أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الله في أبهى ثوب














المزيد.....


الله في أبهى ثوب


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3964 - 2013 / 1 / 6 - 15:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ أن وعي الإنسان بحقيقة وجوده وهو يصنع آلهته ويعبدها بنفسه. قبل أن يخترع الأدوات الحجرية البدائية ويعرف منفعة النار، كان الإنسان يتخيل آلهته في شجرة أو سحابة أو شمس أو قمر أو ريح أو بقرة أو أسد...الخ، أو في مخلوقات أسطورية يجمع فيها بين أعضاء وملكات أكثر من مخلوق مثل أسد برأس إنسان أو حصان بجناحين...إلى آخر ما يستطيع أن يحمله خياله. ثم، في مرحلة متقدمة، أخذ الإنسان يجسد آلهته "الطبيعية" وشبه الطبيعية البدائية هذه في أشكال حجرية ومعدنية، واستمر يعبدها ويتقرب إليها ويستعين بها كوسيلة لإدارة وتنظيم وتخفيف عذابات حياته مثلما كان يفعل بالضبط مع "الآلهة الطبيعية". هكذا انتقل الإنسان من مرحلة "الآلهة الطبيعية" الكامنة في قوى الطبيعة المختلفة إلى "الآلهة المادية" المجسمة لآلهة الطبيعة الأصلية في نهاية المطاف لكنها تعكس مقدار ما حققه الإنسان من تقدم في التفكير وصناعة الأدوات الأولية مقارنة بمرحلته الأولى الطبيعية الخام. ثم تقدم الإنسان خطوة أكثر وتعلم الكتابة واكتسب قدرة أكبر على التفكير في المجرد. وكعادته، سخر الإنسان قدرته وأدواته الجديدة في صنع إلهه- في أحسن صورة. هكذا ظهر إلى الوجود للمرة الأولى الإله المجرد، غير المجسم في تمثال أو المتخيل في قوى طبيعة خام مثل نار أو ريح أو قمر أو بقرة. انتقل الإنسان إلى مرحلة جديدة، مرحلة "الآلهة المجردة"، أو ما تسمى كذلك "الآلهة السماوية" نسبة إلى السماء، بمعنى أن مستقرها، عكس الآلهة الطبيعية والآلهة المادية، يقع في ما خارج ووراء الطبيعة.

قد ظل الإنسان دائماً يصنع ربه من وعيه، بأحدث أدواته وفي أحسن صورة ممكنة؛ كلما تطورت وتحسنت أدواته، تقدمت بالضرورة صورته عن ربه في وعيه، إلى أن بلغت الطور التجريدي، ولا يزال التطوير والتحسين مستمر أبداً. هم أجدادناً هؤلاء الذين كانوا يشكلون آلهتهم بأيديهم في تماثيل من الطين والحجر والمعدن ثم يخرون لها راكعين وساجدين. نحن في الأصل أبنائهم، ولا نزال نفعل مثلما فعلوا بالضبط، لكن لآلهة تجريدية وليس تمثيلية. الفارق الوحيد هو أن أدواتنا وصناعتنا أكثر تقدماً ورقياً منهم بكثير. هم كانوا يصنعون أربابهم بحسب تفكيرهم والأدوات المتوفرة لهم. كانت آلهتهم، مثل تفكيرهم وأدواتهم، بسيطة وبدائية، ومن ثم مثار سخرية وتهكم واستنكار منا نحن أحفادهم الآن. لكن نحن أيضاً نفعل نفس ما فعلوا: نصنع آلهتنا بحسب تفكيرنا والأدوات المتوفرة لنا. اليوم، بعد زمن من اختراع الكتابة والفكر التجريدي، أصبحنا نملك أدوات وتقنيات أحدث وأكثر تقدماً مثل الحرية والديمقراطية والأحزاب والتعددية السياسية والتنوع الاجتماعي والمجتمع المدني وحقوق الإنسان والمرأة والطفل والأقليات...الخ. والإنسان لم يبخل أبداً على آلهته بأحدث وأرقى ما توصل إليه عقله، لأنه دائماً يريده في أبهى وأحسن صورة على الإطلاق. عبر التاريخ، الإنسان يخلق آلهته من وعيه، في أبهى صورة.

الوعي الإسلامي حالياً أصبح ملماً بأحدث ما توصل إليه العقل البشري العالمي من الأدوات والنظريات الديمقراطية والحقوقية. وكعادة العقل الديني في كل العصور، هو يريد أن يسخر أحدث وأحسن وأرقى الأدوات والأفكار في خدمة إلهه لكي يظل دائماً في أبهى وأحسن صورة. هذا هو بالضبط ما يرده الإسلاميون في مصر من الدستور المصري الجديد- أن يفصلوا به أجمل وأبهى ثوب لله.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا موجود إذاً الله موجود
- أنا موجود، الله موجود؟
- والله لا يتكلم
- المعنى بين النص والواقع
- لغة البهائم والبشر
- لأن الله معهم
- الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية
- الإخوان لا يهزمون أبداً بالوسائل الديمقراطية
- الدستور أو الشريعة
- حتى لو خلعت ملابسها في ميدان عام
- اصرفوا رئيس اليمين الباطل
- رئيس في الهواء
- عندما يعتلي الإله سدة الحكم
- كذلك الكلاب تتزوج أفضل من البشر
- في وحدانية وسماوية الجسد والمرأة
- سيدنا الشيخ بديع مع سيدنا الولي مرسي
- في فلسفة الدستور (عبثية المادة الثانية)
- الدين والديمقراطية والديكتاتورية الإسلامية
- في فلسفة الدستور
- العلماء الكهنوت


المزيد.....




- إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل ...
- ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
- حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
- عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا ...
- ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
- أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
- تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
- مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس ...
- العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
- ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الله في أبهى ثوب