|
سوريا: لماذا لم تقع الحرب الأهلية؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 11:01
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كان من المتوقع، ومن خلال السيناريو الدموي المرسوم لسوريا، أن تقوم الطوائف ضد الطوائف، والمذاهب ضد المذاهب، والأعراق ضد الأعراق، والإثنيات ضد الإثنيات، وأن يتذابح الناس فيما بينهم، في بلد يغفو على فسيفساء عرقية، ودينية، إثنية، وترتكب المجازر الجماعية هنا وهناك ومن ثم يأتي السيد الغربي المنقذ المخلص أوباما، وأدواته ليحصدوا نتائج وثمار هذه "الحرب الأهلية"، التي روجوا لها في فترة ما، وفي حلقة، من حلقات السيناريو الشيطاني الجهنمي الرهيب.
ولكن وبكل أسف، وحسرة، ورغم الاستنفار الإعلامي لمئات المحطات التلفزيونية والأقلام المأجورة، وعمليات التهييج، والتحريض، والتأجيج المذهبي والعرقي والطائفي المبرمج وعلى مدار الساعة، لم تقع هذه الحرب الأهلية الموعودة، التي انتظرتها دوائر العدوان بفارغ الصبر، ونكاد نجزم أنها أصبحت من الماضي، لا بل إن بعضاً من أبناء البؤر "الثورية" والملتهبة المعروفة، وفي صفعة موجعة للسيناريو العدواني، وممن اضطرتهم جرائم بلاك ووتر بنسختها السورية المعروفة بجبهة النصرة، وظروف الحياة الصعبة في بؤر التوتر، قد توجهوا إلى مدن الساحل السوري، تحديداً، وغيرها من المدن السورية بالطبع، لكن للأمر مع سيناريو العدوان وحبكته رمزية خاصة، ليجدوا فيها الأمن والأمان والاستقرار، لهم ولأبنائهم، وليشكلوا جميعاً اسرة، وبيتاً، وخلية واحدة، في تلاحم وطني وشعبي، وأخوي عز نظيره في تاريخ البشرية والشعوب، وأظهرت مختلف مكونات الشعب السوري تعاطفاً ومواساة وتعاوناً فيما بينهم وتقديم السكن والطعام والشراب ومختلف الخدمات الأخرى بشكل مجاني. وسيناريو كوسوفو (وهناك كان يوجد جيش حر ويا للمصادفة الغريبة)، والهوتو والتوتسي، كما كان متوقعاً تكسـّر على شواطئ وشطآن المحبة والوطنية والأخوة السورية العظيمة، وفشل اللعب على كل تلك الأوتار، وتجاوز السوريون حلقة الحرب الأهلية، فانتقلت أطراف العدوان لتطنطن بهمروجة الأسلحة الكيماوية، و"أرغفة" الدم في مسرحيات "بايخة" وسمجة ومكشوفة للجميع. وها هي حلقات، وسيناريوهات العدوان تتحطم وتتداعي وتتفسخ وتنهار أمام وعي وذكاء وحصافة وفهم معظم السوريين لما حاق ببلدهم من مؤامرة وحرب قذرة تشنها هذه الدوائر السرطانية الإجرامية ضد وطنهم السوري الحر العظيم.
فلقد كان السوريون، وناهيك عن تعايشهم التاريخي وتساكنهم الأبدي وتسامحهم النوعي، يدركون، ويعرفون جيداً من يقوم بالعدوان عليهم، ومن الذي يقتلهم، ومن يمد بالسلاح، ومن يفبرك الأكاذيب ومن يصنع التيوبات، وأين، ومن أين يأتي المال، وكيف يدلف المقاتلون من تحت عباءة أوغلو وأردوغان، وكيف يذبح المرتزقة الوهابيون البرابرة الهمج الأوغاد عبدة المال السوريين من كافة المكونات، ويغتصبون النساء، ويختطفون والفتيات، ويطلبون الفدية والجزية وابتزاز الناس، ويقنصون الأطفال، ويدمرون المنشآت العامة، ومحطات الكهرباء، ويحرقون الدوائر الرسمية، ويسرقون القمح ويبيعونه في تركيا، ويحرقون المحصول الاستراتيجي من الأقطان، وكان السوريون يعرفون جنسيات "الثوار" المرتزقة من التوانسة والخلايجة والليبيين والأفغان والأفارقة والمصريين والباكستانيين والشيشان والبوسنيين والألبان...إلخ، وأستراليا والدول الاسكندنافية ومن جنسيات غربية(هل تصدقون؟)، كل هؤلاء يريدون جلب "الحرية الحمراء" المضرجة بالدماء للسوريين. ورأى أبناء سوريا ضباطاً ومراسلين صحفيين صهاينة يدخلون إلى سوريا لأول مرة بمعية "الثوار" وضيافتهم وتحت جناحهم وجناح أردوغان، وحمايته، وشاهدوا الأشكال الغريبة المريبة للقتلة والسفاحين الوهابيين في كل بؤر التوتر التي دخلوها وخربوها وأهلكوا الحرث والضرع فيها.
فهم الجميع اللعبة، وانفضحت المسألة وانكشفت الحبكة، ولم يكن من السهل الضحك على واستغفال وخداع المواطن السوري والالتفاف على عبقريته وذكائه وإعادته إلى عصور الانحطاط وإيقاظ الغرائزيات القبلية والعصبويات المذهبية لديه، فالسوري العظيم ابن الحضارات العريقة وضع كل هذه الآفات والأمراض وراء ظهره، ويعرف "البير وغطاه"، ومن الصعب جره إلى حروب أهلية بدائية تقضي عليه.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأكيداً لشتيمة مظفر النواب: خالد مشعل ينسب نفسه لقحبة بدوية
...
-
العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم
-
من هم هؤلاء القتلى؟
-
فظائع الوهابيين ضد الوهابيين: حرق جرذان الناتو في سوريا
-
الديموخراسية وربيع العرب
-
إلى وزير ما يسمى بالمصالحة الوطنية: تباً لمصالحتكم
-
لماذا لم أنشق؟
-
ثورات بلا ثوار...وربيع بلا أزهار
-
خبر عاجل: انهيار اسعار المواشي والنعاج
-
متى يتوقف أردوغان؟
-
مصر: ملهاة مرسي العياط
-
زين الهاربين بن مرسي
-
إسرائيل نمر من ورق ولكن أنتم أمة النعاج
-
إلى كهنة آل سعود: لماذا لا تحارب الملائكة في غزة؟
-
طوبى للشبيحة
-
النعاج
-
ربيع العرب: صراع الهمجيات الأصولية
-
حصة ثقافة قومية: غزوة بلاد الشام
-
خواطر متمردة
-
بالسكتة الكلينتونية: وفاة مجلس الكرازايات السوري
المزيد.....
-
الطريق إلى حيد الجزيل..نظرة على قرية تُشبه القصص الخيالية في
...
-
سعد الصغير يحال محبوسًا إلى محكمة الجنايات المختصة وتعليق من
...
-
الأردن تستلم جثمان منفذ عملية جسر الملك حسين ماهر الجازي بعد
...
-
بري يشير إلى تكتيك يتبعه الجيش الإسرائيلي مع لبنان
-
إحصائيات جديد تكشف إجمالي الطلاب الذين قتلوا في غزة منذ بداي
...
-
-ميتا- تشرع في تطبيق حظر محتوى RT من منصاتها
-
روسيا تطلق قمرا جديدا من أقمار Condor-FKA
-
-ناشيونال إنترست-: هاريس ستواجهة معضلة كبيرة إن وصلت للرئاسة
...
-
منظومة ليزر منسية لتطهير السماء الروسية من درونات FPV
-
الكرملين يوضح سبب زيادة تعداد القوات المسلحة الروسية
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|