|
مرة اٌخري نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان
عادل عبد العاطى
الحوار المتمدن-العدد: 1135 - 2005 / 3 / 12 - 11:41
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
مرة اُخري نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان (ردود علي تعليقات)
تفضل عدد من الاساتذة؛ بالتعليق علي اعلان المبادئ المشترك الذي قمنا بتوقيعه ونشره في مجلة سودان نايل الالكترونية؛ وفي مواقع اٌخري؛ وصدرت اولي هذه التعليقات في عدد يوم 10 مارس 2005 بسودان نايل؛ وكان من بين المعلقين المستشار القانوني الاستاذ محمد عوض الجيد؛ والدكتور .اُسامة مصطفي ابراهيم المحامي؛ والدكتور ايهاب علي سوركتي الطبيب النفسي؛ فلهم جميعا الشكر الجزيل علي الكتابة والراي؛ رغم اختلاف وجهات النظر الطبيعي والمرغوب. وفي الحقيقة انني ( وفي ظني بقية الموقعين ) نرحب تماما بهذا الحوار؛ ونعتقد انه قد آن الاوان لوضع موضوع الاحوال الشخصية علي طاولة البحث؛ ولن نكل من النقاش مع اي طرف له وجهة نظر سلبية او ايجابية عن مشروعنا؛ ما دام الحوار الحضاري هو السائد؛ والدفوعات المنطقية هي الحاكمة؛ لاننا مقتنعين في النهاية ان الحق هو ضالتنا ؛ وان الحوار كفيل باثبات الصحيح من وحهات النظر. في هذه العجالة؛ اقوم بالرد علي مقالات الاساتذة والدكاترة المذكورين؛ علي امل ان اعود لها في المستقبل بشي من التوسع ؛ بما يشرح ويفصل وجهة نظرنا؛ ويرد علي الاعتراضات الاساسية لمحاورينا.
في الرد علي المستشار محمد عوض الجيد: نرحب في البداية بمساهمة سعادة المستشار محمد عوض الجيد؛ والذي ركز علي مرجعية ومصدر القانون؛ حيث قال: "نرغب في بيان ان الاحوال الشخصية هي من اكثر الامور خصوصية في حياة الافراد ولابد لتلك القوانين من مراعاة مباديء واعراف واديان ومعتقدات الناس المختلفة عند سنها لأنها تمس اخص خصوصيات الناس." حقيقة ان قوانين الاحوال الشخصيبة تهم الافراد في حياتهم وعلاقاتهم الخاصة؛ ولكنها لا يمكن ان تكون امرا خاصا؛ طالما ان الناس يعيشون في مجتمع؛ وطالما ان التشريع قد آل علي نفسه مسالة تنظيم هذه العلاقات. ان الحياة البشرية وميادئ القانون قد تطورث كثيرا؛ بحيث لا يمكن ان نترك المسائل العامة - ومنها مسالة الاسرة وحقوقها ودورها في المجتمع - متعلقة بالمبادئ والاعراف والاديان والمعتقدات المختلفة المتناقضة؛ وخصوصا عندما تكون فيها عشرات المدارس والاجتهادات؛ وعندما يكون التطبيق العملي لها مجحفا وظالما لنصف المجتمع. ان مبدأ المواطنة واسس العدالة والمساواة؛ تفترض ان يخضع الناس لقانون موحد؛ سواء كان ذلك في مجال الاحوال الشخصية او القانون الجنائي او المعاملات المدنية او غيرها. اما بشان انه " ليست هناك في الواقع مباديء مدنية موحدة لا خلاف عليها للاجتماع الانساني" ؛ فنقول اننا لم نترك الامر معمما هكذا؛ وانما ذهبنا وحددنا عددا من مصادر التشريع؛ والتي نري انها مناسبة لصياغة القانون الذي ندعو اليه؛ وهي مصادر نؤمن انها تتفق مع "المباديء المدنية للاجتماع الانساني، وهي مباديء واحدة تنبع من وحدة الجنس الانساني ومن عالمية قواعد العدالة"؛ كما قلنا في اعلاننا . اما مسالة ان "السودان دولة متعددة الثقافات والاديان والاعراف والاجناس" فهذه حقيقة لا مراء فيها؛ ولكن هل يمكن ان نتشبث بهذا التعدد؛ لانتهاك اسس مساواة المواطنين؛ وللقبول بممارسات تنتهك من حقوق البشر - النساء او الاطفال مثلا؛ كما تفعل قوانين واعراف الاحوال الشخصية - ؟ اعتقد ان لا ؛ واذهب للقول انه في كثير من الثقافات السودانية؛ فان ممارسة السرقة والهمبتة؛ تعد عملا مشروعا بل ومرغوبا؛ لا تكتمل رجولة الرجل الا به؛ فهل يمكن ان نتساهل بسبب من هذه الثقافات؛ تجاه جريمة السرقة؛ ولا نعمل علي ردعها ومنعها بالقانون؛ وهل يجب ان نتمسك بضرورة سريان هذا المنع والردع علي الجميع؛ لانه يعبر عن قاعدة للعدالة عامة؛ مهما كان رأي الثقافة المحلية في ذلك؛ ام لا ؟! اما القول "أنه ما من شخص سيقبل ان تفرض عليه قوانين تتعلق بأموره الشخصية تحوي من القواعد ما يخالف المباديء الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية التي يؤمن بها." ؛ فنرد عليه بامرين: الاول ان القانون يسري علي الجميع؛ دونما اعتبار لراي الشخص واقتناعه به شخصيا؛ وهذا ما يجعل الهمباتي عرضة للقانون؛ رغم ان ما يمارسه من "همبتة" ؛ يتفق مع المبادئ الاجتماعية والثقافية التي يؤمن بها؛ والثاني ان قواعد القانون الذي نقترحه؛ بتوخيها لمبادئ العدالة والمساواة؛ لا يمكن ان تخالف المبادئ الايجابية التي تحكم حياة البشر؛ دينية كانت او اجتماعية او ثقافية؛ وانما خالفت بالضرورة الفهم المتخلف والرجعي والسلطوي لها. تبقيت النقطة الاخيرة في دفوعات سعادة المستشار؛ والتي تقول: ” بقي أن نشير الي ان بالسودان الكثير من القوانين التي تقيد الحريات وتتعدى على حقوق المواطنين واموالهم وحرية تنقلهم وتؤثر مباشرة على حياتهم اليومية بصورة سلبية وهي تحتاج اكثر من غيرها الي مراجعة واصلاح ولن تكون الدعوة الي مراجعتها واصلاحها (بحيث تراعي حريات الناس وتحفظ حقوقهم واموالهم وملكيتهم الفردية) محل خلاف بين الناس." نرد هنا اننا ايضا نناضل من اجل الغاء تلك القوانين واستبدالها بقوانين مدنية تتوخي العدالة واحقاق الحقوق؛ وندعم كل جهد في هذا الاتجاه؛ ولكن هذا لا يمنع ان نراجع ونصلح وننقد ونتقدم بمشاريعنا فيما يتعلق بقوانين الاحوال الشخصية؛ والذي تشكل احد تجلياتها - قانون الاحوال الشخصية للمسلمين لعام 1991 - واحدة من اسؤا القوانين المعادية لنصف المجتمع؛ او قل لكل المجتمع؛ ولا مناص لنا من اصلاح قوانين الاحوال الشخصية؛ اذا اردنا اي اصلاح اجتماعي او ثقافي في السودان؛ وفي هذا لا نهاب الخلاف في الراي ولا نتجنبه؛ ففي الخلاف رحمة؛ كما جاء في الاثر.
في الرد علي الدكتور اسامة مصطفي ابراهيم: الدكتور اسامة مصطفي ابراهيم؛ تقدم خطوة الي الامام عن طرح المستشار محمد عوض الجيد العام؛ حيث ناقش اقتراحاتنا بصورة تفصيلية؛ ووقف ضد بعضها وايد بعضها؛ ونحن اذ نشكره علي تاييد جزء كبير من اطروحاتنا؛ فاننا نناقش معه ما نعتقد انه لب مشروعنا؛ مما لم يجد منه التقبل للاسف. يقول دكتور اسامة :" وان موضوع تساوي الناس امام القانون ، ولا يعني الزام كل السكان بقانون واحد في مسائل الأحوال الشخصية ويفرض عليهم وان كان مخالف لدينهم ومعتقداتهم ، بل الصحيح ان يكون هنالك قانون واحد للاحوال الشخصية وليس موحداً ، بحيث يتضمن النص على الاحكام التي تطبق على المسلميمن وغير المسلمين ، سواء كان مستندا على الاديان الاخري أو الاعراف بالنسبة للذين ليس لهم ديانة ،حيث ان هذا المبدئ يجد سنده في المواثيق الدولية و معظم الدساتير هو مبدأ احترام حرية الديانة والاعتقاد؛.. الخ" اننا هنا لن ندخل في جدل اجرائي حول هل يكون القانون موحدا ام واحدا؛ وانما نقصد ان يكون القانون ساريا وشاملا للجميع؛ لا يفرق بين المواطنين علي اساس الدين او الثقافة او العرق؛ وهذا في ظننا لا يتعارض مع مبدأ حرية الاديان؛ بل يعززه؛ حيث ان الدين هو من قضايا الفضاء الخاص؛ وهو علاقة الانسان بربه؛ اما القانون فيعالج قضايا الفضاء العام؛ وهو علاقة المواطن مع غيره من المواطنين. عن تجربة انجلترا لا استطيع الحكم عليها؛ لاني لا اعلم الكثير عنها؛ ولكن تعددية القانون في المسالة الواحدة؛ لا يمكن ان يكون دلالة صحة وعافية؛ اما اتفاقية ألغاء كافة اشكال التفرقة ضدالمراة؛ والتي قال الدكتور اسامة عنها: " فإن هذه الاتفاقية لا ترضي المرأة المسلمة في المسائل التي تتصادم مع الدين الاسلامي ، لأن الشرع المطهر قد سن لها تشريعاً متكاملاً لا يقارن بموادها ." فاننا لا نعلم متي قالت المراة المسلمة رايها وعدم رضاها عنها؛ فالمراة المسلمة مقموعة وصوتها مقهور؛ ونعتقد ان عدم الرضا هذا راجع للدكتور اسامة؛ اما تعارض الاتفاقية فياتي مع بعض التفسيرات للدين الاسلامي والاجتهادات فيه؛ وهي (اي الاتفاقية) تتفق مع اجتهادات اخري ( محمد عبده؛ علال الفاسي؛ محمود محمد طه؛ الخ ) ؛ وفي كل الاحوال فان ما يحكم قوانين الاحوال الشخصية هو في الغالب اجتهادات فقهية ومذهبية؛ ولا نعرف ان كانت هذه الاجتهادات هي ما يسميه حضرة الدكتور بالشرع المطهر؛ ومن البديهي ان كل تلك الاجتهادات غير ملزمة للجميع؛ وهي غير ملزمة لنا - نحن الموقعين - قطعا؛ ولذلك نفترع مشروعنا هذا. يقول الدكتور اسامة: " ان مسألة الاحوال الشخصية يجب أن تكون خاضعة لدين أومذهب الاطراف أو اعرافهم، حيث لا يمكن الزام المسليمن مثلاً بما جاء في المبادئ التي وردت في المقال المنشور، حيث وجود قواعد قانونية مختلفة بسبب الدين أو الاعرف فيه احترام لمبدأ حرية الاديان والعقدية خصوصا في مسائل الاحوال الشخصية،" اننا لا نتفق مع هذا الراي؛ فلا يمكن احترام قواعد او اعراف اذا كانت تنتهك المبادئ الدستورية الاساسية في مساواة المواطنين امام القانون؛ وعلي دكتور اسامة اذن ان يناضل ضد المبدا الدستوري بمساواة المراة والرجل ومساواة المواطنين امام القانون؛ اذا اراد ان يكون متناسقا في طرحه؛ وكذلك يمكنه نقل كلامه عن قانون الاحوال الشخصية؛ للقانون الجنائي وقانون المعاملات المدنية وغيرها؛ فللعديد منها اصول دينية وان كانت غابرة؛ ولكن تطور القانون يفترض تاطيره وشموليته وسريانه علي الجميع؛ كما أننا نتوقع ان يسند اغلب المسلمين مشروع قانوننا؛ اما مقولة دكتور اسامة التي يقول فيها: "حيث القواعد التي وردت في الدين الاسلامي تعتبر عادلة لان مصدرها سبحانه وتعالى." ؛ فالدكتور يعلم انه هناك اجتهادات كثيرة في اطار تلك القواعد؛ وان تلك القواعد مربوطة بمقاصد التشريع؛ وبتاريخية الظرف؛ وبادراك وافق المفسرين والمؤولين؛ وهي امور تحدث فيها العديد من الفقهاء والعلماء؛ وتعددت اجتهاداتهم فيها؛ بما لا يجعل راي اي متحدث في هذا الاطار تعبيرا عن الشرع او الاسلام؛ وانما تعبيرا عن رايه هو لا غير. اما الاجتهادات القانونية السودانية المستنيرة فهي كثيرة؛ وليس هذا مجال تعدادها؛ ونحن قد وضعناها كاحدي مصادر مشروع القانون الذي ندعو اليه؛ شرط الا تتناقض مع العهد الدولي للحقوق المدنية ؛ وكذلك مع اتفاقية مناهضة كل اشكال التمييزضد المراة؛ وسنفصل في مسالة هذه الاجتهادات فيما بعد. وقد اتي الدكتور اسامة بمجموعة نصوص قرانية كريمة؛ ليصل منها الي اباحة تعدد الزوجات دينيا؛ وكذلك الزام الرجل فقط بالانفاق؛ والتمييز في الميراث؛ وغيرها من اعمدة الطرح الفقهي التقليدي المناهض لحقوق المراة؛ ونحن نقول ان هذا هو فهم الاستاذ دكتور اسامة ؛ وهو فهم لا يلزمنا؛ وقد دار جدل كثير حول تلك الايات ومقاصد المشرع منها؛ مما يمكن الرجوع اليه في اماكنه. ما نود قوله هنا؛ هو ان الخليفة عمر بن الخطاب؛ قد عطل حدا من حدود الله؛ وهو حد السرقة؛ في عام الرمادة؛ وذلك للظروف الاجتماعية السائدة؛ ووفق اجتهاد فيما فيه نص؛ كما انه منع الزكاة عن المؤلفة قلوبهم؛ وقال لهم ان الاسلام عزيز بدونهم؛ فلهم ان يسلموا او لا يسلموا؛ ومنع عنهم ما كان يعطيهم الرسول وخليفته الاول؛ وذلك في تعارض صريح مع نص الاية التي تقول: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ). نقول هنا ان الخليفة عمر بن الخطاب اذ خالف نص الآية؛ فهو لم يخالف روحها؛ ولم يخالف مقاصد التشريع؛ حيث ادرك الظرف التاريخي لاعطاء الصدقات للمؤلفة قلوبهم؛ ولم يتحرج ان يذهب مع اسس العدالة لدرجة منعهم من الزكاة ؛ واغلبهم كان ذو مال وجاه؛ ولو خالف بذلك سيرة الرسول وخليفته الاول ونص الآية؛ ولم يجد موقفه رفضا من كبار الصحابة؛ وكان بلا شك محقا في اجتهاده؛ ولم يخرجه ذلك من دائرة الشرع او الاسلام؛ و قد تم كل ذلك بعد اعوام قليلة من وفاة الرسول الكريم؛ ناهيك عن حاجتنا الي مثل هذا الفهم اليوم؛ بعد الف ونصف من الاعوام من وفاة الرسول. مسالة اخري وهي مسالة الرق والسبي وامتلاك ما ملكت الايمان؛ وهو امر مباح في الاسلام؛ حسب الظرف التاريخي؛ وان سعى المشرع الاسلامي الي توفير حياة كريمة للرقيق؛ والتوجه نحو عتقهم؛ الا ان الرق والسبي مباح حسب النصوص والفهم التقليدي؛ فهل يحق اليوم الدفاع عن تلك الممارسات؛ وقد بلغت البشرية شاؤا عظيما في تحرير الانسان من ربقة الرق؛ وذلك لانها مباحة في الاسلام او القرآن؟؟ لا اعتقد ان دكتور اسامة سيقف هذا الموقف؛ والذي لا يتبناه اليوم الا بعض المجرمون والمهووسون من اهل الجماعة الاسلامية المسلحة في الجزائر؛ والذين يختطفون النساء ويأسرونهن ويغتصبونهن ؛ باعتبار انهن "سبي حلال " لهم؛ ومما ملكت ايمانهم؛وهمفي كل هذا يأفكون. نقول اذن ان تعدد الزوجات وان كان مباحا في صدر الاسلام؛ الا انه لم يكن فرضا؛ وانما كان قصد المشرع الواضح هوتقييد التعدد؛ وذلك لانه قيده من عدد لا يحصي الي اريعة؛ وحتي في الاربعة قيجه بشروط قاسية ؛ ومنها العدل؛ وقال القران ان هذا صعب التحقق ولو حرص الرجال؛ وفي ذلك قالت الايات: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً) ؛ وكذلك: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)؛ فكيف يصل دكتور اسامة من هذا كله؛ ليس الي منع التعدد اليوم؛ وانما الي الاصرار عليه؛ وكانه من الفروض الاسلامية الاساسية؛ كالصلاة والصوم ؟ بعد هذا كله نخلص الي القول؛ اننا لا نستند في طرحنا كما نشرنا الي فهم ديني؛ رجعي او تقدمي؛ وان اتفق طرحنا مع اجتهادات مستنيرة في هذا المجال؛ وانما نقف علي ارضية مدنية صلدة؛ وهي ارضية المواطنة ومساواة المواطنين امام القانون؛ وعلي حصيلة الاتفاقات الكونية في مجال حقوق الانسان والمواطن؛ والمعاهدات الدولية في هذا الصدد؛ والقواعد الدستورية التي اتفقت عليها كل القوي السودانية؛ ولو دعمنا المستنيرون من رجال الدين فهذا يحسب لهم؛ وسيجد هذا منا التقدير؛ ولو حاول احد ان يقف ضد حركة التاريخ ومبادئ العدالة والمساواة؛ بفهم تقليدي للدين؛ فهو لن يضر الا نفسه؛ وقوله قطعا لا يلزمنا ؛ ولا يلزم غيرنا من المسلمين او غير المسلمين. اما حديث دكتور اسامة عمن لا يروا حرجا؛ ان يكون لبعض الرجال عشيقة؛ كما في بعض المجتمعات الغربية؛ فنحن نري في ذلك حرجا كبيرا؛ واغلب مواطني تلك المجتمعات تري ذلك؛ ونري انه لا يتفق مع قدسية مؤسسة الزواج ولا مصالح الاسرة؛ ونطلب من الدكتور اسامة ان يحدد من اين له الدليل ان من يرفضون تعدد الزوجات يقبلون بوجود علاقات آثمة في الظلام؛ فلياتنا باقوال موثقة في هذا الصدد؛ كما اننا في طرحنا لاعلان المبادئ انما نحاول اقناع الناس به؛ ولن نفرضه بقوة وقسر ولو ملكنا هذه المقدرة؛ ولا حاجة هنا للتخويف بالتناحر والشقاق؛ كما ان الحديث عن دعاة التفكك والفجور هو خارج الموضوع تماما هنا؛ ونربأ بالاستاذ الدكتور من هذه اللغة. في النهاية نتمني ان يعيد الدكتور اسامة قراءة مواقفه من جديد؛ وان يكون لنا سندا في قضيتنا العادلة؛ والشكر له علي الحوار الحضاري.
في الرد علي الدكتور ايهاب علي سوركتي: في الحقيقة انه من الصعب الرد علي مقالة الدكتور ايهاب سوركتي؛ فهو قد عنون رده بالآية الكريمة: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا)؛ دون ان يوضح لنا علاقة ما نطرح بحكم الجاهلية؛ فمن المعروف ان المراة في الجاهلية كانت تؤود؛ وكانت تجبر علي البغاء؛ وكانت تؤكل حقوقها في الميراث؛ وكان التعدد في الزوجات قائما علي قدم وساق وبلا حدود؛ وكانت المراة تسبي وتسترق الخ ؛ فهل طرحنا يقترب من حكم الجاهلية؛ ام يبتعد عنه بعدا شديدا؟ كذلك لم يحفل الدكتور بايراد اعتراضاته علي اعلاننا المشترك؛ مع انه قد كتب مقاله بهذا الخصوص؛ وانما اكتفي بان يحدثنا عن معاناة المراة في الغرب تحت مسمي الحرية والمساواة .. ونحن اذ لا ننكر وجود بعض المعاناة للنساء- لا تزال - في الغرب؛ فاننا تشك ان كانت هذه المعاناة راجعة للمساواة والحرية حقيقة؛ ام هي راجعة لعدم اكتمال المساواة والحرية في واقع الامر؛ اضافة الي ان هذا الحديث المبتسر والشعاراتي لا يقدم النقاش؛ كما ان معاناة المراة النسبية في الغرب؛ لا تحجب باي حال المعاناة الكبيرة والتي لا توصف والحقيقية للمراة في "الشرق" ؛ تحت اسم المفاهيم الدينية والعرفية التي تنتهك حقوقها؛ ومن بينها كثير من الحقوق التي وهبها لها الدين نفسه؛ وهو امر نعلمه بالممارسة ومن واقع الحياة وفي بلادنا؛ وهي محور اهتمامنا الرئيس؛ وليس وضع النساء في الغرب او ماليزيا او غيرها. أما وصف افكارنا بالشاذة والمنحرفة والتي تؤجج نار الفتنة؛ فهذه احكام فجة لم يات الكاتب باي تدليل عليها؛ وليس هناك اسهل من ان نردها عليه؛ ولكننا لن نفعل ذلك؛ لاننا نتوخي حوارا حضاريا؛ ونحن لم نشتم احدا في اعلاننا ولم نفعل اكثر من عرض افكارنا؛ ولن نلجأ الي الشتم والتعريض؛ فهذا سلاح العاجز؛ فليرد صاحب الحجة بحجته؛ ولا داعي للمهاترات التي لا تفيد. في النهاية نشكر الاخ الدكتور سوركتي علي طلب الهداية لنا ولنفسه؛ الي الصراط المستقيم؛ ونتمني ان تكون بعض الكلمات السابقة قد شرحت موقفنا بصورة افضل؛ وندعوه الي حوار حضاري يناقش التفاصيل؛ ويذهب الي لب دعوتنا وطرحنا؛ كما فعل الاساتذة اعلاه؛ ومما لا ريب فيه عندنا ان دكتور سوركتي مؤهل لمثل هذا الحوار؛ لو تخلي من العمومية والاحكام الجاهزة والفوقية ومنهج التجريم..
مع الاحترام للجميع .
عادل عبد العاطي ( أحد موقعي إعلان المبادئ المشترك) 10 مارس 2005
#عادل_عبد_العاطى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان
-
الحملة الدولية لاطلاق سراح دكتور مضوي ابراهيم آدم ورفاقه
-
النظام السوداني يهدف الي قتل الدكتور مضوي ابراهيم آدم
-
تمخض التجمع فولد فاراً ميتاً : قراءة في قرارات هيئة- قيادة-
...
-
كمال دُقدُق: نجمة الحياة في سماء العدم
-
الخِدعة الكبرى
-
العام 2005
-
المنجز والمؤمل :إطلاق سراح عبد العزيز خالد والدور المرتقب لل
...
-
ندى علي وتيسير محمد احمد وعودة بيوت الأشباح
-
طلب بالتحقيق والتدخل في قضية المعتقلين والمفقودين من اعضاء ق
...
-
رسالة مفتوحة الي بروفيسور تيسير محمد احمد علي
-
رسالة مفتوحة الي الدكتورة ندى مصطفي علي
-
رسالة مفتوحة الي شباب وشابات حزب الامة السوداني
-
عبد العزيز خالد الشاهد والشهيد- مهام الحركة الجماهيرية علي خ
...
-
ثلاثية الهزيمة والمؤامرة والصمود:في اسباب وخلفيات اعتقال الع
...
-
مطالبة السلطات الاماراتية باطلاق سراح قائد سياسي سوداني
-
لماذا ندعو للفيدرالية وكيف نراها؟ مساهمة في تطوير برنامج ال
...
-
جهاز الامن يحجب موقع سودانيز اونلاين بالسودان
-
نوره عبد الله إدريس امرأة من السودان
-
جدل المركز والهامش مآلات الصراع السياسي في السودان - مقاربة
...
المزيد.....
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|