|
ونفشيوس وأمي والهدهد
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1144 - 2005 / 3 / 22 - 13:53
المحور:
الادب والفن
.... حين يشبه كونفشيوس الحب بحلاوة اللوزينة* ..أبتسم وأتذكر أمي وهي تبيع الحمص والساهون* قرب الباب وكان الفقر يحرس رغبتها بجلب الفلس من جيوب الصغار .. وعندما كبرت أمي تحولت إلى شجرة توت فوق قمة جبل بياره مكرون..* قبرها الآن هناك ..قربه خوذة وأبريق شاي وبطة محنطة من هور الجبايش* وكلما يهتف ناي الرعاة بآريته الجميلة أمي تتذكر أور وسام بن نوح وتقول :أعيدوني إلى وطني ، أبيع الحمص والشعر بنات* ودموع شهداء الحرب .. يعرف موزارت الحب بأنه جورب ناصع البياض .. فيما يحسبه شاعرا كالسياب يملك صوانات بحجم وردة كبيرة كتاب شعر يفر من قلب إلى ثان *.. أنا أرى الحب مغناطيس يجذب القلب إلى الألم ومن الألم نصنع البهجة والقبلة وجرح شظية الحرب أريد أن أهمس في شفتيك لغتي فأن أبجديتي السومرية ظلت تؤلف الأغاني لمايكل جاكسون وسليمة مراد* وشاهدتها في عيد خليقة المندائيين ترتدي الرستة* وتظهر لقب العاشق بياض روحها وأحيانا تلك الحروف المدببة تصبح أرغفة خبز توزعها والدتي بتكليف من عنان على جياع الصحراء الأفريقية .. ليس بين غانا ومضارب بني أسد* سوى قصبة تصنع منها البشرية الفيفرة* فتكون الأممية شجنا ينقل الوجد إلى كوناكري ويعيده في ذات اللحظة إلى قضاء الرفاعي* لا تضحكوا : في الحب أعاجيب وفيه يرتدي فيثاغورس شورتا صمم على شكل مثلث برمودا يبتلع رسائل الحب ويغص بابتسامة حبيبتي آه ..كلما أراك أشتهي قصيدة لرامبو ولن أحسن قراءتها بمتعة إلا عندما أرتدي نظارة غاندي حين ترتبك في الحب تتقدم الغين على النون فيصير النغم غنم لحظتها يهجم علينا الذئب ونلوذ بقميص يوسف كم أحببت عينيك أنهما وقدح الشاي الأجمل في كل صباح وغير ذلك .. عيناك نبلتان كسنبلتي شعير أمي صنعت منهما خبز العباس* وسافرت بالطائرة ألي هاواي كي تتصيد هدهدا يحمل رسائلها عبر البريد الإلكتروني إلى ايسلنده هناك لعشيرتنا بركان ورثته من بقايا سقوط الدولة العثمانية دع الهدهد يعمل له جواز سفر ودعوا أمي تتمنى قبل أن تغفوا غفوتها الأخيرة فالعام المائة وصل سواحلها وينبغي لتايتانك أن تغرق وأن يعطى الشهيد الحريري الأوسكار لأن موته اللامبرر أرغم الطعمية الشامية أن تختفي من أسواق بيروت أمي حين تتذكر السياسة تتذكر المكنسة فتكنس أرضية غرفتها بتعاليم كونفيشوس والمندائيين وما قاله المتصوفة بشأن عشق البدن ورجفة الجفن وطبخ التمن في عيد الأم صلت جدتي لأجل وطني ففاجئها إرهابي بشورت قصير وطلب منها صورة للذكرى ..
2 ـ لعينيك ..الدمعة تتحول حبة فستق والغرام يصير نقار خشب يحفر في شجرة روحي ليكتشف النفط والشفط وتجارة الرق وغير ذلك ..فالحب كما يصفه كونفشيوس : مثل عرنوص الذرة طويل وسمين ومشهي جلست في أحضاني زنجية .. وقف كل ما في على قدميه أمي أجلست الجميع وقلت تمدد وخذ راحتك تحت الكساء تناوبت معها المودة وتحت الكساء حفظت معها قصائد سنغور وعلمتني كيف أقلي الباذنجان دون المساس بعواطف بلال الحبشي كان أسمها السنغالي مميزا أسمها شجرة الشفتين السوداويتين فيما أسم أمي من كلمة واحدة : كلما أتذكر أسمها أتذكر آلاف الأسماء آلائي رحلت دون استكمال عواطفها لهذا ظلت الغصة تتناوبني كلما أردت استذكارهم يوم قتلتهم الحروب كان شون لاي يكتب استقالته وكان عدنان خير الله * يزور جبهة مندلي* وكنت أنا في مرصد بوادي حران* أزاول مهنتي مع الوسادة وعلى الجدار معلقة صورة رومي شنايدر قبل أن تنتحر فيما أمي كانت منشغلة لتطبخ لي مرقة الباذنجان الزنجية كم احب أمي لأنها قرصت أذن الجنرال وأرغمته أن يعيدني من الحجاب سالما وغانما ومعي أجازة لأسبوع واحد حين عدت كان الجميع قد ماتوا أولئك الذين كانت لهم أمهات وأطفال وأمم متحدة حين أتذكر الحرب أشتهي صمونة يابسة وحين أتذكر الحب تراودني الرغبات بإعلان الجبهات مناطق للحكم الذاتي تحكمها أمي وكنفشيوس الهدهد أعطوه وزارة البريد ولها أعطوا وزارة الداخيلة لأنها لا تحب العسس منذ أيام عبد السلام .. عيد بأية حال عدت يا عيد .. البساطيل* رقما من ألواح الأمس والأمهات شذى لأمس بعيد والمدن تفخخ صباحاها بالأمل أن لا يموت صغار المدارس .. 3 ـ لكي تحب .عليك أن تحفظ دمعك في قدر الطبخ وأن تحسن النفخ حين تقول لك من تعشقها ..باي ..باي 4 ـ السعادة هي أم تفرض بهجتها على عواطفنا حين يسألنا الزمن أن كانت هناك خسائر؟ فنرد : كلا مادامت أجفان حبيباتنا لم تذبل بعد 5 ـ الروح هي أم الجسد قماط والمهد هي رسائل الحب التي كتبناها بقلم الرصاص 6 ـ مثل فراشة وأبرة خياطة أطرز للجمال دالية عينيك لأنك أمي أحببت الشروق لأجلك وصنعت من المساء بطانية تدفئ عظامك الرقيقة من شيخوخة الحرب لأنك أمي .. أحببت من أجلك الموسيقى الكلاسيكية وطالبت بمنح موزارت الجنسية العراقية 7 ـ أنك أجمل من غصن يابس حين تتكسرين على جسدي مثل القبلات توخزني بلذة دبابيس ليلة العرس لا تصرخي من الحب كي لاتسمع العجائز وتشتهي مثلما نفعل أعمارهن تقدمت وتحولن من عذراوات إلى قديسات أعط كل ما عندك الآن فذات يوم ستصيرين قديسة مثلهن .. 8 ـ في قيامة المندائيين وعيدهم المائي ترتدي الأمهات البياض النوراني ويسرح بهن الموج إلى غربة الأولاد زيوا* سيرتدي قميصا أبيضا ويشعل غليونه على جرف النهر يسمع صلوات أمهاتنا فيما الوطن يصعد الأرجوحة مع الأطفال ويغني :أحب الناس لي أمي ..ومن بالروح يفديني وكم من ليلة قامت ..على مهدي تغطيني لا تبكي يا سلام وقم غط الأطفال فلقد سقط الثلج في باحة الحديقة وزيوا ارتدى معطف الفرو ..
الهوامش : ـــــــــ *اللوزينة والساهون : حلوى تصنع في البيوت. *بياره مكرون : جبل في السليمانية العراقية قضيت عليه شهورا من عسكريتي . *الجبايش : قضاء عراقي من أقضية الأهوار في الجنوب . *الشعر بنات : حلوى شعبية عراقية أرتبط أسمها بأغنية الأطفال الشعبية الشهيرة . * إشارة إلى قصيدة السياب الشهيرة التي يشكو فيها من أن البنات في دار المعلمين العالية لا تحب شكله بقدر ما تحب أشعاره وكان البيت يقول : يا ليتني أصبحت ديواني .. لأفر من قلب إلى ثان قد بت من حسد أقول له .. يا ليت من تهواك تهواني
*سليمة مراد : مطربة عراقية شهيرة وزوجة المطرب العراقي الكبير ناظم الغزالي . *الرسته : ثوب التعميد الأبيض عند المندائيين وهي أقدم الطوائف التوحيدية في العراق والعالم . *بني أسد : قبائل عربية أصيلة كانوا في الزمن العثماني يشكلون أمارة تسيطر على بطائح الجنوب العراقي وتستقر اليوم اغلب عشائرها في منطقة الجبايش ضمن الرقعة الجغرافية لمحافظة ذي قار . * الفيفرة : آلة موسيقية شعبية يصنعها الرعاة والبدو تتكون من قصبتين تثقبان كما الناي وتربطان بالقير فيصير نغمها مزدوجا وجميلاً والمفردة تطلق على الناي الأحادي أيضاً . *قضاء الرفاعي : قضاء في محافظة ذي قار قربه مرقد السيد أحمد الرفاعي صاحب الطريقة المسماة بأسمه ومزاره يؤمه الكثير من الزائرين وله يوم زيارة محدد ومشهر تقوم فيه حلقات الذكر والدروشه . *خبز العباس : خبز للنذر يرتبط بما يحققه الأمام العباس بن علي بن أبي طالب ع لمن يطلب أمنية وتتحقق . *عدنان خير الله : وزير الدفاع العراقي أيام الحرب العراقية الإيرانية .قتل في حادث طائرة مروحية غامض شمال العراق نهاية الثمانينات . * مندلي : مدينة عراقية تقع على الحدود مع أيران كانت مسرحا لمعارك طاحنة بين الجيشين العراقي والإيراني في حرب الثمان سنوات تشتهر ببساتينها وأغلب سكانها من الأكراد الفيلين . *وادي حران : وادي عميق يفصل الحدود العراقية الإيرانية في منطقة مندلي كان طريقا سالكا للتهريب بين البلدين وكذلك لتهريب النعوش للموتى الإيرانيين المتمنين دفنهم قرب مرقد الأمام علي ع في النجف . *البساطيل : في العامية العراقية أحذية الجند وهي ربما مفردة تركية أو فارسية . *زيوا : ملاك نوراني عند أهل الطائفة المندائية وهو من الأسماء المحببة لتسمية المواليد الجدد فيها .
أور السومرية في عيد النوروز 2005
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطريق الى حلبجة
-
ثقافة الجنوب العراقي فيدراليا
-
زيارة مسائية لعزيز السيد جاسم
-
بورشيا محتجزة في معتقل أم قصر
-
الجواهري العظيم أستعادة لثلاثة مشاهد
-
ليلة تحت سقف النجوم في قرية بعاذرا الكردية
-
الفرق بين جرنيكا والأباتشي
-
البحث عن الارصدة المالية لنوري السعيد والزعيم عبد الكريم قاس
...
-
.. بالسحر تبرق عيناك ياأخمانوتوفا وبالحب تضئ عيون أمي ليل وط
...
-
بغداد في انتظار النيون ولقاء ليلى بقيس المجنون
-
منهاتن وطن لحلاج القرن الحادي والعشرين
-
أنا داخل لوحة العشاء الرباني الأخير
-
دمعة الله
-
اليابانيون يرتدون اليشماغ والدنماركيون يأكلون الجبنة في حي د
...
-
بابل وانياب الارهاب
-
غرفةحسين الحسيني
-
الوردة الأيرلندية
-
الليلة على وسادة واحدة ..المسيح والحلاج وسارتر
-
جورج حبش يسأل
-
العصافير تنشد في الأهوار لثقافة الحب والرب
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|