رشيد الفهد
الحوار المتمدن-العدد: 3952 - 2012 / 12 / 25 - 22:35
المحور:
الادب والفن
حاز السيد عبود ، بائع العرموط ،على عربة خشبية ثلاثية الدفع، عارضا عليها العرموط ، ناهيا بذلك محنة الصينية التي ظلت تتمحور على رأسه ردحا من الدهر، يجوب بها سوق الحي الكبير، وأزقته الكثيرة.
العربة، أثارت جدلا واسعا بين مختلف ألأوساط في حي (خمسة ميل) وسط مدينة البصرة، فيما أعدها المراقبون انجازا تحقق لعبود.
العرموط بالنسبة للبصريين، ليس الفاكهة المعروفة ، إنما نوع من الحلوى، ينتمي إلى عائلة الداطلي، حجم القطعة الواحدة بحجم الإصبع تقريبا،زهيد الثمن، يفضله الصغار والكبار،الذكور والإناث معا.
الخطوة النوعية التي خطاها عبود ،منحته الفرصة في عرض أصناف أخرى من الحلوى إلى جانب العرموط الذي كان معلمه .
عبود له ستة أولاد، في الخامسة والخمسين ،يقيم في منزل ورثه عن أمه، طويل القامة ،سريع الكلام ،شرطي مفصول عن الخدمة مطلع التسعينات، ومنها صار حلوانيا بسيطا، إلا أن صيته بات ذائعا ومدويا .
الحلو ياكل حلو، صرخة يطلقها عبود، لجذب المارة، ولفت ألأنظار إليه، انه النداء الذي أمسى علامته التجارية .
على أثر الصيحة من الجائز أن ترى شبابا أو شابات، يقبلون عليه، متعمدين على الشراء، كي يظهروا أمام الأنظار، على أنهم الحلوين أو المعنيين بالأمر.
إقامة الأعراس في الحي، مناسبة سارة لعبود، عندها تزداد مبيعاته، فتناول قطعة أو قطعتين بعد الطعام،فكرة يفضلها الكثير من المدعوين إلى حفل العشاء،الذي يقام عادة وسط الشارع، أمام منزل صاحب الدعوة.
في إحدى السنين العجاف ،توقفت مبيعاته ستة عشر يوما، في كساد مدمر أوشك أن يطيح به ، صار أمام هلاك محتوم، لولا إقدامه على سرقة كيس من الطحين، لكنه بعد حين، راح يسدد ثمن الكيس لصاحبه طالبا منه الصفح و الغفران ،وعبود لا يتحفظ من ذكر الغزوة أمام كائن من يكون.
توارى عن الأنظار مدة طويلة، لم اعد أصادفه، الأمر الذي استدعى مني القيام بزيارة إلى منزله ،وهناك.. بين شاي وشاي، وبين طريفة وطريفة، أعلمني بعودته إلى الخدمة.
عبود عاد إلى الخدمة، عاد إليها بساق واحده،أما الثانية تأبى أن تعينه على شيء.
#رشيد_الفهد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟