غازي الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 20:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما كان المحتل الأمريكي المعتدي يقتل ويعتقل ويعذب المواطنين ويغتصبهم نساء ورجال كنا نبرر جرائمه لكونه عدو اجنبي حاقد وحاسد وطامع وغاشم وظالم ومحتل.
إلا أن العراق وللأسف الشديد شهد انتهاكات أكثر قسوة وبشاعة من تلك الانتهاكات التي جرت على أيدي المحتلين على أيدي من يحسبون عراقيون ومسلمون حسب ادعاء السياسيين وحسب ماتذكره المنظمات الدولية وتتداوله وسائل الإعلام أن ثبتت هذه المعلومات صحتها.
وهذا في الواقع يدمي القلوب ويحزنها أيما حزن لأنه يجري على أيدي الأخوة في الوطن والدين والرعاة ضد الرعية وهذه مصيبة كبرى مابعدها مصيبة وصفها احد شعرائنا ابلغ وصف بقوله : "وظلم ذوي القربى اشد مضاضة ... على القلب من وقع الحسام المهند".
وهذا إن صحت حقاً هذه المعلومات ولم تكن اتهامات للتسقيط السياسي فإنها تدل على إننا نعيش في ظل نظام حكم من أكثر الأنظمة دكتاتورية وبشاعة وقسوة وظلم كما يدل على أن أعضاء مجلس النواب لا تقف جريمتهم عند تقاضي عشرات الملايين شهرياً دون مقابل وهو مايعد جريمة سرقة مغطاة قانوناً ولا عند إهمالهم في أداء مهامهم الدستورية التي اقسموا بأغلظ الأيمان على القيام بها بل تمتد إلى التقصير المتعمد بحق الشعب والناخبين الذين وضعوا أمانة الشعب والوطن وشرف العراق والعراقيين بأعناقهم ووضعوا ثقتهم بهم وهو مايعد جريمة مابعدها جريمة لأنهم يحكمون باسم الشعب ويتمتعون بجميع الامتيازات التي يحلمون بها والصلاحيات التي يحتاجونها للقيام بواجباتهم على أكمل وجه وهذه ليست جريمة في نظر القانون فحسب بل من وجهة النظر الشرع والأخلاق.
إن المشكلة التي يعانيها الشعب العراقي هو اغتصاب سلطته من قبل السياسيين وكتابة دستور يوفر لهم الصلاحيات التي تمكنهم من منح أنفسهم أية منافع مهما كانت ويحميهم من أية مسائلة قانونية .. إذ لم يضعوا فيه أية صلاحية للشعب لمحاسبة ومعاقبة المهمل أو المقصر منهم وهكذا أصبح نظامنا السياسي اخطر نظام دكتاتوري لأنه ليس فيه من الديمقراطية سوى ما يوصل النواب إلى مركز الحكم ومصادر الثروة فأصبح نظام "دكتاتورية النواب" المغطى بغطاء ديمقراطي لإضفاء الشرعية القانونية الشعبية فحسب على توليهم هذه المناصب.
ولذلك فان أعداء الشعب العراقي الحقيقيين ليس الأجانب المحتلون والطامعون والحاقدون والحاسدون فهؤلاء نعدهم فايروسات أمراض خطيرة ولا نتوقع منهم غير الاعتداء علينا بل الأعداء الحقيقيين هم المحسوبين من العراقيين ويتحكمون بمقدراتنا ومصائرنا ولا نلقى منهم سوى ما نعيشه اليوم في العراق من انتهاكات وفقر ومرض ودمار وتراجع في كل مجالات الحياة في حين ينعمون هم وأفراد أسرهم وحتى حواشيهم وخدمهم بأرقى وأثرى حياة على حسابنا ونحن نعوم فوق بحر من النفط.
#غازي_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟