أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرتضى الحصيني - اوقفوا الكرة الارضية عن الدوران اريد ان انزل !















المزيد.....


اوقفوا الكرة الارضية عن الدوران اريد ان انزل !


مرتضى الحصيني

الحوار المتمدن-العدد: 3927 - 2012 / 11 / 30 - 00:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



الحياة لا تحتمل ... سامحوني
كلمات قليلة تركتها المغنية المصرية " داليدا" قبل ان تنتحر لخصت فيها وجهت نظرها في ضرورة ترجلها عن الكرة الارضية ورحيلها ..
تكاد غريزة البقاء تكون الحجر الاساس لجميع القوانين التي يتم من خلالها تقييم الافعال البشرية والسماح بها او منحها صفة الحسن والقبح بعيدا عن احاديث الفلسفة المعقدة والمطولة في هذا المضمار في تحليل جذور الحسن والقبح العقلي او الشرعي او حتى الغريزي فهناك قاسم مشترك يخضع له الجميع بلا استثناء وهو تقديس الافعال التي تؤدي الى البقاء على قيد الحياة او تلك التي تستجيب لغريز التعلق بالحياة , ما عدى بعض الاستثنناءات هنا وهناك و التي تعتبر قفزات نوعية في فلسفات قليلة مازالت توصف بالاستثنائية تلك التي عمدت الى جعل الانتحار نهاية حسنة ولا تنسبها الى الشرير او الشيطان .
هناك جدل فلسفي شديد حول الدافع الاساسي لتقييم الافعال اهو المنفعة الانسانية البحتة ام الخير المجرد . في الفسلفات الدينية فان هناك مبرر ثابت ورصين للاخلاق الذي يعامد المنفعتين على بعض ليخرج بنتيجة تكاد تحسب على كلا الاتجاهين منفعة انسانية بحتة يحتل فيها الطمع الجزء الاكبر وهو الطمع بالجنة مقابل فعل الخير الذي قد لا يؤدي الى منفعة بشرية انية عمليا فتكاد عملية الايثار والتضحية لدى الانسان المتدين الذي يؤمن بالاخرة مبررة بشكل رصين وبسيط وهو انه يتخلى عمليا عن الحافز الغريزي الدنيوي لدى الانسان مقابل اشباع نفس الغريزة ولكن في مكان اخر " الجنة " وفي زمان غير معروف ومؤجل " الاخرة " .فكا للنزاع الذي يولده تقاطع مبدأ الايثار الاخلاقي وغرائز الانسان .
الا ان هذا التحليل لا يجد له صدى لدى الفلسفات المادية والوجودية والالحادية . ولا يبقى في هذه الفلسفات مبرر للاخلاق غير الغريزة والطمع ببناء حياة افضل وأسعد للجميع الا ان هذه الفسلفة تبدو قاصرة امام الاجابةعلى حل التنقاضات التي توقع فيها احيانا غرائز الانسان المتقاطعة فليس من مبرر يشبع نهم الانسان , للايثار بل ان الايثار يقوم اساسا على قمع هذه الغريزة وعمليا بدون مقابل ؟؟!!
يسوقنا التحليل اعلاه الى افتراض نتائج قد لا نراها تتحقق على ارض الواقع فعمليا لا نرى ان المجتمعات المتدينة اكثر تمسكا بالاخلاق من المجتمعات غير المؤمنة بل ان الموضوع يحركه في اكثر الاحيان الوازع الاخلاقي المجرد المبني على عدد من العوامل تعد التربية والبيئة والمبادئ التي يتربى عليها الانسان وتتوائم مع غريزته بالحصول على حياة افضل هي المحرك الاساس .
وفي كل الاحوال سواء في المجتمعات المتدينة او تلك التي تخلت عن الدين تبقى غريزة البقاء على قيد الحياة هي سيدة الموقف و تبقى في كل الاحوال "الحياة " نعمة مقدسة سواء في الفلسفات الدينية او الالحادية فالتنازل عن هذا الحق او هذه النعمة يعد حراما شرعيا في كل الاديان تقريبا كما انه ممنوع في كل القوانين بل ان التشجيع او الترويج له يعد ممنوعا قانونيا ومحرم ايضا .
ورغم ان الزهد والايثار يحصل على اعلى درجات التقدير الاخلاقية فأن التخلي عن الحياة يعتبر من اقبح الافعال في كل الفلسفات دون ان يساق في هذا المجال الاساس الفسلفي الذي يبرر تنازل الانسان عن مكونات الحياة ومسببات السعادة فيها من مال ونساء وصحة ووو.. ولكنه لا يبرر التنازل عن الحياة نفسها التي تعتبر عبارة عن مجموع تلك الملذات او انها سيدة تلك الملذات فهي بحد ذاتها لذة .
لا شك ان هناك تقدير وتقديس للانتحار او التنازل عن الحياة اذا كان كتضحية من اجل بقاء انسان اخر اي ان قيمة التنازل عن الحياة لم تجد لها مبرر حقيقي فمن يقدر التضحية بالنفس في كل الفسلفات انما يقدرها في حال كانت من اجل الحياة نفسها اي ان انسان ما يتنازل عن حياته من اجل حياة انسان اخر ولكن يتحول فعل التضحية بالنفس الى فعل شنيع في حال كان تنازلا من اجل لذة الانسان المنتحر او المضحي نفسه اي اذا حاول انسان ما الانسحاب من مسرح الحياة لمجرد الانسحاب وايقاف عجلة الحياة بالنسبة اليه شخصيا يتحول الفعل الى فعل شنيع غير مقبول وحرام .
اذن في كل الاحوال حتى في حالة تقدير الانتحار وتحويله الى " تضحية " يبقى الهدف واحد وهو الحفاظ على بقاء الكائن البشري ولم يتم تحسين فعل الانتحار لذاته وانما لانه وبطريقة ما يؤدي الى نتيجه ضده وبأختصار يقدر " الموت" اذا كان من اجل "الحياة" .
ينقسم الموت الانساني الى اقسام قليلة لكل منها مبرر يختلف ويتنقاض احيانا مع الاخر
اولها وبلاشك الموت الطبيعي الذي يحاول الانسان مقاومته بكل الطرق وتأجيله الى ابعد تاريخ ممكن .
الطريقة لانهاء حياة الانسان هو الاعدام : انزال عقوبة معينة بسبب ان الانسان الذي سوف يتم انزال عقوبة الأعدام به هو اما نه اصبح خطرا على المجتمع اي انه يهدد فئة من البشر بانتزاع الحياة منهم فيعمد المجتمع الى سلبه قوة الفعل تلك من خلال اخراجه من المسرح اصلا ورغم كل ذلك فأن عقوبة الاعدام باتت تعتبر فعلا شنيعا ويتم العمل على الغائه بسبب " بشاعته " وبسبب ان قاعدة الموت من اجل الحياة بدأت تتفسخ وهو موضوع بحاجة الى بحث منفصل وتحليل مستقل.
القتل : وهو ان انسان يعمد الى اخراج انسان اخر من لعبة الحياة في الغالب من اجل ما يعتقد المعتدي انه حق او لانه يرى بنفسه القدرة على انزال ذلك الفعل للحصول على اهداف معينة وقف المقتول في طريق تحقيقها كاحتلال بلد مثلا او الحصول على مال او على امرأة احيانا.
البعض من هذه الاسباب وجد لها مبرر والاخر لا يوجد لها حسب البيئة التي يتم فيها الاقدام على هذا الفعل وعادة يكون الفعل اما في ساحة حرب فيكون مبرره ان لم تقتل خصمك سوف يقتلك هو بالمقابل طبعا الاغتيال السياسي او المتعمد بالامكان وضعه في خانة الاعدام او القتل في الحرب
الانتحار وحده هو ما يربك التحليل ككل ويصعق الفلاسفة ويصدمهم .ولم تتم فلسفة الانتحار الا في اطار المرض النفسي ولم يعالج كظاهر اجتماعية وفعل انساني كنتيجة طبيعية لظروف ومسببات طبيعية . خاصة اذا لاحضنا ان عدد المنتحرين من بين المشاهير اكبر بكثير من المنتحرين من الناس العاديين .
لماذا لا ينتحر الناس العاديون؟؟
لماذا ينتحر الناس الذين هم مشاهير او مميزون ؟؟
ويدعي فرويد إن الناس لا يمتلكون القدرة أو الكفاية النفسية على أن يمارسوا العنف ضد غريزة الحياة بقتلهم لأنفسهم ، ما لم يكونوا بعملهم هذا يقتلون أيضاً موضوعاً حبيباً توحدّوا فيه
وقد أضاف فرويد في كتاباته الأخيرة نظرية أخرى قال فيها إن مثل هذه الدوافع العدوانية تصدر من غريزة الموت ، وأن الانتحار ما هو إلا نوع من التوق والاشتياق للعودة إلى العدم الذي خبرناه قبل الولادة .
ويدعي بوس (Boss , 1976) بأن جميع حالات الانتحار تكون مسبوقة " بانتحار جزئي وجودي " ، هو الانعزال عن الآخرين والتخلي عن المسؤولية ، والامتناع عن متابعة القيم الأصيلة في الحياة .واحسب ان حب الحياة هنا هو واحد من القيم التي يسميها فرويد الاصيلة يعمد احد اساطين التحليل النفسي وبشكل منفصل ايضا الى تكرار التحليلات النفسية ودراسة الانتحار على انه حالة مرضية دون النظر الى الحالة باعتبارها فعل طبيعي يوضع في خانة الافعال التي يكون بعضها تمردا للحصول على امر معين او من اجل الثورة وعصيان فعل امر معين فيقول أولمان وكراسنر (Ullman & Krasner 1975) أن تدمير الذات ما هي إلا نتيجة انتقالية محددة في النمط الشخصي للتعزيزات . فالخاصية الجوهرية لهذا النمط " الانتحاري " الجديد هو أن تقدير أو تثمين الشخص للموقف الحياتي الحاضر لا يشكل مصدراً يفي بالمراد من التعزيزات . وهذا يعني أن الانتحار ينجم من فقدان فعلي أو متوقع ، أو متصور (متخيل) ، لمعززات ذات قيمة عالية مثل : عمل ، وظيفة ، صحة ، أصدقاء ، عائلة ، وما إلى ذلك .
قد يكون سبب الانتحار في كثير من الاحيان هو فقدان ما يحب الشخص ولكنه هذا السبب هو واحد من الاسباب التي لسنا بصدد البحث عنها وانما بصدد البحث عن القوة التي تدفع الانسان لاتخاذ قرار بحجم الانتحار لانه فقد تلك الاشياء المحببة الى نفسه فلا شك ان الكثير ممن مازالوا يعيشون فقدوا ربما ما هو اكثر قيمة لديهم لكنهم لم يقدموا على الانتحار .
لم يقدم علماء النفس حتى الان اجوبة او بحوث حول تلك القدرة التي تمنح الشخص القدرة على اتخاذ مثل هذا القرار بقدر بحثهم عن الاسباب العملية والمادية التي ادت الى الانتحار ويعّد عالم الاجتماع الفرنسي دوركهايم (Durkheim 1897) ، أحد أوائل الذين درسوا الانتحار بصورة علمية .
ولقد صنف دوركهايم الانتحار إلى ثلاثة أصناف رئيسة هي :
الانتحار الفوضوي (Anomic) ، والأناني (Egoistc) ، والايثاري (Altruistic) . ويحدث الانتحار الفوضوي عندما يمر المجتمع باضطرابات حادة وأزمات مفاجئة ، كما حصل ، على سبيل المثال ، في الأزمة الاقتصادية التي حدثت للمجتمع الأمريكي في عام 1929، وفي النمسا بعد الحرب العالمية الثانية ، ربما بسبب الضغوط النفسية لخسارتها في الحرب واحتلالها من قبل القوات الأجنبية .
أما الانتحار الأناني فهو نوع مختلف يحدث بسبب عدم توحد أو اندماج الفرد بمجتمعه ، حيث لم تعد هناك روابط قوية تشده إلى مجتمعه أو عائلته ، بسبب وطأة عوامل قاسية ومحن وظروف غير مريحة في الأسرة أو الحلقة الاجتماعية الخاصة به ، فتغدو فصم أوشاج التعاطف الاجتماعي لديه أيسر من التقيد بها
ولكن تبقى تقييماته عن تحليل عملية الانتحار بشكل فلسفي وانما يبقى يدور في فلك الامراض النفسية والتحليل النفسي التجريبي لا الفلسفي .
الرسام الذي ينتحر لم تكن حالته باسوء من ملايين من الناس العاديين ولكنه كان بامكانه ما اسميه " رؤية نفسه من الخارج "ليقيم وضعه وليصل الى نتيجة : انه لا جدوى , لارحل اذن وهو قرار يستوجب الكثير من الشجاعة ! .
وهتلر لم يكن انعزالي ولا انهزامي بل ان قمة الشجاعة تكللت بانتحاره ربان تايتانيك مقاتلي الساموراي عندما يقدمون على الانتحار كذلك او حتى انتحاريي الاسلاميين هذه الايام ليس كلهم ممن هم مرضى نفسيون كما يحاول البعض تصويرهم وانما تم ايجاد الحافز الكافي لديهم للتمرد على واحد من اقوى الغرائز لدى البشر وهو حب البقاء على قيد الحياة .
يعتبر الناس الاقل تعليما او العاديون اكثر انصياعا للغرائز البشرية البدائية واهمها ولاشك هو التمسك بالحياة لذلك يستوجب التخلي عن هذه" النعمة " كما تسمى في الكثير من الاديان جهدا استثنائيا وتطويعا لملكة العقل على حساب الغرائز البدائية. باستثناء الحالات المرضية طبعا فعندما يقوم ارنست همنغواي بالانتحار او صاحب الغريب بالانتحار لايمكن ان اعزو ذلك الى مرض الم بهما بقدر انه قرار اتخذ من قبل اناس على قدر كبير من الوعي والعقلانية .وهو ما يدفعنا الى البحث عن مسببات اخرى للانتحار بعيدا عن ميدان الامراض النفسية .
فيما تُنمى خاصية التفكير وتطويع الغرائز لدى المتميزين او المشاهير لذلك يتم التنازل عن الكثير من الحاجات الانسانية التي تطالب بها الغرائز اطاعة لاوامر العقل لدى المتميزين وبمرور الزمن والنضوج الفكري يتضائل دور الغريزة ويبرز دور العقل حتى تصل الامور الى أن يتمكن الانسان من وضع الحياة نفسها ضمن لائحة االامور التي بامكانه التنازل عنها مقابل هدف معين او انه يتنازل عنها لانه لاطائل من وراء الاستمرار في المشاركة في اللعبة المسماة الحياة وتجشم عناء الامها .
الانتحار كصرخة تمرد
التمرد .. هو أن انسان ما لا يعد يتحمل بشكل غريزي ما يجبر على فعله , فيصرخ في نقطة معينة انه لم يعد يحتمل " صرخة داليدا ... الحياة لا تحتمل ...سامحوني" فيُقدم على الهرب او التمرد بأي شكلٍ اخر , العنف او " الاضراب او شكل اخر من اشكال التمرد ,و نقطة التمرد هذه تختلف من انسان الى اخر في ظروف العمل العادي , هناك اناس يتحملون اكثر من غيرهم . كما ان درجة التمرد تختلف من انسان الى اخر ايضا هناك من يتمرد ولكن ببرود وربما يتراجع اذا رأى ان العقوبة او عواقب تمرده وخيمة فربما يتراجع او يندم ولا يتمكن من التراجع ولكن البعض الاخر يتحمل للنهاية وهناك ارتباط وثيق لطريقة تقييم العذاب الذي تم التمرد عليه فهناك نقطتين مختلفتين تحكمان التمرد فاذا منحنا العذاب درجات مئوية فهناك من يرى العناء الذي يمر به هو متوسط , الاخر يرى نفس العناء ضئيل ولكن الاول يعتبر ان العناء المتوسط يستحق الثورة فيتمرد والاخر يرى ان العناء الضئيل يتسحق التمرد فيتمرد فهناك قدرة طبيعية لرؤية العناء وتقييمه تختلف من شخص لاخر كما ان نقطة التمرد تختلف من شخص الى اخر رغم انه من الممكن ان يتمرد الشخصان مع بعض ولكن هناك مثال اخر يوضح الفرق بين النقطتين الهامتين التين تشاركان في اظهار التمرد الى الوجود لنفرض ان شخصين وعلى اساس التقييم السابق ايضا الاول يرى العناء متوسط والثاني يرى نفس العناء متوسط ايضا ولكنه لا يتمرد
اذن هناك اتفاق في الرؤية ولكن اختلاف في درجة "الغليان" او التمرد .
ازعم ان هناك ارتباط مباشر بين مدى تقييم الانسان لمدى تحمله للعذاب وبين الثورة فالانسان الذي يرى عذاب ما بسيط فيما ان انسان اخر يراه شديد فان درجة غليانه تستغرق اكثر من العناء شديد والذي يرى العناء البسيط شديد فانه قد يتمرد حتىى في اقل من شديد بقليل .
اذن وكنتيجة طبيعية فأن مقدمة التمرد هي تقييم العناء ورؤية الانسان لنفسه من الخارج كمقيم محايد
وليس كـ "حيوان " وثقت عينيه ويسير بدون ان يرى نهاية الطريق الذي يسير اليه , معظم البشر وربما اكون منهم اسير لاني ولدت على ان اسير وها نحن سائرون ودون اكتراث عمليا لمعرفة نهاية المسير .
مثل هذا الشخص خارج دائرة الانتحار كليا لان مقدمة الانتحار هي الاختيار والقرار واتخاذ قرار بحجم الانسحاب من الحياة نقر كلنا بقسوته وقوته في الحالة الطبيعية لا المرضية يعتبر قرارا استثنائيا . غني عن القول اني لا ادعي ان كل من اتخذ قرار الانتحار فهو بمعنى من المعاني انسان متميز ولكنه اتخذ قرار ا يستوجب ادراكا شديدا لمدى خطورة مثل هذا القرار .
في معظم الاستطلاعات التي تجرى وقرأت احداها مؤخرا عن اسعد الشعوب تظهر النتائج ان الشعوب الاكثر تخلفا وعذابا وفقرا هي الشعوب الاكثر سعادة !
هذه الشعوب تشعر انها سعيدة لانها لا ترى نفسها من الخارج وحتى الرد على سؤال السعادة نفسه الذي يطرحه منظمو الاستبيانات قد لا يستغرق الجواب عليه لدى النيجيري او التشادي اكثر من ثواني ليأتي وبسرعة " نعم.. انا سعيد " مع ابتسامة عريضة فيما النرويجي مثلا يفكر كثيرا قبل الرد الذي يكون في اكثر الاحيان " لا.. لست كذلك " ليس لان الظروف المعاشية لدى النرويجي اسؤ من التشادي ولا لان التشادي متدين والنرويجي يعيش ضياع روحي بل لان النرويجي استطاع ان يرى نفسه من الخارج و ان يقيم نفسه وان يرى الامور بشمولية اكثر وبتفكير حر يضع من نفسه حاكما على الحياة وعلى الانسان ومن ثم يقيم الوضع الذي لن استغرب اذا جاء سلبيا فربما يكون النرويجي منزعجا ويشعر بالحزن من اجل شعوب بائسة واحد منها التشادي الذي اجاب وبكل سعادة انه سعيد.
ادراك الذات ..هنا هو الذي لعب الدور الرئيسي في الشعور بالسعادة والتعاسة .. ادراك الذات هذا نفتقده لدى معظم شعوب العالم الثالث قبل بضعة ايام شاهدت برنامجا تلفزيونا ظهر خلاله جندي عراقي يشرح وبفخر وسعادة فائقة كيفية اجهازة على عدد من الارهابيين فيما يشير الى جثثهم الممزقة , فيما يمرض جندي امريكي بامراض نفسية فتاكة بسبب ارتكابه لعمليات قتل او مشاركته فحسب في عدد من المعارك في العراق او افغانستان وذلك لانه شعر بتأنيب ضمير! . لست بصدد البحث عن الحق والباطل في هذا المجال فانا بلا شك مع القضاء على الارهاب والارهابيين ولكن هنا نحن بصدد تحليل الحالة النفسية لدى انسان متحضر مثل الامريكي الذي لاننفك نننعته بابشع الصفات وخاصة الجنود منهم وتساق قضية اصابة الجنود الامريكان بامراض نفسية فتاكة كدليل على مدى البشاعات التي يرتكبونها مع ان البشاعات التي يرتكبها جنودنا هنا وهناك اشد بشاعة من تلك التي يرتكبها زملائهم الامريكان ولكن الفرق ان الجندي الامريكي امتلك الشجاعة لمواجهة نفسه ومن ثم محاسبتها ليصاب بمرض نفسي جراء حسابه لنفسه وشعوره بالذنب فيما لا نرى اي اثر لتأنيب ضمير او ما شابه لدى الجندي العراقي او غيره من الشعوب الاقل تحضرا . ليس لان الجندي العراقي امتلك المبرر الكافي للقيام ببشاعاته الامر الذي يفتقده الامريكي ولكن لان الجندي العراقي يفتقد لحس محاسبة النفس وامتلاك القرار الشجاع لتوجيه التهمة الى نفسه ! الامر الذي يبدو انه موجود بقدر مناسب في المجتمع الامريكي . او الياباني او النرويجي وباقي المجتمعات المتحضرة .



#مرتضى_الحصيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تردد قناة طيور الجنة كيدز 2024 نايل سات وعربسات وخطوات ضبط ا ...
- خبيران: -سوريا الجديدة- تواجه تحديات أمنية وسط محاولات لتوظي ...
- أردوغان يهنئ يهود تركيا بعيد حانوكا
- “السلام عليكم.. وعليكم السلام” بكل بساطة اضبط الآن التردد ال ...
- “صار عندنا بيبي جميل” بخطوات بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور ...
- “صار عنا بيبي بحكي بو” ثبت الآن التردد الجديد 2025 لقناة طيو ...
- هل تتخوف تل أبيب من تكوّن دولة إسلامية متطرفة في دمشق؟
- الجهاد الاسلامي: الشعب اليمني حر ويواصل اسناده لغزة رغم حجم ...
- الجهاد الاسلامي: اليمن سند حقيقي وجزء اساس من هذه المعركة
- مصادر سورية: الاشتباكات تدور في مناطق تسكنها الطائفة العلوية ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مرتضى الحصيني - اوقفوا الكرة الارضية عن الدوران اريد ان انزل !