أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - خواطر زقومية














المزيد.....

خواطر زقومية


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 3930 - 2012 / 12 / 3 - 23:39
المحور: الادب والفن
    


1- الإنحطاط

أيام عاشوراء ؛ الأبخرة تتسرب عبر النافذة ؛ أسمع الآن اصطكاكا ؛ ارتجاجا ؛ طنين المحركات .
أطل من النافذة ؛ أرى نسوة متجمعات ؛ فتيات يتحلقن حولهن ؛ آه على هذه المدينة الحقيرة ! روائح الكواتشو تملأ السماء نتانة ؛ أكاد أتقيأ ؛ حاويات الأزبال تحيط بالشارع من كل جانب .
من هناك ؛ أرى زوابعا من الغبار ؛ أسير الآن كما تسير الآلات ؛ إنني جزء من القطيع ؛ الضغوط تحيط بي من كل جانب ؛ منذ مدة تعطل هاتفي، وأصبحت منقطعا عن العالم ؛ إنني أعيش على الكفاف ؛ الدريهمات التي أملك أراها تتلاشى كما تتلاشى الشمعة ؛ آه أعيش وسط بشر حقير ؛ أدرس في مكان خسيس ؛ عوالم تتكلم لغة الأمر، و الموت ؛ لا حقوق ؛ لا كرامة إنسانية ؛ يأمرون ؛ دون أن يفعلون ؛ يعبدون دون أن يتوضؤون ؛ آه لقد رأيت على وجوههم رائحة الغدر، و الخيانة، و القرف، و الإبتذال ؛ لقد احتقرتهم، واحتقرت الرسميات.
أذن المؤذن لصلاة العصر ؛ سكتوا ؛ لا بل ماتوا ؛ ذابوا، وشرع الديك في الصلاة، وقرأ الحمدلة، و السجدلة، ولكن تلك الحقيرة ماذا فعلت ؟ تعهرت، وتزنقوت، وتقلونت، وأحرجت الديك المسكين ؛ لكن ما كان منه ؛ إلا أن بصق عليها ؛ فانخسرت، وانقرفت، وانخسست، وانهجست بالموت ؛ لا بل إنها هي الموت بعينها ؛ حقيرة هي هذه المنهجسة بالنرجسية، والتعالي ؛ مع العلم أنها أقرف عدم رأيته في حياتي ؛ إنه ؛ إنها ؛ تشبه غواطي الصباحي ؛ لا بل هو أحسن منها ؛ منه ؛ بكثير ؛ آه ؛ آه ؛ يبدو أنها انقذرت بهذا المجتمع الموبوء ؛ البرد من كل جانب ؛ الشمس من كل حدب، وصوب ؛ لا أفهم شيئا في هذا الجو المتحربىء ؛ أصبت بالحمى ؛ طلبت إذنا منهم ؛ لكنهم لم يستجيبوا ؛ طلبنا منهم منحنا أوراق الإنتماء ؛ فأبوا ؛ إننا مجهولون في بلاد الجهل ؛ ذهبت إلى المستشفى ؛ وجدته مكتظا ؛ المرضى مقيدون كالأكباش ؛ ساقطون كالأحجار ؛ لم أجد مكاني بينهم ؛ انتظرت ؛ ثم انتظرت ؛ حتى وجدت طبيبا لا يقل حقارة في بلاد الحقارة ؛ مقلون ؛ متعجرف ؛ يبدو أنه لم يعرف يوما أنه إنسان ؛ يتعامل بترنسنتدنتالية طبيبية مع مرضاه ؛ قلت له إنني مريض بالسعال، والحمى ؛ عندئد شرع يخطط كلمات غير مفهومة في ورقته المتعهرة، وبعدها طلب مني الفحص بالأشعة، أي فحص ؟ و أية أشعة ؟؟؟ !!! ياله من حقير كحقارة مهنته التي تحب الغموض لتستعبد الناس ؛ المهم غادرته، وأنا في قمة غضبي، ويأسي على هذا الإختناق، واللاصفاء الذي يملأ الإدارة المغربية المتقلونة.
سألت عن مكان الفحص بالأشعة ؛ فأحالني عليه بعض الأشخاص ؛ ظننت أن الأمر سيكون مجانا في إطار الإصلاحات الجديدة ( رميد، والرماد الكحل ماشي رميد ؛ تفو على هاد البزار الكحل ) ؛ لكن الأمر لا يعدو ذر الرماد في العيون، وتغوط على الوجوه، وتبول على الأفواه.
نعم لا شيء تغير في هذا العالم المتقلون ؛ آه ماذا أرى هناك ؟ أرى الحياة ؛ أرى طيورا تحلق في السماء ؛ ترفرف ؛ أما أنا، فرأسي يرتج ارتجاجا ؛ جوع مهول يستولي علي ؛ كل صباح أفطر بجرعات قلوانية ؛ أتلقى جرعات الموت ؛ من مواعظ تلك المريضة ؛ الغواطية ؛ كل صباح أقاد نحو المرعى ؛ أرى حشرات ؛ أرى رجلا يتبول على جدار المقبرة اليهودية ؛ أسمع عاهرة تقول لإبنها الثاوي فوق ظهرها : - نعس ت مال دين مك مصدعنا- ؛ حقا لقد أحرجها ؛ لقد خطف لها السيجارة من فمها ؛ إنها - طالع ليها دم - ؛ الشارع خال ؛ الزبائن قليلون ؛ الصنارة فارغة.
أمر من شارع إلى شارع ؛ أجوب الدروب ؛ جيبي فارغ ؛ لم أملك أي كتاب ؛ دوريات الشرطة تتحرك من حين لآخر ؛ نسوة يبعن خبزا من نوع - محراش - ؛ أنهال عليه ؛ من حين لآخر أقتصد ؛ أتقشف ؛ أحس بأني وحيد ؛ منعزل عن العالم .
ألتقي صدفة مع هشام ؛ شخص انطوائي ؛ لقد قال لي ذات مرة : - إذا كان الشيطان أستاذ الرجل، فإنه تلميذ المرأة - ؛ آه على هشام هذا المعارض الجذري للمرأة ! كان يقول لي : - لا تتق فيهن ؛ إنهن ماكرات ؛ مصلحيات -، ولا ينظرن إليك ؛ إلا كرقم تأجير ؛ المهم هذا رأيه ؛ فيما بعد لم يعد هشام انطوائيا ؛ بل متفتحا ؛ مناشدا الحياة .

آه أحس بالعياء .

أواخر نونبر 2012
بني ملال



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد ذاتي-1
- فاطمة ؟!!
- عائد إلى دواري
- براثين كاسر
- مماتك يا سلاسلي مماتك
- تشظي
- من أنا ؟ أين أنا ؟
- أكتب للأمل
- أناي الشاردة
- نسيمات من أرض الماء
- رحلة ملتوية
- لقد أعجبتني
- إحساس غريب ؟؟!!
- قراءة في حوار مع الباحث عبد الصمد الديالمي ( المعركة الجنسية ...
- أحبك
- بني كرزاز في قلبي
- من أجل إنسانيتي
- عنفوان أيروس
- كيف أقضي يومي النموذجي؟
- ملاحظات حول ظروف بحث صديق


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - خواطر زقومية