أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - كفاية – دجل الرؤية الذاتية للتغيير وجدل الواقع















المزيد.....

كفاية – دجل الرؤية الذاتية للتغيير وجدل الواقع


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 1139 - 2005 / 3 / 16 - 09:37
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


قرأت المقالة التي نشرتها هويدا طه على موقع الحوار المتمدن بعنوان "الثاني من مايو يوم العصيان المدني في مصر" – ومع تقديري للجهد الذي بذلته في هذه المقالة، فإن لي بعض الملاحظات عليها.
إن المشكلة الأخطر فيما كتبته عن ضرورة استجابة المصريين ليوم العصيان المدني 2 مايو، هو أنك جعلت من هذه الاستجابة أو عدمها اختبارا لمدى صحة المقولات العنصرية والتشبيهات الفوقية التي أطلقها بلفور وكرومر وكيسنجر وغيرهم على المصريين أو الشرقيين.
لابد أولا أن تسألي نفسك ونسأل أنفسنا، كمهتمين بشأن الحركة السياسية في هذا البلد، من هو هذا المواطن المصري الذي يعيش في النرويج حتى يستجيب "المصريون لدعوته"، ومن من المصريين يقصد بهذه الدعوة، وهل لديه فعلا المقومات التي تجعل الاستجابة لدعوته للعصيان المدني ممكنة.
المعطيات الموضوعية في مصر وفي محيطها قد تكون مهيأة لما تسمينه الطفرة، ولكن هذه الطفرة ليست قدرا محتوما، والتاريخ شاهد على ذلك سواء في مصر أو حتى في ذلك العالم المتقدم "غير الخنوع" إذا شئت، بل وإذا راجعت أوضاع ألمانيا أو فرنسا منذ عام 1995 وحتى الآن وبريطانيا خاصة في أوج الهجوم الاستعماري على العراق، لتخيلت أن هذه الدول مقبلة على ثورة لا محال، حيث أزمة مركبة اقتصادية واجتماعية وسياسية، وجماهير مستعدة للخروج إلى الشارع وواثقة – إلى حد ما – في قدرتها على فرض إرادتها. ولكن أخطاء سياسية، وضعف القدرات التنظيمية والسياسية لدى الثوريين، ومناورات الطبقات الحاكمة والدول لكسب الوقت مراهنة على إحباط الجماهير، وبعض التطورات الأخرى في الحركة وفي الأوضاع العالمية، كل ذلك ساهم في تبدد تلك الطاقات الهائلة، وسوف تحاول تلك الجماهير محاولات أخرى بالتأكيد، ولكن ليس حتميا أن تكلل بالنجاح، كما أنه ليس مستبعدا بنفس القدر.
وما أقصده أننا ينبغي ألا نتهور ونتسرع في إصدار الأحكام على ضوء ما قد يحدث يوم 2 مايو، ففي النهاية يمكن في ضوء قراءة عناصر البيئة الموضوعية والتنظيمية، وثقة جماهير مصر في قدرتها على التغيير أن نصل إلى ترجيح عدم الاستجابة لتلك الدعوة المجهلة، بغض النظر عن اسم من أطلقها، فهي مجهلة لأنها تفتقد إلى الوسائل الضرورية لتحقيقها في الواقع، منها البنية التنظيمية والسياسية القادرة على التعبئة، والوسائط الإعلامية لشن حملات هيمنة واسعة، واستعداد الجماهير للاستجابة لكل ذلك. والأرجح أن مصر قد تشهد هبة مثل الهبات التي حدثت من قبل أو تحدث في كل أنحاء العالم، ولا تقتصر فقط على المصريين. ولكن هذه الهبة نفسها لا يمكن تحديد تاريخها بيوم 2 مايو أو أي يوم آخر، إلا إذا كنت من الأنبياء الملهمين، فالأمر يحتاج إلى دجال ثاقب النظر حتى يستطيع التنبؤ بذلك. الهبة إذن احتمال والتنبؤ بموعدها دجل.
هناك مشكلات أخرى في مقالك المشار إليه – الثاني من مايو يوم العصيان المدني في مصر – تتعلق بتفسيرك لقرار مبارك بتعديل الدستور، والذي يبالغ في أثر التحركات الهشة والهامشية لمجموعة "كفاية" من جانب، ومن أثر الضغوط الخارجية من جانب آخر. وفي الحقيقة فإنني أستطيع أن أجزم بأن الضغوط الخارجية لها تأثير في هذا القرار، ولكن ليس بالدرجة الكبيرة التي نجدها في مقالك المذكور، ولكنني أستطيع أن أجزم أيضا بأن استعراضات "كفاية" لم يكن لها أي تأثير إيجابي في هذا المجال، إن لم تكن قد أثرت سلبا. فالمظاهرة في جانب منها استعراض للقوة التي تؤيد مطلبا معينا أو تحتج على وضع محدد، وكل مظاهرات كفاية – اثنين تقريبا – كانت استعراضا لضعفها وهامشيتها. إن مصر شهدت في نفس الوقت الذي تمارس فيه الضغوط الخارجية أحداثا أعنف وأكبر من كل ما قدمته "كفاية" وأخطارا حقيقيه، مقابل ما تمثله "كفاية" من خطر في أفضل وصف له "مسرحي"، ولكن ذلك لم يدفع الدولة إلى مبادرة للاستجابة لتلك الأخطار. – منها على سبيل المثال أحداث مارس وأبريل، وأحداث التضامن مع الانتفاضة. لذلك فما أراه من مبالغة في تقدير الدور الذي لعبته "كفاية"، ليس له تفسير موضوعي، وأعتقد أن تفسيرك يخضع كثيرا لجوانب ضعف تتعلق برؤية ذاتية لطبيعة "كفاية" ودورها.
أما الضغوط الخارجية فقط بالغت أيضا في تقدير أثرها، ذلك أن الولايات المتحدة لم تنقلب على شركائها المستبدين في منطقتنا، وإن كانت استخدمت خطابا متشددا تجاههم بعض الشئ في مناوراتها الدعائية لتبرير غزو العراق. وقد دفعتها هذه المناورات للحظة وجيزة إلى محاولة اتخاذ خطوات عملية، مثل الدوران حول الحكومات ودعم الجمعيات الأهلية التي تطالب بإصلاحات ديمقراطية على الطراز الأمريكي. ولكنها بسرعة أدركت أن هذه المناورات خطيرة قبل كل شيء على مصالحها، ونبذت الدعاوى الأيديولوجية في الإدارة التي دافعت عن فكرة أن الديمقراطية الغربية في منطقة الشرق الأوسط أفضل لحماية مصالحها الاستعمارية. بعد ذلك بدأت تصريحات من داخل الإدارة تؤيد مبارك والنظام السعودي، بدعوى الإصلاح ينبغي أن يكون بمشاركة الدول، وتشير إلى أنها لا تختلف إطلاقا مع مبارك – ففي مصر على الأقل برلمان – زائف ولكن لا يختلف كثيرا عن برلمان الولايات المتحدة في ذلك – وفي مصر قضاء وإعلام ومنظمات حزبية وجمعيات ونقابات – فاسدة وضعيفة ومتواطئة، نعم، ومن قال إن الأمر يختلف كثيرا في الولايات المتحدة وأوروبا؟ بل إنهم بدأوا يتحدثون عن ذلك صراحة، واختصروا مشروعهم في نموذج العراق إلى هذا النوع من "الديمقراطية" المكبلة بالاستبداد والوحشية. وحتى قانون الطوارئ الذي تحدثوا عنه كثيرا، أدخلوه في الولايات المتحدة وفي بريطانيا مؤخرا.
إذا كان هناك من يدرك بلا أدنى شك أن ضغوط الولايات المتحدة وأوروبا مجرد تصريحات جوفاء للاستهلاك الإعلامي، فإن هذا الشخص سيكون حسني مبارك. وبالتالي فإن تأثير هذه الضغوط كان محدودا للغاية، فالولايات المتحدة لا تريد إلا استجابة فارغة المضمون حتى تضمن أمرين: أولا أن تبدو مسرحيتها الإعلامية ومبرراتها الدعائية للحرب مقنعة إلى حد ما للقاعدة العريضة من الجمهور الأمريكي والغربي، وهذا ما حدث، وثانيا ألا تكون هذه الاستجابة لها مضمون حقيقي لأن ذلك يهدد مصالحها في المنطقة. – لقد أشار مبارك إلى أن أي انتخابات نزيهة في مصر ستأتي بالإخوان المسلمين، وحذر الأمريكيين من تجربة الجزائر عندما ساورت الأمريكيين الرغبة وأخذهم الغرور لاتخاذ إجراءات عملية لدفع أجندتهم. وربما ساهمت تحذيراته في نكوصهم عنها.
ولذلك فالاستجابة للضغوط الأمريكية لم تتجاوز تلك الاستجابة التي يريدها الأمريكيون فعلا، وهي إصلاحات فارغة المضمون حتى لا تتجاوز الحدود الآمنة. وهذا ما بدا واضحا بعد تصريحات مبارك بشأن تعديل الدستور.
ولكن التعديل له أيضا هدف آخر- بالغ الأهمية من وجهة نظري. فقد كبر حسني مبارك في السن، ويريد أن يورث إبنه العرش. ولكن هناك خلافات قوية داخل المؤسسة الحاكمة حول هذا التوريث، خلافات بين مؤسسة الرئاسة، وبعض كوادر الحزب، والأهم خلافات مع مؤسسة الجيش حول التوريث – وإن كان الجيش قد عبر عنها بضرورة أن يكون رئيس الجمهورية عسكريا. ومن يتابع التطورات التي شهدتها الساحة السياسية في مصر والتي تعكس مشكلات داخل المؤسسة الحاكمة يستطيع أن يدرك ذلك بوضوح، فقد بدأ مبارك في دفع إبنه داخل الحزب، ليصبح بين ليلة وضحاها أمينا للسياسات – في الحقيقة واضع لسياسات الحزب والقائد السياسي الحقيقي له – ثم بدأت سلسلة فضائح الفساد لأهم كوادر الحرس القديم – والي وصفوت والشاذلي – وعزل هذه الكوادر إلى مواقع هامشية في مؤسسة السلطة. ثم دفع مجموعة من خلصاء النجل المحبوب إلى مواقع متقدمة في السلطة – وزارات المالية والاستثمار والتجارة وبعض الهيئات الهامة – ثم حضور ابن الرئيس اجتماعات مجلس الوزراء وجلسات التفاوض والمباحثات مع أي جهة خارجية. ثم شراء التأييد له في أوساط رجال الأعمال في الداخل والخارج باعتباره رجل الإصلاح الشاب.
وفي نفس الوقت، عمد مبارك إلى عدم تعيين نائب له، ووضع الجيش في مأزق الاتفاق على مرشح من داخله. وهيأت هذه المقدمات ليكون ابن مبارك المرشح الجديد لرئاسة الجمهورية. وإذا كان الجيش يخشى من هذه الخطوة أن تكون مفجرا لاضطرابات داخلية، حسنا فلماذا لا يأتي عبر صندوق الانتخابات؟
ومن هنا يتضح لنا السيناريو الذي ساعدت ظروف عديدة في وضعه. فبغض النظر عن نجاح هذا السيناريو أو فشله، فهذا أمر سوف يكشف عنه المستقبل، يريد مبارك أن يأتي إبنه بالتحديد عن طريق صندوق الانتخابات، وبالتالي يصبح قويا في مواجهة معارضية – لأنه سيحظى بالحسنيين، التأيدد الخارجي الذي يمهد له منذ فترة ونجحوا تقريبا في الحصول عليه، والخروج بمظهر الرئيس المنتخب ديمقراطيا من الشعب. وبالتالي كان من الضروري إنجاز خطوتين، الأولى عدم وجود أي منافس حقيقي له في الترشيح، وربما يفسر ذلك جزئيا هجوم الدولة على أيمن نور. والثاني تعديل الدستور بالمقاس حتى يمكن له ترشيح نفسه عن طريق الحزب. وهذا ما حدث.
استطاعت مؤسسة الدولة في مصر أن تلعب بكل الأوراق لصالحها، ولكن حساب الجماهير لا يشغل جانبا كبيرا في حساباتها، فمعاملتها مع الجماهير تتسم بنفس الشكل الذي تتعامل به كل الدول الأخرى – العصا والجزرة وإضعاف البنية التنظيمية لها والزن عليها بالدعاية المزيفة لتخديرها، وربما ينجح أو لا ينجح سيناريو مبارك في دفع إبنه إلى قمة العرش، ولكن هذا الأمر لابد أيضا ألا يشغل جانبا كبيرا في حسابات من يريدون لهذا البلد أن يخرج من إسار القهر والفقر والتخلف، بل علينا أن نقيم حساباتنا على شروط الحركة في الواقع والضرورات التي تطرحها علينا حتى تشعر الجماهير المصرية بقوتها. وهذا بالضبط ما أغفلته أنت تماما في مقالتك لصالح تقديرات ذاتية لجهود "كفاية" الاستعراضية والضعيفة.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجه الآخر للحرب الأنجلو-أمريكية ضد العراق وأفغانستان
- عام على الاحتلال الأمريكي للعراق نهاية الحرب الباردة والإمبر ...
- رسالة سندباد اليانكي – أيها الراعي، لابد أن تنسى
- الأزمة في هايتي وخرافة الديمقراطية الأمريكية في العراق - تصح ...
- أوهام وحقائق مشروع الشرق الأوسط الكبير
- تفجيرات أربيل وحق الأكراد في تقرير المصير
- أحيانا أندهش!
- متى تكون الديمقراطية من مصلحة الأمريكيين في العراق؟
- محكمة بلا ذراعين، وقادة بلا أنصار!
- طريق التغيير لا يمر عبر -مرآة أليس
- الطريق إلى الحرية – معادلة لم تجد لها حلا بعد!


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - كفاية – دجل الرؤية الذاتية للتغيير وجدل الواقع