أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحب والعاصفة 23














المزيد.....

الحب والعاصفة 23


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3942 - 2012 / 12 / 15 - 19:17
المحور: الادب والفن
    


13
وحشة

في اليوم التالي، قضيت طوال النهار في غرفتي، أنام تارة، أخرج الى الشرفة تارة أخرى وأقرأ الصحف أو أجلس في تأمل طويل وأفكّر في الماضي وفي الحاضر وحتى في المستقبل. شعرت بالوحدة كما لم أشعر بها من قبل وتيقّظت في نفسي أسئلة كبيرة وجديدة لم توجد لها أجوبة.
ماذا سيحلّ بي؟ الى أين أذهب؟ كيف أعيش؟ وماذا أفعل؟
ترى، الى أي حد سيكون سامر بجانبي؟ وماذا سيكون مكانه؟ لقد ساعدني على الهرب بطلب مني وأمّن لي هذه الغرفة وكل احتياجاتي الأساسية الى الآن. ولكن... هل هذا سيكون كافيا؟
ثم فكّرت بوليد وفادية. ترى، كيف وقع عليهما نبأ هربي؟ وماذا سيفعلان؟ هل سيباشران بالبحث عني؟ إنتابني شعور غريب بالخوف. ماذا لو وجدني وليد؟ وماذا عن رامز؟ وعمي؟ بماذا يفكران الآن؟ أفٍ لهما! إنهما مصدر كل هذه المشاكل!
أفكار غريبة ومشتتة داهمت رأسي وصارعتني طوال الوقت وأنا أعاني من وحدتي في تلك الغرفة المغلقة على نفسي وأفكاري. وبدأ الظلام يتسرّب الى الكون.
مر يومان دون أن يأتي سامر.
كلّمني عدة مرات خلال الهاتف للإطمئنان علي وقد فهمت منه أنه منشغل في الدراسة لامتحان مهم واعتذر عن المجيئ.
قضيت الوقت في غرفتي دون خروج، أعاني وحشة وحدتي وأستغرق في التفكير المتواصل حتى أحسّ بأني أختنق، فأخرج الى الشرفة، أستنشق الهواء البارد، أتأمل ما حولي طويلا وأسائل نفسي: ترى، ماذا تخبئ لي الأيام؟ أعود الى الغرفة، أغلق الباب على نفسي، أنام على فراشي وأواصل سلسلة أفكاري، حتى أغفو ويأخذني النوم الى عالم الأحلام. ثم أصحو وأنا أشعر بقلق غير مبرر ويستولي الضيق على كل كياني.
في اليوم الثالث... ظهر سامر.
دعوته للدخول وجلسنا معا على الشرفة. أحسست فيه بتغيّر ما لم أعرف مغزاه. كان هادئا على غير عادته.
قال لي معتذرا: "معذرة أني لم أستطع المجيء في اليومين الماضيين."
"لا بأس." قلت وأنا أستنفض ابتسامة.
هبط علينا صمت آخر. نظرت اليه. لاحظت مسحة القلق على وجهه عرفت أن شيئا ما قد حصل.
سألته في حيرة: "سامر... ماذا هناك؟ ماذا جرى؟"
التفت الي وقد انفرجت شفتاه قليلا. ولكنه لم ينبس بشيء.
"سامر، أرجوك أن تخبرني. ماذا حصل؟"
فقال: "أخوك كان عندنا بالأمس."
"وليد؟!" هتفت باندهاش. "كان عندكم؟ في بيتكم؟"
"نعم. جاء بحثا عنك بطبيعة الحال. ظن أنه سيجدك عندي."
"وماذا فعل؟" سألت في قلق بالغ. "ماذا قال؟"
"إنه غاضب جدا. ويشكّ أن لدي يد في هربك وأني أعرف مكانك."
"وماذا قلت له؟"
"إطمئني، حبيبتي. لم أخبره بشيء طبعا. قلت له إني لا أعلم شيئا عنك وإني لم أرك منذ وقت طويل."
"وهل صدّقك؟"
رد بعد تفكير: "لا أظن."
هززت رأسي بأسى وقلت: "أنا آسفة. آسفة حقا. لقد ورّطتك معي."
"لا تقولي ذلك. لم تورطيني بشيء. إنما فعلت ما فعلت لحبي لك ورغبتي بأن تكوني سعيدة."
"وما العمل الآن؟ أخشى أن يؤذيك."
"لا تخشي علي. ولكن... عليك أن تخشي على نفسك، يا عزيزتي. إن أخاك الذي رأيته بالأمس لن يكفّ عن البحث حتى يصل اليك، وإن فعلها... لا أدري ما الذي سيفعله بك... هنادي، يجب أن تتركي هذا المكان بأسرع وقت."
فاجأني كلامه. "أترك؟! الى أين؟"
"الى أي مكان آخر. هذا المكان لم يعد آمنا لك، فإن بقيت هنا لا بد أن يجدك عاجلا أم آجلا."
"معك حق. وما العمل إذن؟"
"إسمعيني جيدا، يا هنادي. لقد فكّرت كثيرا في الأمر. عليك أن تسافري من هنا."
"أسافر؟!!"
"نعم."
"الى أين؟"
"الى أميركا."
"أميركا؟"
"نعم. عليك الإبتعاد عن عائلتك قدر الإمكان. حياتك لم تعد آمنة هنا، يا حبيبتي. لقد رتّبت لك كل شيء."
ثم أخبرني أنه تحدّث الى صديقه وجدي العمري في أميركا وحدّثه بكل ما حدث، وطلب منه أن يساعدني في تأمين إقامة مؤقتة في أميركا، وقد قام وجدي بترتيب كل شيء، وسيقدّم لي كل ما أحتاجه هناك.
أصغيت إليه بمزيج من الحيرة والذهول، وبعد أن فرغ... سألته بقلق: "وماذا عنك؟"
فرد بشيء من التردد: "أنا... سأحاول اللحاق بك بأسرع ما يمكن."
سألته والخوف يلوح من صوتي: "ماذا تعني؟"
فقال: "هنادي، الأمر ليس بهذه السهولة. ولكنني أعدك أن أفعل كل ما بوسعي كي نكون معا. فأنا أحبك. تأكّدي من ذلك."
"هل تحدّثت الى أمك."
أومأ برأسه علامة الإيجاب. ولكن... لم يقل شيئا.
فسألته: "وماذا قالت؟"
رد: "وماذا بإمكانها أن تقول بعدما رأت أخاك كما رأته بالأمس؟! إنها أم."
"لا بد أنها تخشى على حياتك."
"لا تقلقي ولا تخشي شيئا يا عزيزتي. ثقي بي. أنا أحبك. ولن أدع أحدا يفرّق بيننا مهما حصل! ولكن... أحتاج الى بعض الوقت. لذا، سافري أنت الآن وأنا سألحق بك فيما بعد، وتأكّدي أنني سأكون على اتّصال معك كل يوم."
ذهب سامر بعدما وعدني أن يرافقني الى المطار في صبيحة اليوم التالي. ذهب وتركني غارقة في لجة أفكاري ومخاوفي، والحيرة تطوّق وجداني، ولا أدري ماذا تخبّئ لي الأيام، وماذا تخبّئ لي أمريكا.


نهاية الجزء الأول



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمات حب في القمامة
- رحلتي الى باريس
- تساؤلات بريئة- الجزء الثاني
- الحب والعاصفة 22
- أنانية أنا
- ابتسامة الصباح
- الحب والعاصفة 21
- قوة التأثير على الناس البسطاء
- الحب والعاصفة 20
- عائدون الى الروضة
- الحياة حسب ايفا ايلوز- سيد قشوع
- الحب والعاصفة 19
- أنا والفئران جيران
- الحب والعاصفة 18
- ذكرى
- غش وفوضى وخلوها بيناتنا
- الحب والعاصفة 17
- الحب والعاصفة 16
- الحب والعاصفة 15
- الحب والعاصفة 14


المزيد.....




- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي
- خسر ابنه مجد مرتين.. مشهد تمثيلي يكشف -ألم- فنان سوري
- -مقبولين، ضيوف تومليلين- فيلم وثائقي يحتفي بذاكرة التعايش في ...
- السينما العربية تحجز مكانا بارزا في مهرجان كان السينمائي الـ ...
- أسبوع السينما الفلسطينية.. الذاكرة في حرب الإبادة
- سينما: فرانتز فانون...الطبيب الذي عالج جراح الجزائر وناضل من ...
- -وئام وسلام-.. تحفة فنية فريدة في مطار البحرين الدولي (صور) ...
- آلام المسيح: ما الذي يجعل -أسبوع الآلام- لدى أقباط مصر مختلف ...
- طريقة تثبيت قناة زي ألوان الفضائية على نايل سات وعرب لمشاهدة ...
- الحساب الرسمي لدوري الهوكي الأمريكي يستبدل كلمة -الروس- في ت ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحب والعاصفة 23