أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - وفاء كلب














المزيد.....

وفاء كلب


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 3956 - 2012 / 12 / 29 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


شعر بصداع مفاجئ حاد يسري في رأسه . وتقلص شديد في أعلى صلعته .ارتبكت خطواته عند ولوجه المكتب فتعثر ثم هوى على الأرض و تناثرت أوراقه التي كان يحملها تحت إبطه على البساط الناعم القديم... لم يعد يتذكر موضوع مسودته الأخيرة التي أعدها على عجل لأجل النشر في الجريدة . تمددت جثته على الأرض وعيناه الواسعتان مسمرتان في السقف الأبيض الناصع . حيث لا يكف السقف عن اللف والدوران السريع ولا تفارقه صورة كلبه المدلل ....الصورة الوحيدة الذي لازمته لحظة السقوط . أحس بمزيد من الحزن العميق ولم يعد قادرا على التدكر هل ناوله طعامه الشهي دلك الصباح أم تركه للجوع والعطش ينهشانه نهشا ....تناسلت في مخيلته المنهارة تفاصيل دكريات بعيدة على شكل ومضات خاطفة متلاحقة عن فترات من عهود قديمة .. شيء منها عن الاحتلال الهمجي
عن اللجوء السياسي
عن تصدع الوحدة
عن أزمات التنظيمات القومية
عن انتهازية و نفاق الرفاق القدامى
اخدت دقا ت قلبه في الخفوت وأنفاسه تتثا قل وتتباطأ وصفير حاد يحتل أدنيه لا يكاد يتوقف ... أصبحت الأصوات كلها عنده متساوية متشابهة لافرق بين حشرجة قلم ولعلعة رصاص ونباح كلبه الوفي ....في دهنه صور تتزاحم تطارده بلا هوادة تريد الخروج دفعة واحدة زوجته وحبيبة قلبه والغالية عنده لايفارقها القلق والخوف الدائم على مستقبل الأسرة الصغيرة لا توافقه على مواقفه الثابتة في مجتمع تراه يتحول باستمرار ورفاق الأمس غيروا حتى من ربطات اعناقهم وأشكال لباسهم وتسلقوا السلم الاجتماعي خلسة منه ... منهم الوزراء والقادة وصفوة القوم .
طواحين الذكريات تتوقف هنيهة لتترك للسقف الجاثم على أنفاسه الضاحك بياضه فرصة العودة الى اللف والدوران ولا احد في المكتب سيعينه على النهوض على قدميه لمواصلة المسيرة الفاشلة لأجل إتمام صياغة مقالاته النارية التي لم تنته بعد .. حتى الشاويش الأبله قد رحل مند فترة ومعظم الموظفين انشغلوا عن الجريدة بالتظاهر في الساحات والأزقة وتركوا له الجمل بما حمل ....أما القراء ..اه فقد قل اهتمامهم مند زمان بما ينشره ..
كل شيء تغير حوله والأشياء فقدت بريقها الأول ولم تعد كما كانت عليه لكنه ظل كما كان ... وبقي صامدا على ما هوعليه مقتنعا بصلابة مواقفه راضيا بمصيره الذي لم يعد يشاركه فيه احد .. يرى الناس جل الناس متامرين وانتهازيين بل سماسرة ..... واندال تجرؤوا على بيع الوطن
تنتشر في المكان موسيقى رهيبة تنبعث من دلك السقف الأبيض البارد الجاثم على أنفاسه . تدب بالتدريج في جسده البارد و تداعب قلبه المضرب عن الخفقان وتغشى عيناه الثابتة مسحة ماء ...أوراقه المتناثرة لا تزال راضية قابعة بأمكنتها تنتظر المجهول ... تزين الصورة بلمسة حزن عميق يزيدها رونقا فريدا لاوجود له الا على جلد كلبه الأسود المنقط بالبياض الناصع الجميل
انتصبت أدناه وزم دنبه القصير بين فخديه ثم ارتعد جسده بقوة فوتب يفتش عن شيء محدد . كأنه سمع مناديا من السماء يندره بمصاب جلل ... عبر الشارع راكضا في اتجاه واحد ... غير مبال بمطاردات الصغار ونفير السيارات المسرعة .... يركض يركض تم يركض صاعدا درج العمارة ونباحه يعلو المكان .

حضر الجيران فوجدوا الجثة هامدة لا تزال ممدة على البساط الناعم للمكتب وكلبه الوفي يجثم على صدره الواسع يلهث بعسر . وعيناه غارقتان في الدمع ...وبمشقة تمكنوا من إبعاده عن الجثة حاولوا عبثا انقاده لكنه انتهى دون انهاء مقالاته النارية و حتى دون توديع كلبه ...الدي تخلص بسرعة من ارتباكه .. تجول في جنبات المكتب .. تبول على اوراق صاحبه المثناترة هناك .. بللها كلها .. ثم تغوط بمهله على الالة الكاتبة ... وغادر المكتب وهو في غاية الزهو والكبرياء ....

----------------------------------------------------------------------------------
09/02/2012



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انه يبيع القمع
- يوم طار حمام 20 فبراير
- راعي الكلام
- البهلوان


المزيد.....




- وفاة عملاق الموسيقى الأمريكي كوينسي جونز عن عمر يناهز 91 عام ...
- شيماء سيف: كشف زوج فنانة مصرية عن سبب عدم إنجابهما يلقى إشاد ...
- فيلم -هنا-.. رحلة في الزمان عبر زاوية واحدة
- اختفى فجأة.. لحظة سقوط المغني كريس مارتن بفجوة على المسرح أث ...
- رحيل عملاق الموسيقى الأمريكي كوينسي جونز عن 91 عاماً
- وفاة كوينسي جونز.. عملاق الموسيقى وأيقونة الترفيه عن عمر 91 ...
- إصابة فنانة مصرية بـ-شلل في المعدة-بسبب حقن التخسيس
- تابع الان مسلسل صلاح الدين الأيوبي مترجمة للعربية على قناة ا ...
- قصيدة عامية مصرية (تباريح)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- الكاتب الجزائري الفرنسي كمال داود يفوز بجائزة غونكور الأدبية ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - وفاء كلب