|
-الحوار المتمدن- و-أنا علماني-
حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)
الحوار المتمدن-العدد: 3949 - 2012 / 12 / 22 - 21:27
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
لاحظت مؤخرا إعادة نشر عدد من مقالاتي – دون إذن- والتى تنشر على موقع "الحوار المتمدن" – دون غيره - على موقع "أنا علماني"، ووجدت فيها فرصة مناسبة للتعريف بوجهة نظر قطاع عريض من هذا الجيل؛ ولكنى أولا: أحب أن أقتبس هذه الفقرة (ص22) من مقدمتي لكتابي "المصريون بين التكيف والثورة": " وعلى المستوى السياسي والفكري لم تكن الحركة الطلابية والثورية مشحونة بتراث الصراع التاريخى المتراكم، بين ما يسمى: بأحزاب اليسار والليبرالية المصرية وما يسمى: بفصائل الدين السياسي وحركاتها السياسية، هذا الصراع الذى ظن فيه البعض وفقا لبعض الظروف والسياقات التاريخية، أنه وحده المدافع عن الدين وحاميه! وظن البعض الآخر- أيضا وفق ظروف وسياقات تاريخية مغايرة- أن التقدم والعلم والمدنية والتحديث يرتبط بالغرب واجتهاداته النظرية فقط ..!" عل هذه الفقرة المقتبسة توجز ما أريد قوله؛ التاريخ يرتبط بأحداث تقودها طليعة متغيرة دائما، فلكل حدث تاريخي طليعة ترتبط به وبظرفياته ويمتزجان سويا. هناك طليعة تقف عند حدث تاريخي وتتعامل معه بمفهوم عقائدي نفسي سياسي وهو ما اصطلح على تسميته: بالأيديولوجيا السياسية، التى قد تقف وترتبط بحدث تاريخي له ظرفياته وتتشدد فى رغبتها، ودعوتها لإعادة إنتاج نفس الحدث بنفس التعريفات والملابسات! وتسمى هذه: بالأصولية سواء كانت يمينية أو يسارية؛ والمشكلة أن التاريخ والتطور البشرى يتوقف عند هؤلاء تماما، ويرفض كل جديد سوى ما يمر من خلال تعريفاته فقط، يريدون الحرية من خلالهم.. الثورة من خلالهم.. العمل الجماعي من خلالهم.. أذكر فى بداية الحركة الطلابية فى مطلع هذا القرن (التى واكبت دعم الانتفاضة الفلسطينية)، أننا قد التقينا باليمين الذى أردانا أن نلبس ردائه وشعاراته، وتقابلنا باليسار الذى أرادنا كذلك أن نلبس شعاراته. لا هذا ولا ذاك أراد حركة مصرية مستقلة تطور آلياتها وأفكارها بنفسها؛ وهذا لا ينفى وجود عدد من الأفراد التى تتصف بالصدق والحقيقية والموضوعية من هنا أو هناك؛ فأذكر حين طرحنا مشروعنا الفكري للمرة الأولى (عام 2004)؛ وبعد أن قابلت أحد أكبر فلاسفة اليسار القليلة -رحمه الله- أن أثنى على طرحنا كثيرا، وكذلك أذكر لقائى بأحد زعماء اليمين -الناشطين والمعروفين- الذى أشاد بطرحنا وقال: "هل أصبح كلامنا قديما الآن!"، والحقيقة أن جيل الحركة الطلابية أهم سماته الأيديولوجية ظهرت فى ميدان التحرير فى خلال الـ18 يوم الأولى، عندما رفض ترديد أي شعار سياسي ينتصر لتيار على حساب الآخر، هذا الجيل أردها – ومازال قطاع عريض داخله- ثورة شاملة؛ تعيد إنتاج الوطن من جديد؛ بلا استنساخ لقضايا وشعارات صراعية. هذا الجيل قد لا يسمى نفسه بـ"العلماني" ولا يسمى نفسه بـ"بالإسلامي"؛ هما مصطلحان لهما تاريخ سياسي خاص بهما؛ ونجح النظام القديم فى إغواء النخب السياسية بعد الثورة مباشرة بفكرة "الترشح للانتخابات الرئاسية" وكانت هذه نقطة نهاية الثورة! لا توجد انتخابات فى ظل نظام قديم؛ النجاح الاستراتيجي للنظام القديم كان وأقولها عالية جلية: إنهاء وحصار المرحلة الثورية؛ والقفز للمرحلة السياسية بإغواء كل من شارك فى لعبة الترشح للانتخابات (وذلك مباشرة فى البدايات التى تلت التنحي)؛ لأن هؤلاء وجدوا فيها الفرصة للانتصار والوجود السياسي؛ حذرنا من أن ذلك قتل للثورة، كان المفترض أن تكون هذه المرحلة بهدف إعمال التطهير وبناء دولة المؤسسات وإحداث التغيير القيمى والاجتماعي، ثم نبدأ فى التنافس السياسي على السلطة.. ولكن الاستبداد دائما ما يجد أعوانا بحجة المرحلية والتكتيك؛ فى سبيل الوصول للاستراتيجية المتخيلة أيديولوجيا وتاريخيا من وجهة نظر هؤلاء! هذا جيل يرتبط بقيمه الدينية والتاريخية والحضارية ولا يقبل بمن يدعى الحديث باسم المطلق كذلك؛ هذا جيل يملك وعى فطرى، النخبة فيه كانت نخبة واقعية وليست نخبة منظمة تقليدية؛ هذا الجيل نخبته الحقيقة لم تظهر بعد، الفرز والتجنيب مستمر؛ ومن يعتقد أنه انتصر على هذا الجيل هو واهم كل الوهم، هذا الجيل سوف ينتفض انتفاضة قادمة، ولن يتنازل عن دماء رفاقه الشهداء، هذا الجيل لن يشرب من ماء تاريخ الصراع السياسي بين اليمين واليسار المصرى، هذا الجيل هو الذى خرج بحركاته الاجتماعية عن الأطر التقليدية للأحزاب المصرية؛ وأنتج ثورة 25 يناير.. يرتبط بقيمه ويعرف أهدافه جيدا ولا يرث معارك أحد. كل التقدير لمن رأى فى مقالاتي الموضوعية ونشرها مشكورا فى موقع "أنا علماني"؛ إنما أنا لست علماني –وأطلب وأرفض أن تنشر مقالاتي دون إذني بعد ذلك لتنزع من سياقها- بمفهوم التاريخ السياسي الصراعى للمصطلح بين اليمين واليسار. لكنى تعلمت أن أتحدث بالتعريفات لا بالمسميات، وتعلمت تجاوز الخلاف بالحلول المبتكرة دائما؛ فحاليا السائد أن "العلماني" هو نقيض لـ"الإسلامي"، وأنا أرفض أن أرث هذه المعادلة المفتعلة التى أعاد المجلس العسكري إنتاجها، وإنتاج نخبتها لسرقة الثورة المصرية وتخريبها؛ وتفريغها من نخبتها الحقيقية (كما فعلوا مع "ائتلاف شباب الثورة")، هناك من يسعى لإيقاف عجلة التاريخ عند ظروفه وملابساته الشخصية التاريخية؛ وفى ذلك افتقاد للموضوعية والقوة والقدرة للانطلاق للمستقبل والتجاوز. وأقول لمن أغواهم المجلس العسكري –دون تسمية- ولمن أرادوا أن يمثلوا الثورة ويتزعموها – دون تسمية-، التاريخ عبارة عن تباديل وتوافيق واختبارات وفرز وتجنيب، وهذا الشعب البسيط لا يختار – للآن- من متعدد إنما يختار من "بدائل سياسية" محدودة تفرض عليه؛ السؤال –الذى هو بيت القصيد – هل سيعجز هذا الشعب عن إنتاج بدائل سياسية! وهل سينجح النظام القديم فى استخدام النخب التاريخية القديمة لتفريغ الثورة وشغل الناس بما هو فرعى وزائف للأبد! والأهم: هل سيقبل الثوار بالهزيمة والخديعة! نحن نشهد حدثا تاريخيا، هناك من يحاول وضعه "تحت نطاق السيطرة" وهناك من يحاول التمرد وكسر نطاق السيطرة ومنظومة قيم التكيف الاجتماعية والسياسية والأمنية التى فرضت على المصريين عبر التاريخ.. النصر سيكون للأكثر ثباتا على مبادئه وقدرة على ابتكار الحلول والمواجهة؛ فى صراع الإرادات المستمر منفذ فجر التاريخ بين أصحاب "القيم الإنسانية الأعلى" وبين أصحاب "القيم الفردية والمصلحة الذاتية".. صراع بين المستبد والثوار، على كسب تأييد عموم الناس، صراع بين التمرد والتكيف، أعتقد أن هذا الجيل يمتلك من مقومات التمرد؛ بما يمكنه فى النهاية من الانتصار على كل عوامل السياق التاريخى للاستبداد وأطرافه المزعومة فى مصر.
#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)
Hatem_Elgoharey#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكروهم: التجمع الصهيونى فى فلسطين ومنظومة قيم - الطفرة - (mu
...
-
فى استراتيجية الثورة: الفرصة والفرصة المضادة
-
الثورة وإرث العلمانية والدين
-
الثورة والأيديولوجيا الشعبية والوعي الانتقائي
-
المسارين الثوري والسياسي: بين التكيف والتمرد
-
-محمد محمود- الماضى والمستقبل
-
الفلسطينى بين: الأيديولوجيا والتاريخ.. حين يكون الموقف مأزقا
...
-
كيف يكون الشعر إنسانيا فى المساحة السياسية!
-
اليسار: المصري، والفلسطيني، والصهيوني و خرافة -الاحتلال التق
...
-
-الصهيونية الماركسية-وجذور: المرحلية والنسبية، فى الفكر الصه
...
المزيد.....
-
النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و
...
-
الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا
...
-
-الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
-
تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال
...
-
المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف
...
-
أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا
...
-
لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك
...
-
بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف
...
-
اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|