بغداد مدينة منكوبة

طه رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3953 - 2012 / 12 / 26 - 15:06
المحور: المجتمع المدني
    

يا ويلي على بغداد، انها مدينة منكوبة بحق وهي تستغيثكم ، لا تترددوا ان تضعوا اسمها بجانب اسماء المدن المنكوبة في الهند او بنغلاديش او افغانستان او جزر سومطرة او اليابان ..لقد ضربها تسونامي محرم في الخامس والعشرين من شهر كانون الاول ، تسونامي عراقي بإمتياز ،دون رياح عاتية او زوابع رعدية ..هذا التسونامي كان عبارة عن امطار تساقطت بشكل متواصل من الثانية عشرة ظهرا الى الثانية عشرة ليلا .. امطار متواصلة صحيح الا انها لم تكن قوية للدرجة التي وصلت اليها احوال المدينة .
لقد اغرقت هذه الامطار شوارع المدينة، ربما نستثني شارع ابو نؤاس، لانه عصي على الغرق والنسيان ،اما ما تبقى من الرصافة فقد ابتلعتها مياه الامطار والمجاري : الكرادة داخل ،كهرمانة ،الاندلس ، شارع اتحاد الادباء ، شارع ملعب الشعب حتى تصل الى البلديات ، اما اذا دخلت في شوارع حي اور والبنوك والشعب فحدث ولا حرج ، ولا اريد التحدث عن " المدينةّ" ، التي تفقد اسمها في كل انقلاب، مدينة الثورة ، مدينة صدام ، مدينة الصدر والله يعلم ماذا سيصبح، حتى يومنا هذا .
اتصلوا بي اهلي ليستفسروا عن وجودي، بعد ان تعدت الساعة الثامنة مساء، فقلت لهم انني لست بعيدا عن البيت الا ان كثرة المياه في الشوارع تمنع السيارات من الانطلاق بحريتها، فنصحوني ان اعود ادراجي الى الكرادة وابقى هناك لليوم التالي ، الا ان سائق التاكسي استصعب العودة .
اوضحوا لي بان البيت "فاض" .
يابه شنو فاض فهموني ؟
اجابوا : لم يبق لا صالون ولا هول ولا مطبخ . الماء يخرج من الكاشي عبالك عين نفط ؟؟
واضافوا : مو بس هذا ، المراحيض هي الأخرى طفحت، وخرجت القاذورات تسبح في كل مكان.
ازداد اصراري للوصول الى البيت باسرع وقت ممكن .
الشوارع المقابلة للبيت تشبه "فنيسيا" ، مع الفارق الكبير بينهما . الحديقة غرقى، لم اجد وسيلة للدخول سوى من بيت الجيران المرتفع عن بيوت الحي، ومن ثم انتقلت الى السطح ومنه الى البيت، وليتني لم ادخل كي لا ازعجكم بما سانتهي اليه " انه اكلان خره " لا بالمعنى المجازي او اللعب باللغة بل انه حقيقة واقعة، فماء المطر والشوارع والمجاري اختلطت ببعضها البعض لتشكل اقذر بركة مائية تغوص فيها قدمي طيلة حياتي .
نحن سكنة احد احياء بغداد ،عاصمة العراق ،البلد الذي تقدر ميزانيته، العام القادم، 130 مليار دولار فقط ونحن غرقى بالقاذورات !!

#طه_رشيد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات