|
الصمت العربي .....فلسطين والحلم العربي
زكريا وحيد
الحوار المتمدن-العدد: 3945 - 2012 / 12 / 18 - 16:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كثيرةٌ هي التصريحات العربية المشددة على ضرورة عودة الأراضي العربية المحتلة، وإنهاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وضرورة محاسبة إسرائيل على أفعالها الوحشية والإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، وضرورة التوصل إلى سلام دائم وعادل على أساس الأرض مقابل السلام
لكن كل هذه التصريحات والمواقف العربية الجوفاء لم تسفر عن شىء ملموس في مسيرة القضية الفلسطينية منذ النكبة الأولى عام 1948 ، ولم تقدم للقضية وشعبها سوى زخم هائل من اللقاءات ومؤتمرات القمة التي لم تخرج بوسيلة واحدة للضغط على الكيان الصهيوني المغتصب للأرض، تجلعه يرضخ للمطالب والحقوق العربية المشروعة التي تحميها المواثيق والقوانين والقرارات أيضًا الدولية ذات الصلة. أن تهدد المقدسات الإسلامية في فلسطين لا بأس، ولا أحد يحرك ساكنًا، والكل مشغول بمشاكله وهمومه الداخلية، وغابت أهمية فلسطين عن الوعي العربي، وأصبح الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مهددًا بالانهيار جراء عمليات الحفر الصهيونية، والكل يشجب ويدين ويحذر فقط، لكن ما الموقف إذا زعمت إسرائيل أن تصرف دولة معينة يشكل تهديدًا لأمنها القومي؟ الكل ينتفض كثورة عالمية من أقصي العالم إلى أدناه والكل يقف بجوار تل أبيب حتى العرب أنفسهم. فمثلاً وخلال الفترة الماضية زعمت إسرائيل كذبًا وبهتانًا أن سوريا زودت حزب الله في لبنان بصواريخ متقدمة من طراز" سكود"... قامت الدنيا ولم تقعد حتى كتابة هذه السطور، استدعت أمريكا السفير السوري لديها وطلبت منه تقديم توضيحات، وخرج المتحدث باسم البيت الأبيض يعلن أنه في حال تورط دمشق في هذه القضية ستكون كل الخيارات مطروحة!! أي من الممكن شن عمليات عسكرية فوق الحدود السورية اللبنانية، وقام وفد عربي بزيارة دمشق للتأكد من صدق المزاعم الإسرائيلية، والتأكيد على أن سوريا لم تفكر في المساس بالأمن الصهيوني، وكل قادة الدول الأوروبية إستنكروا موقف سوريا "دون التحقق من الأكاذيب الصهيونية"، وأكدوا على أنهم لن يسمحوا بالمساس بالتراب الإسرائيلي. ليؤكد لنا المثال السابق حجم التناقض الدولي والعربي في التعاطي مع أمن إسرائيل وأمن الفلسطينيين " إذا صدقت عبارة أمن على الفلسطينيين مع كل موجة تصعيد إسرائيلية جديدة ضد قطاع غزة، تتجه أنظار الفلسطينيين صوب دول الربيع العربي في التحرك شعبيًا ودبلوماسيًا بهدف لجم التصعيد الإسرائيلي الذي يبدو أنه سيزداد حدة ضد غزة في الأيام القادمة خصوصًا مع اقتراب حمى الانتخابات الإسرائيلية في يناير المقبل. ويتلهف قطاع غزة المحاصر غيث الشعوب العربية التي أطاحت بزعماء مستبدين، إبان كل تصعيد عسكري جديد من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تري في القطاع "الحلقة الأضعف" لاستعراض قوتها العسكرية أمام أعدائها.
الحكومة الفلسطينية قامت بدورها باتباع كافة السبل والوسائل الدبلوماسية لكافة الأطراف العربية والدولية، للجم الاحتلال ووقف عدوانه المتواصل ضد المدنيين الأبرياء في القطاع. لقد شهدنا في هذا العدوان خروج مسيرات جماهيرية في مصر للمطالبة بوقف العدوان على غزة، وهو الأمر الذي لم يكن في السابق، إن تصريحات رئيس جمهورية مصر العربية د.محمد مرسي، تبشر بخير لفلسطين عامة ولقطاع غزة خاصة بصفته الجار الأول للجمهورية, ان مسألة إعلان الحرب على غزة لم تعد كالماضي، فالحرب على غزة لم تعد نزهة نظراً للمتغيرات المحلية والخارجية، إضافة إلى أن القيادة الإسرائيلية تخشى اتخاذ قراره، إن المتغيرات ما بين عام 2008 – 2012م، تشير إلى متغيرات جديدة، وجهت بوصلتها نحو فلسطين، أن الساحات الشعبية في الدول العربية تتجه لإسناد الشعب الفلسطيني، وذلك نتيجة المتغيرات، وقوافل كسر الحصار التي تأتي بسفراء من كافة المؤسسات العربية، لأجل نصرة ودعم القضية الفلسطينية. بصراحة هناك حالة من الصمت والعجز العربي ظهر جلياً في العدوان الجاري على أبناء القطاع، ان الشعب الفلسطيني "لا يريد حراكاً دولياً وجماهيرياً في وقت العدوان، وبعد أن يتم تدمير غزة ويقتل أبناءها، بل يريد حراكاً ضاغطاً وفعالاً لمنع أي عدوان قادم على أبناء قطاع غزة، مستدلاً بمقولة "الوقاية خير من قنطار علاج
لازالت الشعوب العربية في حالة نوم عميق، باستثناء بعض التحركات الجماهيرية وخصوصاً في مصر، لا يمكن أن يراهن الفلسطينيون على الأنظمة العربية- بقدر رهانها الأكبر على الشعوب التي يلقي على كاهلها الدور الشعبي والجماهيري ضد أنظمتها حول ما يجري في قطاع غزة من عدوان متواصل، ورأى أن الموقف العربي بحاجة إلى الارتقاء لمستوى تفاعلي أكثر. إن سبب تحول الخطاب الفلسطيني للشعب الفلسطيني دون العربي، هو الصمت العربي تجاه ما يحدث في فلسطين، وصمته على الحصار الصهيوني المطبق على قطاع غزة... حصارٌ يستهدف القضاء على مليون ونصف المليون فلسطيني، فلا ماء، ولا كهرباء، ولا بنية تحتية، ولا مستشفيات، ولا أدوية، ولا معابر، وطائرات صهيونية من طراز أف 16 تهاجمهم والشعب أعزل، ونجد نداءات الفلسطينيين المتكررة بصوت حزين بأس: "أين أنتم يا عرب" تذهب أدراج الرياح دون أن تجد أحدًا يلبي تلك الدعوات
الفرق بين العرب وإسرائيل أوضحه الشيخ يوسف القرضاوي رئيس مؤسسة القدس الدولية، ورئيس الاتحاد العام للعلماء المسلمين بقوله:" إن عيبنا أننا نتكلم والصهاينة يعملون، وهم يخططون ونحن في غيبوبة، وهم ينظمون ونحن في فوضى، وهم موحدون ونحن نتخاصم".
وأضاف يقول: "لقد قرروا منذ سنوات أن يقيموا (الكيان الصهيوني) خلال خمسين سنة، وبالفعل نجحوا وفاجئونا بوعد بلفور الإنجليزي الذي قدم فلسطين إلى اليهود"، مشيرًا إلى أن "قلة من الصهاينة استطاعوا أن يأخذوا منا القدس ونحن نشكل ثلث مليار عربي ومليار ونصف مليار مسلم.
الملفت أن الصمت تجاه القضية الفلسطينية طال الشعوب والجماهير العربية أيضًا، فلم نعد نرى المظاهرات ولا مسيرات التأييد والتنديد بالجرائم الصهيونية إلا القليل، ولم نعد نرى المؤتمرات الشعبية لصالح الشعب الفلسطيني، وهذا يفسره الفكرة الإعلامية الصهيونية القائلة بأن تكرار رؤية مشهد إعلامي معين تؤدي حتمًا بعد مرور الوقت إلى عدم إثارة إية مشاعر إنسانية، أو تختلف وتتغير بل وتتلاشى المشاعر وردود الفعل عن أول مرة ترى فيه هذا المشهد، حتى لو كان مشهدًا بشعًا، أي أن الأخبار الخاصة بالقتلى الفلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال، ورؤيتها يوميًا كوجبة أساسية على مائدة فضائيات الأخبار، جعلت التأثير غير موجود وأصبح رؤيتها لا يمثل أي شىء،لا بد من التنسيق بين المجموعات العربية والإسلامية والقوى الأخرى بالأمم المتحدة؛ لاستصدار قرار قوي ضد ممارسات الكيان الصهيوني، وضرورة إطلاق حملة لنزع الشرعية
عن الكيان الصهيوني، ووصفها بالدولة المارقة التي تحارب الإنسانية والحضارة، وتمثل خطرًا على السلم والأمن العالمي، ولابد من القيام بهذه التحركات قبل فوات الأوان.
#زكريا_وحيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة والدين والسياسة ومصر الجديدة
-
أنقذوا مصر الهلاك
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|