حميد زناز
الحوار المتمدن-العدد: 3964 - 2013 / 1 / 6 - 19:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتصاعد التنديد و التكفير و التهديد ضد الأسبوعية الهزلية الفرنسية شارلي إيبدو بدعوى أنها أساءت الى رسول المسلمين حينما حاولت أن تروي لقرائها قصة حياته في رسوم كاريكاتورية تحت عنوان "حياة محمد" و قد صدر الجزء الأول يوم الأربعاء 2 يناير تحت عنوان "بدايات نبي".
و قبل أن يصدر الألبوم حذرت جمعيات إسلامية من الأمر تحت غطاء حجة التجذيف و الإساءة للدين الإسلامي . و هكذا عبرت منظمة الدول الإسلامية عن غضبها الشديد هي التي لا تعبر عن أي غضب حتى و إن كان فاترا حينما ترجم فتيات و يجلد شيوخ و يرمى مفكرون في غياهب السجون و و..
أما منظمة التعاون الإسلامي فهي ترى في "حياة محمد" عبارة عن تحريض على العنف و اللاتسامح تجاه المسلمين لا أكثر. و قد صرح أمينها العام أنه مشغول كثيرا بالمسألة و لم يتورع في القول أن هذا الحكي لحياة نبي المسلمين مناقض لروح الصحافة و تعسف في استعمال حق التعبير و خيّل إليه أن كل هذا يتعارض مع القوانين الدولية و مبادئ حقوق الانسان !
وبغض النظر عن ذلك العنف اللفظي الممارس ضد الانسانية غير المسلمة في كل المساجد و المجالس و الصحف و التلفزيونات الإسلامية، فبماذا يرد هذا الشخص المسالم على المسيحيين في مصر و سوريا و العراق و لبنان و فلسطين.. لو سألوه فيما إذا كان تعبير الضالين تحريضا ضدهم أم لا ؟
و في حقيقة الأمر لم أجد بعد اطلاع دقيق على هذا الجزء الأول ما يمكن أن يسيء إلى المسلمين أو يحرض الإنسانية ضدهم إذ لا نجد في الألبوم مغالاة هزلية و لا أدنى استهزاء بشخص محمد أو سخرية أو قدح لاذع . نحن أمام رسوم و كلمات تروي قصة محمد، من تاريخ ميلاده إلى بدايات تحوله إلى نبي. سيرة ميسرة اعتمدت على المصادر الاسلامية ذاتها إذ هناك إشارة إلى 90 مصدر و مرجع.
فأين المشكلة إذن و لماذا يغضب المسلمون ؟
ربما نعثر على عناصر إجابة في ما كتبه شارب رسام الألبوم و مدير المجلة في الغلاف الخلفي : " حقيقة أن محمد هو نبي المسلمين، و لكن هو شخصية تاريخية أو أسطورة بالنسبة للآخرين . و لذا فنستطيع رسمه كاريكاتوريا كما نرسم المسيح و نابليون و زورو."
يخضع الأمر لنسبية واضحة إذن. فإذا كان رسم النبي ممنوعا شرعا، فليلتزم المسلمون بذلك في بلدانهم! أما أن يختاروا للآخرين الطريقة التي يفكرون بها و يكتبون التاريخ فهذا شيء لا يقبله العقل السليم تماما. بل و يستدعي الأمر سؤالا خطيرا ستطرحه الإنسانية غير المسلمة آ في يوم من الايام و ستكون عواقبه وخيمة ألا و هو : ماذا لو كان المسلمون هم الأقوى؟
#حميد_زناز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟