أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - مسلمو الدنمارك وفن صناعة العنصرية















المزيد.....

مسلمو الدنمارك وفن صناعة العنصرية


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 3957 - 2012 / 12 / 30 - 15:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا تتزايد مستويات ومظاهر العنصرية ضد المهاجرين والمسلمين في الغرب بشكل مقلق بل ومخيف؟ هناك بطبيعة الحال جملة من الاسباب التي ربما اشبعت نقاشا منها ترسخ الخلفيات التاريخية المعبئة بنظرة إستعلاء الى الملونيين بشكل عام والى المسلمين على وجه التحديد, ومنها ازدياد قوة الاحزاب اليمينية في اوروبا والغرب عموما واستخدامها ورقة المهاجرين في المعارك الانتخابية والسياسية, ومنها تردي الاقتصاد العالمي ونقصان فرص العمل واشتداد التنافس, ومنها تسارع وتيرة الزيادة الديموغرافية عند المسلمين, ومنها ايضا بروز جماعات التعصب والارهاب التي تقوم بما تقوم بإسم الدين والاسلام وينعكس اجرامها على الجاليات المسلمة كلها وبرمتها. المقاربة العربية والاسلامية لمسألة العنصرية المتصاعدة في الغرب إزاء المسلمين يغلب عليها التشاكي ولوم الآخرين وتبرئة الذات وتمثل دور الضحية. وفي خضم التباكي على وضع مسلمي الغرب وما يواجهونه من عنصريات يتم التغاضي عن ممارستهم هم وطرائق حياتهم وانعزالهم عن المجتمعات التي يعيشون فيها وإزدارئهم لها بما يخلق في اوساطهم عقلية "الغيتو" الانفصالية المنقطعة عن المحيط. عقلية وحياة "الغيتو" الاسلامية في الغرب تتمثل في الدائرة الضيقة التي يعيش فيها كثير من المسلمين, حيث تعاملون مع بعضهم البعض فقط, سواء تجاريا, او اجتماعيا, او ثقافيا, ويرتادون نفس الاماكن (المطاعم, المساجد, الخ), وفي المساء يتسمرون امام الفضائيات العربية! معنى ذلك ان وجودهم الفيزيائي في لندن, او باريس, او برلين, او كوبنهاغن, او واشنطن لا يعني تماما حضورهم في المكان وارتباطهم العضوي به. غالبيتهم موجودون فيزيائيا لكن ثقافيا واجتماعيا وسياسيا منفصلين عنه تماما. هناك اقلية تحاول تفكيك هذا الغيتو الثقافي والاتصالي وتقوم بجهود جبارة من اجل ادماج الغالبية في الوسط العام وتحسين انماط علاقتها مع المجتمعات المضيفة, لكن جهودها تُقابل بممارسات وسلوكيات مضادة تحبط النتائج المرجوة.
في كوبنهاغن "ابدع" بعض المسلمين مؤخرا في اختلاق مشكلة من لاشيء سوف تُضاعف من مستويات العنصرية ضد الاسلام والمسلمين ليس في الدنمارك فحسب بل وفي اروروبا كلها. وعن هذا "الابداع" نشرت الحياة اللندنية بتاريخ 24 ديسمبر تقريرا مخيفا من مراسلها علي شرف في كوبنهاغن يقول التالي: "... في ضاحية كوكيدال التي تبعد 20 كم عن كوبنهاغن قطاع سكاني ضخم بني اساسا لذوي الدخل المحدود يدعى "إغيدالسفينغ". بدأ المهاجرون بالتوافد الى هذه الناحية منذ اواخر ستينات القرن الماضي, واذا كانت نسبتهم الى السكان الاصليين منذ عقدين 1 إلى 4, فإنهم يشكلون الآن ثلثي مجمل سكان الضاحية. وفي كل عام يتفق المسؤولون المحليون للمجمع السكاني, وهم بمثابة مجلس بلدي محلي, على تخصيص موازنة لإقامة شجرة ميلاد في ساحة الضاحية. لكن هذا العام لن يكون هناك شجرة لأن الغالبية الجديدة المتشكلة من المسلمين في المجلس البلدي اي خمسة اعضاء من اصل تسعة رفضت صرف المبالغ اللازمة لوضع الشجرة. الامر طبعا صدم الاعضاء الاخرين في المجلس ومعهم السكان الذين اعتادوا على هذا التقليد. والاغرب من هذا ان القرار جاء بعد ايام من الانتهاء من اقامة احتفالات عيد الاضحى التي وافق عليها المجلس بالإجماع وصرف المبالغ اللازمة لها. بعدها توالى الحديث عن ان السبب يعود الى غياب الاموال اللازمة بسبب صرفها على عيد الاضحى, لكن الصدمة جاءت اكبر حين رفض الاعضاء المسلمون مجددا مبادرة احد رجال الاعمال الذي اراد منح الضاحية شجرة عيد على نفقته الخاصة. وعلق احدهم بأنه كمسلم لا يرى سببا للإحتفال بعيد الميلاد والموضوع عنده ليس ماديا بل هو مبدئي"!
اي عقل بدائي وتدميري هذا الذي يقود اصحابه لإتخاذ مثل هذا الموقف الذي سوف يسعر من نيران العنصرية في الدنمارك ضد ازيد من مائتي الف مسلم هناك. هذا العقل هو الذي سيقود الى صراعات من نوع مختلف تماما في المستقبل القريب بين المسلمين في الغرب والمجتمعات المضيفة. وهذا العقل هو الذي يحتاج الى محاصرة وحجر بكونه ليس فقط مريضا لذاته بل ومؤثرا على الاخرين, إنه الذي يخرق السفينة بجهله وتفاهته فيُغرق الجميع. إن هذه الحادثة وهناك غيرها كثير هي ما يحتاج الى تأمل عميق من قبل المخلصين ثم العمل على نبش اسبابها ومعالجة جذورها. كيف يمكن إرجاع قرار قصير النظر وعنصري وغير تعايشي وغير تسامحي مثل حظر اقامة شجرة عيد الميلاد في بلدة في كوبنهاغن الى انه "مسألة مبدأ"؟ اين التسامح والتعايش والاقرار بدين الاخر واحترام "لكم دينكم ولي دين"؟
التعصب الذي يطفح الآن في المجتمعات العربية والاسلامية ويدمر كل ما هو جميل فيها ونراه الآن شوارع المدن المصرية والتونسية والليبية وغيرها, يتغلغل ايضا في الجاليات المسلمة في الغرب وسوف يعمل على ادخالها في معارك دموية مع مجتمعاتها. هذا التعصب الذي سوف يحدد مصير مئات الملايين هو الذي يجب ان يُفكر فيه وتُعقد من اجله القمم الرئاسية وتنفق من اجل معالجته المليارات. إنه اكثر خطرا من السلاح النووي على مجتمعاتنا. إن كثيرا من الجهود والاموال التي تُنفق حاليا على "تحسين صورة المسلمين" لا طائل من ورائها طالما بقيت اجزاء كبيرة من "الاصل" مشوهة ابتداء. ما يجب تحسينه هو الاصل وبعد ذلك تتحسن الصورة تلقائيا ويصبح من الصعب تخليق صورة مشوهة من الصفر. مثلا ما هي الصورة التي سوف ينقلها الاعلام عن حفنة هؤلاء المتعصبين في البلدة الدنماركية الذين يخصصون الاموال للاحتفال بعيد الاضحى ويحرمون بقية السكان من الاحتفال بعيد الميلاد؟ اين سيحدث التشويه, وهل هناك اصلا حاجة لأي تشويه في حين ان الاصل نفسه بشع وتافه؟ واين هو الفارق بين تشوية الصورة والاصل المشوه عندما يريد الاعلام ان يغطي مطالبات بعض السلفيين في مصر بأن يتم شطب الحد الادنى لزواج الانثى حتى يتسنى لهم الزواج من القاصرات؟ اذا كان بإمكان المجتمعات العربية والمسلمة, ولو بصعوبة بالغة, انتاج آليات خاصة بها تستطيع ان تحتوي او توقف ما تقوم به جماعات التعصب الديني وتقليل منعكساته, فإن الجاليات المسلمة في الغرب لا يمكنها القيام بذلك لأنها ليست هي المجتمع العريض وليس لديها العمق الكافي لإمتصاص ذلك التعصب. هناك خطر محدق بتلك الجاليات وهو خطر آت من الداخل ويستدعي الجميع للتدخل قبل فوات الآوان.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عين إيران على الأردن، فأين الخليج؟
- عنف اللغة... ولغة العنف!
- متى سيهرب السفير الروسي من دمشق؟
- مشعل في غزة: تكريس المصالحة
- مآزق الأيديولوجيات الأممية
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة التنظيمية (3)
- -دسْترة- الشريعة... ضرورة أم ذريعة؟!
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة الإقليمية والدولية (2)
- حل «جماعة الإخوان المسلمين»: الضرورة الوطنية (1)
- -ملالا- إيقونة الحرية... تهزم -طالبان--!
- الإسلاميون والحكم: الانحياز للماضي أو الانفتاح على المستقبل
- الإسلاميون والانزياح المخيف
- فيلم تافه وتطرف مرعب
- الدستور المصري الجديد بين الدولة المدنية والدولة الدينية
- ثقافة الدم... -الأسدية- نموذجاً
- العلمانية والمواطنة... والخيار البديل
- سيناء: ضرورة تعديل المنظومة الأمنية
- -حزب الله- وإضاعة الفرصة
- خالد الحروب - كاتب وباحث أكاديمي / مدير مشروع الاعلام العربي ...
- إعلان قطاع غزة -محرراً-: خطوة في المجهول!


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - مسلمو الدنمارك وفن صناعة العنصرية