|
ثورة الحسين صحوة انسانية للنجاة
شمخي الجابري
الحوار المتمدن-العدد: 3926 - 2012 / 11 / 29 - 23:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جوهر ثورة الامام الحسين (ع) تحمل مشروع الهي من اجل اهداف مقدسة لضمان حقوق الانسان تعتمد اصول الحق والحرية وترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية وانهاء كل اشكال العبودية والكراهية والخنوع السفياني حين خرج الامام منتفضا لاجتثاث جذور الظالمين أستهدف أنحراف يزيد بؤرة الفساد الذي أشاع المنكر معروف وزهق الحق فارادها الامام ( كلمة عدل عند سلطان جائر ) ، ، فعندما وصل السفير مسلم ابن عقيل الى الكوفة وحصل على بيعة الاكثرية لان ثورة الحسين (ع) تخص الجميع ولم ترتبط بقبيلة وطائفة ولكن سرعان ما نكث الوعد هذا القوم حين قدمت اشجار الدراهم وحدثت الفاجعة لأمتناع الامام عن مبايعة يزيد ليحدث الوغزة الوجدانية في ضمير الامة ويجسد من الواقعة العسكرية ملحمة لم يعرف التأريخ مثيلاتها في التضحية والوفاء والثبات وختم الامام حياته الطاهرة في اليوم الموعود بالشهادة في واقعة الطف الخالدة عام 61ه معركة بين الحق والباطل والعدالة ضد الظلم . . وأوضح في كتاب «الملحمة الحسينية» للمفكر والفيلسوف الشيعي الايراني المعروف آية الله الشيخ مرتضى مطهري (قدس) الذي استشهد عام 1979م . ( يقول مطهري: استشهد الإمام الحسين ثلاث مرات: الأولى على يد اليزيديين بفقدانه لجسده، والثانية على يد أعدائه الذين شوّهوا سمعته وأساءوا لمقامه، أما الثالثة فعندما استشهدت أهدافه على يد أهل المنبر الحسيني، وكان هذا هو الاستشهاد الأعظم . فالحسين ظُلم بما نسب له من أساطير... وروايات قاصرة عن أن تصبح تاريخاً يألفه أو يقبله العقلاء . ظُلم لأن تلك الروايات عتمت على أهداف ثورته ومقاصدها.. ظُلم؛ على يد الرواديد ومن اعتلوا منبره ونسبوا له - ولأهل بيته- حوارات ومواقف وهمية ملؤها الانكسار لاستدار الدمع . فصوروه - وهو المحارب الجسور الذي افتدى مبادئه بروحه ودمه - وهو يلتمسُ الماء بكل ذلٍ ومهانة من أعدائه ، وصوّروا زينب - الطود الشامخ - التي دخلت على الطاغية يزيد فزلزلته بخطبتها ؛ على أنها امرأة جزعة بكآءّه تثبّط همة أخيها في الحرب ، وتثنيه عن القتال ! ظلم ، وأي ظُلم هذا ، عندما حُوِّلت ثورته الراقية على الوحشية لمناسبة لتعذيب وجلد النفس.. بدأها التوابون من أهل الكوفة بعد استشهاده عندما جلدهم الندم لمّا سمعوا بقتل الأمام الذي كاتبوه وبايعوه للخروج على يزيد ومن ثم خذلوه.. فخرجوا في مواكب يشقون فيها الرأس ويعذبون أنفسهم ندماً على ما فعلوه بالإمام وصحبه.. وتوارثت أجيال الشيعة هذه الطقوس التي لا تتناسب مع ثبات المؤمن وصبره بل وسعت لتبريرها بنسب الفعل للسيدة زينب التي قيل عنها - وحاشاها- أنها شقت الجيب وشجت رأسها حزناً على أخيها؛ حتى جاء المراجع الكبار فحرّموا هذا الطقس فعُلق حتى في إيران لما فيه من تشويه للمذهب؛ إلا أنه مازال يمارس كل عام مُلبساً ثورة الحسين ما ليس فيها، ومستدراً على منهاجه السوي النقد والتقريع وازدراء العالم!! ظُلم..عندما زُج بمظاهر الغلو في مجالسه.. وظُلم عندما اتخذت مجالسه وسيلة لترسيخ الفروقات بين الأمة المحمدية التي بذل روحه لجمع شتاتها والحفاظ على هويتها.. وهو ما عبّر عنه مكارم الشيرازي ذات حديث عندما قال: ما زُجّ بمظاهر الغلو في مجالس الحسين – إلا- ليقلصوا من مكانة وعظمة هذه الواقعة الخالدة . ظُلم .. عندما دُرست في المدارس قصص أمرئ القيس والمعري والمتنبي ضمن المناهج الدراسية وما دُرست ملحمته !! ظُلم.. عندما صارت ذكرى استشهاده فرصة التبذير وهدر المال في الولائم المبالغ فيها - تحت اسمه- وهو ابن البيت الذي يتصل فيه الصوم لإيثار التبرع بالزاد على أكله!! ظُلم ومازال يظلم .. لأن رسالته التي كان خليقاً بها أن ترفع مستوى الفكر البشري؛ غُيبت لصغر العقل وتخثر اللب وتقفل القلوب ..!! لقد خُلدت الثورة – نعم- ومن يتصفح مظاهر إحياء عاشوراء حول العالم ،ويلمح العبرات التي تنهمر من أعين المسلمين، لا يكاد يصدق أن الواقعة المرثية قد انقضت منذ 1370 عاماً.. ذلك أن الله - في عُلاه- أراد لهذه الواقعة أن تُخلّد ليوم القيامة لما فيها من أرث، ومن دروسً تختصر كنه الصراع الدنيوي بين معسكري الخير والطغيان، وتشرح مفهوم النصر الخالد - ولو- عبر الهزيمة الآنية.. تلك الدروس التي فهمها المهاتما غاندي فقال تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر ، وغابت عن فهمنا فما استثمرناها.. فبين فئةً ركّزت على تراجيديا الثورة على حساب رسائلها وأهدافها الكبرى، وبين فئة أخرى أهملتها وتجاهلت معانيها وتعامل معها على أنها لا تخصه.. تبدد الإرث.. وبقي الرثاء.. وظلم بذلك الحسين واستشهد على يد محبيه ومناوئيه آلاف المرات ) . . . نحن عراق اليوم في امس الحاجة الى مفردات صحوة في ثقافة حسينية كمنهج لنصرة الحق تعتمد رسالة الامام الحسين (ع) الانسانية في مجتمع نكث الوعد بالوفاء لمبادئ اهل بيت النبوة ولم ترفع حتى اسمائهم على المراكز العلمية والجامعات والمدارس بينما تسمى مؤسساتنا بأسماء المنصور ، الرشيد ، صدام ، الامين ، المأمون . . وغيرها. لكن يطلق اسماء الامام الحسين واخيه العباس عليهم السلام على صواريخ القتل الجماعي للبشر ( صاروخ الحسين ) وتطلق اسماء اهل البيت على المواقع العسكرية للقتال وتغذى حالات الاحباط والندم كي تتجسد في العويل والبكاء وشق الرأس وجلد النفس في مجتمع يتصدى المواقع الريادية بين دول العلم في مجال الفساد الاداري والمالي بدون حسيب ورقيب في عراق يمتلك ثروة لاتنفذ في ولاء الشعب من مختلف اطيافه وقومياته لمدرسة الحسين (ع) ، كما تفاعلت دول العالم المتحضر مع الثورة الحسينية فأخذوا الرسالة المحمدية وفلسفة الثورة العسكرية الحسينية والثبات لثقافة التعايش والضمير الانساني فصادرت افكار الحسين التي اعطت القيم العليا المؤمل عليها وبقيت المراقد والمقامات التي لم تنظم فيها حتى الخدمات وتعاني الدولة من حماية الزيارات لتشعب ثقافة الغلو ولامبالات وتكريس مفاهيم وممارسات تستهدف تشويه ومناهضة الخط الحسيني الاصيل على يد اتباع اهل البيت . فعلينا ان نستفيد من كربلاء لتغيير واقعنا لنجعل الاصلاح هو الهدف كما قال الإمام الحسين (ع) ( ألا وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ) . . اللهم تقبل مني وكف عن اهل العراق مكر الماكرين وابعد عنهم نزوات الحروب واجتثاث الارهاب وغدر الظالمين واجعلنا من اهل التقوى والعدل والسلام المبين .
#شمخي_الجابري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عقارب الفساد تلسع المواطنة الوظيفية
-
في حلبة الصراع سقط قوت الفقراء
-
التأريخ خالد في طعن المغص القراقوشي
-
الديمقراطية ام المصالحة الوطنية طموح الاغلبية في بناء دولة م
...
-
لأبناء السماوة بصمات في واقعة سولميش السليمانية
-
فريق الارهاب خسر المبارات في بغداد فعاد يحرق حلب
-
الدب الوحشي أم الدب الألي في شوارع السماوة
-
المواطنة الوظيفية تغرق في مستنقع الفساد الاداري
-
الهاتف النقال وسيلة متعلقة بحياة الانسان
-
زوبعة نقل رفات الرئيس العراقي السابق
-
الولاء الوطني بوابة المواطنة الوظيفية
-
مبادرات تشكيل تيار ليبرالي ديمقراطي في العراق
-
عاصفة التغيير في المنطقة تشل الإرهاب في العراق
-
معانات شعب أثر كارثة من صنع البشر
-
المصور الرائد سيد جليل السماوي وشغفه في التقاط الصور النادرة
-
فضائية التمدن سراج محفوف بالتوفيق
-
تشعب عسر ولادة تشكيل الحكومة قد تركن لعملية قيصرية
-
الحوار المتمدن مملكة تحكمها الكلمة الصادقة
-
محطة السماوة تعيد تكامل مشروع المايكروويف في العراق
-
عبير السهلاني زهرة متألق في الفضاء الأوربي
المزيد.....
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|