أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - لدينا خادمات سوريات..















المزيد.....


لدينا خادمات سوريات..


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 12:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


زياراتي لمدينة بيروت كانت موسمية و حسب الحاجة النفسية حيث كنت أشعر بشوق لها و أشعار محمود درويش و غناء مارسيل خليفة و كلمات زياد الرحباني. طبعاً فيروز كانت بالنسبة لي على الأقل, حاضرةً في دمشق أكثر من بيروت. في إحدى زياراتي لها في عام 2002, ركبت سيرفيساً قاصداً منطقة المنارة لكي أقضي وقتاً مع بحر بيروت, جلس بحذائي شاب لبناني جامعي. انطلق السرفيس بين أزقة بيروت المزدحمة و
فجأةً, اضطر السائق للمكابح كي يتوقف تفادياً لأحد المارة الذين عادة ما يقطعون الطريق دون اكتراث بأحد و هي صفة عامة لكل البنانيين و هم حقيقةً أكثر من ينتقدها.
انتفض الشاب اللبناني بجانبي و صرخ مستنكراً رعونة ذاك العابر للطريق و عدم تحضره و أردف بكل الحقد و الكره: (أكيد هذا البهيم, سوري) فضحك و ضحك بقية الركاب. أحسست بالغضب الشديد وأن دمي وصل إلى رأسي ساخناً. قبضت على قلم أحمله جاعلاً منه سلاحاً جارحاً لكن للصدفة, توقف السيرفيس أمام حاجز للجيش السوري أمام بناء استولى عليه و أقام به العديد من ضباطه و جنوده. لوهلة قصيرة قلت لنفسي: أتى الفرج و سأشكوا للمقاتل السوري ذاك الشاب و أنتقم لسوريتي.
لكني توقفت و نظرت لوجه ذاك الشاب و تخيلت مصيره الأسود إن علق بين أنياب ذاك الجندي, الذي بصراحة كنت مزهواً بقامته و بعنفوانه كمقاتل من وطني. عندها قبضت على جرحي و تجاهلت ما حدث و لكن أخذتني الأفكار لعشرات السنين من دخول القوات السورية إلى هذا البلد الجميل لتعيث به خراباً و قتلاً و سرقةً بتوجيهات من القائد الملهم بالقتل, حافظ الأسد.
لم يختلف السوريين على دخول الجيش السوري للبنان حقناً لدمائهم و دماء الفلسطينيين و لكن اكتشف العديد منا أن التدخل في لبنان كان اتفاقاً دولياً لقمع الثورة الفلسطينية و اليسار اللبناني المتحالف معه ضد اليمين المتصهين الطائفي. لكن رغم مرور السنين و استقرار الأمور نسبياً و سيطرة النظام السوري على لبنان دولة و مؤسسات و طوائف و انتفاء مبرر الوجود العسكري الفظ, أبقى حافظ الأسد على تواجده و استمر إبنه على هذا التواجد فظاً غليظاً و مقيتاً يفصل بين السوريين و اللبنانيين بحاجز نفسي بشع.
فكرت بذاك الشاب الجامعي اللبناني و بكم الحقد و الكره الدفينين تجاه كل السوريين و بنظرته الشوفينية المتعصبة للبنانيته أمام كل ما هو سوري رغم كل ما يربط بين هذين الكيانين اللذين عاشا منذ ما قبل التاريخ وحدة طبيعية و مؤسساتية و عائلية ليس من المنطق فصلهما بالأمر البسيط. سألت نفسي ما مدى الضرر النفسي و الجسدي الذي تعرض له أو أحد إفراد عائلته أو قريته للعنف و البطش و الاغتصاب و السرقة على أيدي بعض من جنودنا هناك, جنود قد يكونوا ضعاف النفوس و قد يكونوا بسيطين جاهلين و قد يكونوا مفعمين بالحقد و الكراهية التي أنشأهم عليها ضباط النظام العقائديون في تبرير و تشجيع قتل أهل لنا في لبنان و اغتصاب حقوقهم في وطنهم و أرضهم و تصرفاتهم.
عندما هم الشاب بالنزول من السرفيس, حاولت أن أمد يدي لكتفه محاولاً إن أقول له:(نحنا السوريين لا نقبل بما قام و يقوم به نظامنا و بعض جنودنا في حق أشقاء لنا في لبنانكم الجميل و لكننا جميعاً سوريين و لبنانيين نعاني من نفس الجلاد و القاتل) لكن يدي تجمدت و لم أستطع أن أتحدث كلمة واحدة فقد كان ظل بندقية الجندي السوري مازال يحجب عنا الشمس.
مرور أكثر من عشر سنوات عن تلك الحادثة و خروج الجيش السوري من لبنان بعدها و كل المتغيرات التي حصلت و أهمها قيامة الشعب السوري و ثورته العظيمة و استمرارها لعامين و لجوء السوريين للهرب خارج حدود الوطن هرباً من ذاك الجلاد و الذي انتقل في حبه لممارسة القتل و الاغتصاب و السرقة و التنكيل بحق أبناء و أخوة لنا في لبنان إلى أرض الوطن نفسه و بحق سوريين لم يعد يطيقوا صمتاً و خنوعاً لنظام يدفعون من دمهم فاتورة بدأت من أول صمت قبلوا به منذ 43 سنة من حكم الأسد الأب, كل هذه السنين و هذا الألق السوري و الكرامة السورية التي بدأنا باستعادتهما تتوقف عند لحظة حزينة أمام لافتة كتب عليها (لدينا خادمات سوريات).
لوهلة أحسست بالإحباط و لثوان عابرة ضاقت الدنيا و صغرت أمام عيوني, ما مصير سورية إن تحقق حلم غربان العالم بتفتتها و تشرزمها بدءاًً بالنظام نفسه و مواليه و الصاميتن الشامتين من سوريين و انتهاءً باسرائيل و أمريكا و روسيا و الصين و إيران و تركيا و بانكيمون و الأخضر الابراهيمي و الأكثر إيلاماً من أشقاء لنا حميناهم و فتحنا بيوتنا لنا لهم أوقات محنهم.
نحن السوريين و ليس النظام من فتح لكم قلوبهم و أبوابهم لكم يا إخوتنا في لبنان و العراق و فلسطين و تركنا مياهنا تجري إلى أرضاي الشقيقة الأردن و نحن بأشد الحاجة إليها و هاجر زهرة شباب سورية و مبدعيها إلى دول الخليج و المغرب العربي ليعملوا على بناء تلك البلدان و التدريس فيها, أهكذا تقابلون السوريين في محنتهم, مخيمات في صحاريكم و قفاركم أقرب منها للمستعمرات و السجون تقاسمونهم الإعانات و المساعدات و تتركوهم للرياح الصفراء و نار الشمس و برد الشتاء؟ و الأنكى من ذلك, آخرون يستمرؤون الكرامة السورية بالدعوة للزواج من بناتها بحجج السترة و ما هي سوى اغتصاب مقنع؟.
(طبعاً لا أعمم بل أقول هذا لبعض أشقائنا و ليس جميعهم فهناك فلسطينيون يعيشون ثورتنا كأنها ثورتهم و هناك مصريين يعرفون أن ثورة مصر لا تكتمل بدون الشام).

أهكذا, يا بعض أهل لبنان تقابلون المعروف السوري الذي احتضنكم سنوات حربكم لبعضكم و حرب اسرائيل عليكم, ونسيتم كيف ساهم السوري البسيط في إعاد بناء بلدكم, لتلاحقوا ثوارنا و لاجئينا؟ و تقابلوهم بمزيد من التعصب و الصلف, مرة لتعصب البعض لطائفيته و مشاريعه الإيرانية و مرة أخرى لتعصب البعض للبنانيته الفارغة التي لا تتوقف عند السوريين فقط بل يمارسها تجاه اللبناني الآخر؟.
لا يمكن لأحد فيكم أن ينكر طائفيته فقد رضعها مع حليب أمه و من دفاتر مدرسته و جامعاته و حيه و مناطقه و هذا سؤال بحكم كل اللبنانيين.
قد تدفع الحاجة أي إنسان للعمل حتى في الخدمة و هذا لا ينتقص من مكانته بل على العكس ترفع من قيمته الانسانية لأنه يعمل و لا يحتاج للتسول أو لبيع لحمه للآخرين كأسهل مهنة في العالم. لكن إعلموا أن شعباً يقاتل فيه صغاره و كباره رجاله و نسائه من أجل كرامتهم و حريتهم لا يقبلون العار و المهانة و لمن من يريد بهم المهانة فهو أسير لها و عبد لها.
هذا شعب سوري الذي عمر معكم حضارة فينيق و سومر و الدولة الأموية و الأيوبية و معه شربتم العاصي و مياه حرمون و غنت له فيروز أجمل قصائدها. شعب سورية الذي وصلته نسائم الحرية من تونس و مصر و ليبيا و اليمن و البحرين يدفع اليوم فاتورة كبيرة دفعتم جزءاً كبيراً منها.
لكن إعلموا, أن قيامة سورية هي قيامة الشرق كله و من فجر انتصار ثورتها سينتقل تسونامي الحرية و العدالة الاجتماعية و انكسار حكم الطوائف عندكم, قريباً.
السوريات يعملن و هاماتهم مرفوعة لأنهم لا يسترخصون لحمهم و شرفهم و لكن امتهان البعض منكم لهن يسترخص انسانيته و شرفه وحده.
السوريات يعمل لأنهم حرائر و لسن أمات لكم و لافتات (لدينا خادمات سوريات) عار عليكم و شرف لهن. سؤال يخطر ببالي من منكم يرفع مثل هذه اللافتات العنصرية؟
فتأتيني صورة ذاك الشاب الجامعي الذي جلس بحذائي, هل هو من رفع هذا الإعلان تشفياً و انتقاماً من كل السوريين؟ أم أنه اليوم أصبح من أكبر الشبيحة الإعلاميين دفاعاً عن ممانعة و مقاومة و صمود النظام السوري؟؟



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العيد يأتي قريباً
- لافروف و عودة الابن الضال
- طلاب الولاية لا يولون
- بين خبزنا و دمنا, رسائل
- الانتلجنسيا السورية و سراب الحل السياسي
- سيناريو وطني يوم تحرير الوطن
- أين ذهبت أموال الإغاثة و التبرعات؟؟
- إلى ما قبل قبل العصور الحجرية
- الأكراد السوريون..سوريون أكراد
- ثلاثة مشاهد في اسبوع واحد
- لماذا جرمانا؟
- قصة من مطار مرج السلطان
- سورية الجديدة تحت المظلة الديمقراطية
- نكسة أم انتكاسة؟
- الائتلاف الوطني السوري. ما العمل؟
- المبادرة الوطنية السورية أكثر من ضرورة
- عصفور و شجرة و وطن في سر حكاية الاستاذ ميشيل كيلو
- ماذا بعد؟
- الحرية و الكرامة أهدافاً أساسية للثورة السورية
- هذه الانسانية قالت: -كفى-


المزيد.....




- هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل ...
- في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو- ...
- الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م ...
- البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
- الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
- السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز ...
- دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
- ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد ...
- تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
- مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - لدينا خادمات سوريات..