أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام جودة - التربية الحديثة والابداع















المزيد.....

التربية الحديثة والابداع


بسام جودة

الحوار المتمدن-العدد: 3946 - 2012 / 12 / 19 - 10:56
المحور: الادب والفن
    


العلاقة القائمة بين التربية الحديثة والإبداع

بقلم: أ. بسام جودة

يشير عنوان هذه المقالة إلى الربط الجدلي القائم بين مفهومين أساسيين في عملية التعلم الإنساني (التربية-والإبداع)، أما التربية الحديثة فنعني بها التربية القائمة على المشاركة الفاعلة والتعلم الفعال من قبل التلاميذ والأطفال في إطار حرية الاختيار والاكتشاف والعمل النشط والد ؤوب في تفعيل معطيات الواقع بشكل مسئول وإيجابي لإعادة صياغة تلك المعطيات باستقلالية تمنح الطفل القدرة على استخدام فكره وعقله ليحقق الفعل والتأثير الإيجابيين فيما يقوم به.
وفيما يتعلق بالإبداع فهو يشكل تعبيراً عن إنسانية الإنسان، وهو في نفس الوقت وسيلة من وسائل تزكية هذه الإنسانية وإظهارها وإبرازها وتنميتها، فالتربية المرتبطة بإنماء قدرات الإنسان في الشعر والأدب والموسيقى وغيرها من الفنون تعمل على إرهاف حس الإنسان وتنمية ذوقه، وتعلم العلوم ووسائل التطور التكنولوجي والابتكار والاختراع إنما تمنح الإنسان القدرة على تطويع الطبيعة وتسخيرها في خدمة الإنسان ومنفعته.
فالتربية الحديثة تقوم بدور مهم في خلق شخصية الطفل المبدعة في إطار سعيها المتواصل لإبعاده عن مفاهيم التلقين والحفظ المجرد للحقائق، والحشو القهري للمعلومات، إنها تجعل منه إنسان قادر على الفهم والاستيعاب وربط الأشياء ببعضها والقدرة على التعامل مع قضايا المجتمع وإشكاليا ته بروح المسئولية والثقة العالية القادرة على التعبير عن الذات واحترام الغير وتفهم أسس الديمقراطية والتعامل الخلاق مع الآخرين، فالطفل بحاجة إلى البحث والاكتشاف لمعرفة ما يدور حوله وتفسيره، والوصول إلى رؤية منطقية للأشياء ان الممارسة العملية لمفاهيم التربية الحديثة أثبتت ان هناك علاقة قوية بين التربية والذكاء، فالتربية بمفهومها الذي نتحدث عنه تكسب الطفل الكثير من المهارات وتجعله يعيش في بيئة غنية بوسائل التعلم والمعرفة والثقافة القائمة على فهم ماهية التطور وتحقيق التآلف بين ما هو ماض وما هو معاصر في إطار معرفي خلاق.
ان التربية الحديثة تعتبر أداة فاعلة لبناء الفرد وهي مصدر دينامي للتغير والإبداع والابتكار، إنها تمنح الإنسان القدرة على التعلم الفعال وممارسة دور إيجابي في بناء مجتمعه والمشاركة في عملية التنمية بشكل واعي. كما أن الدور الذي لعبه الإبداع في حياة البشرية عبر تاريخها الطويل، كان له الأثر الرئيسي فيما يعتبر تطوراً مدنياً وحضارياً، فعملية الابتكار ساهمت مساهمة فاعلة في إحداث عملية الرقى والتطور والتغيير الذي يواكب الحياة اليومية للناس، مما جعلها أكثر راحة ومتعة وسعادة فالعمليات الذهنية والفكرية التي تقود إلى الإبداع والابتكار واستبصار الأشياء تعتبر عملية معقدة لا يمكن التوصل إلى وصفها، ولقد عجز العلماء عن سبر أغوار الذات المبتكرة ومعرفة ما يجول بها وما يتم من خطوات داخلها تصل بها إلى الإبداع.
إن الحقيقة العلمية تقول ان التفكير الإبداعي تغيره من ضروب التفكير، لابد له من دوافع تحركه وتثيره وتشجعه وتدفع صاحبه لبذل الجهد والطاقة والاستمرار في ذلك لفترات تطول أو تقصر، حيث يلعب الدور الوجداني دوراً مهماً ، وهكذا فان القيام بالعملية التربوية على أسس التي تحدثنا عنها آنفاً تفتح المجال واسعاً أمام الطفل ليقوم بكل ذلك في إطار سعيه لتحقيق ذاته وبناء شخصيته. إن التربية عملية يجب ان تقود إلى الإبداع والابتكار فهي ليست مجرد نقل أو حفظ أو محاكاة إنها عملية تعلم نشط يقوم على استخدام العقل والتفكير والتأمل، وهذا ما يحثنا الإسلام الحنيف على عمله والقيام به، يقول سبحانه وتعالى "ان في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب".
إن تأهيل المعلمين تأهيلاً تربوياً يعتمد اعتماداً أساسياً على مدى فهمهم واستيعابهم لسيكولوجية التعلم، فهي تزودهم بالقدرة على اكتشاف أفضل الطرق والوسائل للتعلم المدروس ليصبح أكثر نجاعة وفاعلية، وتجعل منهم قادرين على استبعاد الطرق والوسائل التقليدية القديمة وغير المناسبة، والتي تعتبر مضيعة للوقت والجهد، إن انتقال بعض هذه الوسائل من جيل إلى جيل من المعلمين لا يعني أنها تخطت اختبار الزمن وصمدت طويلاً، مما قد يوحي بأنها صحيحة وصادقة فالكثير من القواعد والتقاليد والعادات السائدة في المجتمعات الإنسانية والتي تناقلتها الأجيال لفترات طويلة من الزمن لا يمكننا القول عنها أنها أصيلة ومقبولة اجتماعياً. وهكذا فان المعلم والمدرسة والمؤسسة التعليمية بكل أطرافها في البيت والأسرة والمجتمع بحاجة إلى إعادة النظر في وسائلنا التربوية والتعليمية لنستطيع تحقيق أهداف عملية التربية في مجتمعنا.
ونحن هنا إذا نطرح مفاهيم التربية الحديثة القائمة على التعلم النشط والفعال لا ندعي ان تلك التربية هي اختراعنا أو ابتكارنا، وإنما هي حصيلة تطور مفاهيم علماء تربويين على مدى ما يزيد على قرن ونصف من الزمان، أثبتت التجارب والممارسات العملية صحة تلك المفاهيم التربوية وقدرتها على بناء إنسان مبدع وقادر على مواجهة كل صعوبات وإشكاليات الواقع وتطوير أدواته لإيجاد الحلول الملائمة لتلك الصعوبات والإشكاليات بروح الثقة بالنفس وقوة الإيمان بقدرة العقل والوعي المعرفي والثقافة الإنسانية على رسم معالم الحياة والانتصار في معاركها.

إن الإنسان في مجتمعنا ليس الفلسطيني فحسب إنما في كل المجتمعات العربية بحاجة إلى إعادة النظر والتفكير ملياً بالأسباب التي جعلت من المجتمعات العربية أكثر تخلفاً ، ومن الإنسان العربي مستهلكاً لإبداعات الآخرين وابتكاراتهم ومنتجات مصانعهم وبضائع شركاتهم واحتكاراتهم.
إن عصر العولمة وثقافتها يطرح أمام الإنسان العربي مجموعة من التساؤلات، وفي مقدمتها السؤال الكبير المتعلق بعملية التربية والثقافة، كيف يمكن لنا أن نقدم لأطفالنا بديلاً تربوياً وثقافياً ؟؟ قادراً على مواجهة الثقافات السيئة والمنافية لتراثنا ومبادئنا القائمة مع روح التطور والتقدم العلمي والسير في ركب الحضارة الإنسانية.
إن السبيل إلى ذلك يقوم إلى بناء مجتمع يؤمن باحترام الإنسان وطاقاته وإبداعاته، ويمنحه الحرية للتفكير والابتكار، والثقة بالنفس واحترام الآخرين، وذلك لا يمكن أن يأتي إلا عبر تربية حديثة قائمة على كل ما قدمناه لتعطي للطفل منذ نشأته مفاهيمه القادرة على بنائه وتربيته بما يكفل له التعلم الفعال والنشط والقدرة على الإبداع والابتكار ومواجهة كل متطلبات الحياة المعاصرة كما نريدها نحن في مجتمعنا لا كما يريدها الآخرون.
فهل نستطيع فعل ذلك ؟؟



#بسام_جودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محطات مختصرة ... بين انتفاضة الحجارة .....ومعركة حجارة السجي ...
- الشعب الفلسطيني أمام منعطف تاريخي
- بين كلام السفية الجاهل ومعرفة العالم


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام جودة - التربية الحديثة والابداع