كريم الصامتي
الحوار المتمدن-العدد: 3927 - 2012 / 11 / 30 - 21:10
المحور:
الادب والفن
من عمق البداوة الجميلة
الغياب ليس موتا بل حضورا في المتواري، الغياب هو اكتشاف للحضور من مسافة جديدة، من زاوية أخرى. أحيانا قد يكون الانغماس في الشيء معيقا للتأمل فيه، تماما كالحب إن نحن اقتربنا منه كثيرا فقد لا نستطيع الإحساس بالحميمة والدفء الذي يمنحه لنا، في الحضور لا نحس بالغربة أما في الغياب فالوحشة والغربة تدق بابنا بإزعاج وإلحاح شديدين. الحضور الدائم والمستمر يؤدي إلى الامتلاء التام، وما بعد الامتلاء إلا الفيض، في حين أن الغياب يطمع في الإفعام، الغياب نهم ومحتاج إلى الزيادة، الغياب لا يعاف، لا يقول لا، لا يوصد أبوابه، بيد أن الامتلاء يريد التخلص، يحصر اللائحة، يكتفي بذاته، غير متجدد كالبركة الآسنة. أما الغياب فهو نهر مشتاق دوما إلى معانقة البحر، لهذا كان ديدنه الهرولة دون عياء إلى الشساعة، إلى التحرر من قيد الانحسار وسط الشطين الآسرين لما يحويه من عوالم.
الغياب ليس نهاية بل بداية دائبة، بداية سابتة تتنقه، تتهيأ لصفع الاطمئنان والديدن والوثوق. الغياب بذرة في أرض بور، قد تفاجئنا بإزهار جميل ذات صباح يستفز لعنة القحالة. الغياب إله نسي في أي عالم من أكوانه دس غايته، فلننتظر غايته ولنترقب رغبته، أو دعونا نذكره عله يمنحنا سر الإنوجاد الإلهي.
#كريم_الصامتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟