|
صاحب الأذرع الطويلة
حيدرعاشور
الحوار المتمدن-العدد: 3952 - 2012 / 12 / 25 - 12:05
المحور:
الادب والفن
سحبني الى منطقته المحرمة بهدوء وصبر متعكزا على معرفتي بأخيه وضلوعي في مهنتي التي تحتاج على سلسلة طويلة من المعارف والعلاقات أحسست بالخطر وامتثلت إليه ... وهذا الخطر قد نمى في أظافري العز بعد العازه والنفوذ بعد البساطة في عمل يدر الكثير من النعم .... خضعت بعفوية الى قوانينه وقوته وأصبحت له مدرارا مستمرا لجني الأموال بعد أن عقد معي صفقة الربح بلا خسارة ،ووظيفة غير رسمية ،بسلطان يخترق كل الممنوعات بنظام قوة( الأنا)، هذه القوة الخرافية المكانية التي تجعلك تنسى حتى حواسك وتخميناتك وتكهنات لمستقبل قلق ،وأنت على حافة هواية ،إن سقط ،سقطت أنت ايضا ... والغريب لم يسقط بل سقطت أنا على حين غره من أمري حين دخلت عليّ مجموعة مسلحة... بادي الأمر شعرت شعور من يختطف في بلادي امام أعين الملا بلا غيرة او شرف أو سلطة حكومية ... يأخذ البشر كالشاة ليذبح على انتماءه العقائدي وما أكثر المذبوحين من اجل معتقد ديني واحد باختلاف الأوصياء والقادة والرموز العقائدية الأخرى. اقتادني هذه المجموعة لسجن حكومي، وجدت نفسي وسط عالم غريب وعجيب جلست بموضع دخولي كان ظهري يصطف مع باب السجن وعيوني تبحلق في كم من السجناء المختلفين تماما عما اعرفهم من البشر... انه كابوس ثقيل جثم على صدري وكأنني أحلم بهذا المشهد وسأفيق في صباحي وينزاح عن صدري هذا الهم الثقيل ، جاءني صوت يدل على قساوة صاحبه: - أنت قم واجلس بعيدا عن الباب هنا ممنوع. - دعني قليلا . - قم يا مجرم... ياحقير .. قبل أن امسح بك الأرض طولا وعرضا - ألا ترى أن لا مكان لجلوس أو وقوف. - عندك مال، ساجد لك مكانا محترما حسب دفعك له. وفعلا حين شاهد اخراجي المال وانا اقول له كم تريد ... جلس القرفصاء امامي وغير لهجة كلامه ويقيني وحدسي بأنه طمع بي من اجل المال ،وقد يساق الي الطعام الوفير ولكن ليس باليد حيلة ازاء مكان حقير رائحته نتنه وجدرانه متسخة وحمام يمارس فيه احقرالممارسات .. لا يدخله احد ما لم يمر على شيخ المجرمين ويعطي المعلوم مقابل أن يقضي حاجته... اي حقارة هذه في بلد اختلت موازينه من كل الجوانب فليس هناك مفاجئة في سجن يظم اطرافا مختلف تجمعها كلمة واحدة مجرم ضمن المادة القانونية حسب الحالة الاجرامية ... منحني شيخ المجرمين مكانا بعد ان اخذ مني مبلغا من المال عن طريق شخص أخر كي لا تثبت عليه شيئا فيما اذا كنت جاسوسا من الشرطة لكشف مجرمين لم يعترفوا رغم شدة التعذيب وهذا تشكيك يحدث لكل من يدخل السجن للوهلة الأولى وقبل ان ينظم لمجموعة يطلق عليها تسمية غريبة (سفر داش ) أظن انها لغة إيرانية أو تركية وهي شبيهة بمصطلح (كروب)... كم كان يومي طويلا وصعبا لم اشعر انني نمت بصورة كاملة خوفا من السرقة التي نبهني اليها سجين له باع طويل في زوايا السجن تعاطف معي وشاركني طعامه بليلتي القاسية .... ايقنت ان حدسي كان في مكانه حين عرفت تهمتي بالرشوة جاءت عن طريق مصدر سري ومخبر وشهود ... وهذه قوانين الجديد ابتدعتها الحكومة المنتخبة من قبل الشعب للحد من الفساد الاداري في دوائرها الغارقة بالفساد في زمن الفاسد يحاكم الفاسد بنظام الازاحة والبقاء او الامتلاء بالدولارات لزمن بعيد عن سلطة الكرسي او عند التقاعد الإجباري ففي وطني هناك اشخاصا سريعي الصعود وسقوطهم اسرع لكثرة النفاق السياسي وتنوع الاجندات الحاكمه ... وغالبا ما استجيب لحواسي وهي تنبهني عن خطر آت وتلعب لعبة التخمينات والتكهنات، والتوقعات لا اجد نفسي امام حالة حقيقة ملموسة تحاول الايقاع بي او ابتزازي ،ورغم معرفتي بكل ذلك لا اتجنبها ولا اخذ اي احتياطات لحمايتي لذلك كنت دائما الخاسر ،وفي نهاية كل فشل متوقع اضحك ملء فمي... لكن مثل هذه التهمة لا ضحك فيها، حقيقتها مرة وعاقبتها السجن فليس هناك مالا للخسارة... الخسارة هنا السمعة والشرف وفقدان ميزات حياتيه كثيرة وتهديم لقيم ومبادئ عرفتني بها عائلتي وأصدقائي وأحبائي ... وها انا ماثل بصفة متهم امام السلطات الخاصة بالفساد الاداري اطلق عليها (النزاهة ) والتي تعاملت معي بلا نزاهة اساليب قذرة من اجل تسويغ الامر للإطاحة باخ صديقي المتربع على كرسي الوزارة وهو يملك العديد من الاذرع الطويلة المتنوعة في غاياتها ومتشعبة في دهاليز العرض والطلب والقادرة على ان توضع لكل حالة قانونا وحماية وضحايا ،فكنت احد الاذرع البريئة التي لم تختلس ولم تزايد على اموال الدولة ولكن احساسي بان هذا المتسلط لديه برنامجا خاصا به للسيطرة على اموال الوزارة باسم القانون وكما يقال ( حرامي بهوية) وما امثالي الا ضحايا فساده واصراره على الفساد وسحب الشرفاء بطرق عديدة وملتوية لتلويثهم والسيطرة عليهم اما ان تكون عبدا له او يلصق بك التهم بسلطانه ... وما جلوسي للتحقيق الا نتائج عملي معه واطاعته على الخطأ،واستحق ذلك لقبولي وطمعي بالعيش الرغيد .... دخل المحقق ينفث دخان سكارته ليقول: - أنت لست متهما بل جئنا بك لتوضيح امر معين يخص الارهابي والجاسوس وشريكه وانت اعرف واقرب شخص لهم .. بين نفسي اعرف قضيتي ولكن تجاهلتها واسترخيت لذلك وقلت له من فوري: - من هولاء انا لا اعرف اشخاص بهذه الصفات الحقيرة وان كنت اعرفهم ولديه ما اقوله سأوفر عليك الزمن قل لي من هؤلاء . - انت تعرف من اقصد هم اصدقائك وحاليا هربوا الى خارج العراق بعد كشفهم ووجدنا تعاملك معهم يستند الى وثائق وقرائن - انا لم اتعامل بأشياء مخالفة للقانون عملي هو وسيط بين الدوائر الحكومية والغير حكومية والوزارة. - اذن اشرح لي عملك ؟ لم اتوقع ان يكتب اقوالي ويقولني بما لم اقله مستغلا حالتي النفسية الصعبة وعدم قدرتي على قراءة مايكتب لفقداني نظارتي الطبية ،وأقنعني بالذهاب الى بيتي اذا ما قلت الى القاضي ان كل ما مكتوب حقيقة ... وهنا بدأت المشكلة بعد ان امر القاضي استمرار سجني من اجل القاء القبض على مسؤول كبير من وزارة سيادية .... ولكنه ذكي وذو باع طويل في تامين نفسه من القانون خرج وتركني وحدي اغرق في بحر القانون وأتلوى ألما نفسيا من شدة الخوف على مستقبلي....حتى جاء يوم الامتثال امام المحكمة المختصة وضعوني في قفص وشرحت للقاضي قصتي .... ولكن القضاء لايتعاطف مع الاعترافات التي صاغها علي ذلك المحقق المغرض بعد ان ارتشى من جهات عليا ليكتب سيناريو ادانتي بالجرم المشهود وانا المغفل الوحيد بين مجموعة من الوحوش الكواسر عبدت الكرسي والدينار..حاولت الدفاع عن نفسي بعد ان نصحني اصدقاء يخصونه ان اكذب لكي انجو وانجي لان القضاء في بلدي يعشق كذب المجرمين ومراوغة المحامين فالذي ينطق صدقا يدخل السجن لا محالة حتى لو كان بريئا ويخرج المجرم بمجرد الكذب على القضاة ... ولكن كنت من الصدق ما يحكمني ووجدتني المحكمة مذنبا بجرم لم ارتكبه وأخلت سبيلي بعد غرامة مالية وأضاعت كل حقوقي وأصبحت مشبوها... اما صاحب الاذرع الطويلة علت مراتبه وكبرت اذرعه وتضخمت اكثر بسبب جشعها اليومي وتأييد السلطات لها وتزكيتها ومناصفتها... بقي يرسم الخطط لجني الاموال واكتشفت بعد غرامتي المالية قوته الخفيه بان عمله ورائه سياسيون كبار ورجال اعمال من داخل وخارج البلاد وما هو وقوته الخفية إلا لعبة يدير كفتها اسياده الذين اجلسوه على كرسي السلطة وامنحوه قوة بلا قوة ونفوذ مستصطنع غايته الربح الحرام من اموال الشعب باسم الشعب .... وما اكثر الحرامية والسلاطين في حكومة بلادي ولكن بهوية وطن ؟
#حيدرعاشور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلامًا أيها الخفاجي المكابر ابداعًا.. سلامًا لروحك
-
قلق عراقي
-
(سقوف ) هادي الناصر الباحرة في عالم الخوف والرعب والوجع..!
-
قصة قصيرة جدا
-
حوار مع الصحفي والقاص حيدرعاشور
-
قصة قصيرة .....الحريق الصامت
-
خدعة صديق
-
كواليس
-
ثقافة احترام المواعيد
-
مؤامرة الغرفة
-
ادباء على فراش المرض
-
ادراك الشامل .. في قصائد الخزعلي
-
تحت شعار : (بغداد ملتقى شاشات العالم)
-
مسرحية (الحسين الآن) ولكن ؟
-
في الثقافة الموسيقية
المزيد.....
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
-
تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|