|
وجهة الأسد بعد السقوط
لينا سعيد موللا
الحوار المتمدن-العدد: 3944 - 2012 / 12 / 17 - 12:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأسد إذا استطاع الخروج من القصر، فلن يغادر إلى دولة أجنبية . وجهته الأخيرة ستكون اللاذقية. فكما تحصن القذافي في مسقط رأسه سرت، الأسد سيحتمي بين عشيرته التي يتوهم بأنه اشتراها لتفتديه لتدافع عنه بدماء أبنائها . وستحاول إيران وروسيا طلب حماية دولية للمنطقة الساحلية من عمليات الانتقام التي ستترافق مع زحف الثوار إلى معاقل النظام الأخيرة . وربما حاولتا التدخل عسكرياً بحجة حماية الأقلية، وبالتالي لا تخسر روسيا قاعدتها العسكرية البحرية والتي تتوق لها منذ زمن بعيد، ولا ينهار مشروع إيران بأقامة دولة شيعية تابعة وحليفة لها على ساحل المتوسط يمتد من أنطاكية (( شوكة في خاصرة تركيا )) ويتصل بدولة حزب الله في البقاع لينتهي في الجنوب اللبناني . هذه النظرية تدعم صحتها عدة مؤشرات لتواطؤ دولي، أهمها: 1- محاولة الاعلام الغربي والعربي والذي تترأسه الجزيرة، الايحاء بأن الثورة السورية بكل رموزها قد باتت إسلامية، في شعاراتها وتسمياتها ومطالبها . وأن الأصوات المعتدلة كالعقيد يوسف الجابر أبو فرات والتي تدعو للحمة الوطنية قد قتلت من قبل الثورا المتطرفين، لأنهم لا يرغبون بصوت الاعتدال ولا يؤمنون بالتعايش. خبر تلقفته أبواق النظام وبدأت تنفخ فيه لتأجيج الخوف لدى عموم السوريين مما هو قادم . 2- تتلاقى مصالح الغرب مع مصلحة الأسد في أمر هام، فالغرب ليس على عجلة في إنهاء الاقتتال وانتصار الثورة، لأن مصلحته هي في سوريا .. مدمرة مهدمة ضعيفة . دولة غير قادرة على تهديد إسرائيل أو حتى إزعاجها. أما الديمقراطية الوليدة فيها، فستكون تائهة بين الأولويات، في ظل شح وفقر مادي، فالموارد قد توقفت وتبخر المخزون النقدي، والمرافق المنتجة باتت في أغلبها معطلة . وهذا ما نترقبه لا بل ما سنراه واضحاً، عندما تطلب حكومة الثورة المساعدات فتأتيها مشروطة بتبعيات للدول المانحة تثقل كاهلها . أما الأسد فهو يريد الايحاء للسوريين عموماً والعلويين خصوصاً أن القادم من بعده سيكون نظاماً إسلامياً متطرفاً، هو امتداد لفكر القاعدة. لذلك فهو لا يترك حادثة إلا وبستثمرها في هذا المنحى، حتى إذا انتقل إلى المنطقة السورية الساحلية المتخمة بكل أنواع الأسلحة، وجد أنصار يقولون له "يا محلى الكحل في عيونك " . الأسد اليوم سلاحه الوحيد هو الاشاعة، وتغذية السلبية لدى السوريين، بأن يخلق مناخاً من الخوف والرعب وقلة الثقة . لكنه لن ينجح . ويبدو أن المعارضة السورية وكذلك المقاومة المسلحة، قد استسلمت لارادة المانحين القطريين والسعوديين فيما يتعلق بالشعارات والهتافات، ظانة أنه لا بأس ببعض المحايلة حتى تحصل على ما تحتاجه ، لكن متى ظفرت بالنصر، فستقيم دولة مدنية ديمقراطية حداثية . لكن القضية لا تقف هنا، فما لا يراه البعض أن الغرب وهو الطرف الآخر من فكي الكماشة، يتناوب مع الاعلام العربي في عرقلة وتأخير النصر، فهو يمسك عن المعارضة أي مساعدة عسكرية أو لوجستية فاعلة تسرع من هذا النصر، بحجة واحدة، أنه يخشى وقوع هذه الأسلحة بيد المتطرفين فيساء استعمالها . هذه ببساطة أدوات الغرب والدول الخليجية في إطالة النزاع وتهديم سوريا تماماً، ولا ننسى أن الخليج يقوم بذلك لخشية كبيرة من امتداد الثورة إلى جوفه الرخو، وبالتالي فهو يشترط أسلمة الثورة في كل شيء، ويخيف في الآن ذاته عبر إعلامه الشعوب العربية من تأثير فوز الاسلاميين على حياتهم وأمنهم وأمانهم، فيقتل لديهم أي لهفة أو إرادة على التغيير . هذه الحيلة بات الشعب السوري يدركها تماماً، ويدرك أن مسيرته تجاه الديمقراطية لم ولن تكون مفروشة بالورود، وأن ثمن الديمقراطية باهظ ، و طريقه إلى الخلاص يشكل رعباً لدول العالم والجوار . معركتنا تقوم على امتلاك عنصرين متلازمين، الوعي بدورنا والطريق الذي نسلكه، وكذلك الأسلحة التي تؤمن النصر . صحيح أننا نقف بمفردنا، لكننا مع بعضنا قوة لا تهزم ولا يمكن الالتفاف حولها . وأن ثورة المبادئ التي قمنا لأجلها، هي الترياق الذي يخلصنا من كل السموم، ولا بديل . لنعلم أن سوريا دولة من أغنى دول العالم وأجملها، وإذا أحسنت إدارتها فيمكنها أن نكون دولة صاعدة في كل الميادين، لن تكون أقل من كوريا الجنوبية التي خرجت من حرب ضروس لتتحول إلى دولة غنية وواعدة . سوريا بلد يحوي كل شيء ولا يفتقد لشيء، قوتنا هي في عنصرنا البشري، في استثمارنا للانسان والأرض، ومتى شفينا من الأمراض التي زرعت في كياننا، فإننا سنبهر أنفسنا قبل أن نبهر العالم . لنعي أن إيماننا بالغد هو الخطوة الأولى لصناعة سوريا القوية، وثقوا بأننا وببعض التبصر قادرين أن نخطو خطوات كبيرة باتجاه التطور والنمو، لنخرج الوطن الحلم الذي يعيش في أفئدتنا إلى أرض الواقع لنعيش في رحابه الفسيح . آن الأوان لأن نعود ونسترجع أدمغتنا التي هاجرت، وأن نستقطب أخرى تبحث عن بيئة مريحة. إن الطريق طويل لكن الأجيال ستتعاقب في أداء المهمة، و لن تقف الحياة بغياب أي منا، فالاندفاع إلى الأمام يعتمد على شعبنا كله .
قادمون لينا موللا صوت من أصوات الثورة السورية
#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقائق يجب معرفتها
-
كلمة لا بد منها
-
الديمقراطية عسلها وسلبيتها على الآخرين
-
توحيد الجهود
-
لونا الشبل خلفاً لجهاد مقدسي في وظيفة الناطق بوزراة الخارجية
...
-
طبول الحرب تقرع
-
أحلامنا واقعاً
-
عندما يكون الحل ممكناً والنوايا صافية
-
الأمل والمثابرة والقناعة في أن سوريا للجميع
-
التفاني حتى آخر قطرة
-
دعوة للتبصر
-
رقعة الشطرنج
-
الحاصل غداً ؟
-
اقتناص النصر
-
الدقائق الأخيرة للأسد
-
بطولة تعانق الأسطورة
-
الجيش العقائدي
-
حقيقة الموقف الروسي، وبداية الخروج من النفق
-
سعاد الفتاة ذات الاحدى عشر ربيعاً .
-
مشاهد مخزية ، تنبئ بنهاية مخزية
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|