|
تهمة الإرهاب جاهزة كتهمة الشيوعية في العهود السابقة
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 14:14
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
التذكر صفة إنسانية مختصرة عند الإنسان بتفاصيله ووقائعه فمثلا أتذكر ويتذكر من عاصر النظام الملكي أن الاتهام الجاهز والحاضر لأي معارض أو معارضة بتهمة الشيوعية الملحدة والأفكار المستوردة على الرغم من وجود حزب شيوعي عراقي وهو حزب وطني له برنامج ونظام داخلي يؤكد فيهما نهج وأسس تأسيس هذا الحزب وليس فيهما لا من قريب أو بعيد قضايا الإلحادية أو مواقف معادية من الأديان جميعها أو انه مجند لدول خارجية ، وتهمة الشيوعية تتلازم معها عملاء موسكو أو تهمة الإلحاد، فإذا المواطن أي مواطن وطني حتى لو كان مستقلاً بالمعنى لم ينتم إلى أي حزب وأعلن عن أفكاره الوطنية ورفض الانتداب البريطاني وعارض الاتفاقيات الاستعمارية المذلة والخروج من الأحلاف العسكرية العدوانية أو إجراء انتخابات حرة أو المطالبة بالحريات المدنية فالتهمة جاهزة في الأفواه " شيوعي خطر عميل موسكو " وعلى أساسها قد يعتقل ويعذب ويسجن لسنين طويلة وقد يعدم وهذا ما حدث لقادة الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان يوسف ومحمد الشبيبي وزكي بسيم حيث تم إعدامهم بتهمة الشيوعية، واستمرت هذه التهمة الخبيثة كبضاعة يتاجر بها البعض من رجال الدين والبعض من المرجعيات الدينية أو مسؤول أو حاكم وتناساها البعض لفترة وجيزة بعد ثورة 14 تموز 1958 ثم عادت بقوة إلى الملعب وادخل الآلاف في السجون والمعتقلات وحكم على البعض بالإعدام من قبل محكمة العقيد شمسي، وبمجرد نجاح انقلاب 8 شباط 1963 الدموي الفاشي حتى تم تنفيذ الإعدامات التي صدرت بعد سنتين من حكم الزعيم عبد الكريم قاسم وزج إلى جانب مئات الشيوعيين العراقيين آلاف المواطنين ومن جميع القوميات والأديان، وبمجرد نجاح انقلاب 18 تشرين 1963 بقيادة عبد السلام عارف حتى عادت التهمة تطال الكثير من المعارضين ، بعد انقلاب 17 تموز 1968 وعودة حزب البعث العراقي إلى السلطة شنت هجمات عديدة ضد المعارضين والذين انفك تحالفهم القديم مع حزب البعث العراقي من القوى القومية العربية فضلاً عن وجود الأحزاب الكردية الحاملة للسلاح و أحزاب الإسلام السياسي وفي مقدمتهم حزب الدعوة وغيره، ولهذا توزعت التهم فلكل فريق منهم تهمة تصاحبه الخيانة والعمالة للأجنبي لكن بقت التهمة الكلاسيكية الشيوعية والإلحاد تستعمل متى احتاجها النظام البعثفاشي وأجهزته الأمنية ، وظل الأمر حتى سقوط النظام البعثي واحتلال البلاد، وبدأت فترة ما بعد الاحتلال ثم تشكيل الحكومات العراقية التي تميزت بتخفيف التهمة الكلاسيكية على مستوى الأجهزة الأمنية لكنها بقت تعشش في أفكار الكثير من المرجعيات الدينية ورجال الدين من كلا الطرفين والرجعيين والقوميين المتطرفين وأحزاب الإسلام السياسي دون استثناء.
المعالجة الحالية
لقد تغيرت الأوضاع بشكل عام أي بصراحة تغيرت ما يسمى بالحكومة المركزية والقائد الملهم والقادر الذي يقرر ويسن القوانين، القائد الذي ينظر في عين الآخرين فيعرف من له نية سيئة أو طيبة، لكن وللشديد الأسف أن البعض مازال يحلم بعودة الماضي ليقرر وينفذ بدون الرجوع للبرلمان وللجماعية كما ظلت العقلية التي ترى في أي معارضة حتى لو كانت سلمية عبارة عن عدو متخبئ وهذا ما ينافي مفهوم الديمقراطية وحرية الرأي ذلك الأمل الذي راود عقول أكثرية العراقيين بعد سنين من الظلم والإجحاف والتعسف وإرهاب الدولة، ولهذا بدأت موجة جديدة من الاتهامات الجاهزة وفي مقدمتها تهمة الإرهاب وفق المادة ( 4 ) من قانون مكافحة الإرهاب وقد تختلط معها تهماً من بينها الدعم الخارجي أو الدفع الرباعي الخارجي أو أخذ أوامره من خارج الوطن، ولا نعرف متى يفهم القائد العراقي الجديد أن التهم الجاهزة لن تجدي نفعاً لأنها أوراق قديمة مستهلكة استعملت في وقت معين للهيمنة وخلق حالة من الخوف والرعب فمن يُتهم يدخل المعتقل ويسجن أو يعدم أو يموت في التعذيب تحت طائلة تلك الاتهامات، واليوم يعيد الزمن حالة الترهيب والحجة في محاربة المعارضين وبدلاً من التخلص من مزاجية التهمة الجاهزة واعتماد الأسس القانونية فان تكريسها بات ملزماً لا يقتصر على المادة ( 4 ) من قانون مكافحة الإرهاب بل تتزامن معها تهم أخرى وهو الارتباط بدول الخارج والعمل لصالح أجندات أجنبية والمقصود منها السعودية وقطر وتركيا والأردن دون المساس بإيران وهنا إقحام الأردن ( ليس دفاعاً عنه ) دليل على ضعف الحجة ولا سيما ونحن نتابع المواقف الايجابية لأكثرية الحكومات الأردنية وتصريحات ملكها عبد الله، لا نريد أن ننفي أو نسكت عن القوى الإرهابية التي لم يسلم أي عراقي من أساليبها الإجرامية إن كانت فردية أو جماعية، لم يسلم منها لا الشيعي ولا السني ولا المسيحي أو الآزيدي والصابئي وغيرهم، ولا يمكن نسيان التفجيرات والعبوات الناسفة والاغتيالات التي قامت بها كما أننا نعلم علم اليقين دور الميليشيات المسلحة لبعض القوى المشاركة في العملية السياسية ودور فرق الموت التي كانت وما زالت تقتل على الهوية، ولكن أن يقبض على أي مواطن بتهمة الإرهاب والميليشيات المسلحة فذلك غير جائز ولا طبيعي، فهناك معارضة سلمية تقف بالضد من تسلكات وأخطاء ومغالطات الحكومة وتجاوزها على حقوق الإنسان ولا يمكن تطبيق ما جاء في المادة الرابعة أو اتهامها بالإرهاب لمجرد معارضتها وهناك مثال حي عندما القي القبض على البعض من الشباب أثناء المظاهرات السابقة في ساحة التحرير ووجهت له تهمة الإرهاب والعمل مع الارهابين،، وعليه يجب حسم موضوع المادة المذكورة أعلاه وعدم تجاوزها على الحدود التي وضعت لها أما المطالبة بإلغائها هكذا وبدون إيجاد مسوغ قانوني رادع لقوى الإرهاب والارهابين والميليشيات المسلحة التي تزرع الذعر بين المواطنين فذلك مرده غير ايجابي ويضر بسلامة وأمن المواطنين العراقيين ويفسح الطريق أمام هذه القوى في الإيغال في طريق قتل الأبرياء وتخريب البلاد، ولهذا نجد البعض ممن يحاولون تجيير المظاهرات العادلة والمطالب المشروعة لصالحهم ولصالح أهدافهم المبيتة إنما يسعون بالأساس لخلق البلبلة والشقاق ومن هؤلاء فلول البعث ومن يقف معهم متصورين أنهم سوف يعودون للسلطة ولكن هيهات. إن المطالب ( 13 ) الرسمية التي قدمت من قبل المتظاهرين إلى البرلمان ونشرتها العديد من وسائل الإعلام تبدو وكأنها قد صيغت بطريقة تعجيزية ولا يمكن لأي عاقل أن يوافق على البعض منها، فكيف يمكن إطلاق سراح جميع المتهمين بالإرهاب بدون أن يجري تحقيق عادل من قبل القضاء المستقل ومن تثبت براءته يطلق سراحه فوراً أما العكس فيجب أن يحال إلى القضاء، ثم كيف يمكن إلغاء أحكام الإعدام وإصدار عفو عام بدون استثناء وقسماً منهم ملطخة أيديهم بدماء عشرات المواطنين الأبرياء ألا يعني هذا مساواة المجرم بالبريء ونحن نسعى لإنصاف من تثبت براءتهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم ، فالمطالب العادلة والممكن تنفيذها لا يمكن أن تعتمد على رفع صور لصدام حسين ورفع علمه ولا يمكن أن ترتكن إلى دعوة عزت الدوري المسؤول الأول عن قتل آلاف العراقيين بعد سقوط نظامه الذي كان السبب الرئيسي في تدمير العراق واحتلاله، لكننا نستفسر عن هذه الإمكانية لتنقل عزت الدوري الهادئ المطلوب عراقياً وأمريكيا ودولياً من مكان إلى آخر ومن محافظة إلى أخرى حسبما يذاع وتحت أبصار وأنظار الكم الهائل من أجهزتكم الأمنية والأجهزة الأمنية المرتبطة برئيس الوزراء ـــ كيف تستطيعون حماية الشعب العراقي وهذا المجرم المطلوب يتجول بكل حرية وآمان ؟ ـــ ألم تسألوا أنفسكم من يسهل له وغيره من الارهابين والمليشيات المسلحة الخروج والدخول والطرق الآمنة؟ ـــ وأين العنتريات التي تطلقوها يومياً بقدراتكم العسكرية والأمنية؟ ـــ أم أنكم تهددون الشعب أو أية معارضة لأساليبكم ونهجكم المرفوض؟ ان تعميم المطالب وتعويمها غير صحيح من قبل البعض الذين يتصيدون في المياه العكرة والذين يختفون تحت شعارات وطنية لكن هدفهم خبيث ومقصود لدفع البلاد إلى حرب طائفية وهذا ما يضر اشد الضرر بالمطالب العادلة المشروعة والحقيقية الممكن تنفيذها، ونعتقد ان الهدف منه مقصود لخلق المزيد من الأزمات بدلاً من معالجة التدهور الذي أصبح في وضع لا يحمد عقباه، المعالجة التي يجب ان يبدأ بها رئيس الوزراء نوري المالكي لتنفيذ المطالب المشروعة وبخاصة حول دور السلطات الثلاث وعدم التدخل في قراراتها والمحافظة على احترام الدستور وإطلاق سراح جميع المواطنين الأبرياء وإيقاف التجاوزات على الحريات والحقوق ووقف عمليات التعذيب المشينة والاعتقال الكيفي والعشوائي واستهتار البعض من قوى الأمن بتجاوزها على القانون بإطلاق التهم الجاهزة وتبرير الاعتقالات الكيفية بحجة الإرهاب دون الدليل القانوني فضلاً عن التوجه الجاد من قبل نوري المالكي وائتلاف دولة القانون وبدلاً من التصريحات الاستفزازية المتوترة التي تزيد الاحتقان والتوتر إيجاد الحلول المنطقية للأزمة التي تمر بها البلاد، ولا بد من التذكير ما جاء في دعوة الحزب الشيوعي العراقي عدم " الانجرار إلى دعاة الفتنة الطائفية وتفتيت الوحدة الوطنية إلى توحيد الجهود من اجل الضغط على القوى المتنفذة لنزع فتيل الأزمة والالتئام في مؤتمر وطني واسع يقوم بمراجعة العملية السياسية المأزومة والخروج بحلول تعيد العملية السياسية إلى سكتها السليمة " وفي نهاية المطاف ومثلما اشرنا سابقاً وغيرنا من المخلصين الذهاب إلى انتخابات مبكرة تسبقها تشريعات وتعديلات على قانون الانتخابات وسن قانون الأحزاب المعطل لأسباب باتت معروفة وغيرها من القوانين والتشريعات التي تخدم الاستقرار والتوجه لبناء وقيام دولة مدنية تعددية ديمقراطية بدلاً من المحاصصة الطائفية والحزبية التي هي أس البلاء
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعادة ترتيب الحر وف
-
الاعتداء والعنف ضد المرأة والحجاب المدفوع الثمن
-
الأمطار والمياه الثقيلة أغرقت بغداد يا حضرة رئيس الوزراء
-
متى يتوقف تردي الأوضاع في ظل حكومة نوري المالكي؟
-
معاداة الثقافة والفنون والإعلام بذريعة الشريعة الإسلامية
-
دستور الإخوان عودة للاستحواذ والدكتاتورية
-
وعلمتُ الصبر من نفسي
-
تهانينا فالعراق في المرتبة الثالثة في قائمة الدول الأكثر فسا
...
-
بعد الدستور حرية الإعلام المصري في دائرة السواد
-
تداعيات الفتنة الطائفية في العراق
-
الصراع حول الدستور والدولة المدنية في مصر
-
مشروع لقتل الأطفال في الحرب
-
مهزلة افتعال الأزمات لإنقاذ تردي أداء الحكومة
-
متى يُسن قانون الأحزاب الجديد؟
-
ما المشكلة من تحديد فترات الرئاسات الثلاث؟
-
العداء للقمة عيش الفقراء وأصحاب الدخل المحدود
-
كاتم الصوت الملعون
-
السعي لتوحيد النضال بين الحركات الاجتماعية والقوى التقدمية
-
مخاطر السلاح والتسليح في المنطقة؟
-
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وآيات شيطانية والفيلم المسيء
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|