|
رأينا في الأزمة الجديدة
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3962 - 2013 / 1 / 4 - 19:16
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
سأتحدث إليكم هذه المرة لا بصفتي الشخصية بل بصفتي الحزبية السياسية ، وسأعبرُ لكم عن رأي كل الليبرالين الديمقراطيين في العراق الذين يهمهم إستقرار العراق وأمنه وتقدمه وعدم ضياعه ، وكما سأعبر عن روح الشعب الذي يرغب بالعيش الكريم دون محرضات ودون إفتعال للأزمات ، وكلنا يعلم إن هذه المطالب والشعارات والتظاهرات التي تحدث ببعض المحافظات إنما هي خليط بين مطالب خدمية مشروعة وبين توجهات سياسية متطرفة حادة ومخالفة للقانون والدستور ، لهذا نقول : إن في هذه الأزمة الحالية لا يجب المزج بين المطالب الشعبية الحقة وبين الإرهاصات الغير مبررة . فالرغبة في تغيير نظام الحكم أو طريقة الحكم في العراق لا بد أن تخضع لموازين قانونية ودستورية وليس هو رغبة أو طموح أو عدم رضا وحسب ، ففي هذه الأزمة الجديدة سمعنا خطاباً فئوياً وخطاباً طائفياً تحريضياً ونفساً مذهبياً وهذا كله يخلق أزمة ولا يصنع حلاً لمشكلة أو لمشكلات بل هو تأجيج لنار الفتنة والقلق وعدم الإستقرار ، وكلنا يعلم إن العراق ومنذ التحرير لم يهدأ ولم يهنئ له بال ، بل عاش الصراع والقتل والجريمة و القلق عاش التزاحم والتدافع السلبي ولهذا فقد العراق وشعبه الكثير من المصداقية وفقد الرهان عليه ليكون داعماً ومؤسساً للنظام الديمقراطي في المنطقة ، ولم يكن الصراع فيه من أجل البناء و التقدم والتطور بل هو صراع وقلق دوافعه طائفية ومذهبية معروفة ، ولهذا كثُر الفساد وكثُر النهب وتفنن السُراق فتعطلت الحياة فيه ولم ينجح له مشروع تنموي طموح في كل المحافظات والبلدات ، ويؤسفني أن أقول : إنه لم نجد إلاّ القليل من بداخله حسٌ وطني يعلو فوق هذا المزاج الطائفي المقيت . وبدى لنا وكأن العراقي لايحلو له المُقام ولا يهنئ له العيش إلاّ بظل حكومة فاشية دكتاتورية ، وبدى لنا ويكأن الديمقراطية عند بعض القوم هي فوضى ولا نظام وإفساد في عقلية الناس ومزاجهم ، أو إنها من يُباعد بينهم وبين وطنيتهم في ظل ثقافة الخوف الطائفي من الآخر . وكنا نحن معشر الليبراليين الديمقراطيين ننادي وببراءة وحُسن نية بوجوب الإلتزام بالقانون والنظام ، وكنا دوماً نوفر الفرصة لمن يريد لكي يتقبل بعضنا البعض الآخر ، نازعين عن أنفسنا وعن غيرنا مفهوم الأحقية التاريخية والأحقية القهرية ، منادين بلزوم التوافق على الوطن الواحد وعلى حاجات الناس الضرورية والطبيعية ، مُشيعين بين الكافة معنى إحترام الديمقراطية كخيار وكثقافة وكحياة لمن يريد ان يتنافس في الخير والعمل الصالح ، كنا هكذا ننصح الشركاء وندلي بدلونا حين يُتاح لنا ذلك ، ولم ندعي إننا الحق ودوننا الباطل معبرين عن ثقافتنا وعن إيماننا وعن شعورنا بالوطن وكيف يجب ان يكون ؟ ، واليوم وفي ظل هذا التدافع والحراب الطائفي تبدو حاجة العراقيين للمشروع الليبرالي الديمقراطي ماسة وضرورية وضاغطة ، فالشعب هذا المغلوب على أمره أصابه التباعد الوطني وصار عبارة عن جزر مفككة ولهذا فنحن قلقون على مصيره وعلى مستقبله وعلى وجوده ووحدته ، فهناك ثمة مايؤرقنا في هذه الإتجاه حقاً فالتقسيم حسب الأسس الطائفية يُعمل عليه من جهات وأطراف محلية وخارجية ، وهذا التقسيم الإكراهي يبدو واضحاً وملموساً ولكي يكون ممكناً فلابد من أن يعيش الوطن ذلك الصراع الدامي الحاد ، والذي سيذهب فيه العراق إلى غير رجعة وتذهب معه أحلامنا وأحلام كل العراقيين ، إن جيلاً من العراقيين سيفقد في ذلك الصراع هويته ويفقد إنتماءه وستتبدل فيه ثقافة معنى الوطن لتحل محلها ثقافة طائفية ومذهبية سوداء ، وفي ذلك ومعه لن ينجو أحد ولن يكون في مأمن من هذا الطوفان المخيف المرعب ، ونحن نعلم طبيعة المزاج العراقي وتطرفه وعاطفيته ولهذا فمن يضرب على عصا المظاهرات والإحتجاجات من دون حساب ومن يسير في هذا الركب إنما يدق المسامير في نعش العراق ، صحيح إن هناك مطالب مشروعة وحقه في هذا التدافع لكن الصحيح إن هذه المطالب تذهب وسط الريح ، فتتبدل الموازين والقيم ولهذا نقول : - أعرفوا الحق تعرفوا أهله لا يعرف الحق بالرجال - .. وأقول : لمن في قلبه حبٌ حقيقي للعراق أن يبتعد عن هذا الصراخ وأن يحترم القانون ، فالمرأة كما الرجل في القانون وفي الشريعة سواء في العقاب وفي الثواب ، وكلنا يدري إن كثيراً من نساء العراق قد غُرر بهن تحت حجج وهمية ، بل وإن البعض منهن قد فجرن أنفسهن كإنتحاريات ، ومن أراد الحق وسعى له فعليه أن يطالب بتطبيق القانون بحقهن من غير تنازل فالحق لايجزء كما إن العدل لا يجزء ، ومن ثبت بالدليل القطعي إشتراكها في أي عمل إرهابي أو جريمة بحق الشعب فيجب تطبيق القانون عليها وبصرامة وبحزم ، وهذا الإجراء وهذا الحكم ليس للردع فحسب بل هو القانون والشرع ، والمرأة التي تنتمي إلى منظمات إرهابية أو تمارس الإرهاب أو تنشر الفكر الإرهابي مجرمة بحسب القانون والشرع ، ولهذا فيجب ان ينالها العقاب أسوة بالرجل من غير فرق . ثم إن الأخ رئيس الحكومة غير مسؤول عن الإجراءات القضائية وماتصدره المحاكم وليس من حقه التدخل في شؤون السلطة القضائية ، هو بحسب الدستور منفذ للقانون وليس هو القانون ، ومن يرغب بتدخل السلطة التنفيذية بشؤون القضاء إنما هو دفع و إغراء للدكتاتورية متعمد ، ومن يريد العيش في دولة ديمقراطية فيجب ان يؤمن بان الحل والربط في المسائل القضائية والجنائية هو بيد المحاكم وليس بيد رئيس الوزراء ، ومن يختلف مع رئيس الوزراء في شيء فيجب أن يحترم هذا الإختلاف في ظل القانون وليس بالفوضى والمؤامرات والمكائد ، هذه هي الديمقراطية لمن يريد العيش في ظلالها ... ثم لماذا لايتوجه الشعب للبناء بدل المهاترات وصنع المشكلات ؟ لماذا لايعمل العراقي على صُنع عراقه المتقدم الممكن فيه الحياة ؟ لماذا يعتبر البعض كون الحاكم شيعياً فتلك هي الطامة الكبرى ؟ لماذا لا نؤمن بخيارات الشعب ونحترم رأي الأكثرية ؟ لماذا لا نعمل من أجل ترسيخ روح المواطنة بدل التنافس على المناصب والكسب الحرام ؟ أنا لا أقول إن رئيس الحكومة رجل معصوم ، ولم أقل أطيعوا الرجل في كل حال ، بل أقول : لماذا توضع كل العراقيل بوجهه من يوم توليه المنصب وإلى الآن ؟ . أنا لا أظن إن الأمر متعلق بشخصه بل بهذا النوع من الديمقراطية ، أو بهذا السلوك السياسي الجديد ، مشكلات العراق تُحل حين يؤمن العراقي بمستقبله الذي يبنيه بجهده وعرقه ، وحين يؤمن بأن الديمقراطية هي خياره النهائي ، وحين يخرج من دائرة القلق والتنافس الطائفي المزاجي النتن ، وحين يتعلم إن الإستفزاز شيء قبيح لا من خلال الممارسة ولا من خلال الإيمان بشيء ما ، إستفزاز الآخر ممنوع في عبادته وفيما يؤمن به ، فالتعايش ليس كلام إنشاء أو رغبة تسطر بل هو ممارسة وعمل وثقافة يومية ، ومن هنا فلايجوز جعل إيمان أي طرف ما هو إستفزاز للطرف الآخر . إن الإيمان بالوحدة الوطنية والوحدة الدينية يجب ان ينبع من قناعة ومن وعي ومن ثقافة رصينة ، وهنا أشير إلى دور الحكومة وإلى دور الإعلام النزيه في ترسيخ تلك القيم والتقليل من حدة التنافس والنزاع ، وبث روح المحبة و التقليل من الإندفاع والجهد العاطفي الذي يضر في العادة ولا يفيد ، كما أرجوا من أخواني السياسين أن يترفعوا بلغتهم وبخطابهم وأن لا يعلقوا آمالاً كباراً على هذا التدافع وعلى هذا المزاج القلق وأن لايعيشوا على هذه الظاهرة ، فهي التي سرعان ماتخبوا وتزول والتاريخ خير شاهد ودليل ، وأما الباقيات الصالحات فهي الوطن وهي المواطن
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصلحة العراق فوق الجميع
-
حوار في قضية الحسين
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة التحديات
-
الليبرالية الديمقراطية ... مشروع الحضارة
-
لماذا نؤوسس لليبرالية الديمقراطية ؟
-
نمو التيار الليبرالي الديمقراطي في المنطقة العربية
-
معركة بناء الدولة في العراق
-
الليبرالية العربية
-
بيان إستنكار
-
فلسفة الخلاف
-
الحرب القذرة
-
الحوار هو الحل
-
إنتاج عقد إجتماعي جديد
-
الليبرالية الديمقراطية حركة فكرية شاملة
-
الليبرالية الديمقراطية هي أساس الفضيلة
-
الدكتور أحمد الكبيسي والعقلانية الدينية
-
المرأة العربية والعالم الجديد
-
رسالة الليبرالية الديمقراطية
-
أرحل يابشار
-
العرب وطبيعة التحول السياسي
المزيد.....
-
ماذا جرى قبل انفجار -تيتان-؟.. كشف آخر ما قيل على متن -غواصة
...
-
حملة تضليل روسية لصالح اليمين المتطرف الألماني
-
العراق.. مسيرة تركية تستهدف اجتماعا لحزب العمال الكردستاني
-
صديق القادري.. جنرال عراقي قاتل مع القياصرة ضد الثورة البلشف
...
-
رحيل المفكر العربي البناني – الفلسطيني إلياس خوري
-
مقتل عنصر وإصابة 2 من حزب العمال الكردستاني بغارة تركية في ا
...
-
مواجهات بين متظاهرين والشغب أمام مبنى ديوان محافظة ذي قار
-
سمير لزعر// مخطط تشريد الطبقة العاملة وتجويع الشعب يضع افوا
...
-
بين هرم زوسر وضريح لينين أو ما هو دور الوعي الديني في بناء ا
...
-
اليسار الفرنسي يبحث عن طريق للمضي قدمًا بعد منعه من المشاركة
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|