|
انهض أيها البلبل الحزين - إلى محمد شيخو
مسعود عكو
الحوار المتمدن-العدد: 1136 - 2005 / 3 / 13 - 10:43
المحور:
الادب والفن
كلما استمع إليك أقول في نفسي بأن هذه الأغنية ستكون الأخيرة التي استمع إليها ولكن أرى نفسي مجبراً على الاستماع إلى أغانيك جميعها لا أعرف لأنك تغني بعاطفة مفرطة بالحزن وهذا ما يؤلمني كثيراً ويجعلني أحياناً كثيرة أتخبط في الحزن الذي قد انغمست أجسادنا فيها من ساسنا إلى رأسنا والتي ابتلت حياتنا كلها بهذه الكارثة الإلهية.
هذا الحزن المتوارث فينا ونقلناها من جيل إلى أخر زرع جدي في والدي ووالدي أعطاني إياه وأنا بالتأكيد سأورثه لولدي وهكذا هذا الحزن الذي ارتبطت حياة الكرد به منذ بداية الخليقة فأفراحنا حزينة وأتراحنا هكذا أغانينا تدور حول فلك الحزن والشاطر فينا أن يجمع أكبر قدر من أحزانه في بيت شعر أو أغنية أو لوحة فنية ولو استطاع هذا الحزين أن يفعل ذلك سينال من الشعب الكردي جائزة نوبل للأحزان.
هذا البلبل الحزين يجبرني على الاستماع إلى كل أغانيه وحتى الألحان الراقصة منها تشم من كلماتها حزناً دفيناً في قلباً مليءٍ بالغم والهم هذا القلب الذي انطفئ قبل أن يكمل رحلته إلى النهاية هذا القلب الذي احتوى كل العشاق وكل الأحبة بل أصبح موطناً لكل حزين وكل عاشق لا يجد لقلبه ونفسه المكان المناسب فيلتجأ إلى قلبك المفعم بالحب والحزن ليجد لنفسه موطئ قدم لأحزانه وآلامه التي أذرفت من مقلتيه آلاف العبرات الحزينة.
هذا البلبل الذي رحل دون أن يغني أخر أغانيه الحزينة دون أن يغني لحلبجة الشهيدة ودون أن يغني لقامشلو الجريحة هذه القامشلو التي لم تفي بوعدها كما يجب على الرغم من المحاولات اليائسة والمتكررة لإحياء ذكرى رحيله الأخير رغم أنه أعطى لها كل ما يملك لكن بقيت قامشلو مقصرة وبقي كل سكانها مقصرين في حقه هذا الحق الذي طالما انتظره البلبل الحزين ولكنه لم يرى هذه الحقيقة.
ادعوك يا محمد شيخو لتقوم من مرقدك و من سباتك القاتل وغني لي مرة أخرى لكي أبكي بين أحضان حزنك وعلى ترابي الحزين مرة أخرى لكي أتذكر مرة أخرى أغانيك التي تربينا جميعاً عليها هذه الأغاني التي أصبحت جزءً لا يتجزأ من حياتنا هذه الأغاني التي كبر عليها كل طفل في قامشلو هذه الكلمات التي كانت تأتي كلكمات على أوجه الذين خانوك ونفوك من ديارك وديارنا هذه الأنغام التي أسكرت الكثيرين على نبيذها الإلهي هذه الأوتار التي عزفت عليها أولى خطوط العشق الحزين الذي امتازت قامشلو الحزينة بها.
أنهض لترى بأن كردك اليوم سيغنون دائماً أغانيك وسينفذون وصيتك وفي كل آذار سنوقظك لتغني لنا من جديد تلك الأغاني التي ترعرعت عليها كل ورود حديقة مدينتا غني مرة أخرى أغانيك الرائعة في الحزن والعشق والوطن غني نسرين وزينبي وكوليزاري وأيمه وبحمدو وأخرها غني أغنية إحيائك لكي نحتفل معاً بقدومك السنوي علينا ولو جاء قدومك هذه السنة مع آلام أخرى وأحزاناً أكثر غني كافا آز مرم .
انهض لتغني مع أمهات آذار أحزن أغانيك ليبكوا مرة أخرى وكعادة آذارنا الباكي يأتينا باكياً ويرحل عنا باكياً ولا يجعلنا نهنأ بقدوم ربيع نوروز ولكنه يقطع الفرح بالحزن لكي لا يكمل للكردي نهار إلا ويبكي في نهاية يومه غني لتلك الصبية التي افتقدن عشاقاً بعمر الورد كان ربيعهم لم يتخطى بعد الثاني أو الثالث منه.
غني لآذار وغني لحلبجة وغني لقامشلو غني للجميع وغني أخر أغنية لنوروز هذه النوروز الذي ينتظر غنائك بفارغ الصبر لكي يبدأ عاماً جديداً ويوماً جديداً فيه الكثير من الأشياء الجميلة للكرد فيه للكرد نصيب من الحياة على ضفة دجلة والفرات فيه للكرد عيشة هنية على جبال كردستان فيه الحجل سيغني معك أغنية جديدة لتبدأ معه حياة جديدة حتى وأنت في برزخك راقد فأنت تعلم ما يجول على أرضنا وأنت أعلم بما صار بنا وبغيرنا فقم لكي تغني للسنة الجيدة للعام الجديد هذا العام المفعم بالحرية والحياة حياة كلها حياة لا وقت للحزن فيها كلها للحب وللعيش وللسعادة وللفرح.
عام يختلف عن كل أعوامنا السابقة فقط ينتظر قدومك لتقص شريطه الحريري وندخل سوية بوابة الحرية الأبدية هذه الحرية التي طالما عشقتها وتمنيت آلاف المرات أن تمتلكها انهض فالحرية لك الأن فقم وأكمل مسيرة آبائك الكرد الذين قبلك وهكذا سنبدأ معاً نغني تلك الأغاني الحزينة مرة أخرى لكن بقلوب فرحة مليئة بالعشق والحب وسنترك الهم والحزن جانباً لكي يبحث له عن مكان أخر بعيداً عن جبالنا وعن سهولنا بعيداً عن زهورنا وحديقتنا الجميلة هذه الحديقة التي بدماء الآلاف من أمثالك روت وأينعت ورودها وباتت تفوح منها رائحة الحب الأزلي هذا الحب الذي أبكاك كما أبكى الكثيرين من أمثالك.
فقم يا بلبلنا الحزين انهض لنغني سوية أغنية جديدة لآذار جديد غير آذارك الحزين وغير آذارنا الدامي هذا آذار جديد فيه لك ولي ولكل من يتوق للحرية موطئ قدم على وجه هذه البسيطة على هذه الأرض التي أورثناها حزننا وفرحنا فانهض لتقلب الحزن فرحاً والغم سعادة وأبدأ باللعب على أوتارك مرة أخرى لكي تعزف لنا مرة أخرى أجمل ألحانك ولكن هذه المرة بدون حزن بالفرح والسعادة والحب.
أيها البلبل الحزين غني لشهدائنا لكي تؤنس وحدتهم وغني لجرحانا لكي تشفي بصوتك الحنون جراحهم وغني لمعتقلينا لكي تؤنسهم في سجونهم فهم اليوم بحاجة لك أكثر من أي وقت مضى فغني لهم وهم ينتظرونك فانهض أيها البلبل الحزين من هذا الموت الظالم الذي خطفك من بين أيدينا ولم نكن بعد قد ارتوينا من مجيئك إلينا فأرجوك انهض وأقولها باسم كل الكرد انهض أيها البلبل الحزين من مرقدك هذا المرقد الذي تحول يوماً إثر يوم مرقداً للعشاق الذين يتوقون إلى الاستماع إلى صوتك الحنون لكي يبكوا معك ويضحكوا معك ويفرحوا معك فانهض ولا تخجل من أتى لزيارتك هذه المرة فالكل قادمون حاملين لك معهم الحرية والحب وباقة من ورود كردستان وزهرة نسرين واحدة.
#مسعود_عكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل المرأة الكوردية متحررة؟ أم لا؟
-
المجازر العراقية كالمجازر الأرمنية
-
ويقال عنهم بأنهم كفار
-
خفافيش الظلام
-
اغتيال الحريري... اغتيال المستقبل
-
الفائز الأول هو العراق والشعب العراقي
-
الانتخابات العراقية تحت الاحتلال
-
انتخابات العراق ... عرس العراق
-
يمين متطرف أم تطرف يميني
-
وداعاً أيتها الأغنية الأخيرة - إلى كره بيت خاجو
-
روزنامة نوروز
-
الحوار المتمدن مثال الصحافة الحرة
-
بوابة الديمقراطية الانتخابات العراقية
-
الخطاب السياسي الكوردي في سورية ثنائي الرؤى ... ازدواجي المو
...
-
ضريبة الإنسانية ... ضريبة الحرية
-
الأحزاب الكوردية في سورية وضرورة التغيير2
-
الأحزاب الكوردية في سورية وضرورة التغيير1
-
لماذا لا نرجمك أنت يا حسن الطائي؟
-
الظلم القانوني للمرأة في الدول العربية
-
طابا تواجد إسرائيلي أم كوردي
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|