|
قول الصدق في زمن الخديعة عمل ثوري
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 3939 - 2012 / 12 / 12 - 17:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عنوان المقال هو قول لجورج أرويل. ونحن فعلاً نعيش اليوم في زمن الخديعة، حيث صار الكذب فن من الفنون الإعلامية في تضليل الرأي العام. بل ونجح إنقلابيو 8 شباط 1963 في إسقاط أشرف حكومة كانت تتمتع بأوسع شعبية في تاريخ العراق عن طريق الكذب عندما أذاعوا برقيات تأييد كاذبة من قادة الفرق العسكرية.
من المؤسف حقاً أن السيد فخري كريم رضي أن يقوم بدور غوبلز في العراق الديمقراطي حيث أساء البعض حرية التعبير لنشر للكذب والتضليل والقذف بالشخصيات السياسية. غوبلز هذا هو وزير الدعاية في حكومة هتلر، وصاحب القول المشهور: "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس!". وهذا بالضبط ما يقوم به فخري كريم، رئيس تحرير صحيفة (المدى) البغدادية. وقد نسي أن حبل الكذب قصير، فلا بد وأن تنكشف الكذبة وينتهي الكذاب كما انتهى غوبلز في مزبلة التاريخ.
فمعظم الشيوعيين العراقيين يعرفون من هو فخري كريم، ويتشاءمون منه، ويتجنبونه قدر الإمكان، وأحسن مثال على ذلك ما ذكره الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي الأسبق، السيد بهاء الدين نوري، في مذكراته التي نشرها على حلقات في (الحوار المتمدن)، أنه عندما وصل دمشق عام 1988، قائلاً: "ولم أحاول إقامة أي صلة مع فخري كريم، الذي كان من أبرز الشيوعيين العراقيين هناك وكان متنفذا وعلى علاقات جيدة مع نظام البعث ومع جهاز المخابرات بوجه خاص". كما ويتهمه البعض بالسطو على مالية الحزب. كذلك كتب ضده القيادي الشيوعي الأسبق، الراحل رحيم عجينة في مذكراته. وبإمكان القارئ الكريم أن يقرأ مقالة القيادي الشيوعي الآخر، السيد باقر إبراهيم الموسوي الذي لخص الكثير عن هذا الرجل، في مقال له بعنوان: (فخري كريم .. وسيناريو التازيم). (1).
ذكرت في مقال سابق لي نشر على مواقع الانترنت يوم 5/11/2012، بعنوان: (في مواجهة الحرب الإعلامية التسقيطية): "أن العراق سيواجه حملة إعلامية تضليلية قذرة، وقذرة جداً تمس الأعراض والنواميس والمقدسات، والثوابت الوطنية، الغرض منها إسقاط وتصفية سياسيين وإفشال الديمقراطية، وتدمير العراق، بل وحتى القيام بمجزرة جديدة على غرار مجزرة 8 شباط 1963". وحذرت قائلاً: "فهل سينتبه العراقيون إلى هذه اللعبة القذرة ويمنعوا الكارثة، أم سيقعون مرة أخرى ضحية النصابين والمؤامرات الداخلية والدولية؟".(2)
وهاهو فقد تحقق حدسي مع الأسف الشديد، وأفضل مثال هو ما تنشره صحيفة المدى، لصاحبها فخري كريم، وآخر ما نشره من هذا الوزن الثقيل هو مقاله اليوم ( 12/12/2012)، الموسوم: (السـيـاسة ليست كلّها لعباً..على الحبــال علـى المالـكـي أن يتذكّــر). فتصور عزيز القارئ، السيد فخري كريم يقدم مثل هذه النصائح الأخلاقية إلى رئيس الوزراء العراقي!! على غرار قصيدة: (برز الثعلب يوماَ... في ثياب الواعظينا). يقول السيد فخري كريم في معلقته العصماء: ((واسترجاع ما قاله المالكي في لقاء جمعني به مع الرئيس، وهو لقاء من عدة لقاءات لتبادل الرأي والتداول في المسعى لإمرار ولايته الثانية، ويا لها من كبوةٍ لا اغفرها لنفسي، اذكره بالحرف وهو يقول موجهاً الكلام الى الرئيس بحضوري:" ان على الاخوة في الاقليم ان لا يضعوا المادة ١٤٠ شرطاً في الاتفاقيات، لانه ملزمٌ دستورياً، ورغم انف الجميع لابد من تطبيقه، وسأفعل كل المطلوب لتحقيق ذلك في الولاية الثانية". ثم استطرد، وهنا "مربط الفرس" الذي لا بد من اعتباره الأخطر في النهج السياسي الذي يريد المالكي إمراره في ظل غياب الوعي لدى أوساط غير قليلة، من القادة والناس، وانعدام الجرأة لدى قيادات وملوك طوائف: "إنني لا أرى في استعادة المناطق المستقطعة من كردستان مصلحة لناً وفرضاً علينا فحسب، بل انا اقول صراحة وصدقاً، ان علينا ان نعمل معاً لامتداد اقليم كردستان ليضم محافظة نينوى.!، لان هؤلاء - ويعني بهم أهل الموصل الحدباء - هم أعداء لنا، وسيظلون رغم كل شيء سنة وقومجية عربان، وملجأ للبعث والمتآمرين على حكمنا .! " ويضيف فخري كريم: "هكذا قال المالكي بالحرف، كاشفاً عن دخيلته باعتباره مجرد حاكم عابث، لم يتراجع عن وجهته هذه، حتى بعد أن أوضح له الرئيس ان علينا أن نحفظ للإخوة السنة مواقعهم ودورهم في العملية السياسية، قائلاً له "ولا تنسى أبا إسراء أننا سنة أيضاً". ومن جانبي استدركت وقلت:"خلينا في كركوك ابو إسراء" !.ومن المستور ما يفيض ..وعسى أن تنفع الذكرى !)). انتهى الاقتباس.
في الماضي السحيق عندما كان البشر غارقين في ظلام الجهل الدامس، كان بإمكان أي دجال ونصاب أن يمرر أكاذيب من هذا النوع على الناس ويستغلهم لمصالحه، بل وحتى يدق فيهم "عطر منشم"، ويشغلهم في حروب مدمرة لعشرات السنين على قتل ناقة. ولكن يبدو أن فخري كريم يستخدم أساليب الزمن الغابر في الزمن الخطأ، أي في قرن الحادي والعشرين. صحيح أن البعث دمر العقل والنسيج الاجتماعي لشرائح واسعة من العراقيين، ونجح دجالون في خدعهم، ولكن أن يأتي فخري كريم بكذب من هذا الوزن الثقيل أن رئيس الوزراء يريد التخلص من محافظة الموصل لأنهم "سنة وقومجية عربان، وملجأ للبعث والمتآمرين على حكمنا .! "فهذا كما يقول الإنكليز: too much ، أي كلام لا يمكن تصديقه. وحتى لو افترضنا جدلاً أن نوري المالكي ليس على وئام مع أهل الموصل، فهل بلغت به السذاجة إلى هذا الحد بحيث ينطق بمثل هذا الكلام الخطير أمام رجل إعلامي معروف تاريخه مثل فخري كريم؟ تقول الحكمة: "حدث العاقل بما لا يليق، فإن صدق فلا عقل له". والسؤال الآخر هو: ما هو موقف فخري كريم إذا نفى السيد رئيس الجمهورية كلام فخري كريم؟ فهل سيقوم بتكذيب رئيس الجمهورية، أم سيصفه بالنسيان لأنه يعاني من مشاكل صحيحة؟
المطلوب من السيد رئيس الجمهورية توضيح الأمر لنعرف الحقيقة، وإذا تأكد صدق إدعاء فخري كريم، فسيكون لنا موقف آخر من السيد نوري المالكي، وإن تأكد كذبه فعلى المالكي مقاضاة فخري كريم لأنه استخدم صحيفته لنشر الكذب وتضليل الرأي العام وإثارة الفتن، والفتنة أشد من القتل... حقاً نحن نعيش في زمن الخديعة. ـــــــــــــ 1) باقر إبراهيم، رد على فخري كريم .. وسيناريو التازيم http://www.faceiraq.com/inews.php?id=574263
2) عبدالخالق حسين: في مواجهة الحرب الإعلامية التسقيطية http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=551
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيحقق البارزاني نبوءة صدام؟
-
خطط مُبيَّتة لنهب ثروات العراق
-
حول إلغاء البطاقة التموينية
-
في مواجهة الحرب الإعلامية التسقيطية
-
من يحاكم المتَّهّم...القضاء أَم الإعلام؟
-
وعن جرائم البعث لا تتكلموا..!
-
الشريعة الإسلامية كتبت لحل مشاكل القرون المنصرمة وغير صالحة
...
-
لست تابعاً للمالكي، والعلمانية أفضل نظام لحكم العراق
-
من وراء رفع صور خامنئي في العراق؟
-
عراقيو الداخل... عراقيو الخارج
-
مخاطر تمرير قانون العفو العام عن مرتكبي الإرهاب والفساد
-
بهنام أبو الصوف في ذمة الخلود
-
الفيلم المسيء والرد الأسوأ
-
حول إغلاق النوادي الاجتماعية في بغداد
-
في مواجهة حرب الإشاعات
-
انفصام بعض السياسيين العراقيين عن الواقع
-
من المستفيد من الفتنة الطائفية؟
-
من هم سماسرة الطائفية؟
-
البعث والموساد، والذئب الذي لم يأكل يوسف!
-
فخري كريم واللعب بالنار الطائفية
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|