ناهد نصر
الحوار المتمدن-العدد: 3953 - 2012 / 12 / 26 - 20:23
المحور:
الادب والفن
الولد والبنت في مكتب التأشيرات
بينهما جدار،
واذرع
وأقلام
ولوحات مفاتيح
وابتسامات آلية،
وعظامنا مصلوبة هاهنا،
نتأمل عزلتهم،
عزلتنا،
لتمضية الوقت في انتظار اللحظة الرهيبة،
ترى
أينا يعذب الآخر.
البنت لا تسلم،
تمد درجا مزروعا في الجدار
يتحين ابتلاع كفك،
ذراعها درج معدني،
هى لا تلمس صوتك،
بل تفتش بهمة في بقاياه العالقة بالحاجز الزجاجي،
علها تكشف كذبة ما تقودها للحقيقة،
حقيقتك،
أنت الهارب لعصافيرها
وغيومها
ونهرها
وحبات قرنفلها
وطريقها اليومي.
الولد والبنت يجبران البلاد أن ترتدي درعا واقيا من العواطف،
وقناعاً من حياد،
كي لا تشتهيها كحلم طازج
أو ابنة عم بعيدة
أو قوس قزح في الخيال.
شاب بالجوار يتسلى بالكلام،
عن عالم بلا ابتسامات.
يقول،
الناس هناك بعضلات فكين مستقيمة كسطر،
لكننا نبتسم،
فيعرفوننا،
الحياة صعبة.
يقول،
ويلعن قهوة الصباح ،
والسفارات الخالية من القهوة.
أمام الشباك الزجاجي
عامل سفن نجا من التنطع فوق الأسطح الترابية،
مع ذلك يعذبه اضطراره للشرح بلا توقف
"ما حاجتي لتأشيرة، أنا الهائم على وجه الماء في رحمة الريح"
وسارة ذات العشرين وكسور،
لا تتوقف عن تأمل صورته،
والدها
الغائب كالحرمان في البلاد البعيدة،
ما الذي يشبعها ابدآ من الجوع لأب،
هل تكفي زيارة،
تبتسم في خجل
"بابا روحه حلوة، هو معنا دائما، على الهاتف"
ثم تضحك
ضحكة الهارب توا من نافورة بكاء طازج،
تغير الموضوع،
وتواصل مثلنا
الانتظار.
اجتياح الوقت للجسد هائل كحرب،
يحفر ثقوب غائرة،
في اللحم والعظام،
اكتشاف وحدتك مذهل
ومثير للاعتياد
أن تحل البرودة في الدفء
حالة قارصة عصية على الثرثرة
آه يا اله الانتظار
لو فقط نفهم حكمتك
لارتحنا من العناء.
18 ديسمبر 2012
#ناهد_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟