أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - جذور للكتابـة














المزيد.....

جذور للكتابـة


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1142 - 2005 / 3 / 20 - 13:58
المحور: الادب والفن
    


في رواية مائة عام من العزلة لجابريل ماركيز تصعد إحدى الشخصيات إلي السماء بينما كانت تنشر الملابس . وفي رواية ميلان كونديرا " الضحك والنسيان " سنرى حلقة من الراقصين ترتفع فوق الأرض وتشرع في الطيران في الفضاء . وبطلة رواية " ليال في السيرك " للكاتبة أنجيلا كارتر لاعبة في السيرك لها ريش جميل ليس فقط لتقديم نمرتها ، بل ولمساعدتها على التحليق في الجو . لقد نشرت الواقعية السحرية التي غزت الكتابة الجديدة نوعا من القص يشتمل على أحداث غريبة ومتخيلة ، في سياق البحث عن مسارات جديدة للسرد الروائي ، تسمح بإعادة اكتشاف الواقع على ضوء المواجهة بين القصص الغريبة والواقع المألوف.
وقد ارتبط هذا الاتجاه أساسا بأعمال كتاب أمريكا اللاتينية ، ثم تلقفها الكتاب في البلدان الأخرى بكفاءة أقل . لكن هناك رواية ضرب الصمت حولها في حينه لأسباب سياسية – وهي إحدى روائع الأدب في القرن العشرين - هي رواية الكاتب الروسي العبقري ميخائيل بلجاكوف " المعلم ومرجريتا" التي سبقت كل ذلك حين كتبها بلجاكوف عام 1930 . والسعي لنفض الغبار عن الواقع بتعريضه لضوء أحداث غريبة ومستحيلة مسعى قديم مرتبط بتاريخ الأدب ونشأته، منذ ظهور الإلياذة والأوديسة لهوميروس في القرن الثامن قبل الميلاد ، ثم رواية " تحولات الحمار الذهبي " لصاحبها لوكيوس أبوليوس التي كتبت منذ نحو ألفي عام ، ثم ألف ليلة وليلة التي تعرفت عليها أوروبا في مطلع القرن 18 ، والتي يقوم القص فيها على المزج بين ما هو واقعي وتخيلي ، وقد اعتبرها ماركيز من " أهم الأعمال التي تركت أثرا في مسيرته " . وقد صدرت مؤخرا عن المجلس الأعلى مجموعة قصص لرائد القصة القصيرة موباسان ، ترجمتها سحر سمير يوسف ، وتضم قصة بعنوان : " من يدري " نشرت عام 1890 ، وفيها يعود شخص إلي بيته ليبصر عند عتبة باب منزله : " مقعدا ، مقعدي الوثير يخرج من منزلي متبخترا باتجاه الحديقة ، ثم لحقت به مقاعد حجرة استقبال الضيوف ، ووراءها جاءت كل كراسي المنزل .. ثم مر أمامي ذلك البيانو الخاص بي ، ثم مكتبي ، فاندفعت نحو مكتبي وانقضضت عليه ، لكنه كان منطلقا بسرعة لا ترد " . إن هذا المشهد الذي يصور فيه موباسان طيران قطع الأثاث في الهواء ، والبيانو الضخم ، يعود ليظهر لنا مرة أخرى عند محمد توفيق في روايته " طفل شقي اسمه عنتر " حين تطير قطع الأثاث من الشقة وتسقط في الشارع . وعامة كان الكثير من قصص موباسان حافلا بوقوع أحداث مستحيلة الوقوع في مجرى عمل تميل أحداثه الأخرى في مجملها إلي الواقعية بمعناها المعروف .
هناك اتجاه آخر يلازم الكتابة الحديثة ، أقصد الاتجاه لتحطيم الحاجز بين الوهم والواقع كما نرى عند صلاح الراوي في روايته " فتنة الأسر " وعند الكثيرين ، ويمكن أن نرى جذور تلك الكتابة عند رائد القصة الثاني أنطون تشيخوف . وفي قصة " مزحة " التي كتبها تشيخوف عام 1886 سنجد شابا يتزحلق على الجليد في زحافة مع صديقته ، وحين تطير الزحافة كالرصاصة في الهواء ويصفر الهواء في آذان الشاب وصديقته فإن الشاب يهمس لها في الريح بصوت خافت : " أحبك يا ناديا " . وحين يصل الاثنان إلي أسفل التل ، تتخلص ناديا من خوفها وتعود إلي حالتها الطبيعية وترمق الشاب بنظرة متسائلة : هل هو الذي قال لها تلك الكلمات الثلاث ؟ . ثم تطلب من صديقها أن يعاودا التزحلق . وما أن تصفر الريح حتى يكرر الكلمات الثلاث بصوت خافت . ويظل اللغز محكما ، وتسأل ناديا نفسها " هل الريح هي التي اعترفت لها بالحب ؟ " . ولا يسع ناديا أن تعرف إلي نهاية عمرها هل كان ذلك وهما من الريح أم حقيقة نطق بها شخص محدد .
لا يعني كل ذلك أن الكتابة الحديثة لم تأت بجديد ، فقد أعادت السطوة لوسيلة أدبية قديمة ، لكن في سياق وظرف آخر . والعودة إلي جذور تلك الكتابة تجعلنا أقدر على إدراك مدى جدة تلك الوسائل ، وتمكن من رؤية المسار في تطوره منذ بداياته من أجل المواصلة بمزيد من الثقة



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المادة 76 في حياة مصر الثقافية
- معرض القاهرة والكتب
- طول لسان رياض النوايسة
- في وداع كاتب شريف
- كلمة سحرية تتحدى الزمن
- -- قصة قصيرة - بط أبيض صغير
- من تثقيف العسكر .. إلي عسكرة المثقف
- كعك أمريكي لسكان الفالوجة
- ياسر عرفات .. تغريبة أخيرة
- ليلة القبض على العريش
- عبد الحليم قنديل .. اختطاف الحقيقة
- محطة الضبعة ومستقبل مصر
- العالم يحتفل بمئوية تشيخوف
- صفحة الحوادث والأدب الروائي
- القمة والقمامة في مصر
- ثورة يوليو .. بهجة التاريخ
- نموذج بولاق .. لسيادة العراق
- طانيوس أفندي عبده .. الكاتب المجيد
- بط أبيض صغير
- أدب سياسي


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - جذور للكتابـة