|
العنف ماركسيا .
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 3947 - 2012 / 12 / 20 - 22:01
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
العنف ماركسيا .
( مقتطف من مقال " تونس – سليانة : الموقف التحريفي المخزي لبعض فرق " اليسار" من العنف الجماهيري." رابطه على الحوار المتمدّن :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=4&aid=335397 )
...
1- حمه الهمّامي : ماركسي ثوري أم رجل مطافئ إصلاحي ؟
أكيد أنّ حمه الهمّامي تميّز فى نهاية الحلقة بتشديده على أنّ ما أتته قوات قمع دولة الإستعمار الجديد " جريمة " وهو توصيف صحيح و موقف بلا شكّ يحسب له إلاّ أن هذا التشهير بهذه الجريمة فى حقّ جماهير شعبنا إصطدمت بالمنطق التحريفي و الإصلاحي للناطق الرسمي بإسم حزب العمال التونسي و بإسم الجبهة الشعبية بمعنى أنّ حمه الهمامي صرّح فى معرض كلامه عن زيارته لسليانة و عن مسألة العنف أنّه نصح الجماهير بعدم اللجوء إلى العنف و حذّرها من أنّه يعود عليها بالوبال. و هذا ليس من الماركسية ولا من الماركسية – اللينينية ولا من الماركسية - اللينينية- الماوية طبعا فى شيء. إنّه بهذا الموقف يشوّه الماركسية أيّما تشويه و يصبّ الماء البارد على رؤوس الجماهير التى يريد أن يغرس فيها نبذ العنف و إتباع الطريق السلمي اللذان يتبنّاهما هو وحزبه و حزمة من المنظّمات و الأحزاب " اليسارية " الأخرى ، فى تضارب تام مع المبادئ الأساسية للماركسية ( و لنا عودة للمسألة ).
ماذا يفيد كلام حمه الهمّامي هذا ؟ إنّه يسعى للعب الدور الموكول له من قبل دولة الإستعمار الجديد مقابل العمل القانوني ، دور رجال المطافئ فعوض الدفع نحو تنظيم العنف الجماهيري ضد عنف / دكتاتورية دولة الإستعمار الجديد و النهضة و أضرابها الرجعي ، يعمل على تجريد الجماهير من سلاح الدفاع عن النفس و عوض تطوير العنف الجماهيري العفوي ليصبح عنفا جماهيريا منظّما و ثوريّا ، يستهدف إعادة عقارب الساعة إلى الوراء و نزع حتى الحجارة من أيدى الجماهير و تركها عزلاء فى وجه عنف / دكتاتورية دولة الإستعمار الجديد التى على هذا النحو يقدّم لها هذا الإصلاحي و أشياعه و من لفّ لفّه أجلّ الخدمات.
وفق المنطق الإصلاحي الخادم لدولة الطبقات السائدة الكمبرادورو الإقطاع المتحالف مع الإمبريالية العالمية ، فى كلّ الحالات على الجماهير أن تلتزم النضال السلمي و إن تعرّضت لأشدّ صنوف العنف و الإرهاب ؛ و إن جرى الإعتداء على الأطفال و النساء و الشيوخ و المنازل و الأحياء و فقأت الأعين و جرح الأبناء و البنات بالهراوات والرصاص. الركوع و الخضوع و السجود أمام دكتاتورية الدولة الرجعية ، هذا كنه الطريق السلمي لحمه و أشكاله ، طريق التحريفيين الخروتشوفيين و طريق غاندي و ليس طريق ماركس و لينين و ماو .
و يقوم منطق الإصلاحيين على نقطة محورية بصدد العنف مفادها ان الدولة الرجعية وحدها هي التى يجب أن تحتكر العنف الذى يطلقون عليه العنف الشرعي أي إنّهم لا يقبلون بدكتاتورية الدولة الرجعية وحسب بل يلغون حقّ الجماهير فى الدفاع عن نفسها و بالطبع هم ضد حقّ الجماهير فى الثورة و تحطيم الدولة الرجعية برمّتها تحطيما عنيفا فيقضوا على دكتاتورية الطبقات الحاكمة و يرسون دكتاتورية شعبية بقيادة الطبقة العاملة ...و بصيغة أخرى أبسط يقسّمون بنظرة برجوازية تحريفية الأدوار كما يلى : للجماهير حقّ إستعمال النضال السلمي - إن إستطاعت إليه سبيلا- و من حقّ الدولة الرجعية أن تحتكر العنف و أن تهرب الشعب و تقترف المجازر ضدّه و ليس له أن يلجأ إلى العنف.
هذا من ناحية أولى أمّا من الناحية الثانية ، فبشكل أو آخر ، يؤدّى منطق الملتزمين بقوانين دولة الإستعمار الجديد إلى إدانة مباشرة أو غير مباشرة للعنف الذى عمدت إليه الجماهير دفاعا عن نفسها و هكذا يدين حنه الهمّامي بصريح العبارة " الجريمة " و فى نفس الوقت بصورة ملتوية للعاملين فى إطار ديمقراطية / دكتاتورية دولة الإستعمار الجديد ، يدين إستعمال الجماهير للعنف الأدنى حاليّا فما بالك بالإدانة التى ستصدر عن حمه و أشكاله لو كان العنف عنفا ثوريّا منظّما. ...
7- العنف ماركسيّا :
قد يستغرق الموضوع عشرات الصفحات و العودة إلى المراجع الماركسية و فضح المواقف التحريفية التاريخية منها و الحالية بهذا المضمار لكن هنا حسبنا أن نجمل بعض الأفكار فى بضعة فقرات.
أوّلا ، الدولة ذاتها ماركسيا و حقّا جهاز قمع طبقي و بالتالي كلّ الدول طبقية و تمارس الديمقراطية التى تتسع و تضيق ضمن صفوف الطبقة أو الطبقات الحاكمة و فئات و طبقات أخرى و الدكتاتورية و العنف الطبقي بشتّى أشكاله ضد الطبقة أو الطبقات المضطهَدة و المستغلّة و أداتها فى ذلك بوجه خاص الجيش ثمّ الشرطة و المليشيات فى ما يتصل بالعنف المسلّح. و الدولة فى القطر ليست إستثناءا وهي تحتكر العنف الذى تسمّيه الطبقات الحاكمة و المعترفون بسلطتها والعاملون فى إطارها بالشرعي لذلك و لإعادة نتاج علاقات الإنتاج و العلاقات الإجتماعية القائمة تحاتاج الطبقات الحاكمة إلى الحفاظ على هذا العنف بأيديها و تمارسه بإستمرار و بوتائر و درجات متفاوتة حسب الظروف و الأهداف المرسومة و ما تراه صالحا لديمومة هيمنتها الطبقية.
و الماركسيون على خطى ماركس يعملون على تحطيم احتكار الطبقات السائدة للعنف ومواجهته بالعنف الثوري الجماهيري قصد بناء جيش و دولة على أنقاض الدولة القديمة و بذلك هم ثوريون. فى حين أنّ الإصلاحيين فلا يستهدفون تحطيم الدولة القديمة بل إيجاد موقع لهم فى تقسيم السلطة و تقديم خدماتهم ك " قوّة إقتراح " أو كماسكين بالسلطة يطبّقون السياسات الرجعية للدولة القديمة المضطهدة لجماهير الشعب لذا تراهم يدافعون بشكل أو آخر عن هذه الدولة القديمة و إن نقدوها فلأجل إصلاحها و إن أدانوا جزءا منها فلأجل تعويضه خدمة للدولة القديمة ككلّ.
و قد يلجأ الإصلاحيون و لجؤوا فى بعض البلدان إلى النضال المسلّح غايتهم من ذلك ليس تحطيم الدولة القديمة و إنّما فرض إصلاحات معيّنة و المشاركة فى السلطة لا أكثر.
عملية الهدم و البناء ، هدم الدولة القديمة وبناء الدولة الجديدة فى عصرنا عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ينجزها الشعب بقيادة البروليتاريا و حزبها الطليعي وهي أسّ من أسس الماركسية و مهمّة لا بدّ ان يضطلع بها الشيوعيون الحقيقيون هي مهمّة توعية الشعب و تنظيمه و الدعاية و التحريض فى صفوفه للحاجة إلى العنف الثوري المنظّم للإطاحة بدولة الإستعمار الجديد و بناء دولة الديمقراطية الجديدة على أنقاضها بفضل الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة عبر حرب الشعب الطويلة الأمد فى المستعمرات وأشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ( و للثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية - الإمبريالية من خلال الإنتفاضة المسلّحة المتبوعة بحرب أهلية ).
" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي- اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء ".
( ماو تسى تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني)
و فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ، مثلما لخّص ماو تسى تونغ :
" حزب قوي النظام مسلّح بالنظرية الماركسية - اللينينية ، يستخدم أسلوب النقد الذاتي و يرتبط بجماهير الشعب ، و جيش يقوده مثل هذا الحزب ، وجبهة متحدة تضمّ مختلف الطبقات الثورية و الجماعات الثورية و يقودها مثل هذا الحزب - هذه هي الأسلحة الرئيسية الثلاثة التى ننتصر بها على العدوّ".
( ماو تسى تونغ " الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية " 30 يونيو – حزيران 1949؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الرابع.)
و ماو تسى تونغ بتلخيصه لهذه الحقيقة ، حقيقة الثورة العنيفة كأساس تعاليم الماركسية ، واصل الطريق الذى خطّه لينين فمثلا فى " الدولة و الثورة " جاء كلام لينين واضحا و لا أوضح :
" ضرورة تربية الجماهير بصورة دائمة بروح هذه النظرة و هذه النظرة بالذات للثورة العنيفة هي أساس تعاليم ماركس و إنجلس بأكملها. و خيانة تعاليمها من قبل التيارين الإشتراكي – الشوفيني و الكاوتسكي السائدين اليوم تتجلّى بوضوح خاص فى نسيان هؤلاء و أولئك لهذه الدعاية ، لهذا التحريض ."
( لينين –" الدولة و الثورة " ، الصفحة 23 من الطبعة العربية لدار التقدّم ، موسكو ).
8- خاتمة :
و قد توسّع نطاق العنف الرجعي و صار العنف موضوعا الساعة ، نأكّد أن فضح التحريفية و نشر الماركسية يسلّح المناضلات و المناضلين و جماهير شعبنا بالنظرية الثورية القادرة وحدها على إيجاد حركة ثورية و يفتح المجال لتطوير الصراع الطبقي و تأثير الشيوعية الثورية فيه . و لا يسعنا أن نختم المقال إلاّ بشعار صاغه ماو تسى تونغ إبّان الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ( 1966-1976) و كرّسته عمليّا الجماهير الشعبية محاربة التحريفية و البرجوازية الجديدة فى ظلّ الإشتراكية و عازلة المسؤولين أتباع الطريق الرأسمالي ، بما خوّل دفع عجلة التاريخ و إجتراح البطولات و شقّ طرق غير مسبوقة فى تثوير المجتمع الإشتراكي ليصل قمّة ما بلغته الإنسانية فى تقدّمها نحو مثلنا الأعلى ، الشيوعية ؛ و نقصد :
"من حقّنا أن نثور ضد الرجعية !"
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلغاء الإضراب العام بتونس : قتلتنا الردّة إتّحاد الشغل يحمل
...
-
بصدد عنف الجماهير: باطل يا حزب موحّد باطل ! - باطل يا حزب -
...
-
تونس – سليانة : الموقف التحريفي المخزي لبعض فرق - اليسار- من
...
-
الأممية البروليتارية و الثورة الماوية فى الهند !
-
حزب من الأحزاب الماركسية المزيّفة : الحزب الوطني الإشتراكي ا
...
-
الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد : أليس حزبا ماركسيّا م
...
-
طريق الثورة : طريق ثورة أكتوبر أم طريق الثورة الصينية فى الأ
...
-
لا فرق لدي البلشفي / الخوجي بين الثورة و الإنتفاضة، بين الوه
...
-
نضال ماو تسى تونغ ضد تيتو و خروتشوف
-
ماو تسى تونغ أشرس المدافعين عن ستالين دفاعا مبدئيّا
-
لينين و ستالين بصدد الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات
...
-
التنظير المثالي الميتافيزيقي البلشفي/ الخوجي للإنتهازية. مقت
...
-
إلى الوطنيين الديمقراطيين -الوطد-: توضيحات لا بدّ منها بصدد
...
-
كيف يسيئ البلاشفة قشرة و الخوجيون لبّا إلى ستالين ذاته ؟
-
الجزء الثاني من كتاب - قشرة بلشفية و لبّ دغمائي تحريفي خوجي
...
-
حزب العمال- الشيوعي- التونسي : سقط القناع عن القناع عن القنا
...
-
حزب العمّال - الشيوعي - التونسي : سقط القناع عن القناع عن ال
...
-
المنهج البلشفي / الخوجي مثالي ميتافيزيقي يفضى إلى نتائج مفزع
...
-
النظرية البلشفية / الخوجية للثورة فى أشباه المستعمرات دغمائي
...
-
مساهمة فى نقاش وحدة الشيوعيين الماويين فى تونس وحدة ثورية
المزيد.....
-
وسط ترقب لرسالة أوجلان.. ماذا يريد حزب -ديم- الكردي من زيارة
...
-
تركيا تشترط القضاء على حزب العمال الكردستاني لإعادة النظر في
...
-
مراقبون للشأن اللبناني: مهاجمة المتظاهرين السلميين عمل مشين
...
-
إضرام النار في الجسد: وسيلة احتجاجية تتكرر في تونس بعد 15 عا
...
-
حصيلة عمل فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بمناسبة اختتا
...
-
افشال السياسة العنصرية لترامب واسرائيل بحق الفلسطينيين مهمة
...
-
الحزب الشيوعي يرفض اتفاق إنشاء قاعدة عسكرية روسية في السودان
...
-
-ميول إسلاموية- ـ المشتبه به يقر بتعمد دهس متظاهرين في ميوني
...
-
كلبة الفضاء السوفييتية -لايكا- تشارك في -يوروفيجن 2025-
-
جبهة البوليساريو تنفي تواجد مقاتلين تابعين لها في سوريا
المزيد.....
-
الذكاء الاصطناعي، رؤية اشتراكية
/ رزكار عقراوي
-
نظرية التبادل البيئي غير المتكافئ: ديالكتيك ماركس-أودوم..بقل
...
/ بندر نوري
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
المزيد.....
|