من الواضح للعيان أن مصر فى أزمة مستمرة منذ محمد على .. أزمة مزمنة . و ليست الأزمة هى أزمة نمو ، بل ناجمة عن تعثر مشاريع التحديث المتتالية .
و ليس الاستعمار هوالمسئول الأوحد عن هذه الأزمة رغم حدوث صدامات عديدة مع الغرب واحتلال مصر 70 سنة . اذ لم يسر حاكم واحد فى طريق التحديث حتى النهاية و كانت الطبقة المسيطرة دائما محافظة و لم يشجع الغرب الرسمى حتما عملية تحديث جذرية ليس فى حاجة اليها ، بل وقد تعرقل بعض مصالحه مؤقتا .
لم تكن أبدا الطبقة المسيطرة فى مصر راديكالية فى قراراتها خوفا من ثورة الطبقات الأدنى من جهة و بسبب ضيق أفق مصالحها من جهة أخرى . و تطلب الأمر دائما تدخل الدولة القوى " لضبط " التحول الاجتماعى باسراعه أو إبطائه ؛ حسب الظروف الاجتماعية و السياسية .
و اليوم تسير العولمة بسرعة و يتحول العالم كله الى قرية واحدة .. و قد بات الانفتاح على العالم اقتصاديا و ثقافيا أمرا لا مفر منه ، و بالتالى أصبح كل من التحديث و التهميش وجهان لعملة واحدة على الصعيد العالمى .. فمن لا يسير فى ركاب التحديث يعرض للتهميش ، و بالتالى تشكل الفترة القادمة منعطفا حاسما فى مستقبل المجتمعات المتأخرة ، و منها مصر التى على وشك أن تواجه مصيرها لفترة طويلة قادمة.
أصبح تحديث مصر ضرورة ملحة لأن البديل هو تهميش الغالبية العظمى من السكان ، خصوصا مع تطبيق اتفاقيات الشراكة و الجات و غيرها . سوف تنمو فقط البلدان القوية و ينزاح الضعفاء و سينمو حجم ما يسمى الآن ب"العالم الرابع "؛ أى الدول المهمشة . لا يوجد أبدا أى سبيل لتجاوز الأزمة المزمنة الا بالتحديث الشامل و الجذرى ، و فى أفضل الحالات - إذا استمرت السياسة الحالية ستظل مصر تترنح و تعانى الفقر و التأخر بينما يجرى الحفاظ عليها من الا نـهيار التام بالمعونات الأجنبية المشروطة .
* * *
مظاهر الأزمة الاجتماعية – الاقتصادية فى مصر :
مقدمة عامة :
من نافلة القول أن حرمان عالمة ذرة من السفر لحضور مؤتمر علمى بالخارج بسبب رفض زوجها لهو مأساة ، أما اهتمام " علماء " مصر بالحصول على العلاوات الدورية و الترقيات أو عقود عمل بالخليج فهو مهزلة . و ان استمرار قضية واحدة بالمحاكم أكثر من عشرين سنة و تحويل مسار العدالة بالكامل نتيجة تلاعب موظف صغير ( كاتب المحكمة ) و الحكم بالحبس 8 سنوات ( أى 6 فى الحقيقة ) على وزير سابق ارتكب عددا من الجرائم الكبرى ، و اصدار أحد القضاة حكما بتطليق زوجة بسبب علاقة زوجها باحدى الجنيات ، و هو حكم مخالف للقانون (!) .. ليدل ليس على ضعف بل تحلل جهاز العدالة ، الذى يؤدى – ضمن أسباب أخرى – الى " بلطجة" واسعة الانتشار .
و فى مواجهة عجز الصادرات قامت الدولة بمحاولات سياسية عديدة لاقناع دول أجنبية باستيراد السلع المصرية و كأنها دول " اشتراكية " أو محسنة . و نتذكر أن الأسواق الأوربية قد رفضت فى يوم ما استيراد البطاطس المصرية بسبب اصابتها بفيروس " العفن البنى " فما كان من الحكومة الا أنها حاولت اقناع تلك الأسواق بأن العفن البنى غير ضار بالصحة !! . . شيىء يشبه ما يحدث آلاف المرات يوميا فى مصر حين يحاول التاجر أو الصانع اقناع الزبون بأن سلعته الرديئة و المرتفعة الثمن أفضل من السلع الأجود و الأرخص .
ان السائح الذى يدخل مصر بسيارته لكى يعبر الى دولة أخرى يرافقه جندى ليضمن خروجه من الجانب الآخر من الحدود ( حتى لا يبيع السيارة داخل البلاد !!) بل وعليه أن يدفع 150 جنيها مقابل هذه " الخدمة "! . و كل من يركب التاكسى لا يعرف كم يجب عليه أن يدفع للسائق بالضبط ، أما الذهاب الى أو من المطار بالتاكسى فأمر يتطلب " مقاولة " خاصة !
يزداد المجتمع المصرى تدينا باستمرار و يحرص الناس أكثر فأكثر على أداء الطقوس الدينية و لكن سلوكهم يزداد تحللا ؛ فقيم مثل الأمانة و اتقان العمل و احترام الوقت و احترام حقوق الآخرين و مصالحهم تضعف باستمرار ، أى أن التشدد الدينى شكلى و لا يعبر عن نمو الشعور " بالتقوى " و " الصلاح " .
الشارع المصرى مزدحم جدا و مليىء بالضوضاء و الناس لا تقود السيارات وفقا لقواعد المرور ، و التلوث على مستوى مرتفع للغاية كما تنتشر القمامة فى أماكن كثيرة و بكميات وفيرة غالبا ، و أحيانا يغرق طفل فى بالوعة مفتوحة أو يعقره كلب ضال دون أ ن يعاقب أحد .. و هكذا دون مجيب .
و الناس فى مصر يخالفون القانون ملايين المرات يوميا : قواعد المرور – الإزعاج – التسول – السباب- إشغال الطريق ..الخ دون تدخل من جهاز الأمن .
أما الواسطة و الرشوة ( التى تسمى " إكرامية "الآن ) فصارتا شيئا طبيعيا فى أجهزة الحكومة بل و تم تقنين الواسطة فى بعض المجالات .
و مازال معدل نمو السكان مرتفعا للغاية ( 2% سنويا ) دون جدوى تذكر من جهود الدولة ، و الفقراء هم الذين ينجبون أكثر فيزداد باستمرار عدد أطفال الشوارع و المهمشين .
***********************************
1- تأخر قوى الانتاج : سواء على مستوى العمالة المتأخرة للغاية أو الآلات و المعدات . ان العامل المصرى لم يعد قادرا على منافسة العمالة الأجنبية فى الخارج . و هناك الكثير من المؤسسات تعانى من تأخرالآلات و المعدات و هذا أحد أهم عوامل ارتفاع تكلفة و رداءة السلع المصرية و انخفاض الانتاجية . علاوة على ذلك فوسائل النقل و التخزين رديئة و مرتفعة التكلفة .
و ما تزال الكثير من الخدمات متأخرة ؛ كالبنوك و الطرق البرية .
ان الاعتماد على استيراد سلع مثل فوانيس رمضان و سجاجيد الصلاة و طعام أسماك الزينة ، ليعنى عجزا بالغا للصناعة المحلية ( التى بالطبع لم تتفرغ لإ نتـاج الأقمار الصناعية أو معدات الاتصال !!) .
2- الأزمة المالية : الدولة و القطاع الخاص يتحصلان على معونات خارجية كبيرة ، و ما تزال الديون الخارجية تزداد ، و لم ينقذ الموقف مؤقتا الا مشاركة الدولة فى حرب الخليج الثانية فحصلت على اعفاءات من الديون بلغت أكثر من 20 مليار دولار . و ما زالت هناك صعوبات كبيرة فى تحصيل الضرائب و استرداد القروض البنكية .
3- التأخر الادارى : يوجد عدة ملايين من موظفى المكاتب يعمل الواحد منهم أقل من نصف ساعة يوميا ، و الاجراءات الادارية ما زالت طويلة و معقدة و غير منطقية و لا ضرورية و معرقلة لمصالح الناس و بالتالى مكلفة . لم يعمم بعد الكمبيوتر و مازالت وسائل الاتصال بين المصالح الحكومية بدائية ، و الكثير من الاجراءات غير ضرورى أصلا و تتميز اللوئح بالغباء و عدم احترام المنطق العادى . كل هذا يعرقل الاستثمارات و الاستخدام الأمثل للثروة الاجتماعية المادية و البشرية و يضع أعباء مادية و نفسية على عاتق المواطن .
4- الطاقات العاطلة : سواء فى المعدات أو فى البشر ؛ فصناعة السيارات مثلا تعمل بأقل من نصف طاقتها ، و البطالة الحقيقية تزيد على 15 مليون مواطن . كل هذا يؤدى الى ارتفاع التكلفة و ضيق السوق و الفقر و التوترات الاجتماعية . و ضمن مضاعفات البطالة هجرة الملايين و منهم عشرات الألوف من العلماء و التكنوقراطيين النابهين . كما يهاجر رأس المال الى الخارج بكميات لا بأس بها رغم حاجة السوق المحلى بسبب ضيق السوق و فساد التشريعات و الإدارة الحكومية .
5- الفساد : تمتد هذه الظاهرة الى كل الطبقات و الفئات الاجتماعية بدرجات متعددة و تعكس ضعفا شديدا لجهاز العدالة و أجهزة الأمن و ضيق السوق و هيمنة جهاز الدولة على مجمل الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية – رغم النمو الكبير للقطاع الخاص- و انخفاض الأجور و تعقد الاجراءات الرسمية .
6- تدهور ثقافى : رغم ضخامة جهاز الاعلام انهارت صناعة السينما المصرية . و رغم وجود عشرات القنوات التلفزيونية ، فهى لا تقدم ما يبحث عنه الناس فى قنوات أجنبية ( بل لا تستطيع أن تنافس قناة " الجزيرة "وحدها !!)
هذا بخلاف انتشار الفن الردىء و تدهور سوق الكتاب . و تتسم الثقافة المصرية اليوم بعدم التسامح مع الرأى الآخر و عقيدة الآخرين [بل وأحيانا وجودهم ! [ فالتكفير يسير على قدم و ساق من جانب كل التيارات ، و الدعوة الى قطع رقاب المخالفين فى العقيدة أو الرأى قائمة ، و ادعاء الوصاية على فكر الناس و الأخلاق "الحميدة" و القيم مستمر .
و يعتقد معظم المصريين أنهم أفضل البشر و أنهم شعب " أصيل " لديه قيم " فاضلة " و أن " معدنهم " فريد من نوعه . و يظن الكثيرون أن التقدم المادى يوجد فى الغرب بينما الروحانيات توجد فى الشرق و كأن الغرب هو الغارق فى الفساد بينما ينعم الشرق بالحياة الفاضلة !! .
أن الفرد هنا ليس ديموقراطيا لا مع الآخر و لا حتى مع نفسه ؛ فهو يخاف من التفكير بحرية ( حتى لا يكفر !! ) و لا يميل الى نقد نفسه ..
و تنتشر قيم غير منتجة مثل" الفهلوة "؛ أى ادعاء العلم .
ما تزال أغلبية النساء تخجل من أنوثتها و أغلب الرجال يحتقرون المرأة و يزداد هذا الميل حاليا .
يضاف الى ذلك انتشار عادات و تقاليد ضارة اجتماعيا و اقتصاديا منها تقاليد الزواج المكلف للغاية و ختان البنات و تعاطى المخدرات .
إن الثقافة المصرية لا تلائم على الإطلاق عملية التحديث و هى –فى مجملها- ثقافة عنصرية و لا ديموقراطية ، بل شمولية –إن صح التعبير- لا تحترم " الآخر "، و هى ثقافة استهلاكية معادية للإبداع و العمل عالى الجودة ، و هى أيضا تمجد ادعاء العلم ( الفهلوة ) لا العلم نفسه ، و تفضل التواكل و البحث عن الحظ بدلا من التخطيط و الحسابات العقلية و تحترم الماضى أكثر من الحاضر و الميت أكثر من الحى ، و أخيرا يسودها الاعتقاد فى الخرافات بل و حبها .
و رغم كراهية الدولة تتبوأ الأخيرة موقع المثل الأعلى للفرد المصرى و هى – رغم الكره – تعتبر بالنسبة له الأب و الأم ؛ المسئول و الراعى .
و مع كل مظاهر التأخر هذه يؤمن أغلب المصريين أنهم أكثر شعوب العالم تحضرا ، مستندين الى ماضى الأجداد وحده ، و تنفخ وسائل الإعلام الحكومية و الخاصة و دعاة "المحافظة على الهوية " فى هذه الأفكار . وعادة ما ُيفاجأ المواطن المصرى بتفوق شعوب أخرى يعتبرها غير متحضرة على أبناء بلده ( المتحضرة جدا !!) فى مجالات عديدة : الصناعة – الطب – الفن- الرياضة ( و حتى النظافة ) ، بل لقد أصبحت اللهجة اللبنانية أكثر شعبية فى العالم العربى من اللهجة المصرية التى صارت سوقية .
من الأفيد أن ندرك حقيقة الوضع و هى أننا لم نعد من الأمم الأكثر تحضرا ، بل العكس ، و كون التاريخ القديم قد شهد على حضارة الأجداد لا يعنى تبُوء الأحفاد نفس المكانة .
من الأفيد لنا أن نكتسب قيما و تقاليدا مفيدة للمشاركة فى إنتاج الحضارة الحديثة و التمتع بها بدلا من التمسك بتقاليد عتيقة غير ضرورية الآن و حتى ضارة اجتماعيا و صحيا .
7- نظام التعليم : و هو نظام فاشل تماما فى حفز الإبداع و تأهيل العمالة للقيام بأعمال فنية بالمستوى الذى تتطلبه الصناعة و الخدمات الحديثة. فكل الخطط و المشاريع فى هذا المجال تفشل فى إحداث أى تقدم . و ما زال التعليم المصرى تلقينى تماما ، و لا تحاول الدولة قط الاستفادة من نظم الدول المتطورة . و تنتهى أية محاولة " للتطوير " بإضافة مزيد من الأعباء على الطلاب و أولياء الأمور و تعقيد العملية التعليمية . كما أن التعليم النظرى واسع الانتشار ، و توجد الكثير من الشهادات تراعى فقط مستقبل الطالب كبيروقراطى فى المستقبل .
ان نظم التعليم المتطورة موجودة و معروفة جيدا و لا يوجد أى سر فى ذلك و لكن العقليات السائدة هنا لا ترى و لا تسمع . و لا تنتهى تجربة مؤلمة للطلاب لأولياء الأمور حتى تبدأ محاولة جديدة ( مثل تخفيض سن القبول بالمدارس ثم رفعه من جديد ! ) .
و ما تزال الجامعات المصرية عبارة عن " كتاتيب " ضخمة تكتفى بمنح شهادات تعطى الخريج بعض الوجاهة الاجتماعية و لم تعد تتمتع بأى احترام فى الخارج . بل إن بعض الشهادات العليا ( الدكتوراه ) لا تمنح على أساس الكفاءة بل على أساس قرار القسم المسؤل بالكلية و يفضل دائما أبناء و أقارب الأساتذة و هى تعد مجرد بوابة للترقية و الحصول على وظيفة أكبر . لذلك أصبح معظم اساتذة الجامعات المصرية مجرد مدرسين يعطون الدروس الخصوصية ويستخدمون مناصبهم أو " رتبهم " للحصول على وضع أفضل فى السوق ..إنهم حتى لا يجيدون التحدث باللغة العالمية : الإنجليزية .
8- جهاز العدالة : يمكنك أن تقوم بتمزيق شخص ما إربا حتى الموت ثم تحاكم و يصدر ضدك حكم بالسجن لمدة عام باعتبار أن هذه جريمة " ضرب أفضى الى موت " . و اذا شرعت فى اغتصاب فتاة قد يكون الحكم الحبس لمدة سنة مع وقف التنفيذ. كما يمكنك التحايل على أ حد التجار أو إحدى الشركات و شراء سلع بالأجل و لاتدفع شيئا ؛ دون عقاب ( هذه الأمثلة واقعية ).
ليست المشكلة فى جهاز القضاء فقط ، بل تشمل أيضا السلطة التنفيذية و القوانين نفسها – المليئة بالثغرات و "الرحيمة" جدا!! – بالاضافة الى إجراءات التقاضى . و لا شك أن جهاز القضاء صغير الحجم جدا بالنسبة لعدد القضايا ، كما أن مرتب القاضى متواضع .
فى البلدان المتطورة لا يستطيع المرء أن يعيش بدون حسابه فى البنك و تستطيع السلطة التنفيذية تحصيل التزاماته بسهولة بفضل نظام الدفع المٌتبع ؛ أى كون كل المعاملات المالية تتم عن طريق البنك و لا يوجد سبيل آخر . أما التهرب من الضرائب – فصعب للغاية ، ليس بفضل ضمائر العملاء ، بل بفضل نظام محاسبى صارم و دور البنك فى حياة الناس ، يضاف الى ذلك أن أحكام التهرب الضريبى مانعة .
تغض الدولة لدينا الطرف عن ملايين المخالفات القانونية فى كل المجالات . و اذا تم ضبط و إحضار أحد تطول فترة التقاضى و يستخدم المحامى ثغرات القانون – التى تبدو متعمدة – و عدم إحكام الاجراءات . و حتى بعد صدور الحكم ( الرحيم جدا فى الغالب ) يمكن الحصول على الافراج بعد فترة " لحسن السير و السلوك " أو لأسباب صحية . و المتضرر يحصل غالبا على تعويض رمزى ،بل و لا يستطيع غالبا تنفيذ الحكم !! . و من الصعب تماما أن يحكم القاضى ضد مؤسسة حكومية لصالح فرد ضعيف .
لا يوجد فى مصر جهاز فعال لمراجعة أحكام القضاء بالكامل ، و لا يعاقب بالتالى القاضى المخطىء عقابا حقيقيا .
كل هذا يؤدى الى فقدان الثقة فى جهاز العدالة و لا يشجع المواطن على المطالبة بحقوقه بالطرق القانونية أو الإبلاغ عن المخالفات بل و يشجع على ازدراء القانون .
9- "البلطجة " : و نعنى بذلك الخروج العلنى على القانون . و هى ظاهرة واسعة الانتشار فى مصر . و أكبر " بلطجى " هو الدولة نفسها، التى لا تطبق لا الدستور و لا القوانين فى كثير من الأحيان و لا تنفذ آلا ف من أحكام القضاء و تفرض الإتاوات على الناس بحجج غير قانونية و تبتز المواطنين تحت عناوين شتى مثل ما يسمى ب " تصريح العمل " و " معونة الشتاء " و بالتقدير العشوائى للضرائب ( و هو أمر لا يتسق مع نظام السوق ) . و تتغاضى السلطات عن الملايين من مخالفات القانون سنويا ، و بما أن الدولة هى المثل الأعلى للمواطن المصرى حتى الآن ، يقلد الناس سلوكها .
لقد أصبحت البلطجة جزءا من نسيج الثقافة العامة ( و هذه رسالة للمتحمسين للثقافة القومية !! ) ، فصار تحدى القانون ضربا من الشجاعة ؛ الزائفة طبعا ، حيث لا يوجد رد فعل مناسب لذلك .
إن الفساد الإدارى الهائل و ترهل البيروقراطية والتعقيدات الإدارية و تراخى أجهزة الأمن و ازدراء الأجهزة لحقوق المواطن كلها عوامل تساعد على انتشار البلطجة ؛ المبررة تماما من وجهة نظر رجل الشارع العادى .
10- الفقر و التمايز الاجتماعى : الفروق الطبقية فى مصر هائلة و ينجم عن ذلك استهلاك اسطورى فى جانب بينما يلهث الملايين للوصول الى حد الكفاف . و بسبب هذا يعتبر السوق المصرى صغيرا بحسب قوته الشرائية مما يعرقل عملية التنمية . ناهيك عن مضاعفات الفقر العديدة : توترات اجتماعية – سلوكيات عدوانية – تمزق ُأسرى – تسرب من التعليم – سوء الأحوال الصحية – تهميش قطاعات متزايدة من السكان بكل مشاكله .
و الوصول الى حد الكفاف لا يتم فى أغلب الحالات من خلال العمل المعتاد ؛ بل يجرى التقاط لقمة العيش بوسائل غير متصورة فى أى مجتمع متحضر ، وصلت الى التجارة فى المرض ( توجد فئة من الناس وظيفتهم : مريــض ) و" التبرع " بالدم ، و القيام بأعمال وسيطة طفيلية تماما تشبه التسول : مثل الإشارة للتاكسى أو " تخليص الأوراق فى المصالح الحكومية ، و التسول بأشكال عديدة ، و البلطجة ( مثل فرض إتاوة على صاحب كل سيارة تقف أمام الرصيف ! ) و بيع الصحف بسعر أعلى من سعر الغلاف !0
و يؤدى الاستهلاك الترفى البالغ للطبقة المسيطرة بالغة الثراء الى انتشار النزعة الاستهلاكية وسط كل الطبقات و هذا من أهم عواما تدنى معدل الادخار و الاستثمار .
كما أن تحقيق الثراء بوسائل غير مفهومة أو معلومة يؤدى الى انتشار نزعة طفيلية عامة ؛ فكل فرد يريد أن يفعل الشيىء نفسه .
11- تدهور الخدمات الطبية: تطور الطب الوقائى فى مصر كثيرا . الا أن الطب العلاجى هو قطاع عشوائى الى حد كبير . فالخدمة تقدم بواسطة: وزارة الصحة – المؤسسة العلاجية- التأمين الصحى – هيئة المستشفيات و المعاهد التعليمية – المستشفيات العسكرية ( تخدم المدنيين أيضا ) – القطاع الخاص – القطاع الخيرى .
و يعمل معظم الأطباء و الممرضين و الفنيين فى أكثر من قطاع فى نفس الوقت و يلهث أغلبهم ( و هم شديدو الفقر عكسما يتصور الناس ) للحصول على حد الكفاف و لا وقت لديهم بالتالى لزيادة معارفهم أو بتقديم خدمة طبية جيدة
ووزارة الصحة تصرف حتى الآن أدوية لا يجوز استخدامها منذ وقت طويل فى العلاج
و الصيدليات تبيع الأدوية كأى سلعة ؛ بلا ضابط ، بل يمارس معظم الصيادلة الطب فيشخص " بالنظر " و يعالج ، بل و يبتكر بعضهم فى مجال الطب ( يبيعون مثلا ما أسموه ب " مجموعة الأنفلونزا "!! )
أما إدارة تلك القطاعات الطبية فنقدها يتطلب مجلدات
أما المريض فهو بلا ثمن تقريبا ؛ فالأخطاء المهنية تمر مرور الكرام و تنتهى الشكاوى فى الغالب نهاية سعيدة للطقم الطبى أو بعقاب رمزى أو بتعويض تافه. و هذه المسألة هى" كعب أخيلس " فى النظام الطبى كله و يضمن إصلاحها قدرا كبيرا من الضبط و الربط .
*************************
لقد فشلت الدولة فشلا ذريعا فى تحويل مصر الى دولة متقدمة ، بل إن تدهورا حضاريا قد حدث خلال العقود الأخيرة أهم معالمه انتشار التحدى العلنى للقانون على نطاق واسع . و كان نمو قطاع الدولة الاقتصادى سببا مباشرا للنمو غير المسبوق للفساد . و قد تكونت بعد انقلاب 1952 نخبة حاكمة من العسكريين و رجال الإدارة ، ارتبط كثير من أفرادها بالقطاع الخاص تدريجيا و انفرد هؤلاء بالسلطة فى 1971 و هم الذين يشكلون الآن أوليجاركية . و لا تسمح هذه الأوليجاركية بتطبيق نظام الاقتصاد الحر عكسما تدعى و لا تعمل بالتالى على تحقيق الشفافية و ما زالت تقر مبدأ " أهل الثقة قبل أهل ا لخبرة " رغم إعلانها عكس ذلك و ترفع شعارات مثل : الحفاظ على القيم الأصيلة ، و الحفاظ على مكاسب العمال و الفلاحين ، لتدعيم سيطرتها . و رغم ادعائها بتبنى اقتصاد السوق تصر على دستور يتبنى فى احدى مواده النظام الاشتراكى ! كما أنها تصادر المجتمع المدنى لحساب الدولة .
و قد فشلت النخبة الحاكمة طوال العقود السابقة فى اتخاذ أى إجراء جذرى فى أى اتجاه ، حتى لقد فشلت فى تنفيذ أى برنامج للتخلص من القمامة !!
لا يتمتع رجال الأعمال حتى الآن بحرية العمل و لا بتكافؤ الفرص ، و ما يزال وجود علاقة خاصة بين رجل الأعمال و الدولة ضروريا للحصول على فرص الاستثمار الجيدة . و من جهة أخرى لا يتمتع العمال و الأجراء عموما بضمانات حقيقية ضد الفصل ( أى إعانة البطالة التى لا تزيد حاليا عن ستة أسابيع و لا يعرف الا القليلون بوجود هذا الحق فى القانون ) و لا بحق الإضراب ( تضمن قانون العمل الجديد هذا الحق بشروط تعسفية ) ، و النقابات تابعة فعليا للدولة .
ومن الواضح وفقا لمعطيات الواقع المصرى الحالى أن الخروج من الأزمة العامة و المزمنة يتطلب نظاما سياسيا أكفأ و قوانينا وإدارة أقدر على تجاوز المظاهر سابقة الذكر للأزمة ، بالإضافة الى ثقافة أكثر عقلانية و انفتاحا على الثقافات الأخرى و قدرا كبيرا من حرية الفرد .
لقد أدت سياسات " أهل الثقة " و تسكين الصراع الطبقى و تهميش المجتمع المدنى و قمع المثقفين الى عواقب وخيمة ، بل ان البلاد صارت مهددة بالخراب الاقتصادى ، و لولا السياسة الخارجية الموالية للولايات المتحدة تماما لدمر الاقتصاد المصرى منذ سنوات طويلة لأنه - كاقتصاد – بالغ الهشاشة .
و من الواضح أن السياسات البيروقراطية المسماة "بالاشتراكية " لم تعد صالحة لتحقيق أى تقدم بعد أن أثبتت التجارب التاريخية ذلك , و خصوصا مع مجيىء العولمة ، التى لا مفر منها الآن للتعامل مع العالم الخارجى .
وفقا لقواعد السوق الدولى : البقاء للأقوى و الأصلح . أى أن إطلاق حرية الفرد و رأس المال و قوى المجتمع المدنى و إزالة كل أشكال التمييز بين البشر على أساس غير الكفاءة أصبح ضروريا لاانطلاق عملية التطور بأسرع ما يمكن . و هذا يعنى ضرورة اللبرلة الكاملة ؛ إطلاق المنافسة الحرة و تحقيق الشفافية ( التى تعنى بالضبط تكافؤ الفرص ) و إزالة كل العقبات الأيديولوجية و البيرقراطية . و من الأفضل أن تقوم الدولة الآن بحماية مثل هذه اللبرلة ، و بدلا من القيام بدور صاحب الدار عليها أن تقوم بتشجيع التطور من خلال تقديم الحوافز المادية أفضل من الوعظ . و بدلا من ممارسة القهر و التعنت و إصدار الكثير من قرارات المنع ، من الأفضل للتقدم الاجتماعى و التكنولوجى أن يكون الفرد حرا و أن يتحمل فى نفس الوقت مسئولية هذه الحرية . فلينجب كما يشاء و ليستثمر و ليستهلك ما يريد و لكن على نفقته الخاصة ؛ فكثرة الممنوعات و تضخيـم أجهزة الرقابة لم يمنعا الخروج على النظام و القانون كما أنه ليس من الممكن تركيب ضمير لكل مواطن ، و لا يمكن بالدعاية وحدها إقناع الناس . فالآلية الفعالة فعلا لحفز الناس على التصرف بطريقة ما هى خلق علاقة مصلحة وثيقة بينهم و بين هذا النوع من السلوك أو ذاك . من حق كل انسان أن يخطىء و لكن عليه أن يدفع ثمنا حقيقيا دون إهانة أو إذلال و من الأفضل أن يتم دفعه الى سلوك مفيد اجتماعيا من خلال الحوافز و القوانين الرادعة للمخالفات فى نفس الوقت مع وضع نظام محكم للضبط و الربط على الصعيد الاجتماعى بدلا من فرض مئات الممنوعات و تضخيم أجهزة الأمن و الرقابة . و بدلا من إهانةالمواطنين و تعذ يبهم يجب أن يعاملون بكل احترام على أن يعاقب المخالفين للقانون عقابا رادعا .
من أجل تحقيق تحديث جذرى من الضرورى إزالة كل ما يمكن من التوترات الاجتماعية و بالتالى إطلاق الحريات العامة على كل الأصعدة ، لضمان إنطلاق طاقة الأفراد و نمو المجتمع المدنى . كما أن الحريات الشخصية ضرورية للغايةٌ ٌٌلإزالة التوترات الشخصية كذلك و هو شرط ضرورى لزيادة فعالية الفرد .
القوى القادرة على التغيير :
القوة الاجتماعية الوحيدة المستفيدة تماما من التأخر الحالى هى النخبة الحاكمة نفسها من بيروقراطيين و رجال أعمال مرتبطين بهم و المنغمسون فى فساد بشع ، بالإضافة الى أيديولوجيىٌ النظام .
كل الطبقات الأخرى لها مصلحة ما فى تغيير اجتماعى كبير . و لكن ليست كلها قادرة أو راغبة فى العمل و ليس كل الأفراد يعتقدون أن التحديث هو الطريق الأمثل لسعادتهم . أما فكرة " المصالح الموضوعية " و فكرة " عدم وعى الجماهير بمصالحها " فهى ضمن الأفكار الشمولية و هى ادعاء باحتكار الحقيقة وتمثيل الآخرين الذين لا يرغبون فى ذلك .
اذن يلائم مشروع التحديث المطروح هنا من يرغب فى تحقيقه . و يمكن فقط تحديد القوى التى يمكن أن تعمل من أجله على سبيل التوقع .
توجد فى مصر جماعات من المثقفين الذين يريدون الحياة فى مجتمع يستطيع استيعاب نشاطهم العلمى أو الثقافى و يرحبون حتى بالهجرة الى البلدان الغربية المتطورة لهذا السبب. كما يوجد آلاف من رجال الأعمال الذين يعانون من فساد و تأخر النظام بل و يتهددهم السجن بسبب عجزهم عن ممارسة نشاطهم الاقتصادى فى ظل النظام الحالى . والكثير من الفقراء يعانون و يتمنون نظاما أحدث .
مع ذلك تظل الفئة الوحيدة الفاعلة سياسيا هى الانتلجانسيا ( و أقصد بالضبط : المتعلمين فى المعاهد و الجامعات ) ، و التى يتعاطف جزء منها فقط مع أفكار التحديث . و هذه هى الفئة المؤهلة لهذا السبب للنضال الديموقراطى أكثر من غيرها .
من الممكن بالتأكيد أن ينضم لهؤلاء الكثير من الفئات المذكورة ، و من الممكن بسهولة أن يقتنع ملايين المصريين " بفوائد " التحديث و يناضلون من أجله .
برنامج عام :
إزاحة النخبة الحاكمة ومحاسبة أفرادها على ما اقترفوه من مخالفات و جرائم فى حق الشعب
النظام السياسى & الحريات العامة :
1- نظام جمهورى حقيقى يتم فيه انتخاب الرئيس
2- دستور ديموقراطى يعتمد الليبرالية السياسية و الاقتصادية و الفصل بين السلطات
3- إلغاء قانون الطوارىء و كافة القوانين المقيدة للحريات السياسية
4- حرية التعبير شاملة التظاهر السلمى و الاجتماع ، بدون إذن من أجهزة الدولة
5- حق الإضراب لجميع المواطنين فى حدود قانون العمل الدولى
6- التجنيد الإجبارى يكون فى القوات المسلحة فقط و ليس فى جهاز الشرطة
7- حق إصدار الصحف لكل الأفراد و المؤسسات
8- إلغاء نسبة ال 50 % للعمال و الفلاحين
تحرير المجتمع المدنى من سطوة الدولة وضمان حقوق الأفراد :
1- إلغاء عدد من الوزارات غير الضرورية مثل : الإعلام و الثقافة ..
2- حرية تشكيل الأحزاب السياسية (غير المسلحة بالطبع ) بلا أية شروط أو قيود،
3- رفع أية سلطة قانونية أو فعلية للدولة على النقابات و اتحادات الطلاب
4- إلغاء كل القوانين و اللوائح و القرارات التى تعيق الحريات الشخصية بما لا يتناقض مع حقوق الآخرين .
5- الحرية الكاملة للجمعيات الأهلية و استقلالها عن الدولة ماليا و إداريا بالكامل
6- إلغاء الرقابة على المصنفات الفنية ووسائل الإعلام
7- اعتبار العقاب الجماعى جريمة لا تسقط بالتقادم و فرض عقوبات رادعة على من يمارسها من المسئولين بالدولة
8- زيادة كبيرة فى التعويضات المادية مقابل الأضرار التى تنجم عن الاعتداءات المقصودة و غير المقصودة سواء من جانب الدولة أو الأفراد بما يلائم مستوى الأسعار و فى حدود الأضرار الناجمة عنها
9- إلغاء عقوبة الإعدام و استبدالها بالسجن مدى الحياة .
10- فرض عقوبات قاسية فى جرائم المخدرات ( شاملة التعاطى)
11- فرض عقوبات مانعة فى جرائم الأموال العامة و المحسوبية و الرشوة و استغلال النفوذ بدون استثناء الوزراء و أعضاء البرلمان و النص على ذلك بوضوح
11- تغليظ العقوبات ضد مختلف الجرائم خصوصا تلك التى تهدد الأمن العام ، بما فيها جرائم الشرطة ، شاملة تعذيب و إهانة المواطنين أو القبض عليهم تعسفيا
12- تطبيق عقوبة الحبس الطويل ضد محترفى التسول المباشر و غير المباشر
13- الحبس مدى الحياة " لمحترفى الإجرام و هم من يتم تصنيفهم حاليا " مسجلين خطر "
14- اعتبار تلويث البيئة و إثارة الضوضاء و إشغال الطريق جرائم تستحق العقاب
التحرير الاقتصادى:
تحرير الاقتصاد من هيمنة الدولة و إطلاق قوى السوق هو الضمان الموضوعى الرئيسى لإطلاق عملية التنمية و زيادة الإنتاجية و تحجيم الفساد . فالكعكة الحكومية الكبيرة للغاية هى العامل الرئيسى وراء استشراء الفساد . كما أن انعدام الشفافية يعيق بشدة من عمليات الاستثمار . كذلك تشكل خسائرقطاع الدولة وكثرة ديونه عبئا كبيرا على الميزانية . و يُعد إطلاق قوى السوق حافزا قويا لتطوير القطاع الخاص لنفسه ؛ فالبقاء للأصلح ، و بالتالى ستستمر فقط المشاريع المتطورة و المدارة جيدا و القادرة بالتالى على المنافسة . و بالمثل يؤدى فتح باب الاستيراد للسلع و رأس المال و العمالة –فى حدود معينة – الى دفع عناصر الإنتاج المحلية الى تطوير نفسها .
1- خصخصة كل المؤسسات الاقتصادية (بما فيها المؤسسات الخدمية) و الإعلامية و الثقافية ( بما فيها المتاحف و المنتجعات السياحية ) بالبيع أو إسناد الإدارة ( حسب طبيعة المؤسسة ) للقطاع الخاص سواء المحلى أم الأجنبى ، بما فى ذلك قناة السويس و السد العالى و المؤسسات الخدمية الأخرى كالمياه و الكهرباء ..الخ
2- الغاء الدعم نهائيا على كافة السلع و الخدمات
3- عدم التمييز فى الأسعار بين المصرى و الأجنبى و تجريم ذلك
4- إلغاء كل معوقات الاستثمار من قوانين و لوائح عقيمة و غير ضرورية فعليا
5- جعل منطق فرض الضرائب الجمركية هو حماية الصناعة المحلية – فى إطار الاتفاقيات الدولية- وعدم اعتبارها مصدرا لدخل الدولة و تعديلها على هذا الأساس؛ أى تخفيضها و إلغاء معظمها .
6- إلغاء الكادر الحكومى للأجور و المرتبات
7- تحدد الأجور بالاتفاق بين الإدارات و النقابات سواء فى القطاع الخاص أو الدولة
8- رفع النسبة القصوى المسموح بها من العمالة الأجنبية فى مختلف المشروعات الى 30 % ، تزيد فى حالة عدم توافر الخبرات المطلوبة محليا
9- يحق لكل مواطن أو أجنبى الشراء بالعملة المحلية و جعل التسديد بالعملات الأجنبية اختياريا
10- حق المدير فى فصل العاملين بدون إبداء الأسباب ( فى حالة وجود أسباب و مشاكل شخصية من المنطقى أن تختص جهة أخرى بالفصل فيها و هى المحاكم )
11- إلغاء التزام الدولة بتعيين الخريجين شاملا ما يسمى ب " التكليف " المطبق على بعض الفئات
12- إلغاء الحد الأدنى لرأس المال المستثمر
13- قانون لمنع الاحتكار
العلمنة الكاملة :
رفع يد الدولة عن الدين و تحرير الأفراد دينيا بالتالى هو أمر ضرورى لوقف استغلال الدين فى السياسة لتحقيق مصالح خاصة باسم الإرادة الإلهية ، و التخلص من ظاهرة ادعاء البعض باحتكار الحقيقة و تفسيراتها كذلك و امتلاك حق تكفير الناس أو منحهم صك الإيمان مقابل أجور و دخول خيالية من جيب دافعى الضرائب الفقراء فى أغلبهم . كذلك يعد هذا ضروريا لرفع القيود على الإبداع الأدبى و الفنى و العلمى لكى يصبح المجتمع –من خلال السوق المفتوحة – هو الحكم الحقيقى على أنشطة الأفراد . و هذا أمر ضرورى لدفع عملية الإبداع و إطلاق المنافسة .
1- الغاء التلقين الدينى فى المدارس و الجامعات و جعل الدين مادة للدراسة بغرض معرفة ما تقوله مختلف الأديان .
2- رفع يد الدولة عن الأزهر و إعادته الى سابق عهده كمدرسة دينية مع تحريره من هيمنة الدولة ماليا و إداريا و فكريا ( أى : خصخصته ).
3- تحويل المدارس الدينية الى مدارس عادية
4- تحويل جامعة الأزهر الى جامعة عادية
5- الغاء بند الدين من كافة الأوراق الرسمية
6- تحرير المساجد من هيمنة الدولة اداريا و ماليا بجعلها تابعة للأزهر المستقل أو لأصحابها مع إلغاء كافة الامتيازات المالية لمن يبنون مساجد على نفقتهم الخاصة
7- الغاء كل أشكال التمييز الدينى ، مثل "الخط الهمايونى " و منح حق الدراسة فى أى مؤسسة لجميع المواطنين بغض النظر عن دينهم
8- حرية الاعتقاد بشكل مطلق ، شاملة حق أى مواطن فى تغيير عقيدته بحرية و بدون اجراءات رسمية ؛ بدون أية مساءلة
9- الغاء أية سلطة للكنيسة فى مجال الحقوق مثل الأحوال الشخصية
10- وقف أى شكل للدعم الحكومى للمؤسسات الدينية : الإمداد بالأرض و المال و المياه و الكهرباء . بل على هذه المؤسسات أن تتحمل تكاليفها بالاعتماد على التبرعات الشعبية أو أية مصادر غير ميزانية الدولة
11- الغاء الرقابة الدينيةعلى القوانين أو الأعمال الأدبية و الفنية و أى نشاط آخر .
12- الغاء أية سلطة و لو شكلية لدار الإفتاء مع تحريرها ماليا و اداريا من هيمنة الدولة و تحرير حق الإفتاء نفسه من احتكار فئة معينة .
13- جعل الزواج مدنيا ، بمعنى أن يتم فى الشهر العقارى أو مؤسسة مدنية مختصة لكل المواطنين بغض النظر عن دينهم .
14- الغاء المرجعية الدينية للقوانين و الدستور و جعل الصالح العام هو مصدر التشريع ، و الذى من المفترض أن يدافع عنه البرلمان . و تعد هذه النقطة الأكثر حساسية للكثيرين و لكنها فى الواقع تحقق قدرا أكبر من العدالة و الشفافية ؛ فالادعاء بتمثيل الدين أو الأيديولوجيا عموما عادة ما يخفى مصالحا خاصة ، أما الإعلان عن هذه المصالح مباشرة فيزيل اللبس و الغشاوات و يمنح كل الفئات الفرصة لطرح وجهة نظرها مباشرة بغير تعمية أو ادعاء الكلام باسم الدين . و هو ما يقود فى النهاية الى تجاوزالمناقشات العقيمة حول معنى أو تفسير النص .
و هذه النقطة تتضمن إلغاء ما يسمى ب" الدين الرسمى للدولة " و عدم قبول أن تتبنى الدولة لأيديولوجية رسمية ، و قصر هذا الحق للأفراد و مؤسسات المجتمع المدنى .
المساواة بين الرجل و المرأة :
ما تزال المرأة المصرية تعتمد على الرجل ماديا وسياسيا و غير ذلك . و يؤدى التمييز القائم الى قهر نصف السكان و الى إهدار كفاءات مفيدة للمجتمع و الإضرار بملايين الأطفال . و لا يوجد أى مبرر لاضطهاد المرأة سوى ضيق أفق بعض المؤسسات المحافظة المتعيشة على إثارة النعرات الظلامية .
1- منح الجنسية لأبناء المصريات المتزوجات من أجانب
2- حق المرأة فى التقدم لأية وظيفة ( بما فيها وظيفة القاضى ) و تجريم أى تمييز فى هذا المجال
3- معاقبة – بقسوة- كل من يمارس أو يسهل إجراء ختان الإناث مع منحهن الحق فى التعويض السخى و اعتبار ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم
4- إلغاء بنود القوانين التى تميز بين الرجل و المرأة ( مثال ذلك ما يعطى للرجل حق قتل المرأة فى ظروف معينة ! )
5- حق المرأة المطلق فى الطلاق أسوة بالرجل ، و تطبيق ذلك على كل المواطنين بغض النظر عن الدين
6- يتم الطلاق أمام القاضى مع تسوية كل ما يتعلق به و ما يترتب عليه فى نفس الوقت و دفعة واحدة
7- تجريم مبدأ تعدد الزوجات مع فرض عقاب مناسب
8- حرية السفر للمرأة أسوة بالرجل
9- إقرار حق الأجنبى المتزوج من مصرية فى الحصول على الجنسية المصرية بشروط مناسبة و بدون تعسف أو تشدد .
10- حق الإجهاض بلا قيد
إصلاح الإدارة الحكومية :
1- التخلص من العمالة الزائدة بالكامل فى جهاز الدولة مع منحها إعانة بطالة
2- تعميم استخدام الكمبيوتر فى الإدارة الحكومية و خلق شبكة موحدة لكل الإدارات و التخلص من النظم العتيقة فى التدوين و الأرشفة
3- ربط الإدارات الحكومية بشبكة الإنترنت لتسهيل معاملات المواطنين
4- إعادة بناء جهاز الضرائب و إلغاء التقدير العشوائى
5- تنقية اللوائح من الشروط و الإجراءات غير الضرورية و المتعسفة مع إلزام كل المؤسسات الحكومية بإلإعلان عن الإجراءات المطلوبة من المواطنين فى شتى المجالات فى مطبوعات خاصة و إعلانها على شبكة الانترنت ( هذا مطبق جزئيا و فى بعض المؤسسات فقط و كإعلانات حائط )
6- إلزام الجهاز الجكومى بدفع تعويضات كبيرة لما يسببه للمواطنين من تعطيل مصالح أو خسائر و سن قانون بذلك
تطوير التعليم و البحث العلمى :
1- الاستعانة بخبراء فى التعليم من البلدان المتقدمة فى هذا المجال لوضع الخطط و الإشراف على تنفيذها
2- تغيير طريقة التقييم ( الامتحان ) و تطبيق النظم الأمريكية فى هذا المجال
3- إلغاء الكتب المقررة و المذكرات فى الجامعات
4- ربط الجامعات المصرية بجامعات أجنبية متقدمة و ذات سمعة عالمية ، بحيث يتم معادلة الشهادات المصرية بشهادات تلك الجامعات و بالتالى إعادة تقييم نظم الدراسة و تقييم أساتذة الجامعة وفقا لمعاييرها و تحت إشرافها
5- لا يجوز السماح لأساتذة الجامعة بالعمل فى أى نشاط خاص ، و بالتالى التفرغ التام لعملهم فى الجامعة
6- جعل العمل بالتدريس بالجامعة أكثر ديناميكية ؛ بالسماح – وفقا للوائح جديدة - بالتحاق أفراد من خارج الجامعة للعمل بها استنادا الى الكفاءة دون اشتراط المرور بكل " الدرجات " الجامعية ، وفقا لمسابقات خاصة .
7- استقلال الجامعات عن الدولة و تحويلها الى مؤسسات مستقلة ماليا و إداريا تعتمد ماليا على التبرعات و تسويق نشاطها فى مجال البحث العلمى بالإضافة الى المصروفات الدراسية مع تمليكها للعاملين بها ملكية تعاونية كحق انتفاع
8- إلغاء كافة القيود على البحث العلمى سواء دينية أو سياسية أو أيديولوجية
9- حوافز لمؤسسات البحث العلمى الخاصة و التابعة للجامعات و تقديم دعم مالى حكومى كنسبة محددة من ميزانية الدولة
10- التعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية و يتم مساءلة و عقاب ولى الأمر المقصر فى تعليم أبنائه بالحبس . و تلتزم الدولة بتقديم هذه الخدمة ( و خدمة محو الأمية ) برسوم غير مبالغ فيها ، مع تشجيع نشوء و نمو قطاع تعاونى فى مجال التعليم ، أى أن تنشأ مدارس كملكية تعاونية للعاملين بها ، معتمدة ماليا على الرسوم المحدودة و التبرعات والدعم الحكومى غير الملزم
تطوير الخدمة الطبية :
1- دمج القطاع العلاجى لوزارة الصحة و المؤسسة العلاجية والهيئة التعليمية فى التأمين الصحى
2- لكل مواطن حق فى الاشتراك فى التأمين الصحى سواء كان يعمل بالحكومة أو القطاع الخاص أو لا يعمل
3- يحدد مبلغ مناسب للاشتراك فى التأمين الصحى و ليس مبلغا رمزيا كما هو حادث الآن لمعظم المشتركين بحيث يصبح التأمين الصحى مستقلا ماليا عن الدولة
4- حظر الجمع بين وظيفتين (و اعتبار العيادة الخاصة وظيفة ) للأطباء
5- تصرف الأدوية بالوصفة الطبية فقط
6- تغلق الصيدليات التى تبيع أى سلع غير الأدوية
7- يعاد النظر فى برامج إعداد الأطباء المقيمين و الأخصائيين بشكل جذرى واتباع النظم المطبقة فى الدول المتقدمة ، خصوصا الولايات المتحدة .
8- إغلاق معاهد التمريض و إعداد الممرضين فى كلية التمريض و تطبيق نفس الفكرة على الفنيين
9- تحقيق قدر من الاستقلال الإدارى للمستشفيات ( نظام التسيير الذاتى )
10- ثورة إدارية فى القطاع الصحى كله بحيث تصبح الكلمة العليا للأطباء و بقية الأطقم الفنية
11- تغليظ العقوبات مقابل أخطاء المهنة و زيادة مبالغ التعويض الى عشرات و مئات الألوف و جعل البديل هو السجن ، بالإضافة الى سحب ترخيص مزاولة المهنة . و هذا كفيل بضبط مهنة القطاع الصحى كله : فسيزداد الحرص على تطبيق القواعد العلمية فى العلاج ، و ستتحمل الإدارات المسئولية و ستغلق المستشفيات غير المطابقة للمواصفات أبوابها مع أول قضية و ستتوقف الدولة عن إهمال الصحة العامة الخ .. و يشبه دور هذه المسألة فى قضية الصحة دور تغيير نظام الامتحانات فى إصلاح التعليم
12- فرض غرامات كبيرة و إغلاق المؤسسات الطبية غير المرخصة أو غير المطابقة للمواصفات مع وضع مواصفات مقبولة عالميا
13- فرض ضرائب عالية على صناعة و بيع الخمور و السجائر تخصص لقطاع التأمين الصحى
14- فرض عقوبات و غرامات كبيرة على كل من يلوث البيئة سواء من الأفراد أو المؤسسات
تطوير جهازالعدالة و آليات تحقيقها:
هذا هو الأساس الفعلى لضمان نجاح مجمل الإصلاحات المذكورة .فيجب أن يضمن المواطن حصوله على حقوقه و يتمتع بالحماية و يدفع ثمن حريته دون أن يقف على بابه شرطى . لذا فمن الضرورى أن يصبح جهاز العدالة كبير و سريع و مستقل فعليا و لديه القدرة على التنفيذ السريع للأحكام و أن تكون أحكامه نفسها قانونية .
1- إلغاء كافة المحاكم الاستثنائية و قصر المحاكم العسكرية على محاكمة العسكريين
2- زيادة كبيرة فى عدد القضاة و وكلاء النيابة
3- وضع نظم أكثر فعالية لتفادى التلاعب فى القضايا تشمل عقوبات قاسية لأية مخالفة مع حق المتضرر فى التعويض من قبل جهازالقضاء نفسه
4- تغيير جذرى فى النظام القضائى بخصوص "الإجراءات " ؛ بزيادة الاعتبار بمضمون الوقائع و مدى صحتها عموما و تقليل شأن أخطاء الإجراءات التفصيلية
5- جعل " مرتبات " المستشارين غير محدودة
6- تضاف الى سلطات المحكمة متابعة تنفيذ الأحكام و مساءلة جهاز التنفيذ جنائيا فى حالة التقصير
7- فرض آليات محكمة لضمان تسديد الالتزامات المالية و التعويضات من خلال ربط كل مواطن بالبنك و فرض عقوبة الحبس فى حالة عدم إمكانية التسديد فى جميع الحالات ( أى بما فيها ما يسمى ب " الدين المدنى " )
8- يحق لكل مواطن مقاضاة و الحصول على التعويض المناسب من الجهات الحكومية التى تتراخى فى ضبط أية مخالفات تضر بأحد أو عدد من المواطنين ، مثل التصرفات التى تلوث البيئة بشكل ملحوظ و مخالفات المبانى و المنشئات ..الخ
9- تشكيل جهاز كبير لمراجعة الأحكام القضائية و محاسبة القضاة المخطئين و تصحيح الأحكام خلال مدة محدودة
10- منح الجهاز المركزى للمحاسبات سلطة الضبط القضائى على القطاع الخاص و مؤسسات الدولة و سلطة متابعة الثروات الفردية بشكل مستمر للتأكد من شرعية مصادرها
تطوير العلاقات الاجتماعية :
من الأمور الضرورية لدفع عجلة التنمية وقف النمو السكانى و تخفيض ازدحام المدن و التغلب على تلوث البيئة و حماية الناس من محترفى الإجرام و تخفيض معدل الفقر و تقليص ظاهرة التسول و مكافحة المخدرات فعليا .
1- على كل والدين دفع رسوم سنوية مقابل إنجاب الأطفال ابتداء من الطفل الثانى ، بقدر مناسب لتغطية ما يكلفه للدولة
2- وقف كافة أعمال البناء و الترميم فى المدن القديمة
3- تقديم الأرض مجانا فى المدن الجديدة للمواطنين سواء لإقامة المشروعات أو السكن ، كحق انتفاع
4- يمنح ترخيص مزاولة مهنة فقط لمن أنهوا مرحلة التعليم الإلزامى على الأقل و فى مجال التخصص ، فى كل المجالات بما فيها الأعمال الحرفية و قيادة السيارات و التجارة و العمل فى مجال السياحة و الخدمات المختلفة بحيث يصبح سوق العمل مفتوحا فقط للعناصر المؤهلة و بالتالى القادرة على تقديم الخدمة بأفضل الأشكال و القادرة على إدارة أعمالها . و هذا يعادل بالضبط وضع مواصفات للسلع ( و الأمر الأخير مطبق فعلا ) .
5- دفع إعانة بطالة للعاطل المسجل تعادل الحد الأدنى لتخصصه كما هو سارى فى سوق العمل و يمول الصندوق بنسبة تقتطع من المرتبات و يتولى الأمر جهاز التأمينات الاجتماعية
6- تسهيل الحصول على الجنسية المصرية للمقيمين فى البلاد بشكل قانونى مدد طويلة ، خصوصا للعناصر المتعلمة و تحمل خبرات مطلوبة فى السوق المحلى
7- تشجيع القطاع التعاونى بتخفيض الضرائب و الرسوم
8- خصخصة هيئة التأمينات الاجتماعية و المعاشات كأى شركة تأمين مع إشراف مناسب من البنك المركزى سواء تمت خصخصته أم لا
الموقف من الغرب ، و القضية الفلسطينية :
من مصلحة البلدان الغربية المتطورة إجراء بعض التحديث فى الشرق الأوسط و منه مصر . و إن كان إحداث تطور كبير هنا قد يكون غير مرغوب فيه تماما بسبب الطموحات المصرية التقليدية للهيمنة الإقليمية . الا أنه اذا كان الغرب قد استوعب اليابان و حتى الصين فلا يشكل استيعاب مصر مشكلة لا حل لها . لذلك ليس من المتوقع أن تعرقل الدول الكبرى عملية تحديث حقيقية فى مصر الا حسب ضغوط الصهيونية مالم تحدث تغيرات أيديولوجية و سياسية عميقة فى إسرائيل و هو ما لا يبدو فى الأفق حاليا . و من الضرورى أن يؤيد الغرب خطوات التحديث حتى تتم فعلا و بأقل التكاليف . لذلك من الضرورى طرح مشروع للسلام مع اسرائيل و ممارسة كافة الضغوط الممكنة لكسب التأييد الغربى من خلال فضح الصهيونية أمام الرأى العام الغربى بالإضافة الى اتباع سياسة إعلامية متطورة و غير حكومية تعتمد الشفافية ، و تضع هذا الهدف نصب أعينها . و من الضرورى كذلك الدعاية لعملية تحديث مصر نفسها لتحقيق الغرض نفسه .
ليس من المفيد إطلاقا بث دعايات و برامج تعليم معادية للغرب و هو أمر غير مبرر بأى حال (و هو ما يجرى حاليا و منذ قرون ) حيث أنه لا يوجد عداء تاريخى و لا مؤامرة غربية ضد مصر أو العرب أو الإسلام كما يدعى الكثيرون هنا . و يتطلب التحديث نفسه إزالة تلك الخزعبلات و عقد النقص و لنتذكر أن التاريخ الاستعمارى للغرب يقابله تاريخ مماثل للعرب و المصريين أيضا. و من الأمور الواضحة فى السياسة الدولية أن مصالح الدول ( و الشركات ) هى التى تحدد ميولها و قراراتها . لذلك يكون خلق مصالح مشتركة أساسا قويا للتصالح مع الغرب و" التطبيع" معه و دفعه للتخلى عن الصهيونية و هناك مؤشرات على حدوث هذا فعلا فى أوربا .
إن الدعوة لتخلى اسرائيل عن العنصرية لن تـنجح الا ا ذا تخلينا عن عنصريتنا . و الضغط عليها لتتخلى عن إيمانها بالأساطير يتطلب منا أن نفعل الشيىء نفسه و مطالبتها بالتحول الى دولة علمانية سيكون منطقيا اذا كان لدينا نحن دولة علمانية .
فى الحقيقة لا يوجد أى مبرر لدق طبول الحرب فى الوقت الحالى لأن الحرب ستؤدى الى الهزيمة و الى إساءة علاقاتنا بالغرب . و المشروع الأكثر عملية و قبولا من " المجتمع الدولى " يتلخص فى الآتى :
1- فعل ما من شأنه تحقيق الهدوء على الأراضى الفلسطينية ( وقف كافة أشكال العنف – انسحاب اسرائيلى من المدن الفلسطينية )
2- اعتراف عربى واضح بحق يهود اسرائيل فى البقاء على هذه الأرض و العيش فى سلام ، مقابل اعتراف اسرائيلى بنفس الحق للعرب و التخلى بشكل رسمى و صريح عن الأيديولوجية الصهيونية و إدانة الحركة الصهيونية بكل مفاهيمها و الاعتراف بأن وجود اليهود اليوم فى فلسطين هو مجرد أمر واقع و ليس حقا تاريخيا
3- إذا تم هذا يجب تغيير مناهج التعليم على الجانبين و حل المنظمات المسلحة
4- إقامة دولة فلسطينية مستقلة فى الضفة و غزة
5- التفاوض من أجل الحل النهائى الذى يمكن أن يكون بتوحيد الدولتين أو بإعادة تقسيم فلسطين مع تعويض اللاجئين و منحهم حق العودة اما الى الدولة الموحدة أو الى الشطر الفلسطينى
6- إلغاء" حق العودة" لليهود
7- تخلى اسرائيل عن أسلحتها النووية
8- علاقات طبيعية مع الدولة الموحدة أو اسرائيل اذا تم الاتفاق على تقسيم فلسطين
ومن الواضح أن هذا الحل بعيد المنال بسبب تعصب النخبة الإسرائيلية ، ولكنه حل مرضى للمجتمع الدولى أو على الأقل يمكن أن يقبله اذا بُذل الجهد الكافى لفضح الصهيونية عالميا و الضغط على اسرائيل بدعم الكفاح الفلسطينى فى الوقت ذاته و عدم تقديم أية تنازلات بينما يجرى خلق قنوات اتصال جيدة مع الجماعات غير الصهيونية أو القابلة للتحول فى اسرائيل ، لأنه – ببساطة – بدون تنفيذ هذا لن يكون هناك أى سلام و يصبح البديل لنا هو المناورات السياسية مع الاستعداد للحرب . و فى كل الحالات يشكل طرح هذا البرنامج سلاحا جيدا إما لتحقيق السلام أو للتحضير للحرب .
**********************************
و الآن ما العمل ؟
هذا المشروع له أنصار .. و له أعداء ؛ أهمهم النخبة الحاكمة . و من هنا سيتم تنفيذه من خلال صراع مع تلك النخبة . و الأمر يتطلب الآتى :
1- كفاح أيديولوجى ضد الفكر "القومى" و الشمولى
2- فضح ممارسات النظام فى الصحافة و وسائل الإعلام الأخرى إذا أمكن
3- فضح عناصر الفساد و أجهزة الدولة المتراخية وملاحقتها أمام المحاكم
4- خوض الانتخابات النقابية و البرلمانية و انتخابات المحليات بهذا البرنامج
5- إصدار الكتب و النشرات واستخدام الانترنت لشرح أهمية التحديث و الإجراءات المطروحة فى هذا البرنامج
6- تشكيل حزب سياسى فى اللحظة المناسبة
7- التحالف مع مؤسسات تقدمية فى الخارج لتبادل الخبرات و التنسيق لفضح النظام
8- قيادة الجماهير لتحقيق مطالب جزئية حين يكون هذا ممكنا
9- تكوين جمعيات و مؤسسات مدنية مختلفة لمناصرة المشروع
10- الاتصال بالمنظمات الديموقراطية الموجودة و التنسيق معها
11- فى النهاية لابد من إزاحة النخبة الحاكمة من خلال الانتخابات مدعومة بالضغوط الشعبية
*************************