|
مبادرة عربية جديدة للسلام ... أية مهزلة هذه ؟
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 3953 - 2012 / 12 / 26 - 02:00
المحور:
القضية الفلسطينية
من يرصد الإجراءات ، والمواقف الإسرائيلية بعد انتصار المقاومة غير المسبوق على العدو الصهيوني ، وبعد قبول فلسطين ، دولة غير عضو في الأمم المتحدة ، والاستحقاقات والمزايا المترتبة على هذا القبول ، ومن يرصد كذلك مواقف معظم الدول العربية ، بعد الإنجازين الفلسطينيين يتبدى أمانه ذات المشهد ، منذ أكثر من عقدين من الزمن ، وبهذا الصدد نشير إلى ما يلي : أولاً : أن حكومة نتنياهو ، بمصادقتها على بناء ما يزيد عن عشرة آلاف وحدة إستيطانية ، في القدس ومحيطها ، وفي مناطق من الضفة الغربية وبقيامها بحملة اعتقالات جديدة ، وبحجز أموال الضرائب والجمارك الفلسطينية ، ردت على التطورات سالفة الذكر بعدم الاكتراث للشرعية الدولية ، ولا بموقف الرأي العالمي ، ولا بموقف الدول الغربية المندد بالاستيطان ، وأنها تتصرف " كدولة فوق القانون " ، وهي منسجمة مع نفسها في سلوكها الثابت هذا منذ قيام الكيان الغاصب على أرض فلسطين منذ عام 1948 ، بدعم غير محدود من الولايات المتحدة . وأصبحت مهمة النظام العربي ، والجانب الرسمي الفلسطيني المتابعة الإحصائية ، لإجراءات العدو الاستيطانية ، وعدد الوحدات الاستيطانية التي جرت المصادقة عليها ، والحديث عن تحول الضفة الغربية إلى معازل ، مفصولة عن بعضها البعض ، بالمستوطنات والبؤر الاستيطانية وعزل شمال الضفة ، عن جنوبها عبر استكمال مخطط E1 الاستيطاني ألخ. و نعيد التأكيد هنا ، على أنه ما كان بوسع الكيان الصهيوني أن يستمر في سلوكه الإغتصابي الاستعماري ، لولا الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة له ، ولولا الحماية التي توفرها له في مجلس الأمن ، ولولا التواطؤ العربي الرسمي ، وهذا القدر الكبير من الارتهان للإرادة الأمريكية . ثانيا : وهذا هو الأهم ، أن أطراف عديدة في النظام العربي بدلاً من أن ترد على هذه الغطرسة الصهيو – أميركية ، بدعم الجانب الفلسطيني في مواجهة البطش الصهيوني ، وبدلاً من أن تراكم مادياً ومعنوياً على الانتصار التاريخي ، الذي حققته المقاومة ، في ردها على العدوان الصهيوني تحت مسمى " عامود السحاب " نراها تعمل العكس ، عبر العمل على إذلال الجانب الفلسطيني ، وجلبه لبيت الطاعة الصهيو أميركي. معلوم لدى الجميع أن رئيس السلطة الفلسطينية ، عندما ذهب للأمم المتحدة كان يتوقع مثل هذه الإجراءات الإسرائيلية ، وطلب من لجنة المتابعة العربية ، توفير شبكة أمان مالية عربية ، ووافقت دول الجامعة العربية على توفير هذه الشبكة ، لكن هذه الدول في السياق العملي تنكرت لوعودها نزولاً عند الاملاءات الأمريكية ، وما قاله عضو اللجنة التنفيذية واصل أبو يوسف ، بأن عدم دفع الحكومات العربية لما التزمت به ، جاء نتيجةً للضغوط الأمريكية صحيح جداً. وبات واضحاً أن الجانب العربي الرسمي ، في مفاصله العديدة المرتهنة لواشنطن ، يسعى وعن قصد ، لتبديد أية إمكانية ، لتثمير انتصار المقاومة سياسيا ، ولتبديد أية إمكانية ، لتثمير حصول فلسطين على وضعية " دولة غير عضو " في مختلف المجالات . باختصار شديد يريدون من قيادة منظمة التحرير ، العودة للمفاوضات المباشرة ، في سياق مبادرة عربية جديدة للسلام ، وهجوم عربي جديد للسلام ، بدلاً من استثمار الوضع الجديد الناشئ ، بعد انتصار المقاومة وبعد قبول فلسطين " دولة غير عضو " الذي يصحح نسبيا ً ثغرة أوسلو القاتلة - التي اعتبرت الضفة والقطاع ، أراض متنازع عليها - ، بحيث نصبح أمام دولة فلسطينية محتلة ، خاضعة لاحتلال دولة أخرى . والمبادرة العربية الجديدة – كما أعلن عنها - تقوم " على إطلاق المفاوضات لمدة ستة شهور ، بعد الانتخابات الإسرائيلية ، يرافقها تجميد الاستيطان خلال هذه الفترة " ووفق مصادر لجنة المتابعة العربية ، فإن وفداً منها ، سيتوجه الشهر المقبل ، إلى الدول والجهات الأعضاء في اللجنة الرباعية الدولية ، الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط ، بالاضافة إلى الصين لعرض المبادرة عليها . ومعظم أطراف النظام العربي ، تدرك في الصميم ، أن طرح المبادرة الجديدة مضيعة للوقت ، وأنها تسهل مهمة الكيان الصهيوني في الاستمرار في عمليات التهويد والاستيطان ، وفرض سياسة الأمر الواقع ، وأن الهدف من طرحها هو تفريغ الإنجازين الفلسطينيين الأخيرين ، من محتواههما لكنها لا تستطيع أن تفعل غير ذلك ، لأن قرارها ليس بيدها ، بل بيد الإدارة الأمريكية . إن المتغيرين الرئيسين " انتصار المقاومة ، والحصول على صفة دولة غير عضو " أربكا معظم أطراف النظام العربي ، فانتصار المقاومة أعلن بقوة عن إمكانية هزيمة العدو - في الوقت الذي كانت معظم هذه الأطراف تتبجح باستحالة ذلك ، وأن الحل يكمن ، في التخندق في خندق المفاوضات والمبادرات التسووية. ناهيك أن انتصار المقاومة ، يعري ويفضح ، مقولات الاستسلام وأصحابها الذين استمروا في لوك عبارات ، وشعارات مكشوفة ، من نوع " أن هجوم السلام يعري إسرائيل أمام المجتمع الدولي " " والسلام خيار استراتيجي ". وتتناسى معظم أطراف النظام العربي الرسمي ، كيف تعامل العدو الصهيوني مع المبادرة العربية للسلام ، التي جرى إقرارها في قمة بيروت عام 2002 ، حين رفضها واستمر في رفضها ، حتى اللحظة الراهنة ملقياً بها في سلة المهملات . وتناسى النظام العربي ، كيف بهدل نفسه ، عندما عمل على تلخيصها في قمة الجزائر عام 2004 ، حتى يسهل على الإسرائيلي فهمها ! ، وتناسى عندما أساء لنفسه وللأمة العربية جمعاء ، عندما نشر هذه المبادرة في وسائل الإعلام الصهيونية ، مزينة بأعلام الدول العربية والإسلامية حتى يقبل بها اليهود في الكيان الغاصب ، على قاعدة أن كافة العواصم العربية ستعترف ( بإسرائيل ) ، لو قبلت بمبدأ الأرض مقابل السلام . كفى مبادرات هزيلة ، وكفى استسلام للمشيئة الأمريكية ، بعد انتصار غزة غير المسبوق ، وبعد الانجاز الهام في الأمم المتحدة ، ويتوجب على القيادة الفلسطينية ، أن لا ترضخ لابتزاز المال العربي الرسمي ، " فالحرة تجوع ولا تأكل بثدييها " والشعب الفلسطيني المعطاء ، مستعد أن يضحي دائماً وأن يشد الأحزمة على البطون ، إذا ما أدرك أن قيادته مصممة على تحدي الضغوط ، التي تستهدف النيل ، من حقوقه وثوابته الوطنية ، في إطار إستراتجية للمقاومة واضحة المعالم . وعلى قيادة السلطة أن تترجم مقولاتها " بأن الاستيطان خط أحمر ولن تسمح به " بتطوير المقاومة ، داخل الأراضي المحتلة بكل أشكالها وطرح موضوع الاستيطان مجدداً في مجلس الأمن ، وبوقف التنسيق الأمني نهائياً مع العدو الصهيوني ، وبسرعة التوجه ، للانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للعدالة الدولية . ولا بد من طي صفحة الانقسام وتطبيق اتفاق المصالحة ، عبر تنفيذ كل الملفات بالتوازي وليس بالتوالي ، ليس على قاعدة " بوس اللحى " بل على قاعدة برنامج وطني ، مرتكز على إستراتيجية المقاومة ، ومن ثم تثمير هذه الإستراتيجية سياسياً . وبدون ذلك تذهب الانجازات الفلسطينية أدراج الرياح ، " وكأنك يا أبو زيد ما غزيت !!
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول التحديات والمهام الفلسطينية الراهنة
-
فلسطين - دولة غير عضو - إنجاز كبير ..ولكن ؟
-
اتفاق القاهرة لوقف إطلاق النار في الميزان
-
صواريخ المقاومة تصنع ملحمة النصر وتاريخاً جديداً للشعب الفلس
...
-
الجبهة الشعبية تعيد الاعتبار للفعل المقاوم ضد الاحتلال
-
ذكرى بلفور مناسبة لاستخلاص الدروس وليس لممارسة طقوس كربلائية
-
مرسي يصدم مصر والأمة العربية برسالته الحميمية إلى بيريز
-
المحرقة في مدارس الأونروا مجدداً !
-
رسائل طائرة حزب الله للعدو الصهيوني ولكل من يهمه الأمر
-
فوز شافيز : هزيمة للنيوليبرالية وانتصار للشعوب ضد جلاديها
-
قراءة أولية في التصعيد الإسرائيلي ضد إيران واحتمالات الحرب
-
مؤامرة صهيو - أمريكية لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين
-
أوسلو وأخواتها : خسائر صافية للقضية الفلسطينية
-
أسئلة على هامش الحراك الفلسطيني في مواجهة الغلاء
-
قمة عدم الانحياز ومحاولة استعادة روحية باندونغ
-
حراك سياسي وشعبي مصري مناهض للاقتراض من صندوق النقد الدولي
-
قرار الرئيس مرسي خطوة في الاتجاه الصحيح ... ولكن ؟
-
مقال : تهويد القدس والأقصى في إعلانات ومعطيات الكيان الصهيون
...
-
السباق الأميركي لكسب ود تل أبيب
-
نظاما السادات ومبارك عدوان لدودان لثورة 23 يوليو ومبادئها
المزيد.....
-
تقرير: ضربات إسرائيل على لبنان -أكثر كثافة- من غارات أمريكا
...
-
إنذارات إسرائيلية جديدة لسكان الضاحية الجنوبية في لبنان
-
الجيش الإسرائيلي يشن غارات جديدة على أحياء في الضاحية الجنوب
...
-
تواجد مع صفي الدين بمخبأ عميق خلال قصف بيروت.. فمن هو رئيس ا
...
-
-حزب الله- ينفذ 23 عملية نوعية ضد الجيش الإسرائيلي وتمركزاته
...
-
قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية استهدفت منازل ومدرسة تؤوي نازح
...
-
صدمة بإسرائيل.. مسيرة عراقية تقتل جنودا
-
المغرب: الرباط غير معنية بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية ب
...
-
انفجارات في محيط مطار تدمر العسكري وسط سوريا
-
عاجل| مسؤول أميركي كبير: الوضع بالمنطقة على حافة الهاوية حال
...
المزيد.....
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
المزيد.....
|