|
الديمقراطية المروضة
الصديق بودوارة
الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 12:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(1) في مصر، كما في تونس ، كما في اليمن ، كما في ليبيا ، ثمة ثورات اندلعت ، وديمقراطيات قامت ، وواقع جديد يتشكل ، وديمقراطية تولد ، لكن هذه الديمقراطية تجد نفسها الآن أمام مفترق طرق كبير ، وأستأذنكم اليوم في تناول حالتين فقط ، باعتبار التجاور والتشابه والعلاقات التاريخية المتأصلة ، هما الحالة الليبية والمصرية ، فهل ستتسع صدوركم للحوار ؟ (2) ثمة من يحاول ترويض هذه الديمقراطية ، ويريد أن يلوي عنقها قليلاً كي لا تلتفت إلا إليه ، والأطراف متعددة بطبيعة الحال ، والاتجاهات مختلفة ، لكن للديمقراطية رأس واحد ، فإلى أين ستتجه ؟ (3) ليست المشكلة في دول الربيع العربي أن لثوراتها "ورثة" يريدون الآن أن يتقاسموا الميراث ، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن كلا من هؤلاء الورثة يرى أنه وحده الوريث الشرعي ، وأن غيره دخيل على الثورة ، سارق لها ، ومن هنا بالذات يبدأ كل شئ . (4) أعتقد أن مصلحة الوطن تتطلب من الجميع أن يتخلى عن هذا النمط من التفكير ، فالتركة كبيرة ومهمة وفي غاية الخطورة ، إنها وطن بأكمله ، وبالتالي فإن على الورثة أن يجلسوا جميعاً على طاولة واحدة وأن يتبادلوا الحوار ، لأنها الطريقة الوحيدة لتقسيم كعكة الوطن بينهم ، وغير ذلك ، لن يكون هناك وطن ليتقاسموه ، ولكن ، وقبل أن نخوض في معترك الفكرة ، من أولئك الورثة ؟
(5) إنهم أولاً ، الثوار ، الذين نزلوا إلى الشارع ، وخاضوا معارك الثورة الأولى ، وسقط منهم الشهداء ، لكنهم لم يعدوا أنفسهم لحالة ( ما بعد الثورة ) ، بمعنى أنهم لم يشكلوا كياناً سياسياً يمثلهم في ساحة الحوار ، فاكتفوا بلعب دور الغاضب المحتج ، الذي تقتصر مطالبه غالباً على التعويضات المالية ومعالجة الجرحى ، وعلى المطالبات العمومية بالحفاظ على الثورة من المندسين ( الذين هم " فلول" في مصر ، و"أزلام" في ليبيا ) ، ودائماً ما يجسد هذه المطالب جماعات لا أفراد ، بمعنى أنها تفتقد إلى تنظيم محكم يمكن التحاور معه بهدوء ، وتحتاج بشكل حاد إلى كيان محدد يستطيع أن يتحكم في مسار بقية مكوناته وأن يجلس باسمها على طاولة مفاوضات ( ما بعد الثورة ) دون أن تتجرأ هذه المكونات على الخروج عن طاعته . (6) وهم ثانياً ، التشكيلات السياسية المنظمة ، ومنها ( على سبيل المثال لا الحصر ) جماعة الإخوان ( في مصر وليبيا ) وجبهة الانقاذ والتكتلات الليبرالية والتيارات الدينية ( في ليبيا ) ، وحركة 6 ابريل وأحزاب الوفد والتجمع وباقي التشكيلات السياسية ( في مصر ) وهذه كلها تتمتع بخبرةٍ طويلة وباع كبير في العمل السياسي ، ولها خطبائها المفوهون ، ومنظريها الخبراء ، ولها أساليبها في التعبير عن اتجاهها السياسي ، وبطبيعة الحال لها تاريخها النضالي في مواجهة قمع السلطة ، وهو الذي يمثل بالنسبة لها مرجعية كبيرة تستند عليها وتعود إلى ذكرياتها كلما لزم الأمر . (7) هؤلاء ليسو جميعاً أطراف اللعبة ، هناك طرف مهم ، الثالث والأخير ، الكبير ، والضروري ، والأساسي ، لكنه طرف صامت ، لم يؤطر أهميته هذه في شكل محدد ، ولم ينهض بعد ليقول كلمته ، إنها الأغلبية الصامتة ، التي لا تنتمي لهذا ولا ذاك ، وهذا الطرف هو المخزون الضخم الذي يمد كل الأطراف السابقة بالعنصر البشري ، من خلال كونه مستهدفاً على الدوام بالتأثيرات العقائدية والفكرية لهذه الأطراف ، إنه قد يمنحها بعضاً منه ، لكنه لم يمنحها ثقته الكاملة ولو ليومٍ واحد .
#الصديق_بودوارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نيتو !!
-
فتوى مغرضة
-
المرحومة .. جو!!
-
الملك .. بلوتوث!!
-
قصص
-
عصر الالات
-
دعونا ندخن
-
امة الذين لايقرأون
المزيد.....
-
15 أغسطس 1944: مغاربيون في جيش أفريقيا شاركوا بإنزال بروفانس
...
-
إيران تقيد الرحلات الجوية في منطقتها الغربية بسبب -نشاط عسكر
...
-
الجزائر والنيجر.. تنشيط العلاقات
-
حملة المقاطعة تطيح بالرئيس التنفيذي لستاربكس والإقالة ترفع أ
...
-
هل يحتاج العراق إلى قانون الأحوال الشخصية الجعفري؟
-
تغيير قانون الأحول الشخصية في العراق.. تهديد للديمقراطية اله
...
-
روسيا والإمارات تبحثان التعاون في إطار مجموعة -بريكس-
-
-نتائجه كارثية-.. خبير أمريكي يتحدث عن هجوم مقاطعة كورسك وتو
...
-
المغرب.. مديرية الأمن تعزز الخدمات في مطارين بالمملكة
-
بعد تسجيل حريق بمقرها.. القنصلية العامة الجزائرية بجنيف تصدر
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|