أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - من أين سيأتي المستقبل ؟














المزيد.....

من أين سيأتي المستقبل ؟


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3956 - 2012 / 12 / 29 - 22:22
المحور: كتابات ساخرة
    



حينما كنت صغيرا يا صديقي ..كانت أمّك تردّد على مسامعك كل صباح " اقرأ على روحك يا وليدي باش تعمل مستقبل ".... كانت تضرم كل النيران تحت الطوابين كي تهيّئك لخبزة المستقبل ..و حينما صرت شابّا يافعا اشتعلت في قلبك شهوة الحلم بمستقبل أفضل و بغد آخر لناظره لقريب ..و حينما صرت كبيرا ثرت مع الثائرين على الماضي الحزين واضرمت الحرائق في كل الأصنام البائدة و قلت " هاهي ثورتي جاءت لتخترع لي المستقبل " ..كنت تحلم يومها مع أبناء بلدتك القصرين أو تالة أو سليانة أو القيروان أو قرقنة أو تطاوين بأنّ عهد الاستبداد قد انتهى و صار ماضيا و بأنّ المستقبل آت لا محالة و في يديه خبز و حرية و كرامة وطنية ..و حينما صدّقت نفسك ذات صيف و أتقنت الاصطفاف جيّدا في الطوابير خلت للحظة أنّ هذا الصندوق الواقف في صمت يبتلع كل صوت انما جاء الى هنا من أجل اختراع المستقبل ..و مرّت الأيّام ..و جاء الصيف ثمّ مضى و جاء الخريف ثمّ مضى وجاء الشتاء .و.سيجيء الربيع ..كل شيء صار له طعم آخر ..تبدّلت الألوان ..و تبدّلت الشاشات و كثر الضجيج الأزرق و العويل الرمادي و أعلام السواد و اعلام العار و الدمار و الضحك على غلاء الأسعار ..
ها أنت حيثما أنت تسألني ثانية " أين المستقبل ؟ ماله لا يقبل علينا ؟ و هل علينا انتظاره حيثما نحن أم علينا الذهاب اليه و استقباله ؟ و من أيّة جهة تُراه سيطلّ علينا ؟ من الخلف أم من اليسار أم من اليمين ؟ أم أنّ هذه الأضحوكة العابثة هي المستقبل ؟ "
و أشفق عليك يا صديقي من ثقل هذه الأسئلة القاتلة ..و أخاف أن أنبس ببنت شفة في وجهك الذي أثقلته الصفوف و الاعتصامات و لجان التشغيل التي لا تشغّل غير أعضائها المشغولين بعدُ ..المستقبل ..هل ثمّة مستقبل في انتظارنا ؟ و ماذا لو كان المستقبل قد مرّ بعدُ و لم نحسن اللحاق به ؟ فالتاريخ لا يرحم النائمين .و لا يمنح الشعوب غير فرصة واحدة ..و أشعر في باطني بأنّ أرواحا كسولة ترقد بين أضلعنا ..و أخجل مكان كل من عليه أن يخجل و لم يفعل الى الآن ..خجل من الماضي الذي أرهقناه برسوبنا الطويل فيه ..خجل من الحاضر الذي لم نتقن الاقامة فيه و خجل من مستقبل لم نهيّء له من الارادة ما يكفي ..نظرت في وجهك البطّال و اعتذرت في صمت عن كل صمت ..هل أبطأ المستقبل في المجيء الينا ..هل أصابه عطب تاريخي ..أم أنّ أرواحنا المنهوكة بالماضي بكلّ أشكاله، هي التي تجمّد الزمن و تعطّل سيرنا نحو المستقبل ؟
ستسألني ثانية رغم أنّي خيّبت آمالك في المرّة الأولى " لماذا يتمسّكون بالماضي في كل مرّة ؟ أليس ثمّة مستقبل آخر غير الماضي ؟ " سأهمّ باجابتك دون أن أكون على يقين ممّ سأقوله " لا تبتئس يا صديقي البطّال ..لقد صرنا بارعين في السقوط الى الأسفل جدّا ..أشباح تائهة نعبث بأحلامنا و بجوعنا المؤبّد ..مسعورين بالجذور نزرعها ثانية و نؤثث الصحاري حيثما نبني الحكومات و السياسات ..حياتنا حفر مستمرّ في الصخور و فلاحة لاراضي مرهقة بسماد قديم .."
لكنّك لن تصمت و تعيد عليّ كلامي قائلا :" اذن هل أنّ الحلم بالمستقبل حلال أم حرام ؟فقد كثر التراشق هذه الأيّام بين جماعة الضرب بالرشّ و جماعة الرشق بالحجارة ..أيّهما سيفتح في وجوهنا المستقبل ؟ " سأجيبك واثقا من نفسي هذه المرّة " ربي يسهّل و ربّي يفرّج و ربّي ينوب " اجابة كسولة أعددناها لك خصّيصا..و ذاك هو المستقبل ..اشرب و الاّ كسّر غرنك .. و في كلّ الحالات سنصوغ قانونا للمستقبل و نحفظه بين أيادي لجنة الماضي فهي أدرى بمكره و أكثر شهوة لالتهامه ..و ان شئت بوسعك أن تنضمّ معنا الى منتدى المستقبل ..سنوفّر لكم ملاهي ليلية و خمّارات ..كي تفقدوا الشرعية كلما سقط أحدكم جريحا وهو في حالة خمرية ..
ستغضب منّي يا صديقي ..و ستصيح في وجهي قائلا :" أنت أيضا يا ثقفوت الديمقراطية تعبث بأحلامي البهية ..لن أحلم بالمستقبل ثانية مخافة أن تلعب به أيادي الطهّار و الدجّال والسمسار ..سأتزوّج و أنجب أطفالا ..و أودع حلمي بين قلوبهم ..سيكون ثمّة مستقبل ..سأخبّئه عنكم هذه المرّة بين أنامل أطفالي ..لن ترضيهم هذي اللجان و لا عصا الجلاّد .. و لا فظاعة السجّان ..سيضحكون من كل كذّاب و سيرقصون مع كل شمس ، و سيترعرع الورد في كل بستان ..
انصرف عنّي صديقي يبحث له عن زوجة المستقبل قبل أن تستفحل به العنوسة .. هي عنوسة طالت به لكنّها ستمضي .. و تُهت أنا في ذاكرتي الفلسفية التي علّمتني أنّ الزمن ليس خطّا مستقيما و أن المستقبل لا يوجد بعيدا عن بسماتنا و عن كتاباتنا وعن صرخاتنا ضدّ التجويع و المحقرانية ..المستقبل هو كلّ الأصوات التي تغنّي من أجل عدالة الخبز و الحرية .. ..



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعلان زواج ..ثور مثقف يبحث عن ثورة مناسبة ..
- جائزة ملوك البريطان الى ثيران العربان ..
- تجمّع أسمائها و تصلّي ...
- صمت قليل يكفينا كي نموت معا ..
- و االعَوَرُ من مأتاه لا يُستغرب ..
- عودة الخرافة و بؤس السياسة ..
- الاه من الحلوى ..
- عطور اسلامية في زجاجات سلفية ؟
- يقتاتون من المزابل ..و الحكومة تحتفل ..
- علاليش علمانية تبحث عن أعيادها ...
- و... تضحكين...
- من هم الفاسدون ؟؟؟
- كلمات كاريكاتورية للمسّ بالمدنّسات ...
- الدلالة الفلسفية لمفهوم المواطنة ..
- هل نحن مواطنون ؟
- ما هي مقدّسات الحكومة ؟؟؟
- انتدبوهم للموت غرقا ...
- و تبكي السماء ..
- كم ثمن هذا الموت غرقا ؟..
- الحلزون يلحس لُعابه و يتكلّس ؟؟؟


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - من أين سيأتي المستقبل ؟