أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الحلم الفضي يعود إلى بنغازي














المزيد.....

الحلم الفضي يعود إلى بنغازي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3935 - 2012 / 12 / 8 - 15:35
المحور: الادب والفن
    



كلمة الدكتور عبد الحسين شعبان في بنغازي في حفل تأبين منصور الكيخيا
أمس فقط عاد منصور الكيخيا إلى مدينته بنغازي. رجع كعادته حالماً ببيته وغرفة نومه. عاد منصور الكيخيا مكلّلاً بالورد ومحمولاً على الأكتاف بعد غياب قسري طويل. عاد مصحوباً بدعوات وهتافات صادقة وبريئة بالمجد والخلود، حيث تصرّف الناس بكل عفوية ومحبة إزاء هذا الرجل الشجاع والأمير الحالم الذي عرفوه في كل الأوقات جريئاً ومخلصاً ورصيناً وموضع ثقة باستمرار.
ازدحم الشارع البنغازي محيياً حضوره البهي ، وكم كان الناس يتمنّون أن يكون بينهم وفي مقدمتهم يوم اندلعت الثورة في هذه المدينة التاريخية المهمّشة، وهو الذي ظلّ يمنّي النفس بحكمة الضوء وانتصار الحلم على الكراهية وليالي الزمهرير السوداء. هكذا جاءت الشرارة وبعدها اندلع اللهيب، فهوى نظام الاستبداد والتسلّط والاستئثار والفردية.
وحده الحلم الجميل كان وراء هذه القدرة العجيبة التي امتلكها منصور الكيخيا، والشبيبة التي تطلّعت للضوء وعلى هدية كانت قادرة على مقارعة الطغاة. كان منصور الكيخيا حاملاً لمشروع تنويري حضاري أساسه العقلانية والديمقراطية والمدنية ويعتمد الحوار والوسائل اللاعنفية سبيلاً للتغيير، لا سيما بنشر الثقافة الحقوقية السلمية التي تشجّع على احترام الرأي والرأي الآخر والتنوّع والتعددية.
كان منصور الكيخيا سياسياً من طراز فريد، فقد اختزن خبرة متراكمة ودراية ومعرفة وعلماً، مثلما عرف العمل المهني والحقوقي العربي والدولي، بخلفيته القانونية والدبلوماسية والإدارية. وكان مثقفاً عضوياً متميّزاً، عاش هموم شعبه وأمته، وتطلعاتهما وآمالهما، خصوصاً وقد جمع في شخصه على نحو منسجم ووثيق، بل في هارموني لا انفصال فيه، بين السياسية والثقافة، وبين الوطنية والإنسانية وبين المبدئية والمرونة وبين الصلابة والنعومة وبين الستراتيجية والتاكتيك، كل ذلك في إطار أخلاقي يسري في عروق حركته وتوجهاته بجميع مفاصلها، سواءً في عمله السياسي أو الدبلوماسي أو الحقوقي أو المهني أو الصداقي.
أدرك منصور الكيخيا أن مشروعه الحضاري يحتاج إلى تراكم وتطوّر طويل الأمد، لأن أهدافه هي تفكيك بُنية الاستبداد التي عصفت بالدولة والمجتمع، ولم يكن لديه أدنى شك أو أي وهم من ثقل الواقع الذي كان يهيمن على الحياة ويضفي قتامة وعتمة، أقرب إلى انسداد الآفاق، وبما يدعو لليأس أحياناً. وعلى الرغم من أجواء التشاؤم العامة، فقد كان الحلم حبله السري إلى المستقبل، بل أن جزءًا من عقله وتفكيره كانا يعيشان في المستقبل، ولأجل ذلك الحلم عاش وواصل نضاله دون كلل أو ملل. وكان الإنسان حلمه واستثماره الحقيقي متمثلاً بقول الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس " الإنسان مقياس كل شيء" ولأجله ينبغي تسخير كل شيء، لاسيما لرفاهه وسعادته وبالطبع لحريته وإنسانيته.
ومثل حلمه بنظام جديد وحريات ومؤسسات منتخبة، فإن إعلاء شأن الإنسان ورفع قدره كان هاجسه الأول، إيماناً منه بسمو حق الحياة وقيم الحرية والمساواة والعدالة والمشاركة، الأساس في المواطنة الفاعلة التي كان يعتبرها حجر الزاوية للتقدّم والعدالة الاجتماعية.
لعلّ الحلم الأخير لمنصور الكيخيا قبل أن يرقد الرقاد الأبدي هو اجتماعنا هذا، الذي أراد أن يشاركنا فيه فقد دعانا بكل كرمه المعهود إلى مدينته وبيته وغرفة نومه ليقول لنا:
الآن هو الآن
أمس قد كان
ليس هناك من شك !
وتلكم لعمري حكمة الضوء والحلم الفضّي!

بنغازي 3/12/2012



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (1)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكمة الضوء وشهادة التاريخ
- منصور الكيخيا والرهان على «سلطة» الضوء!
- مصر والإسلام السياسي
- هل ترسو سفينة مصر الدستورية؟
- ماذا عن أكراد سوريا؟
- غزة وعمود السحاب!
- غوته وسحر الشرق
- اعتراف هولاند الخجول بجرائم قتل الجزائريين
- دلالات الديمقراطية وحقوق الإنسان في فكر أمين الريحاني
- عن تونس والدين والدولة
- العدالة الانتقالية والعدالة الانتقامية
- الشبيبي والبنك المركزي: قضية رأي عام!
- برزخ العنف والوعي الشقي
- ما ينتظره مسلمو ميانمار
- - اللاعنف-: هل هو منتج غربي؟
- الأقليات في الدول الإسلامية المعاصرة - المسيحيون والصابئة ال ...
- الصندوق الأسود!
- عن فيتو الفقهاء في العراق!
- حوار باريس 3
- بين قلم الأديب وحبر السياسة!*


المزيد.....




- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أكثر 70 فنانا يوقعون على عريضة تدعو لإقصاء إسرائيل من مسابقة ...
- -الديمومة-.. كيف تصمد القضية الفلسطينية أمام النكبات؟
- ترامب يواصل حرب الرسوم.. صناعة السينما تحت الضغط
- من فاغنر إلى سلاف فواخرجي: ثقافة -الإلغاء- وحقّ الجمهور بال ...
- سيرسكي يكشف رواية جديدة عن أهداف مغامرة كورسك
- الأفلام السينمائية على بوصلة ترمب الجمركية


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - الحلم الفضي يعود إلى بنغازي