|
مصر فندق السعادة
ديتا قدري
الحوار المتمدن-العدد: 3949 - 2012 / 12 / 22 - 08:41
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
** لمن لايعرفون....سجل تاريخ السينما المصرية في أفلامه القديمة الأبيض والأسود أنه كلما نزح فقير من الريف أو الصعيد إلى العاصمة القاهرة فكان أول ما يبحث عنه هو" فندق السعادة" هذا الفندق الذي آخر همة وجود السعادة فهو الذي يكتظ فيه النزلاء في غرفة واحدة خالية من كل معاني الحياة المريحة ...لا أمن ولا أمان في هذا الفندق لايخلو من السرقات والاعتداءات حيث يحصل صاحب القوة وحده على مكان في السرير القذر يلقي عليه الجسد المنهك وعلى الضعيف أن يقنع من الغنيمة بالنوم على الأرض أسفل أقدام الأقوى.... ما كان بالأمس في الأفلام تصويريا كريكاتوريا...أوشك أن يكون حقيقة مفزعة استيقظنا عليها مع صراخ جهابذة وفقهاء القانون في مصر يشاركهم أبناء مصر الشرفاء ممن اختلط تراب مصر بكيانهم وضمائرهم...الجميع يستغيث وقد أوشك الوقت على الانتهاء وتحدث الكارثة الكبرى وتضيع مصر بفساد حكامها السابقين وبفساد وجهل حكامها الحاليين... ** المادة (57 ) التي أقرها الدستور الحالي الذي خلت لجنته التأسيسية ممن يقرأ ويفهم قبل الإقرار بالمواد السابقة وانشغلوا بالتصارع على تحقيق مزيد من المكاسب والصلاحيات لرئيس مصر الغائب دائما عن مصر وما يجرى فيها ...فقد نص مشروع الدستور على المادة ( 57) والتي: " تمنح فيها الدولة المصرية حق الالتجاء للأجانب المحرومين في بلادهم من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور.." هذه المادة المبهمة التي لاتعرف من المقصود بالأجانب ولم تحدد هل هم من العرب أهلنا ؟؟؟ولم تبين لماذا حرموا من الحريات في بلادهم ؟؟؟هل حرموا ظلما أم هم محرمون لقيامهم بجرائم يعاقب عليها القانون...هل المقصود بهم الساسة والصحفيين والإعلاميين مثلا... لو كان الأمر كذلك ، وأن مصر بلد الحريات "باعتبار ما كان" لهان الأمر ولكن الحقيقة تتضح أكثر حينما تبرز اتفاقية الشراكة المصرية الأوربية أو اتفاقية التجارة الحرة( اتفاقية الجات ) التي تم توقيعها 2001 والتي تدخل حيز التنفيذ 2013 أي أيام معدودة بموادها (29 – 30- 36 -69) والتي تجعل مصر ترزح تحت سلطة اتفاقية تدفع فيها ثمنا عظيما من سيادتها ومن حرية مواطنيها ومن مقدراتهم الكثير والكثير.. فهذه الاتفاقية والتي تقع في 355 صفحة ولها ملحقات أكثر من 500 صفحة إن كانت تسمح ببعض الامتيازات كنقل التكنولوجيا إلا أنها في مادتها ( 69) " تتيح للإتحاد الأوروبي توطين مواطنين من دولة( ثالثة) في مصر" ، بمعنى أخر أنه طرد اللاجئين غير المرغوب فيهم (الإرهابيين ) الذين ليس لديهم دولة وليس لديهم أوراق ثبوتية والذين عجزت الدولة المستضيفة لهم عن احتوائهم لتصدرهم إلى مصر لتحاربهم مصر عوضا عنها ونرى بين ظلال المستقبل القريب "أيلول أسود "أخر والجدير بالذكر أن أيلول الأسود هو الاسم الذي يشار به إلى أحداث شهر أيلول من عام 1970 م، في هذا الشهر تحرك الجيش الأردني بناء على تعليمات الملك حسين ومستشاريه العسكريين لوضع نهاية لوجود المنظمات الفلسطينية على أراضيها التي نزحوا إليها بعد أن دكتهم إسرائيل... ** هذه الاتفاقية تسمى الاتفاق الأوربي المتوسطي لتأسيس مشاركة بين مصر من جانب و"الجماعات الأوروبية ودولها" من جانب أخر...والسؤال إذا كانت الاتفاقات تبرم من أجل تحقيق مصالح متبادلة للطرفين.. فأين التوازن والندية أن تقف مصر وحدها أمام كل هذه الجماعات والدول الأوروبية؟؟ هذا غير أن إسرائيل اشتركت في ذات الاتفاقية عام 2004!!!!! وإذا علمنا أيضا أن الإتحاد الأوروبي يدرس حاليا تطبيق عقوبات رادعة لمن لا يطبق قانون الشراكة لعرفنا أي منزلق حدر نحن متوجهون فهذه المادة المشؤمة (96) من قانون الشراكة تفرض على مصر توطين أبناء الدولة "الثالثة" أي الذين هم ليسو مصريين ولا أوروبيين أي لاجئ لفظته دولته والدولة التي استضافته لتحتضنه مصر مفروض عليها أن تمنحه حقوق أبنائها من تعليم وتوفير لقمة العيش والمحافظة على حياته الثقافية بكل أبعادها...فلا يسمح لها أن تميز أبناءها عن اللاجئ... إذن نحن أمام مجرمين سابقين وافقوا على هذا الانبطاح المهين غير المبرر وأمام مجرمين لاحقين أقروا على إهانة مصر وعدم احترامها وتعريض سيادتها للخطر حيث أن مصر تستعد لتفتح بوابتها الشرقية كإحدى دول كتلة المشرق لكل من هب ودب ولا خيار لنا في استضافته ... فدولة بقامة وهامة مصر وبتاريخها العظيم لايليق بها أن تقع فريسة سهلة هكذا لاحتلال أخر.... مصر ليست مستودعا للنفايات البشرية... ** أما المادة (36) من ذات الاتفاقية وبعد "خمس سنوات" من دخولها حيز التنفيذ أي عام 2018 تحظر على مصر امتلاك أي شيء بما فيها قناة السويس والمدارس والجامعات والمستشفيات بل والأدهى والأمر أنها ستتعرض للعقوبة من قبل الاتحاد الأوروبي لو حاولت الاحتفاظ بهذه التجارة الخدمية ولا عزاء للفقراء الذين لا يقوون على مصروفات المستشفيات الخاصة والمدارس الخاصة والجامعات الخاصة...أما عن قناة السويس فقد بدأ بالفعل ومن الآن الاستعداد لمارثوان سباق الفائز بتأجير قناة سويس مصر هذا الممر العالمي الذي سيادته من سيادة مصر ....فكيف يرفع علم أخر غير علم مصر على مبني هيئة قناة السويس؟؟!! **المادتان (29 -30) وهما تمكنان لهيمنة الإمبراطورية العولمية القائمة كما توضحان لماذا وقف الفيلسوف اللغوي الفرنسي" جاك دريدا" عام 2001ينادي في محاضرته بالمجلس الأعلى للثقافة : " بأهمية قيام الجامعات بتفتيت المؤسسات القائمة على الثقافة والاقتصاد " حيث تتكلم المادتان عن تحرير ( خصخصة ) التعليم والصحة والمواصلات والاتصالات والبنوك أي تصبح سلعا تباع وتشترى ولا يخفى على أحد خطورة هذا بعد أن تعجز الدولة عن المشاركة فيه... ويؤكد هذه الأيدلوجية صدور قانون 67 لعام 2010 بتنظيم مشاركة القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق كما قام أحمد أبو الغيط بالفعل بتوقيع اتفاقية منفصلة عام 2009 يؤكد فيها على رفع الدعم عن الطاقة وتخصيصها (دون أن تطرف له عين)..وقد حذرت الدكتورة مجد قطب : "من ضياع أرض الدلتا والصعيد حيث أن بنك التنمية والائتمان الزراعي الذي يقرض الفلاح بضمان الأرض حينما يباع سيأتي المشتري الذي سيطرد الفلاح من الأرض لتصبح الدلتا والصعيد في حوزته ...وشددت على أن حدوث هذا الأمر قريبا جدا وذكرت كيف أن الهند احتلت دون طلقة رصاصة واحدة ودون جندي واحد حينما اشترت انجلترا الشركة التي كانت تقرض الفلاح الذي عجز عن السداد فاستولت على الهند وأرضها "... **الوقت يداهمنا وأبناء مصر يقتلون بعضهم البعض.. تزكي نارهم فئة ضالة ترتدي ثياب الدين وتبرر كل مشين ومخجل ولا يندي جبينها خجلا ...وحكومة لاهية ترى في استمرار هذا التصادم والاعتداء خير وسيلة لتمرير دستورها الفاسد الذي لايعبر إلا عن فيصل واحد سخر مواده لحمايته وحماية مصالحه بالدرجة الأولى ...ورئيس انتهى دوره وانتهت صلاحيته وسقطت هيبته ولم يعد خافيا على أحد من يدير مصر الآن ...ولم يبق لها إلا شرفاؤها الذين يناشدون الشعب المصري بالالتفات إلى هذه الجريمة النكراء والهوة السحيقة التي نساق إليها بأسرع مما نتخيل فمن السهل الانسحاب من المواد الآنفة الذكر من الاتفاقية الصادرة برقم 335 لسنة 2002قبل دخولها حيز التنفيذ.
#ديتا_قدري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|