حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 3941 - 2012 / 12 / 14 - 00:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم يتعلم الرفاق الثوريون فى مصر ,أن الهوية العربية الاسلامية للشعب المصرى ,هى أهم الثوابت الوطنية والقومية على الاطلاق , ولم يتعلم الرفاق اليساريون ان المراهقة الطفولية اليسارية انتهت من العالم كله , كما نسى الرفاق ,او تناسوا ,ان من اهم سمات الثورى المحترم فى اى بقعة من بقاع الكون تكمن فى اخلاصه وشفافيته وايثاره وشجاعته وعشقه للحرية ,ودفاعه عن مخالفيه فى الرأى , وكراهيته الشديده وبغضه بل وقتاله لكافة لصوص وحرامية وفاسدى وناهبى اقوات الفقراء ,
قامت الثورة فى مصر ضد الفساد ,وضد الحرامية ,وضد القتلة , وضد نظام سياسى تقوده عصابات ارهابية عميلة للخارج تأتمر بأوامره ,وتنفذ وتسهر على حماية مصالحه الامبريالية وكيلا خسيسا رخيصا ,,قامت الثورة ,واقتلعت الرؤوس العلوية للنظام , وبقيت اذنابه وامواله ,كما بقى اسيادهم فى الخارج يحمون ويخططون ويعيدون انتاج النظام العميل عبر تلك الاذناب القميئة ,,تم الاسراع فى افتتاح العديد من القنوات الفضائية المتحدثة باسم خونة الثورة , قامت الابواق الخائنة الجبانة -التى كانت قد اختفت بعيد بداية الثورة - من رقدتها و تم احيائها من قبورها ,فعادت نجوما افعوانية تبث الفحيح الناقع الى رؤوس الفقراء والغلابة لكى يؤمنوا بان الثورة ما هى الا جحيم قد وقع ,وان اكبر اخطائنا وخطايانا كمصريين هى اننا سمحنا باهانة الرئيس المخلوع , وانه ينبغى اعادة كرامته المهدرة ومحاسبة الخونة الذين دبروا تلك الثورة الجبانة ,استمرت تلك المنظومة , برعاية بعض من باعوا الثورة المصرية ,وعلى رأسهم هدى عبد الناصر ,واسامة الغزالى حرب وغيرهما (على سبيل المثال),حتى كدنا ننتخب الفريق احمد شفيق رئيسا لمصر كما حاولوا ان يمرروا هما وامثالهما عملية انتخاب احد اهم مساعدى المخلوع تحت التهديد بفزاعة الاسلاميين ؟
لما فشل ذلك المخطط الكريه , وتم انتخاب الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية ,وتم اسقاط الفريق احمد شفيق ,انتظر الشعب ان تبدأ عملية التغيير الثورية ,وانتظرت العامة ,ان يستفيق اخوة الميدان ,وان يعيدوا حساباتهم ,وان تمتد الايادى الثورية لتشد بعضها البعض , تحت راية احد رفاق الميدان ,حتى ولو اختلفنا معه او مع ايديولوجيته ,لكى تواجه متاعب المرحلة الانتقالية ,ويغنم فقراء ذلك الوطن بما حلموا به عندما قدموا التضحيات غالية من دمائهم ,لكن الرياح اتت بما يشتهى مجرموا الداخل ,وبما يخطط له المتربصون بالخارج من الدول الكارهة للثورة المصرية ,وعلى راسها دول الخليج ,وكذلك اسرائيل واميركا ؟؟؟
اليسار الذى وقع بعض اهم رموزه فى خطية مساندة احمد شفيق ,ومعهم الذين وقفوا نص نص , اعادوا الهجوم على اختيار الشعب المصرى لرئيسه , وحتى بعض من ايدوا انتخاب محمد مرسى على خجل وبعد رمى البرقع على وجوههم وكانهم يرتكبون جرما ,حتى هؤلاء سارعوا بالوقوف ضد الرئيس الجديد ,وكانهم ما صدقوا ان فرصة ما قد جائتهم لكى يغفر لهم الرفاق فى الداخل والممولون فى الخارج ما ارتكبوه من جرم تاييد رئيس من الاخوان المسلمين ؟
وهل هناك ما يمنع من معارضة محمد مرسى ,او اى رئيس اسلامى ؟ وهل هناك خطأ فى مهاجمة او انتقاد رئيس ارتكب اخطاء فى حق شعبه حتى ولو لم يكن اسلاميا ؟ الاجابة لا بالتاكيد ,بل على العكس فان من الواجب على كل من هم خارج السلطة الا يتركوا اية فرصة تتاح لهم لمواجهة اى قائد منتخب او غير منتخب ,حتى ولو كان من داخل الثورة ,الا وقاموا باستغلالها والقيام بما ينبغى من افعال ثورية لحماية مكاسب الثورة وتحقيق مطالبها ,,,لكن الذى حدث فى مصر فى الشهور الاخيرة ,وبعيد انتخاب محمد مرسى مباشرة ليس فعلا ثوريا ولا انتقادا لنظام ولا تقويما لرئيس ,,انها محاولات التفاف ديكتاتورية ضد الخيار الشعبى ,خاصة بعدما وقع العدوان الجديد على غزة ,وظهر من خلال ملابساته وتداعياته ,ان مصر الجديدة خطر على امن اسرئيل ؟؟ تكثفت فاعليات الثورة المضادة من كل صوب ,خاصة من لدن مخططات فاسدى النظام المخلوع ,سواء على الارض من خلال عمليات القهر والعنف التى تتم بواسطة البلطجية والقتلة المحترفين ,او من خلال عمليات القصف والعصف الذهنى وغسيل الامخاخ المصرية ,التى تقوم بها فضائيات العار وخونة الثورة الذين يسمون انفسهم اعلاميين ؟ ايضا قام الكثيرون من ماجورى النظام السابق بعمليات مصطنعة لتعطيل الاعمال تحت دعاوى المطالب الفئوية , وتقاعست قوى الامن عن مواحهة عمليات الخطف والقتل والفوضى الاجرامية فى الشارع المصرى ,بالاضافة الى خلق ازمات مفتعلة من قبيل ازمات السولار والغاز وتكثييف القاء القاذورات والمخلفات فى الشوارع ,,وبدا واضحا ان الامر مقصودا بشكل لا لبس فيه ,وبات واضحا ان القتلة واللصوص والخونة وعملاء الخارج قد تحالفوا معا لاسقاط الثورة ,وكانت تبرئة القتلة والفاسدين واعداء الثورة تؤكد ان الامور تتم وفق تناغم على اعلى المستويات الفلولية التابعة لئيس العصابة المخلوع ,, خرج الرئيس مرسى باعلان دستورى ,محاولا حماية النظام الجديد والثورة ,ومحاولا اعادة محاكمة القتلة كما وعد عند انتخابه ,وكذلك محاولا حماية المؤسسات الممنتخبة حتى لا تلاقى مصير مجلس الشعب الذى تم حله من خلال محكمة عين افرادها الرئيس المخلوع ,,وانتظر الرئيس المساندة من الثوريين واليسار بالاضافة بالطبع الى الفصيل السياسى الذى يتبعه ,,الا ان الفصيل المدعى الثورية ,الذى ايدت غالبية اعضائه انتخاب عدو الثورة احمد شفيق ,اسفر عن وجهه الحقيقى ووقف بشكل صارخ بجانب اعداء الثورة ملتحفا بهم ,وملتحقا بقطار العار الذى يضم عملاء الخارج قتلة الشعب المصرى ولصوصه وناهبى ثرواته ,تحت حجة رفض ومحاربة الاعلان الدستورى المحصن لقرارات الرئيس ,ثم بعدها تحت حجة مسودة الدستور التى تعترض عليها الكنيسة المصرية لان تلك المسودة تؤكد على الهوية العربية الاسلامية لمصر ,كما تحترم هوية وثقافة الاقليات الدينية ؟؟؟
وقف اليسار بجوار مساندى احمد شفيق ,ووقفت التنظيمات اليسارية الثورية بجوار عملاء الحزب الوطنى المنحل ,والتحق الناصريون بخيمة احنا اسفين ياريس (مبارك) ,كما وقف حمدين صباحى وكمال خليل بجوار عمرو موسى والسيد البدوى ,كما كتب الصحفى جمال فهمى بنفس اقلام مجدى الجلاد وعبدالله كمال ,,واستمرت الكنيسة المصرية فى ممارساتها الطائفية الغير مبررة ,,والتى تستند على مخاوف غير موجودة ,او قل انها مخاوف مفتعلة ,وتخفى هدفا اهم الا وهو كراهية للاختيار السياسى للشعب المصرى ؟؟؟
ان التفسير الوحيد لما حدث من خيانة للثورة المصرية ,وما تم من تحالف بين اليسار المصرى وغالبية قواه الثورية مع الفلول والحرامية وقتلة الشعب المصرى ,تحت لافتات تطالب بعودة النائب العام المخلوع الذى عينه مبارك والذى من خلاله تمت تبرئة قتلة الثوار لعدم كفاية ادلته المقدمة للقضاء ,او من خلال محاولة اقتحام القصر الرئاسى لخلع الرئيس المنتخب شعبيا ,تحت مباركة من السفيرة الاميركية فى مصر ,وعلى غرار ما تم ضد هوجو شافيز وبنفس الادوات الاعلامية التابعة للصوص العهد البائد ,ومن خلال البلاطجة القتلة الذين ارتكبوا مئات الجرائم ضد الثوار فى السابق ,,ومن خلال الحشد الطائفى الذى اعتمد على طائفة دينية اقلوية لا ترضى برؤية ابناء الغالبية المصرية ,وتريد فرض رؤيتها التى تقترب من الرؤية الاميركية والصهيونية وتقترب او تتطابق مع رؤية اذلام النظام السابق وعلى راسهم احمد شفيق مرشحهم المفضل ,,التفسير الوحيد هو ان كافة تلك القوى ومعها اليسار مع الاسف ,دفعتهم الكراهية الطفولية للهوية الاسلامية التى اختارتها غالبية ابناء الشعب المصرى ,الى ذلك التحالف المشئوم ,وتلك الخيانة المطلقة ,
ان ما حدث فى مصر من محاولات خنق الخيار الديموقراطى , والتحالف المشبوه بين اليسار والقوى الثورية واحدى الطوائف الدينية المتطرفة ,مع عملاء ولصوص النظام المخلوع ,وتحت رعاية اعداء الخارج اعداء الشعوب وكارهى خروج مصر من عنق الزجاجة الى براح التقدم والتنمية ,لن يغفره التاريخ ولن يقبله شعبنا المصرى العظيم ,,قد تكون هناك ملاحظات جوهرية على الدستور الجديد ,,قد يكون هناك اختلافا يصل الى حد التناقض مع ايديولوجية الرئيس الدكتور محمد مرسى ,,لكن ذلك لا يبرر ابدا ,ان يقبل اى ثورى وضع يده فى يد الوحوش الكاسرة قتلة ابنائنا ,ولصوص فقرائنا ,وباعة كرامة اوطاننا , ان مجرد وضع اليد الثورية فى يد القتلة اللصوص عملاء الخارج والتماهى مع مطالبهم هو انخراط فى الخيانة ,,فما بالكم وقد ساهمت اليد الثورية فى ذبح اعناق شركاء الامس اخوانهم رفاق الميدان ,,قربانا وتقربا لمن اطلقوا كلاب القناصة والبلطجية لفقأ اعين ثوارنا وتحطيم جماجمهم ؟
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟