أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - رياض خليل - سورية: بدء المرحلة الانتقالية وسد الفراغ في السلطة





سورية: بدء المرحلة الانتقالية وسد الفراغ في السلطة


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3961 - 2013 / 1 / 3 - 10:25
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



1
المرحلة الانتقالية
سوريا دخلت المرحلة الانتقالية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية . وبتنا نعيش حالة من الصراع الدامي بين سلطة الأسد الديكتاتورية المتآكلة والمتهالكة والمتقهقرة من جهة ، وسلطة الثورة التي تنتشر بتسارع وتتعاظم ، وتتأسس في المناطق المحررة من سلطة النظام القمعي المهزوم ، وتملك سلطة احتياطية داخل مؤسسة السلطة الحالية نفسها ممن لايؤيدون النظام الأسدي .
سوريا غنية بالكفاءات المنشقة عن النظام في أيما مجال إداري اجتماعي سياسي ، ومنهم تتشكل بنى ومؤسسات السلطة الثورية الشعبية الوليدة والظافرة في المناطق التي تتحرر من نير العبودية والاستبداد الأسدي الوحشي . ولهذه الأسباب وكثير غيرها .. لن يكون فراغ في السلطة إثر سقوط آخر معاقل النظام وهزيمته النهائية القريبة المنال .
ومن الأهمية بمكان أن ندرك أهمية بناء السلطة الديمقراطية البديلة ، وأنها من أهم المهمات الثورة التي يجب التصدي لها ، الإدارة الجديدة .. السلطة الجديدة هي التحدي الثوري الأكبر في تلك المرحلة والمراحل التي تليها بعد سقوط النظام وسلطته الديكتاتورية . وتلك المسؤولية لاتقل أهمية عن القتال الميداني العسكري ضد القوات النظامية . الإعمار والبناء والإدارة المدنية الذاتية هي الهدف والوسيلة التي تمكننا من استعادة حياتنا الطبيعية التي سلبنا إياها النظام .
2
من يحتل الدولة ويغتصب مؤسساتها ويخربها ؟
من يمسك بمقاليد الحكم ، ويسيطر ويتحكم بمؤسسات السلطة في سوريا ، هو بشار الأسد ومن يعينه ويكلفه بإدارة مؤسسات السلطة : " سلطة الديكتاتور" . وبشار هو الذي أمر القيمين على مؤسسات السلطة بمواجهة الشعب السوري الثائر ضد احتكار الأسد للسلطة ، واستخدامها ضد مصالح الوطن السوري ، وضد الشعب السورية ومصلحة الشعب السوري في الحرية والكرامة والعدالة وسيادة منطق القانون والعقل . وبشار الأسد هو الذي دفع بالقيمين على مؤسسة السلطة بالسير عكس الطبيعة والمألوف التاريخي والحضاري والسياسي ،وباتجاه تدمير وتخريب وهدم الوطن وقتل الشعب ، ماترتب عليه النتائج الطبيعية : ومنها تمزق البنى والحوامل الاجتماعية والسياسية لمؤسسة السلطة ، وانشطارها إلى موال ومعارض لإرادة بشار الأسد الإجرامية غير المعقولة ولا المقبولة من كل صاحب ذمة وأخلاق وضمير وحريص على الوطن والشعب المدني الأعزل البريء .
ومنذ البداية أعلنها الأسديون صراحة : " الأسد أو نحرق البلد " . قالوها وطبقوها ومازالوا . وهل يعني ذلك أقل من هدم وتدمير للوطن والشعب والسلطة بكل مكوناتها ورموزها ومقوماتها ومرتكزاتها المادية والمعنوية ؟ ألايحصل ذلك بالفعل يوميا ؟ ألا تتهتك مؤسسات السلطة والدولة وتتمزق على يد العصابات الإجرامية المنفلتة من عقالها بأوامر الأسد وشلته المحترفة للإجرام ؟ وماذا نتج عن ذلك ؟ وماذا سينتج ؟ بعد كل تلك المصائب والكوارث في سوريا ؟
3
هل سيحصل فراغ في السلطة ؟
يخشى كثيرون : أفرادا وحكومات من وقوع سوريا في مشكلة الفراغ في السلطة .. إن حصل مايشبه سسقوط مؤسسة السلطة الأسدية ،ومايترتب عليه من نتائج وعواقب وخيمة على حياة وأمن المجتمع . ويتهم لصوص السلطة الأسدية الحالية خصومهم باستهداف الدولة السورية ومؤسساتها ، والتي من أهمها مؤسسة السلطة أو مؤسسات السلطة .
4
انحسار سلطة الأسد وانتشار سلطة الثورة :
سلطة الثورة المنتشرة والمتنامية هي سلطة الجيش الحر والإدارات المحلية المدنية التي تضم الكثير من أصحاب الكفاءات المنشقين عن نظام الأسد : كالقضاة والمحامين والأطباء والصيادلة وأساتذة الجامعة والسياسيين والإداريين .. والشرطة والأمن والجمارك ، وسائر المجالات الأخرى ..
مايحصل هو انشطار في مؤسسة السلطة ، سببه إقحامها في وظيفة لاقبل لها بممارستها ، وهي مواجهة الشعب والثورة واستحقاقات التغيير والتحولات الديمقراطية ، وهو مايعني سقوط حق بشار الأسد في الحكم وقيادة البلاد ومؤسساتها ، وإخلاء الساحة السياسية لمن هو أهل لها ويستحقها ، وفقا لمعايير الشرعية الديمقراطية المعمول بها في معظم بلدان المعمورة . وإزاء هذا الخطر الداهم على موقع الأسد السياسي ، اختار الأسد مقاومة عجلة التاريخ ، والسير عكس عقارب الساعة السياسية الوطنية السورية ، ومواجهة كل القوى المطالبة بالتغيير الديمقراطي السياسي ، وطي صفحة الديكتاتورية الطويلة لآل الأسد . وأدت مواجهة بشار للثورة إلى دخول مؤسسات الدولة والسلطة في أزمة عميقة مستعصية ومعقدة ، أزمة مرضية أدت إلى تعطيل دورها السابق ، وأدت إلى نوع من الانحلال والتفكك والتحلل الاجتماعي والسياسي في الجسم الذي يديرها ويقودها ويسير شؤونها ، ويشرف على وظيفتها في خدمة المجتمع . وبسبب الطبيعة الإجرامية التي مورست ضد الناس ، كان لابد من ظهور حالة رفض ومقاومة لتلك السلطة التي تنتهك حياتهم وكرامتهم وسائر حقوقهم ، ضاربة عرض الحائط بأحكام القانون والأخلاق والنواميس البشرية . وكان لابد أن لتلك السلطة التي خرجت عن سكتها المألوفة من أن تواجه مقاومة شرسة تمنعها من أداء دورها الوحشي في المناطق السورية المختلفة . وبذلك بدأت السلطة تخسر مواقعها ومناطق نفوذها تباعا في أرجاء سورية ، وتعزز هذا ، بانشقاقات متنامية ومتعاظمة في صفوف القوى البشرية الاجتماعية التي كانت تدير تلك السلطة مدنيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا وثقافيا . وبدأ الأسد وقطعانه يخسرون مواقعهم ، ويدفعون ثمن جرائمهم ، ويعجزون عن السيطرة والحكم ، وبالتالي فقدوا تباعا سلطتهم بالكامل في القسم الأكبر من الوطن السوري ، مايقارب الثمانين بالمائة من مساحة سوريا : مدنا وأريافا . وقد تمت هزيمة السلطة الأسدية المحتلة فيها كليا ، وحدث مايشبه الغياب التام للسلطة الأسدية على مجمل التراب السوري تقريبا ، وفي مثل تلك الحالة كان لابد من سلطة بديلة وجديدة تحل مكان سلطة الأسد في المناطق المحررة من سورية ، وبالفعل بدأت مثل تلك السلطة بالظهور والنمو والتطور ، لتكون البديل السلطوي عن سلطة العصابات الأسدية المنهزمة والمتقهقرة . وهنا بدأ شكل من ازدواجية السلطة بالظهور في سوريا : سلطة الأسد المهزومة المتهالكة والمنهارة التي تتقلص وتضمر باستمرار من جهة ، وسلطة الثورة والثوار المتنامية والمتطورة والظافرة من الجهة المقابلة .
5
(ضربني وبكى .. سبقني واشتكى)
هكذا يطبق النظام الأسدي الجبان والخبيث المقولة السابقة ، يكذب ويلفق ، ويتهم الصادقين بالكذب والتلفيق ، ومع كل تفاهات فبركات النظام ، فإنه يجد من يصغي إليها ويصدقها بسذاجة بالغة . ويتظاهر النظام بالرقي والبراءة ، يتمسكن ، ويلعب دور الضحية المظلومة ، يقتل ويخرج في جنازة من قتل . وكذب النظام هدفه العقول الساذجة والعامة من الناس ، بسبب سهولة الضحك على ذقونهم ، والتلاعب بهم ، وزجهم في معركته الخاسرة الميؤوسة .
الواقع على الأرض هو أن امتلاك الأسديين لمؤسسات السلطة هو الذي يتعرض للخطر والهجوم من قبل الثورة . لاأحد من قوى الثورة والمعارضة يستهدف الدولة ومؤسساتها – كما يكرر ويجتر لافروف – مايسمعه من أساتذته من العصابة الأسدية الاستعمارية . من سعى ويسعى ووعد ونفذ ذلك فعلا هو من رفع وتبنى شعار:" الأسد أو نحرق وندمر البلد" ، وهاهم عصابات الأسد ينفذون وعودهم المشؤومة بتدمير كل شيء في البلد(سورية) ، لم يتركوا شيئا لم يدمروه ، أوليس هذا هو التدمير للدولة ومؤسساتها ؟ من يدمر الدولة ومؤسساتها كافة؟ أوليست الآلة العسكرية الغاشمة العمياء الحاقدة هي التي تدمر كل شيء في سوريا : أرضا وحضارة وشعبا وثقافة ؟ ماهذه السلطة التي تفعل ذلك ؟ أهي سلطة فعلا؟ أهي مسؤولة فعلا؟ أهي أهل للإمساك بالسلطة واستخدامها وتفعيلها بالشكل المتعارف عليه في عصرنا؟ هي عكس ذلك كله ، ويمكننا تسميتها أي شيء عدا صفة " السلطة " ، هي قوة احتلالية غاشمة تدمر المجتمع والدولة السورية وسلطاتها ومؤسساتها كافة . قوة عسكرية أمنية متورمة وفاقدة لكل بوصلة أخلاقية وقانونية وعقلانية سوى الهمجية والبربرية المنفلتة من أي قيود وكوابح وضمير . قوة فاقدة أصلا للشرعية بأشكالها ومسمياتها كافة . فكيف لمثل تلك القوة أن تتسمى بما لاينطبق عليها من بعيد أو قريب ؟ : أي باسم :" السلطة " . وحتى تلك القوة العسكرية الأمنية السياسية القائمة التي يدعي النظام أنها سلطة ، ضمن حد من الحدود ، هي لم تعد كذلك بعد الثورة ، لأن العصابات الأسدية ، وفي سياق تدميرها لسوريا ، أمعنت في تدمير تلك السلطة التي تدعيها لنفسها وللمجتمع ، لأنها أرادت زجها في اتجاه مغلق ومسدود ومستحيل ، زجها بشار الأسد في اتجاه معركته ضد سورية من أجل مصلحته الشخصية ، من أجل الحفاظ على استملاكه واغتصابه للسلطة هو ومن قبله أبوه : حافظ الأسد . وسوريا التي رفضت بقاءه اللامشروع في السلطة ، كان هو السبب الذي دفع بالأسد إلى توجيه كل أسلحة السلطة ضد الثائرين عليه ، الرافضين لحكمه الجائر ، فما كان من السلطة ومؤسساتها وأجهزتها إلا أن انشطرت ، وتمردت ، وانشقت ، وشقت عصا الطاعة للديكتاتور الذي وضع نفسه ضد الشعب ، وأراد وضع كل قواه وسلطاته وحكومته وجيشه وأمنه وحزبه ضد قوى التغيير الثائرة والمتنامية في أرجاء سوريا كافة ، انشطرت الدولة ومؤسساتها ومنها مؤسسات السلطة ، إلى موالين للديكتاتور ، ومعارضين له ، ثائرين على سلطته وإرادته . ورافضين لأوامره في قمع الثورة ، وكسر إرادة الشعب في التغيير الديمقراطي ، واستعادة الحقوق المغتصبة في الوطن والسلطة والحرية والكرامة وكل مامن شأنه احترام حياة الإنسان السوري الذي رزح تحت نير الديكتاتورية الأسدية لعقود ، وعانى خلالها الأهوال والمآسي على يد الديكتاتورية الأسدية الدموية .
6
العصابة الأسدية المفترسة ..خارجة على القانون
لقد ضاق الأسديون ذرعا بالقانون وسلطة القانون ، فقرروا وضعه على الرف ، ولم يتحملوا ذلك القانون الذي صنعوه بأنفسهم وعلى مقاساتهم الممسوخة ، وأرادوا أن يتصرفوا بلا قانون ولامنطق ، واتخذوا من مزاجياتهم وأهوائهم قانونهم الوحيد الذي يحكم تصرفاتهم الإجرامية المحمومة والمجنونة والمفترسة .
إنه إذن صراع على السلطة والحقوق ، وليس على هدم السلطة كما يزعم الأسديون ، ويتهمون الثورة بما هو من صفاتهم وأفعالهم ، فهم من يفعل ذلك ، هم من هدموا ومازالوا يهدمون الدولة والسلطة والمؤسسات ومرتكزاتها الاجتماعية والعمرانية ، الأسديون هم من يخرب ويدمر البنية التحتية للدولة ومؤسساتها ومنها مؤسسات السلطة ، وهم من يدمر البنية التنظيمية الاجتماعية السياسية للمجتمع السوري ، وهم من يغيب السلطة والقانون ، وحكم القانون ، وتحكيم القانون ، هم رموا بالقانون والسلطة المألوفة جانبا ، وباتوا يتصرفون مزاجيا وعشوائيا ، ضد الجميع ، هم الخارجون على السلطة والقانون ، ويرتكبون الجرائم من غير رقيب أو حسيب ، هم من منح الغوغاء سلطات لامحدودة ضد الناس حتى لو كانوا أبرياء وموالين ، أعطى الأسديون أتباعهم من الزعران سلطة الإعدامات الميدانية العشوائية ، من خلال اللجان الشعبية أو قوات الدفاع الوطني التي شكلوها لقتل الناس وتعذيبهم ، شكلوها من المرضى النفسيين ، من العنصريين والطائفيين والجبناء الأوغاد ليعيثوا قتلا ودمارا ونهبا وسلبا في كل مكان يحلون فيه . وهذه حقائق مؤكدة وثابتة ، وعندي منها شواهد لاحصر لها موثقة . يتسلون بالقتل ويتفاخرون بقتل الأطفال بلا ذنب ولامبرر ولاتهمة .
7
مثال من الواقع الحقيقي ( بدون ذكر الأسماء ) والتفاصيل
وكمثال على ماأقوله : سأل شبيح عادي شبيحا من اللجان الشعبية عن سبب قتل الناس بلا محاكمة ولاإحالة للأمن أو القضاء ، فأجابه مسؤول اللجان الشعبية ( وهو مختل عصبيا وعقليا ) : نحن لانثق بالأمن لأنه ربما يحيلهم إلى القضاء ، والقضاء خائن وقد يحكم علهم بالبراءة ويطلق سراحهم ، أما نحن فنختصر كل تلك الطرق ، ونحيله إلى جهنم وبئس المصير . تلك عينة من تصرفات اللجان الشعبية التي يسمونها قوات الدفاع الوطني ، وهي فرق موت وقتل ونهب وسلب ، تنتشر في كل مكان من سوريا برعاية وحوش النظام الأسدي من المافيات المالية المتغولة ، ومنهم من هو من العائلة والمقربين ، وآخرون من الحلفاء والأصدقاء من سائر مكونات المجتمع السوري المعروفة .
إذن الذي يهدد : " الأسد أو ندمر ونحرق البلد " هو الذي يطبق هذه السياسة على الأرض علنا ، ويتهم الثوار بها زورا وبهتانا ، الأسد هو الذي يدمر الدولة ومؤسساتها وسلطتها ، وليس الثوار .
8
تعمير الدولة وشرعنة مؤسسات السلطة :
هذا هو مشروع الثورة مقابل مشروع الديكتاتورية . مشروع الثورة هو على العكس تماما من مشروع الديكتاتورية . هو إعمار وتعمير للدولة وإنجاح وتفعيل لها كإطار مشترك للمكونات المجتمعية السورية كافة ، مشروع الثورة هو : شرعنة وعقلنة وقوننة مؤسسات السلطة ، وإعادتها إلى نصابها الحقيقي الطبيعي المعتاد ، باعتبارها أصلا وليس فرعا إنما هي سلطة الشعب : الشعب الذي يجب أن يكون هو المصدر الأساسي للسلطة .. أي سلطة .. وكل سلطة . سلطة الشعب التي هي أم السلطات وحاضنها وراعيها . سلطة الشعب الوحيدة هي السلطة التي تتصف .. ويجب أن تتصف بالدوام والموصولية والكلية ، لتكون هي التي تنتج وتعيد إنتاج السلطات الأخرى الناشئة عنها وبإرادتها ورعايتها ، باعتبارها سلطات فرعية موكوله منابة . سلطة الشعب هي الوكيل والموكل والمنيب ، وباقي السلطات هو الموكول لها وإليها وحاملة أمانة الإنابة والوكالة التي لديها هي وكالة مشروطة بإرادة صاحب التوكيل : الشعب .
9
سلطة الثورة موجودة خارج وداخل السلطة القائمة
سلطة الثورة موجودة .. قائمة ، تخوض تجربتها القاسية في المناطق المحررة من سوريا ، تخوض تجربتها على أيدي أبنائها من الكفاءات المنشقة عن سلطة الأسد .. وما أكثرهم ، وأشرفهم وأنبلهم من كوادر حرة أبية وطنية شريفة . يضاف إليها أغلبية كبيرة من الكوادر والكفاءات العاملة في ظل سلطة الأسد ، وهي عمليا ضده قلبا وقالبا .. روحا وعقلا .. وتؤدي دورها حسب الظروف المحيطة بها ، ومنهم من يتعاون ويتواصل مع الثوار وهو على رأس عمله ، ويمكننا أن نسمي هؤلاء : السلطة الاحتياطية للثورة ، التي تكمل عمل السلطة الثورية في المناطق المحررة من التراب السوري .
10
ماهي السلطة ؟
ماهي السلطة التي يتحدثون عنها ؟ إنها بنية متكاملة من عناصر مادية عمرانية (بنية تحتية ) ، وعناصر بشرية ( موارد وكوادر بشرية) تتوزع العمل والإدارة والمسؤولية التراتبية الأفقية والعمودية فيما بينها . وتستخدم البنية التحتية القاعدية ( الأرض .. المباني .. الأجهزة والأدوات ..) لأداء عملها وممارسة نشاطها المحدد بالقانون ، والذي يشمل قطاعات اجتماعية معينة ، حيث مثلا : كل وزارة أو بلدية أو أية مؤسسة تختص بتقيم خدماتها للمواطنين في مجالها الخاص . وهنا نتساءل : ماذا يعني السؤال : هدم المؤسسات ؟ أهو إلغاء لها كليا ؟ أم جزئيا ؟ ومن له مصلحة في ذلك ؟ من المستفيد من ذلك ؟ مالجدوى من ذلك لأي شخص كائنا من كان ؟ ومن الذي يؤذي تلك العناصر ويخربها ويفككها ؟ ومن حولها إلى مؤسسات تجسسية أمنية وعسكرية وإرهابية ؟ أوليس النظام الأسدي الديكتاتوري هو الذي يدير السلطة بأسلوب العصابة المارقة والمعادية لكل مقومات الحياة من حولها ؟
تلك إذن حالة غير محتملة في المثال السوري سوى من جهة النظام الذي يهدد بها ، ويتهم الثوار بأنهم يستهدفونها لتدميرها ، ولإدخال البلد في الفوضى وانعدام السلطة ، والحقيقة هي أن سلطة الأسد هي التي تهدد بهذا ، بل وتنفذ تهديدها بشراسة وحقد وحماقة بالغة . ومن مصلحة الثورة والثوار أن يحققوا العكس ، ألا وهو الحفاظ على مؤسسات السلطة والممتلكات العامة والخاصة ، والبنية التحتية التي دفعوا ثمنها طوال عقود من حكم الأسد الأناني السارق . من مصلحة الثوار أن يحافظوا على بنى السلطة ولكن ؟
11
ولكن :
تطهير الدولة ومؤسسة السلطة
المطلوب ثوريا هو تطهير البلاد والعباد من القابضين على السلطة من آل الأسد ومن يتبعهم ، المطلوب إذن : تحرير مؤسسات السلطة من سيطرة الديكتاتورية الأسدية التي أساءت استخدامها ، وشغلت آلياتها لتأمين مصالحها في السلب والنهب والسطو واستعباد المواطنين من سائر المكونات المجتمعية السورية . المطلوب ثوريا أيضا ، وبعد تحرير السلطة من يديرونها ، المطلوب إعادة هيكلتها : من كل الحيثيات البنيوية الديكتاتورية اللاشرعية واللاديمقراطية ، وإعادتها إلى سكة الشرعية الوطنية الديمقراطية ، لتؤدي وظيفتها ودورها في تحقيق الأمن والاستقرار والأمان والنمو وحماية المصالح الفردية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية للسوريين . المطلوب إعادة إنتاج وصياغة البنية التحتية التشريعية للسلطة لتلائم الواقع الديمقراطي الجديد الذي غيب لعقود خلت عن الحياة في سوريا . إن تصحيح جوهر ومسار السلطة لمصلحة الوطن والمواطن يتطلب تطهيرها من العناصر القيادية الفاسدة التي أساءت استخدامها ، وتعسفت في استخدامها ، واستغلتها لتمرير مصالحها الخاصة ، وجعلت منها مرتعا للرشوة والفساد والمحسوبية والفشل الإداري ، بل وحولتها إلى مايشبه المعسكرات الأمنية المعطلة لمصالح الناس بدل حلها .
تطهير الدولة ومؤسسات السلطة من الطبيعة الديكتاتورية والبيروقراطية هو الهدف والأسلوب الصحيح لإنقاذ الدولة الوطنية السورية ومؤسساتها من عبث العابثين من العصابات الأسدية التي حولت البلد إلى مزرعة خاصة لآل الأسد ومن يواليهم ويحابيهم فيما يفعلون ويفسدون .



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خازوق أطلسي لروسيا
- عن الطائفة العلوية أيضا
- الدولة العلوية الثانية ، و، ماهية الطائفة العلوية
- الأسد يهدم الدولة السورية
- سوريا : حرب النظام المجنونة
- الثورة السورية العظمى
- نهاية السلسلة الدورية للاستبداد
- الحكايتان الخامسة والسادسة من حكايات صاحب الجلالة
- الحكاية الرابعة من حكايات صاحب الجلالة
- الدكتور زهير غزاوي في ...
- الحكاية الثالثة من حكايات صاحب الجلالة
- الكاتب الفلسطيني طلعت سقيرق في :
- حامل الهوى تعب : قصة قصيرة
- من حكايات صاحب الجلالة : قصص
- المفهوم الملتبس للقوة المدنية السلمية
- الثورة السورية بين السلمية واللاسلمية
- سوريا : الجبهة الدولية المشتعلة
- حكايات صاحب الجلالة
- السلطة الأم: سلطة الشعب
- حتمية انتصار الثورة السورية


المزيد.....




- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - رياض خليل - سورية: بدء المرحلة الانتقالية وسد الفراغ في السلطة