|
من هم هؤلاء القتلى؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3949 - 2012 / 12 / 22 - 10:49
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
يثير القتل والموت، من دون أدنى شك، عواطف ومشاعر إنسانية مهما كانت الأرقام ضئيلة، ومهما كانت هوية القتيل، ومكان الجريمة. ولاشك، ايضاً، أنه، وفي كل الصراعات التي تجري اليوم في غير مكان من العالم، أو تلك التي يتم تأجيجها، والنفخ في كيرها، كما في الحالة السورية، هناك، دائماً، ضحايا يتساقطون، وهناك ارقام تتصاعد، وقتلى يموتون بارقام تعمد وسائل الإعلام على تهويلها وتضخيمها في أحايين كثيرة.
ولا يكاد يمر يوم، في الحرب السورية المستعرة على مدى واحد وعشرين شهراً، من دون سماع أنباء جديدة عن أعداد متزايدة من "القتلى" الذين يسقطون جراء تلك الحرب. وتكتفي وسائل الإعلام، التي تسيطر على الفضاء الإعلامي، بسرد أعداد القتلى، وعلى نحو درامي مؤثر، من دون الإشارة إلى هوياتهم وأسمائهم، ومن هم، وأين وكيف سقطوا سوى الإشارة إلى أنهم سقطوا بنيران "الجيش السوري"؟ أما في حال كان القتلى من ضحايا الجيش الوطني النظامي الحكومي السوري، فسرعان ما تذكر تلك الوسائل هوية الضحايا، وتصورها للتوثيق، وتنشر "تيوبات" مرافقة لذلك وتتفاخر بها، وتقول بأن ما يسمى بـ"الجيش الحر"، قد هاجم الموقع الحكومي الفلاني، وقضى على "كذا" من جنود أو قوات "الأسد" حسب تعبير تلك الوسائل الإعلامية، لكن في كثير من الحالات الأخرى، تبقى الهوية مبهمة، ولا نعرف من هؤلاء الأموات الذين تتحدث عنهم وسائل الإعلام.
وبرغم أن هناك دعاية تفخيمية هائلة وكبيرة، لما يسمى بـ"الجيش الحر"، وقوات المعارضة المسلحة، كما تسميها وسائل الإعلام، وجسمها السياسي، الذي تمت إعادة هيكلته مؤخراً تحت اسم "الإئتلاف" الوطني، فإنه من الصعب أن تجد، في وسائل الإعلام المختلفة، التي تنقل على مدار 24 ساعة أنباء الصراع الدائر في سوريا، أية إشارة لسقوط ضحايا من هذا "الجيش" الذي لا يموت أحد منه كما يبدو ويظهر. لا بل تكتفي المنظملت الحقوقية، التي تقبع على بعد آلاف الأميال من دائرة الصراع، بإعطاء حصيلة مبهمة وغير واضحة، او موثقة عن قتلى هذا اليوم، مثلاً، مكتفية بالقول أنهم 120، أو غير ذلك صعوداً وهبوطاً، وحسب ما يتيسر من أمر.
وبات في حكم المؤكد، والمألوف، أيضاً، أن تسمع كل يوم، عن تصريح من هذه العاصمة الغربية، أو تلك، عن "سعي"، أو "رغبة" أو "نية" و"توجه" من هذه الحكومة الأطلسية، أو تلك، لدعم جماعات المعارضة في سوريا بالسلاح "الثقيل والنوعي"، لمواجهة قوات "النظام"، كما يرد في الأنباء. وفي الحقيقة، فإن هذا الأمر يكون قد حصل للتو، أي أن تلك الجماعات، لديها ما يكفي من الأسلحة النوعية، والثقيلة، والتسهيلات اللوجستية، أيضاً، للوصول إلى الداخل السوري، والاشتباك مع قوات الجيش الوطني النظامي السوري، وبالطبع ستكون نتيجة هذه الاشتبكات، ضحايا وقتلى، من الجانبين، تكتفي وسائل الإعلام المومأ إليها، بالإشارة إلى أنهم من عناصر الجيش النظامي، ولكن ماذا عن الضحايا في الجانب الآخر؟ لماذا لا تتم الإشارة إلى أن هوية الأموات والقتلى، الذين يسقطون، يومياً، هم مما يسمى بـ"الجيش الحر"، وهم بهذه الحالة ليسوا ضحايا لعمليات قتل واستهداف من الجيش النظامي، بقدر ما هم قتلى جراء مواجهات عسكرية، بين قوات نظامية حكومية، وأخرى ميليشياوية، شبه عسكرية، لديها من التدريب والتأهيل الكافي، لخوض معارك مع جيوش نظامية. ويصبح الأمر أكثر من حقيقة، حين نأخذ بالاعتبار، مئات التقارير الموثقة، والمصوّرة، والأخبار التي تتحدث عن دخول مقاتلين غير سوريين إلى سوريا، وقد تم عرض وتوثيق صور وهويات وعرض جوازات سفر لكثيرين منهم، ونعتهم أسرتهم وذووهم في غير دولة عربية وغير عربية.
إذن، هناك محاولة واضحة لإخفاء هوية "قتلى" وضحايا بعينهم، في مواجهات عسكرية حقيقية تجري على الأرض السورية، بين قوات نظامية حكومية، وميليشيات شبه عسكرية ومدربة تدريباً جيداً. وفي هذه الحالة، ومع إدراك سبب التعتيم على هوية هؤلاء القتلى، ربما للمحافظة على معنويات المقاتلين وشد إزرهم، أولاً، وثانياً، كي يظل الصراع في إطاره النمطي، الذي يحاول البعض رسمه، والقائل بأن "قوات الأسد"، كما يـُنقل، تقوم بعملية قتل منظم في سوريا، ولكن من دون معرفة وإيضاح ضد من، ومن دون تحديد هوية لهؤلاء؟ وهنا يكمن اللغز الكبير. وعليه، فإنه من المتوجب، والإنصاف، إعادة النظر بمجمل التقييم الأخلاقي للصراع، كما يحاول البعض ترويجه، مع "ضحاياه"، وبالتالي، التركيز، على البعد القانوني له ومشروعيته وأين تكمن عدالة ذاك الصراع الدامي، والذي لو أحيط بتقييم موضوعي، ووفق ما ذكر أعلاه، فإن المرء سيتبين على الفور، بأن قوات الجيش النظامي الوطني السوري، ليست، في أسوأ الأحوال، إلا في حال من الدفاع عن النفس، وأن كثيرين من أولئك "القتلى" الذين تصوّرهم وسائل الإعلام ليسوا إلا أولئك "المهاجمين" حملة السلاح، المزودين بأحدث وسائل التدمير والهجوم والتسليح النوعي والثقيل.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فظائع الوهابيين ضد الوهابيين: حرق جرذان الناتو في سوريا
-
الديموخراسية وربيع العرب
-
إلى وزير ما يسمى بالمصالحة الوطنية: تباً لمصالحتكم
-
لماذا لم أنشق؟
-
ثورات بلا ثوار...وربيع بلا أزهار
-
خبر عاجل: انهيار اسعار المواشي والنعاج
-
متى يتوقف أردوغان؟
-
مصر: ملهاة مرسي العياط
-
زين الهاربين بن مرسي
-
إسرائيل نمر من ورق ولكن أنتم أمة النعاج
-
إلى كهنة آل سعود: لماذا لا تحارب الملائكة في غزة؟
-
طوبى للشبيحة
-
النعاج
-
ربيع العرب: صراع الهمجيات الأصولية
-
حصة ثقافة قومية: غزوة بلاد الشام
-
خواطر متمردة
-
بالسكتة الكلينتونية: وفاة مجلس الكرازايات السوري
-
تركيا: الحمق الاستراتيجي وصفر مكاسب
-
هل يستحق وسام الحسن كل هذا الرثاء؟
-
سياسات سورية كارثية
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|