|
لماذا حملة المقاطعة
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 3940 - 2012 / 12 / 13 - 15:45
المحور:
القضية الفلسطينية
دشنت قوى وفاعليات منظمات المجتمع المدني عبر إعلان النداء الأول في عام 2005 حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS "، وقد وقع على نداء المقاطعة الأول جميع القوى السياسية ومجموعة واسعة من منظمات العمل الأهلي العاملة بالمجالات التنموية والحقوقية المختلفة . شكل النداء تحولاً في مجرى النضال الفلسطيني لأنه يستند إلى القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان ويستند لحقوق شعبنا الثابتة غير القابلة للتصرف مثل " حق العودة ، تقرير المصير ، ومناهضة التمييز العنصري والاحتلال والاستيطان " وبالتالي فقد عبر نداء المقاطعة عن القاسم المشترك لجميع الفاعليات الوطنية والأهلية والحقوقية والتنموية والأكاديمية في مقاومة الاحتلال بطابعه الكولونيالي والتوسيعي والاستيطاني وكذلك مناهضة سياسة التمييز العنصري ، كما شكل النداء قاسماً مشتركاً على المستوى السياسي فتلك الأرضية من النداء تجمع من مؤمن بحل الدولتين عبر اقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 67 ،ومن هو مؤمن بحل الدولة الواحدة القائمة على اساس المواطنة المتساوية والمتكافئة بين السكان بغض النظر عن الدين ، الجنس، العرق، اللغة ، الاصل الاجتماعي.... إلخ. ومن هنا فقد جاء النداء كتعبير عن الاجماع الوطني الفلسطيني وكوسيلة لمقاومة الاحتلال عبر تكتيل وحشد الموقف الدولي باتجاه تطبيق آليات من المقاطعة والعزل والحصار . أتت الحملة الفلسطينية بالاستناد إلى التراث الوطني الفلسطيني في مقاومة الاحتلال أبرزها حالات العصيان المدني الذي جرت عبر ثورة 36 – 39 إلى جانب الإضرابات التجارية المتتالية ضد الاحتلال ومشاريعه وسياساته وأبرزها الحكم الذاتي والإدارة المدنية ،وكان احد ابرز حالات المقاطعة نموذج العصيان المدني الذي طبقته بلدة بيت ساحور ابان الانتفاضة الكبرى 87– 93. لا يمكن اجبار الاحتلال على التفكير الجاد بالتراجع عن مخططاته وسياساته بدون ان يدفع ثمن الاحتلال ويقتنع انه اصبح خاسراً ومكلفاً ، ولعل دعوة جماهير شعبنا بكافة قطاعاته الشبابية والنسوية وفئاته الاجتماعية المختلفة كالعمال ، المزارعين، والطلبة ... إلخ لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية بالأراضي المحتلة سيعمل على خلق الخسارة لاقتصاد الاحتلال الذي يحقق عوائد سنوية جراء تصديره لمنتجاته إلى سوقي الضفة والقطاع حوالي 3 مليار $ سنوياً بالمقابل فإن هذه القاطعة ستعمل على دعم وتطوير المنتج المحلي ليصح بحالة جيدة ووفق المقاييس العالمية للجودة ، وسيشجع الاقتصاد الوطني الذي من الهام ان يعمل على تعزيز مقومات الصمود لشعبنا. لعل واحدة من أهم العناصر التي تعمل على انجاح حملة المقاطعة تكمن في مدى تجاوب المنظمات التضامنية الشعبية الدولية مع تلك الحملة ، وفي الواقع فإن درجة التجاذب والتفاعل عالية جداً وتظهر مدى واسع من الاستجابة من قبل تلك المنظمات الشعبية بالعالم والتي تتبنى نداء المقاطعة وتعمل على بذل الجهد للضغط على حكومات بلدانها للشروع في مقاطعة الاحتلال وفرض عقوبات عليه وسحب الاستثمارات منه . وبالوقت الذي تستلهم الحملة قوتها ومنعتها من التراث الكفاحي الوطني والجماهيري الفلسطيني فإنها تستلهمها ايضاً من تجربة الحركة الوطنية في جنوب افريقيا، حيث ساهمت حملة المقاطعة التي انطلقت عام 58 في مواجهة نظام الابارتهاييد العنصري في اسقاط هذا النظام وتحقيق دولة المواطنين المتساويين الأحرار لجنوب افريقيا عام 93 ، كما استندت الثورة الهندية في نضالها السلمي إلى اساليب من مقاطعة المنتجات البريطانية في الاسواق الهندية مما كان له بالغ الأثر في تحرير الهند وحصولها على الاستقلال الوطني . هناك تنامي واسع في حملة المقاطعة بالعالم ، حيث تبنى هذا النداء العديد من النقابات العمالية والجامعات والمؤسسات الأهلية والحقوقية والفرق الرياضية والفنية بالعالم وقد قاموا بتطبيق آليات من المقاطعة في مواجهة الاحتلال . فعشرات الاتحادات والمؤسسات والنقابات في بريطانيا والولايات المتحدة وكندا واستراليا وبريطانيا وايطاليا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وغيرها تتبنى هذا النداء وترفض التعاطي مع اية دعوات صادرة عن مؤسسات الاحتلال الإسرائيلي . أمام قيام دولة الاحتلال بالانتهاكات المنهجية المستمرة لحقوق الإنسان الفلسطيني عبر تصعيد النشاط الاستيطاني وتهويد القدس وإقامة نظام من التمييز العنصري وبناء جدار الضم والتوسع ، وحصار قطاع غزة والهجوم المسلح على المدنيين بها في مرتين متتاليتين لا تفصل بينهما سوى سنوات قليلة ، فأقل ما يمكن القيام به من قبل المجتمع الدولي تأكيداً لمفاهيمه الأخلاقية التي يتبناها والتي تستند إلى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير المصير هو العمل على مقاطعة إسرائيل وعزلها عن الأسرة الدولية . لقد استطاعت حملة المقاطعة BDS وأثناء العدوان العسكري الأخير على قطاع غزة أن تحصل على توقيع 131 شخصية عالمية مرموقة منهم من حملة جائزة نوبل للسلام ، على بيان يطالب بالمقاطعة العسكرية لإسرائيل لأنها تستخدم الأسلحة لقتل أطفال ونساء وشيوخ أبناء قطاع غزة مثلما حدث مؤخراً من خلال استهداف عائلة الدلو علماً بأن أكثر من ثلثي الشهداء الجرحى كانوا من المدنيين ، حيث يعتبر مواطني الضفة والقطاع والقدس مدنيين تنطبق عليهم وثيقة جنيف الرابعة . إن تصعيد حملة المقاطعة تفترض من نشطاء المجتمع المدني العمل على مقاومة كافة أشكال التطبيع وآخرها مؤتمر أريحا الذي عقد تحت شعار " منظمات غير حكومة من اجل السلام " وبمشاركة منظمات إسرائيلية وبعض المنظمات الفلسطينية ، حيث تم إفشال عقد هذا المؤتمر بفعل النشاط الجماهيري والإعلامي لمجموعات نشطة وفاعلة من الشباب المؤمنين بنهج وخيار المقاطعة وفي جانب موقف المنظمات الأهلية الأصلية ومنها شبكة المنظمات الأهلية والتي نددت بعقد هذا المؤتمر. سستتنامى بالتأكيد فرص توسيع حملة المقاطعة بعد الاعتراف بدولة فلسطينية بصفة مراقب بالأمم المتحدة ، حيث سيعطى هذا الاعتراف الفرصة للدولة الفلسطينية للانضمام إلى ميثاق روما ومحكمة الجنايات الدولية وكذلك إلى الاتفاقات التعاقدية الخاصة بحقوق الإنسان مثل وثيقة جنيف الرابعة وغيرها بالعديد من المنظمات الدولية . حيث ستشكل هذه الخطوات فرصة كبيرة باتجاه تصعيد حملة المقاطعة وملاحقة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية وكذلك العمل على عزل إسرائيل عبر إسقاط عضويتها بالمحافل والمنظمات الدولية بوصفها دولة احتلال عسكري واستيطاني وعنصري. من الهام التكامل بين هذا الشكل وغيره من الأشكال مثل المقاومة الشعبية وتصعيد حملة التضامن الشعبي الدولي والنشاط القانوني الرامي إلى ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيلية أمام المحاكم الدولية حتى نستطيع في إطار تكامل تلك الأشكال العمل على الضغط على الاحتلال ليصبح خاسراً ويجبر على الرحيل .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من اجل البناء على خطوة الاعتراف بالدولة
-
صمود غزة دروس وعبر
-
المنتدى الاجتماعي العالمي ساحة صراع محتدم
-
قطر بين الاعمار والانقسام
-
المنتدى الاجتماعي العالمي انتصارا لفلسطين
-
نحو حكومة ظل فلسطينية موحدة
-
الاحتقان بين السلطة والاحتلال
-
المنطقة التجارية الحرة الفرص والمخاطر
-
أزمة الهوية
-
نحو تفعيل المبادارات المجتمعية
-
مجزرة الماسورة ....وماذا بعد ؟؟؟
-
حركات الاسلام السياسي واهمية التغيير
-
مقاطعة المنتجات الاسرائيلية نقطة ضوء في مشهد قاتم
-
اوروبا حينما تصطدم المبادئ بسد اسرائيل
-
من أجل درء مخاطر النزعات الطائفية
-
لقاء موفاز وتجدد وهم المفاوضات
-
رؤية المجتمع المدني في خطابات الرئيس مرسي
-
اثر الاحتلال والانقسام على حالة سيادة القانون
-
المنظمات الأهلية الفلسطينية التحديات والفرص
-
الحراك الانتخابي المصري والتيار الديمقراطي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|