتماثلة أحيانا إلى صراع ،وتباغض ،وتشكيك ،وكيد(شغل ضراير) !! *زيادة الضغط العصبي على الطالب ،والبيت بشكل مبالغ فيه قبل ،وفي أثناء ،وبعد الامتحانات حتى صدور النتائج. ومن المضحكات المبكيات القراقوشية التي صادفتني في تجربة (الامتحانات الموحلة) ،وأحرجتني كثيرا أمام أولياء الأمور ذلك الفرمان السلطاني –ولا اعرف هل لازال ساريا-الذي يقضي برسوب الطالب في الفصل الاول في مادة اللغة العربية او الرياضيات ولو بدرجة 19من 40 يجعله راسبا فيها ،حتى لو اخذ العلامة الكاملة في الفصل الثاني ،ويذهب اتوماتيك إلى برزخ التعليم الصيفي ،وما أدراك ما التعليم الصيفي..!! على سبيل المثال ، وبحسبة عرب.. المدرسة الابتدائية المتوسطة المستوى تكون نسبة الطلاب الناجحين فعليا فيها مع بداية العام بعد الاختبار التشخيصي للمهارات الاساسية لا تتجاوز بأي حال40% ترتفع بالجهود الحثيثة في الفصل الأول إلى ما يقرب من 55% ،ومع نهاية الفصل الثاني ترتفع الى 70% ،وهذا يعني ان مدرسة بها 1000 طالب يتبقى منها 300طالب ضعيف يرفع 200 منهم تقريبا من باب أن لا رسوب في الصفين الأول والثاني ،ونسبة رسوب 4% للصف الثالث ، ونسبة رسوب في الصفوف الرابع والخامس والسادس لا تتعدى 10% من باب التعليم الصيفي الذي هو اشبه ب (التيس) أو المحلل الشرعي..!! ،وهذا يعني أن المدرسة تعاني كل عام ضعفا تراكميا بمعدل 20%..!! واعتقد أن اولى مهام العملية التربوية ككل ليست إنتاج مجموعة من العلماء نفخر بها فقط ، بقدر ما هي الارتفاع ب 75%من طلابنا..الى مستوى أفضل..!! وجهة نظر: أقر، واعترف ،وأنا بكامل قواي العقلية ان جهودا تربوية عظيمة ،وخلاقة بذلت في السنوات الأخيرة على صعيد مدارس وكالة الغوث بغزة شارك بها كل مسئول ،ومدير،ومعلم ،وغفير..!! وبما أني كنت ،ولازلت من(أهل البيت )فاني افخر واعتز دائما بما تحقق في عهدي ومن بعدي ..من قفزات تربوية نوعية ..!! لكن ،ومع كل ذلك لابد من كلمة صريحة محبة للجميع أقولها.. الامتحانات الموحدة بما لها ،وما عليها.. نتاج فكر مركزي .. لم تثبت نجاعته بالشكل المأمول..،ولابد من مراجعته لكي لا يتحول إلى طوطم جديد اقرب إلى القداسة والعبادة ، وأمامه يافطة تحذيرية كما المواقع العسكرية (ممنوع الاقتراب أو التصوير)..!! إن مستقبل التعليم في العالم من حولنا يسير حثيثا باتجاه اللامركزية ..، بل إن بعض الدول المتقدمة وضعت (الامتحانات ) بشكلها المتعارف عليه في متاحف مخلفات القرون الوسطى ..!! واستعاضت عنها بتقييم المعلم للأداء المهاري لكل طالب ميدانيا ..كما ،وأتاحت لكل (مجلس مدرسة) يمثل الإدارة ،والمعلمين، والحي أن يضع خطط الموارد ،والتنفيذ الخاصة بكل مدرسة ،وبدقة منتاهية!!وليس كما عندنا تتبادل المدارس الخطط ،والرؤى فيما بينها بطريقة ال(قص ولصق) وبشكل مضحك. ،وكل مدرسه تضع الرؤى، والأهداف التي لا يقرؤها احد على نصب تذكاري قد يكون(جرانيتي) في بعض الحالات أكثر إضحاكا.. !!وبالتالي فان البداية الصحيحة للخروج من هذه الحالة الموحلة تكمن في أمرين لاثالث لهما... اولا: في غربلة المناهج من خلال لجان تربوية تشارك فيها المدرسة ،وأولياء الأمور،والتخفف من الحشو غيرالمفيد. ثانيا: اعطاء الحق لادارة كل مدرسة ان تتحمل مسئولية إعداد ،وتنفيذ خططها ،و امتحاناتها الخاصة بما يتناسب ،وظروفها. كما يحدث في اكثر دول العالم نهضة ورقيا ،وان لم يكن ذلك قابلا للتحقيق الآن ،فلنبدأ بامتحانات المناطق التعليمية كما هو جار في مدارس جارتنا ام الدنيا مصر..!!مكتفين بتوحيد امتحانات الشهادات العامة فقط..!! وان يكون من حق كل مدرسة ان ترسب من ابنائها من لم يستوعب مهارات صفه بعد، حتى ولو كان ابن وزير أو حفيد أمير..!! مع العلم ان سياسة الترفيع الآلي ،وماشابهها حاليا تفرضها سياسة وكالة الغوث المالية..!! ان البدء في هذا الاتجاه ،ولو بالتدريج يخفف من حدة الضغط العصبي ،والنفسي المواكب للامتحانات الموحدة التي باتت تشبه الى حد ما كابوس (التوجيهي)..!! بما يلزمها من استنفار ،واعلان حالة الحرب ،و تشكيل غرفة عمليات في كل بيت..!! مما يجعل الامتحانات كوسيلة تقييم أكثر تعبيرا عن الواقع ،والحكم عليه بدون ضجيج او توتر..!! وللعلم فان جوا غير صحي من الناحية التربوية تنتج عنه بالقطع ممارسات غير تربوية..!! واعتقد ان الامتحانات في الزمانات لم تكن بهذا العبوس –عدا امتحانات (المعرشات) للشهادات العامة - ومع ذلك كان مستوى طالب الصف الرابع مهاريا في حينه اعلى من مستوى طالب الصف التاسع حاليا..!! لذا فان ابناءنا واهليهم ومعلميهم ليسوا بحاجة للضغط اكثر مما هم فيه .. ،فهم يعيشون في (طنجرة )ضغط سياسي ،واقتصادي ،واجتماعي رهيب ..اضافة الى انهم لازالوا يعانون من تاثير منخفض تربوي قطبي!! مصحوب بزوابع انقسامية شديدة الاحباط..!! وتختلط لديهم أحلام الطفولة بكوابيس الزنانات ،وهدير الاف 16..،وصور الأطفال الشهداء الممزقة أشلاؤهم.. ،ومن واجبنا التربوي ان نرفق بطفولتهم ،ونجعل امتحاناتهم عادية جدا.. باتجاه نتائج مشرقة جدا.. تغريدة: كنت اتمني كأب ، وتربوي وانا أشاهد الأطفال الصغار في الصباح الباكر يتوحوحون من البرد القارس وهم في طريقهم الى الجهاد..!! أن تتوقف معركة الامتحانات الموحلة مؤقتا .. ،ريثما تخف وطأة المنخفض .. ،لكن يبدو ان لخبراء (خالف تعرف) في التربية ،والدفاع المدني رأي اخر..!!
اللهم أصلح ذات بيننا..، ووفق ولاة أمرنا .. ،وسهل صعبنا.. وارحمنا ،فليس لنا من يرفق بحالنا سواك ..!!
#توفيق_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من واحد الى عشرة..!!
-
مابين فضفضة .. وخضخضة..!!
-
وما أدراك ما الخيانة..!!
-
نموت..نموت.. ،وتحيا الانطلاقة..!!
-
برقوق..ودستور مسلوق..!!
-
جريمة حرب..جريمة كلمة..!!
-
كلنا جبناء..!!
-
اقرءوا الفاتحة..!!
-
عاجل: غزة تشهر المقلاع..!!
-
من يبول ..على الجندي المجهول..؟!!
-
الأساس في غلطة عباس..!!
-
آه..لو كنت حمارا..!!
-
كل نكتة ..وانتو طيبين..!!
-
من حرق.. الى شنق..!!
-
يا ويلنا .. أبو جهل ..بيننا..؟!!
-
رفاق.. ورقاق.. وبرشلونة..!!
-
نسقط احنا.. ويحيا البس..!!
-
حجة المقبول.. في موقعة ( الا الرسول)..!!
-
كذب في كذب ..!!
-
يااااامعين.. على غزة2020..!!
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|