أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - المنضمون إلى التقليديين














المزيد.....


المنضمون إلى التقليديين


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3939 - 2012 / 12 / 12 - 09:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تدهور وتمزق العالم الإسلامي القديم جريا بسببِ قيامِ المثقفين بالانقسامِ الشديد بين الاقطاعين السياسي الحاكم والديني المعارض المنشق.
حشودٌ من الشعراء والكتاب والسماسرة والمهرجين يشعلون الشموعَ للقصور مدحا، ومعارضون ومغامرون دينيون ينشقون ويفتتون الدول.
خلال قرن وأكثر من(التحديث) لم يختلف الواقع كثيرا، ومهما كانت وقائعُ الاستعمار فهي عابرة، ومهما كانت قواهُ وغزواته ومؤامراته فهي لم تستطع أن تغيرَ التركيبةَ الاجتماعية العتيقة.
انقسامُ المثقفين بين الخندقين وإلقاء الحجارة على بعضهم بعضا، وقيامُ كل فريق بخدمةِ إقطاعهِ الخاص، الذي لم يعدْ عاما بل صار طائفيا، تجديدٌ لكارثةٍ كبرى أخرى.
عدم قدرة هؤلاء على التحول حتى للبرجوازية الديمقراطية التحديثية وبقاؤهم كائنات صغيرة تتقافزُ بين حبالِ الطبقات التقليدية كارثة ثقافية سياسية للقسم الشرقي خاصة في الدول العربية.
هذا يدعونا إلى فحصِ النتاج الفكري والثقافي خلال عقود وحساب مقادير قوى الزيف المتغلغلة فيه، حيث سيطرت فرديةُ المتعلمِ البوق، والموظف الإعلامي، الإعلاني، الايديولوجي المسطح، فنرى المسرحَ ينتقلُ من تقليديةٍ محنطة إلى تجريبيةٍ فوضوية، لم يتجذر في أرض ولم ينتمِ الى شعبٍ وقوى حية تجديدية.
وكذا الشعر والقصة والنقد، والآن أمطرت علينا المقالةُ السياسية السطحية لتكون الشكلَ الكتابي السائد.
هذه الثنائيةُ بين التقليدية والتجريبية الشكلانية في الأنواع الأدبية والفنية والفكرية عبرت عن فئات صغيرة متذبذبة بين ما هو تقليدي، وما هو تحديثي عجزت عن فهمه وتطويره، فهذه الفئاتُ لا أساسَ لها من العمق والتجذر في الرؤية والطبقة والوطن والشعب، وحين قدمتْ نماذجَها كانت هشة، تصويرية لما هو مباشر، وسطحي طافح فوق الواقع.
وحين ظهرت كتاباتٌ وأعمالٌ أخرى منتمية الى الحداثة شكلا رفضت الواقعَ وقفزت فوقه وانطلقتْ في أعمالٍ تجريبيةٍ مقلدة للثقافة الغربية من دون عمقها الديمقراطي الثقافي الطويل. إن الوعي الفكري الثقافي هو مقدمةٌ وتحضيرٌ للوعي السياسي وقد رفضتْ البرجوازياتُ الصغيرة عَبرَهُ الانتماء الى العمال أو الى البرجوازية وظلتْ تتلاعبُ بالتاريخ حتى سقطتْ في أحضان الإقطاعِ العائد الشرسِ المرعوب من الحضارة والديمقراطية.
في القفزة السياسية بالادعاء الانتماء الى الطبقة العاملة عاشت على أوهام تجاوز البرجوازية، فيما أسسها الاجتماعية من وجود الطبقات العاملة الوطنية ذاتها تتعرضُ للتآكل، وكانت هجماتُها ضد البرجوازية وتحويلها لخصمٍ مطلق حولتْ شرائحَ هذه الفئات إلى توابع للدول وكان ادعاؤها كذلك بتحويل العمال لخيرٍ مطلق زائفا.
حتى الآن لا تلوحُ إمكانيةٌ للتحالف العميق بين الطبقتين التحديثيتين الكبريين، خاصة أن الفئات الوسطى لا تقدمُ شيئا مهما للثقافة والفكر والديمقراطية، فبحرُ العمال الأجانب الرخيص الغائب الحقوق والظروف الإنسانية لا يجعلها ترى إمكانيات لتبخرِ هذا البحر على مراحل أو ربما فجأة، فإن كل شيء في المنظار القَدري يجري بالعناية السماوية، وهو يشير للوعي الديني المحافظ المتخلف وعدم رؤية أن الحروبَ الكلامية مقدمةٌ للحروب الفعلية وإننا ننشئ مصيرنا بأيدينا.
دخلت الطائفيةُ والمحوران المتصارعان السني والشيعي في المشرق لتغيبَ القراءاتُ الوطنية الاجتماعية المتبصرةُ لدى كلا الفريقين. كان ذلك هو ذروةُ المأساة ودليلُ الخرابِ الفكري والعلامةُ الفارقةُ للكارثة.
لهذا فإن انهيارَ أشكال الثقافة والفكر وتحولها لدبيب حروفي هجائي يستمدُ مواده الزاخرة من ثاراتِ داحس والغبراء وتحول خَندقي الطائفيين إلى زُقاقيين قديمين يشتمان بعضهما بعضا على طريقةِ النسوة القدامى في الردح، وتفاقم ذلك عبر توسيع الهراء حتى الفضاء، يعني أن المشرقَ العربي الإسلامي كله مقدم على كارثة، وأن غيابَ الثقافة العقلانية مؤشرٌ مخيف للقادم.
نلمح أن القوى التحديثية التوحيدية في المغرب العربي خاصة في تونس ومصر رفضتْ الانسياقَ وراء تشطير المجتمع لطوائف، وقد اعانتها في ذلك جذورُ ثقافتها المتراكمة التوحيدية وحين وصل نصلُ الطائفيةِ الى عنق المجتمع قفزتْ متحدية السقوطَ في الهاوية.
خلال ثلاثين سنة سابقة كان الصراعُ يدور في المشرق لرفض هذا الانسياق ولاتخاذ موقف مستقل عن الإقطاعين السياسي والديني، لكن قوى (اليسار) الطفولي المسئولية عن الأحزاب والجماعات خانتْ مهمتها، وأدخلتْ القتلةَ في حصانِها الخشبي، وبدلا من توحيد قوى الحداثة، وتماسك العمال والفئات الوسطى لأوطان حرة حديثة موحّدة، اندفعتْ وراء الطائفيين السياسيين تحرقُ البخورَ لهم ليحرقوا البلدان.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطائفيون والهياكلُ السياسية
- مرحلةٌ جديدةُ للريفيين
- الأساسُ الفكري للانشقاق
- الوحدة الأوروبية نموذجا للخليج
- لعبةُ الكراسي الاجتماعية
- الطليعيون والتحول إلى الطائفية
- ثقافة النهضة والتوحيد
- الأمم الكبرى الشرقية والديمقراطية
- ما هوية الأمة؟
- روسيا الاتحادية وتحولاتها السياسية (2-2)
- روسيا الاتحادية وتحولاتُها السياسية (1-2)
- تذبذبُ الإخوان
- مراعاةُ قوانين التطور التاريخية
- وجها النظام التقليدي
- قلقُ الأردن الجغرافي السياسي (2-2)
- قلقُ الأردن الجغرافي السياسي
- الأصلُ المأزومُ والنسخُ الفاشلة
- تطور التحديث في السعودية (3-3)
- تطورُ التحديثِ في السعودية (2)
- تطورُ التحديثِ في السعودية


المزيد.....




- إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي ...
- إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي ...
- ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
- سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
- جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
- ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟ ...
- كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
- الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة ...
- ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل- ...
- الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - المنضمون إلى التقليديين