أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ابوالقاسم المشاي - مجتمع المعلومات/ بين الشفافية والمراقبة!!















المزيد.....

مجتمع المعلومات/ بين الشفافية والمراقبة!!


ابوالقاسم المشاي

الحوار المتمدن-العدد: 1142 - 2005 / 3 / 20 - 13:47
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


(1)
في عصر التدفق المعلوماتي الحر ، والانتصارات المتلاحقة التي تحققها الأسواق العدية ، نتاج لنمو الشبكات العالمية ( العنكبوتية ) والخصخصة الشاملة التي تطال مختلف أشكال وأنماط وآليات عمل المؤسسات على مستويات الدول المحلية النامية والمتطورة، وعلى مستويات فوق ـ دولية..، والتوجهات الجديدة من أجل خلق وصناعة مناخات تتفق وتنسجم وتنسحب عليها اشتراطات عصر المعلومات وعبر أشكال حضور مختلفة ومتعددة ومتشابكة تشكل وتصيغ الوسائط الإعلامية المتنوعة وشبكات الاتصال المختلفة مسارات حركتها وتوجيهها سواء على مستوى حرية التدفق السلعي وحرية تنقل رؤوس الأموال وهجرة العقول والعمالة وعلى مستوى تحرك أنساق ثقافية واجتماعية وتصورات وبنى مفاهيمية هي الأخرى تشكل نقطة انعطاف حيوية على مستوى صناعة وخلق ما يسمى بمجتمع المعلومات كحلقة أولى.
(2)

الخيارات والمواجهات والإخفاقات كثيرة وعلى مساحات واسعة ويتحدد بناءً عليها جملة من المرتكزات والتي تشترطها سياسة المعلومات وتنميتها والاستفادة منها في تحقيق التنمية الشاملة : توفر واستخدام المعلومات وتوزيعها ومراقبتها والوصول إليها يدفع بنا إلى آلية عملها وفعاليتها ونجاحها وفقاً لاشتراطاتها البنيوية ( حقوق الملكية، الرقابة )، والقيود المفروضة أو الممكن فرضها على المعلومات تقودنا إلى أي المعلومات : الممكن أو المحتمل إخضاعها لقوانين المراقبة أو الحماية أو المنع أو تسهيل الحصول عليها وإجازة استخدامها وتوطينها من أجل تحقيق التنمية وحسب ما يذهب إليه تقرير التنمية الإنسانية العربية 2002 (( التنمية الإنسانية لا تقتصر على الجانب المادي فقط بل تتعداه إلى تعزيز الخيارات الإنسانية مما يمكن الناس من توسيع قدراتهم ، فتتاح لهم أحسن الفرص لاستخدامها .. وعلى كل حال فإن التنمية الإنسانية لا تسعى إلى الزيادة في القدرات والفرص فحسب بل تسعى إلى ضمان التوازن بينهما.. )).

وإذا كانت المعلومات تشكل عصب وجوهرة التنمية في مرحلة العولمة وما بعدها ، فإن (( أي تنمية تكنولوجية منزوعة من سياق مجتمعها وثقافته هي تنمية بلا روح )) حسب ما يذهب إليه لورد س أريز مدير عام مساعد لشؤون الثقافة ـ اليونسكو، وعلى أساس أن مختلف التطبيقات الاقتصادية والتجارية والمالية والإدارية والشؤون الاجتماعية والصناعية.. ، تعتمد على التقنية المعلوماتية ومدى تنميتها ، بالتالي صارت الثقافة هي المتحكم والدافع لهذه التطبيقات كما أن ضغط المطالب الفنية المعقدة والقاسية والسريعة التبدل، عبر أجيال الحواسيب المختلفة والبرمجيات المتعددة والمركبة، لكن لعبة العمل والسوق وتسهيل تنظيم المجتمعات هي ذاتها رهينة استيعاب تقنية المعلومات وتنميتها ، وهذا يدعونا إلى التساؤل :
هل الثقافة رهينة للتطور التقني المعلوماتي أم التقنية رهينة للثقافة وتفاعلاتها الاجتماعية ؟!



(3)

تآكل السلطة ومؤسساتها التقليدية يهدد ويحدد نظم الرقابة التي صاغت نمط الحياة وتكيفها وتفعيل آليات عمل السلطة الرقابية وغيرها من أشكال حضور السلطة.. ، ومثل ما نعترف هنا بعدم المقدرة على الإلمام بكل المفاهيم والتوجهات التي تنتجها العولمة المعلوماتية وتدفقاتها الكثيفة والسريعة الفائقة التعقيد.. فإننا سنحاول عرض فعاليات عمل المعلوماتية بين مجتمع الشفافية... مجتمع المراقبة .

وكما يذهب فيكتور ماير في ضوء تحليله لعولمة الاتصالات والمعلومات : ( إن نتائج ثورة الاتصالات هذه عميقة بقدر ما هي معقدة . وسوف تشعر جميع المجتمعات المتأثرة ببعض أهم هذه النتائج، مع حكومات مجبرة على التفاعل معها . وهي تراوح من الاعتماد على البنى التحتية للشبكة من أجل النمو الاجتماعي والرفاه إلى التغيرات في النظام الاقتصادي العالمي، ومن نتائج للحكم المحلي إلى تحولات القوى الكامنة في الشؤون العالمية ).

وبما أنه لا توجد تكنولوجيا محايدة ومحددة فإنه لا توجد تكنولوجيا تخص مجتمع دون غيره، وهكذا فإن انتشار تكنولوجيا المعلومات باعتبارها الركيزة والأساس لعمليات التنمية المختلفة، وباعتبارها القاعدة المركزية ومحرك التقدم في عصر العولمة وما بعدها ، وبالتالي سيساهم انتشار تكنولوجيا المعلومات وانصهارها وتداخلها في حياة المجتمعات كأساس بنيوي وحيوي، ويجعل من المعرفة أهم أسس السلطة وأبرز عوامل الترابط والتضامن الاجتماعي والاستقرار والتقدم التنموي والرفاهية. ، كما (( إن غياب المعرفة ونفيها وتعتيم المعلومات وتكميمها سيقودان إلى تفكك المجتمع وانهياره )) كما يذهب إلى ذلك عديد المفكرين.

(4)

سهولة المراقبة وتعقدها كنتاج لتطور تقنية المعلومات وهي وسائط قادرة على تخطي وتجاوز الحدود الجغرافية والدولية ـ وبالتالي سهولتها على رصد خصوصية المواطنية في أي مكان / المراقبة التقنية التي وفرتها شبكات الاتصالات المتشعبة والمتشابكة ( هواتف ـ انترنت) ساهمت في سرعة وزيادة حجم تجميع البيانات وتبادلها بسهولة فائقة / بل أصبحت تتجاوز قوانين ومواثيق الحماية الفكرية والأدبية والأخلاقية وانتهاك الخصوصية الفردية ، ومن رؤية مغايرة فهي ترصد اهتمامات الناس وحركتهم وعلاقاتهم وخصوصياتهم الثقافية الانتربولوجية لاستخدامها وبيعها للشركات التجارية والتسويقية وفق ما يلائم ظروف ورغبات كل مجتمع أو كل فرد... (( وانتهاك حق الخصوصية يتبعه بالضرورة ضياع كثير من الحقوق الأخرى ..)) وبالتالي سيزداد الصراع ويولد عنفاً على مستويات اجتماعية مختلفة ( بين أنصار الخصوصية ـ ودعاة الشفافية ) وهو صراع يتجاوز ما تقدمه تقنية المعلومات من معارف ضرورية للتنمية البشرية( سياسية، اقتصادية، اجتماعية ،... )، وعلى اعتبار أن المعرفة قوة فسيكون الصراع قوياً بين الشفافية والخصوصية وبين المراقبة والحرية الفردية / كما أن الشفافية سوف تكرس لظهور أنماط وأساليب جديدة لانتهاك الحرية الفردية والتمادي في تجميع المعلومات والبيانات لمزيد من السيطرة على حياة وسلوك وتحركات الأفراد .. ( وبين الكفاءة والمصداقية ، والحقوق والواجبات .. )، / تختفي الرقابة تحت الشفافية وتندس المعاقبة تحت الخصوصية وتذبل الديمقراطية وتندثر تحت سياق الجشع والرفاهية .



(5)

الابتزاز والتشويه والتحكم والمراقبة والمطاردة والانتهاك للخصوصيات سوف تشكل ملامح المرحلة الجديدة ( للعولمة )، وعلى حد ما يذهب إلى ذلك المفكر الاجتماعي ( جيرمي بنتام ) إذ يطلق على مجتمع المراقبة الشاملة (( البانو تبيكون )) أي مجتمع السجن الكبير الخاضع لمراقبة دقيقة ومتواصلة وشاملة / ويؤكد على ذلك ما يذهب إليه ديفيد ليون في كتابه ( العين الإلكترونية وقيام مجتمع المراقبة)، كما أن تصورات ( جورج أوريل ) التي سبقت ذلك والتي ضمنها لروايته الشهيرة ( الأخ الكبير ) تصيغ ملامح مجتمع المراقبة ـ ومن جانب أخر سوف يكفل هذا التطور المذهل في الوسائط الإعلامية وتقنية المعلومات الكشف عن جوانب هامة ومثيرة في حياة الناس ويوفر لهم الفرصة لقول ما لم يستطيعوا قوله في الماضي... ذلك أن الوسائط الجديدة تسمح بذلك وعبر منابرها المتنوعة والمتعددة ـ وسوف يكشف التطور التقني في وسائط الاتصالات السمعية والبصرية عن الفعالية الفردية والذكاء الفردي الذي ظل محاصراً ومهدداً ومقموعاً ومكبلاً ... ، تختلط المفاهيم والرؤى والتصورات والمؤديات التي يسعى مجتمع الشفافية إلى تحقيقها عبر هندسيات المعرفة المعلوماتية والاتصالية العالية الكفاءة!!



(6)
إساءة الاستخدام تعتبر من الإشكاليات الكبرى أمام المؤسسات المختلفة ولكنها من زاوية رصد مختلفة تشكل قوة اجتماعية تآلفية.. ونحن هنا لا نتناول إشكالية المعلوماتية في إطار الفكر ما بعد ـ حدا ثوي وخطابه المدجج بمفاهيم (( التوهم الديجيتالي ـ الديمقراطية الرقمية ـ الذكاء الصناعي ـ الذكاء الإنسانالي ـ البارا كود ـ البايوتقني ـ ... الخ )) وأمام العوارض والإنزلاقات وخلف واجهات ( عصر الزجاج)، وبين اشتباكات المعلوماتية العنكبوتية..، تختفي المنهجيات السابقة التي صاغت أرضية الحراك المجتمعي ( السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وصاغت وجودها الحضاري ) لأزمنة ولكنها تبهت وتذبل وتختفي وتصب المفاهيم الجديدة في التفكير ويعاد إخصاب الفكر بمفاهيم جديدة وأكثر انفتاحاً من جانب ولكنها أكثر انغلاقاً من الجهة المقابلة ( لانعدام المعرفة)، لعله فيليب تايلور في كتابه ( قصف العقول)، أن الأزمة الفكرية التي تعصف بمرحلة( ما بعد - الحداثة)، مع غياب الحوار والتواصل سوف يفاقم من ( أزمة العصر)، وسيزداد الإنسان اغتراباً أمام اكتساح أنماط وأدوات جديدة مذهلة وأكثر تقانة وتعقيداً. ومابين بين الشفافية والعتمة يتم استلاب العقل ـ اللغة ـ الثقافة ـ الخصوصية ، ويحتد النزاع لصالح (الآلة الفكرية ـ الآلة المفكرة) وتتحول الصياغات الحالية المعرفة من أجل التقنية إلى التقنية من أجل التقنية)



#ابوالقاسم_المشاي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربات الكونية الجديدة / الارهاب الديجيتالي .. وهيمنة دولة ...
- نون الصدفة .. أنثى الاشتباه
- التنمية وحقوق الانسان / بين الفشل المؤسساتي والوعي الاجتماعي
- نزيف الطمأنينة / الرهق الاول
- نستولوجيا الكينونة والكتابة على الجسد
- رماد السلطة ... الجنازة المحترقة
- أزمة النص: خضوع الكتابة... غياب القارئ
- أبدية اللغة : نص التوهمي ... وتضاريس الكتابة !!
- زغب الحنين
- أ مكنة لكينونة المكان !!
- بيان الفقراء... في مواجهة الليبرالية الجديدة - القراءة الثال ...
- صورة جانبية للأوكسجين ذاكرة لمخالب الحواس
- انثروبيا السلطة - مأزق الديمقراطية
- شوزفرينيا التاريخ وبكتيريا اللغة !
- تحولات الخطاب ... صراع التأويلات قرأة في مفهوم التجاوز - جزء ...
- استنساخ الايديو - الثقافي ورهانات ما بعد العولمة


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ابوالقاسم المشاي - مجتمع المعلومات/ بين الشفافية والمراقبة!!