|
مَن يضطهد شعباً لا يسعى لحرية شعب آخر
صادق إطيمش
الحوار المتمدن-العدد: 3938 - 2012 / 12 / 11 - 15:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النضال في سبيل التحرر والديمقراطية لا يقتصر على شعب دون شعب ، فكل الشعوب تسعى لتحقيق حياة خالية من القمع والتشرذم والإلغاء لكل ما يتعلق بمفاصل حياتها السياسية والإقتصادية والثقافية والدينية والقومية . وطالما يرتبط السعي لتحقيق هذه الأهداف بنضالات تخوضها الشعوب تختلف وساءلها وتتعدد اسسها الفكرية باختلاف قادة هذه النضالات احزاباً كانوا ام افراداً . إذ ان من اولويات النضال الذي تخوضه الشعوب هو الإستناد إلى نظرية ثورية تلبي حاجة الجماهير وتبلور سبيل النضال إستناداً إلى الظروف الذاتية والموضعية التي يمر بها هذا الشعب او ذاك . وفي خضم هذا النضال يبرز في مواقع القيادة ثوريون مؤهلون سياسياً وفكرياً لتسيير وجهة العمل نحو تحقيق الأهداف بالشكل الذي يتماشى مع الواقع الذي تمر به الحركة التحررية ، ومن ثم إختيار اسلوب العمل إستناداً إلى التجربة النضالية والعمق الفكري الذي يتمتع به هؤلاء القادة ، واستناداً إلى التوجه لإبعاد هذه القيادة عن التسلط والفردية وإعطاء مفهوم الحوار بين القيادة والقاعدة بُعدَه الحقيقي كي تتبلور عنه القناعة التي تصب باتجاه اهداف النضال التحرري . وهذا ما تحقق في خضم النضال الذي خاضه ولا يزال يخوضه الشعب الكوردي على عموم ارض كوردستان والذي إكتسب فيه تجارب نضالية وبرزت من خلاله قيادات سياسية وفكرية جعلت من نضاله هذا دروساً يمكن لحركات التحرر الوطني والقومي الإستفادة منها . وقد برز القائد الأممي عبد الله اوجالان من خلال الثورة الكوردية التي يقودها حزب العمال الكوردستاني في شمال كوردستان كواحد من ابرز القادة الثوريين في هذه الحقبة التاريخية ، حيث شخَّص هذا القائد الظروف التي تمر بها الثورة الكوردية تشخيصاً درس فيه كل موازين القوى المؤثرة والنتائج المستخلصة من هذه الدراسة التي وظفها لأهداف ثورة الشعب الكوردي بشكل عام وفي شمال كوردستان على وجه الخصوص . ومن هذه الدروس التي إستخلصها القائد عبد الله اوجالان هي الإصطفافات التي تتبلور لدى الثورة وقدرتها على التمييز بين العدو والصديق آنياً ومرحلياً . وما اثبته اوجالان في هذا الصدد يتعلق بموقف إسرائيل من التحرر الوطني والقومي عموماً ومن ثورة الشعب الكوردي بشكل خاص . وبهذا الصدد كتب القائد عبد الله اوجالان في كتابه " مانيفستو المجتمع الديمقراطي " ما يلي : " فالمفهوم الذي اخرجني من سوريا يرتكز في مضمونه مجدداً إلى تصادم التناقض بين الخط الذي رسمتُه للصداقة، وبين سياسة إسرائيل تجاه الكرد . فإسرائيل المنهمكة بربوبيتها للقضية الكوردية ، وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، أضحت بالغة الحساسية تجاهها، لدرجة انها لم تحتمل طراز الحل الكردي الثاني ، الذي تزايد تأثيره ووقعه متمثلاً في شخصي . ذلك ان طرازي في الحل لم يكن يتناسب وحساباتهم على الإطلاق . عليَّ ان لا انكر حق الإستخبارات الإسرائيلية ( الموساد ) التي دعتني بشكل غير مباشر إلى طريقها في الحل ، ولكني لم أكن مستعداً او منفتحاً لذلك، لا اخلاقياً ، ولا سياسياً " ( عن كتاب : عبد الله اوجالان ، مانفيستو المجتمع الديمقراطي ، المجلد الأول ، ترجمته من التركية:زاخو شيار، مطبعة ميزوبوتاميا ، 2009 ، ص 6) ويستمر أوجالان في فضح السياسة الإسرائيلية تجاه ثورة الشعب الكوردي قائلاً على الصفحة 7 من نفس الكتاب : " هذا التذكير الموجز وحده كاف للإشارة إلى ان إسرائيل هي القوة الأساسية التي أخرجتني من سوريا . ولا ريب في ان التهديدات السياسية الأمريكية والضغوطات العسكرية التركية لعبت دوراً في ذلك ايضاً . علينا ان لا ننسى ان إسرائيل كانت ضمن معاهدات سرية مع تركيا منذ اعوام الخمسينات. وللمرة الثانية إكتمل التحالف المناهض لِ ب.ك.ك. بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وجمهورية تركيا ، لدى إضافة المعاهدة المسماة ـ مكافحة الإرهاب ـ عام 1996" سياسة الدولة التركية العنصرية تجاه الشعب الكوردي عموماً وتجاه ثورته التحررية على اراضيه في شمال كوردستان على وجه التخصيص لا تحتاج إلى الشرح والتفصيل . إذ ان هذه السياسة قد بدأت ، منذ نشوء الدولة التركية الحديثة بعد إنهيار الدولة العثمانية على اثر الهزيمة التي لحقت بها في الحرب العالمية الأولى ، على التنكر أصلاً لوجود شعب بهذا الإسم ، تماماً كما يتخيل العنصريون العرب والفرس ، ثم إستمرت وحتى يومنا هذا لتوظف كل ما بجعبتها العسكرية والسياسية من مختلف وسائل القمع والإضطهاد للنيل من نضال الشعب الكوردي الذي ظلت تقتفي آثاره حتى خارج حدودها الجغرافية مستعينة بإبرهات هذا العصر في العراق لتفتح امامها حدود كوردستان الجنوبية جاعلة من القرى الكوردية الحدودية والبعيدة عن الحدود اهدافا لحمم قنابلها ومدافعهاً امام سمع وانظار دعاة الحرية وحملة شعارات التحرر القومي الكوردي ، وكأن الكورد الذين يتساقطون امامهم ليسوا منهم ولا صلة لهم بهم حتى ولا من الناحية الإنسانية ، إذا ما تركنا قرابة الدم جانباً . إلا ان المثير للفزع والإشمئزاز حقاً هو ان يلجأ بعض السياسيين الكورد في إقليم كوردستنان للتقارب مع الدولة الصهيونية التي لم تقم أصلاً إلا على القهر والإضطهاد ، وما هي إلا الصنيعة الإستعمارية التي اوجدها وعد بلفورد العنصري ومعاهدة سياكس ـ بيكو السيئة الصيت . لم يفسر لنا هؤلاء السادة ولم يوضحوا للشعب الكوردي على الأقل ما هو القاسم المشترك بينهم وبين هذه الدولة التي ما وقفت يوما ما إلى جانب اية حركة تحررية في هذا العالم الفسيح الذي يعج بالحركات والثورات التحررية ضد التسلط الأجنبي او الإستغلال الرأسمالي .بل ان العكس هو الصحيح في مجمل التاريخ النضالي للشعوب الذي تزامن مع وجود الدولة الصهيونية التي جعلت من الدين اليهودي سُلَّمَها للحكم ، تماماً كما تسعى القوى الإسلاموية اليوم للتسلق على الدين الإسلامي بغية التأسيس للدولة الدينية التي لا يمكن لها ان تكون إلا دكتاتورية قمعية ، وقد بدأت مظاهر ذلك تطفوا على السطح اليوم شيئاً فشيئاً . لقد تواردت الأخبار ، التي نرجو ان لا تكون صحيحة ، حول توجه بعض الساسة في اقليم كوردستان لعقد صفقات اسلحة ثقيلة وخفيفة مع الدولة الصهيونية بمبالغ تتجاوز الأربعة ملياردات من الدولارات الأمريكية إضافة إلى توثيق العلاقات الدبلوماسية بين الإقليم والدولة الصهيونية هذه . وقد برر هؤلاء الساسة كل ذلك بعلاقات الصداقة التي تبديها إسرائيل تجاه الكورد . لا نريد من هؤلاء الساسة الكورد في الإقليم التعلم من تجربة المناضل الأممي عبد الله اوجالان فيما يتعلق بصداقة إسرائيل للكورد وعطفها على القضية الكوردية ، إذ ان ذلك لا يصب في مجال إستيعابهم الفكري الذي يختلفون به مع اوجالان إختلافاً كبيراً جداً . إلا اننا نقول لهم ، وبإخلاص لنضال الشعب الكوردي على كل ربوع كوردستان ، بأن السياسة التي تقوم على إضطهاد شعب ما لا يمكنها ان تسعى لحرية شعب آخر . الدكتور صادق إطيمش
#صادق_إطيمش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التضامن العربي الكوردي على المحك
-
الإسلام السياسي التجاري
-
مطلب مشروع جداً
-
القضاء والفقهاء
-
المؤتمر الأول لهيأة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب الديني
...
-
النسبية في الإيمان
-
سيظل نشيدالجماهير مدوياً ... رغم الكبت
-
المواطن يسأل ... فهل من مجيب ؟
-
شو صارت مزعطة ...
-
تعددت جرائم قتل الوطن والسبب واحد
-
الإصطفاف الجديد للقوى الوطنية والديمقراطية العراقية
-
تدَني التدَيُن
-
مفهوم الأخلاق عند الحكومة وعند الشعب
-
الصهيونية والسلفية وجهان لعملة واحدة
-
حتى يغيروا ما بأنفسهم !!!
-
لله درك ايها الشيخ الصغير
-
لنحمي القضاء العراقي من الإنفلات
-
الشعب الذي لا يثور
-
الخطاب المخادع علامة فارقة للإسلام السياسي - القسم الثالث وا
...
-
الخطاب المخادع علامة فارقة للإسلام السياسي - القسم الثاني
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|