ياسين لمقدم
الحوار المتمدن-العدد: 3945 - 2012 / 12 / 18 - 07:22
المحور:
الادب والفن
الجزء II
بعد أن صلى الفجر، وبعد أن تناول فطوره، قام الفقيه بافتحاص دراجته الهوائية، راقب ضغط العجلتين وسلامة السلسلة المحركة ثم ودع الزوجة والأولاد. امتطى سرج دراجته ليتوكل على الله، تململت به يمينا ويسارا لتستقر في مسارها بعد أن رفع من سرعتها على الطريق الترابي مهتديا في ظلمة الباكرة بفانوسها ذي الضوء الضعيف.
يتجاوز في طريقه إلى مدينة العيون مجموعات متفرقة من البدويين القاصدين وإياه وجهة واحدة حيث ينعقد في نفس هذا اليوم من كل أسبوع سوقها الكبير، يفسح الجميع له الطريق بعد أن تصلهم دقات جرس الدراجة وقد علموا أنه الفقيه فهو الوحيد الذي امتلك دراجة في زمنهم ذلك. يلقي على كل فوج السلام ولكن لن يتسنى له أن يصله ردهم إذ يكون قد ابتعد عنهم لسرعته بمسافة طويلة ثم للريح المعاكسة التي تصفر في أذنيه.
لما وصل إلى مسلك وعر يسمى بالمَرْجة، حيث ينمو بكثافة نبات السْمَار، ترجل عن الدراجة ثم حملها على كتفه ليعبر الأرض الموحلة ذات الأحجار المسننة والحادة. وبعد ذلك استأنف الركوب ضاغطا بكل قوة على الدواسات راكضا إلى مبتغاه الذي سيصل إليه بعد حين.
توقف أمام دكانه وحبات العرق تلتمع على جبهته تحت ضوء الشروق، أوثق دراجته بسلسلة لها قفل، ثم عالج الأبواب لينفتح دكانه دونما التوقف عن التمتمات بالتوكل على الله.
دكانه المربع الشكل تتوسطه آلة خياطة عصرية من نوع سنجر، مسح عنها الغبار وحرك دواليبها بعد أن وضع عليها قطرات من زيت صناعي. وفي أحد الأركان تتراص مجموعة من الأكياس الفارغة للدقيق الأمريكي للتضامن والتي كانت تتبرع بها الولايات المتحدة على المغرب منذ السنوات العجاف التي عصفت فيها المجاعة بالعباد والبلاد.
يتبع...
#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟