|
صمود غزة دروس وعبر
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 3922 - 2012 / 11 / 25 - 16:11
المحور:
القضية الفلسطينية
بالمقاييس العملية فقد فشل الاحتلال الاسرائيلي في تحقيق اهدافه، والتي كانت محددة بوقف اطلاق الصواريخ واستعادة توازن الردع ، فقد تحطمت تلك الأهداف على صخرة صمود ابناء شعبنا الذين تحملوا اعباء العدوان الوحشي الذي استخدمت به اسرائيل احدث انواع الاسلحة باستهداف واضح للمدنيين حتى تنتابهم حالة من الخوف والقلق ويصبحوا قوة ضغط على القرار السياسي للمقاومة . يحسب الانتصار أولاً إلى صمود ابناء شعبنا الذين رفضوا مغادرة بيوتهم رغم اطنان القنابل التي كانت تنزل على المنازل بساكنيها وعلى المؤسسات والساحات العامة في محاولة ترويعية وحشية لا اخلاقية كما يحسب للمقاومة التي كالت الصاع صاعين ووصلت صواريخها إلى أعماق المدن الاسرائيلية قدرتها على استعادة قوة الردع لصالحها حيث أحدثت الصواريخ ليس فقط خسائر وأضرار في دائرة العدو بل كذلك هلعاً وخوفاً وتوتراً بالشارع الاسرائيلي وبين الأوساط السياسة ، فقد ارادها نتنياهو جوله سريعة وخاطفة من اجل استثمار الدم الفلسطيني في لعبة الانتخابات القادمة وانقلبت عليه من خلال الانتقادات التي بدأت تتفاعل بالشارع الاسرائيلي بعد يوم من ابرام التهدئة . لقد لعبت عدة عوامل وساهمت في تحقيق الانجاز لشعبنا فإلى جانب قوة الرد لفصائل المقاومة وصمود شعبنا والتفافه حول خيار الصمود والمقاومة،فقد كان للموقف العربي سواءً الرسمي أو الشعبي عبر الزيارات المكثفة إلى قطاع غزة دوراً في اسناد شعبنا معنوياً وسياسياً ودبلوماسياً إلى جانب تنامي حدة التحركات الشعبية الاحتجاجية في بلدان أوروبا وأمريكا التي استنكرت جرائم الحرب الاسرائيلية وعدوانها السافر على شعبنا كما ساندت كفاح شعبنا وطالبت بفرض المقاطعة عليه وسحب الاستثمارات منه ومحاسبته ومعاقبته وعزله عن المجتمع الدولي وكذلك أدى صمود المقاومة إلى تحرك كل من روسيا والصين في مجلس الامن مما ساهم في ايقاف العدوان إلى جانب الرغبة الأمريكية بالتركيز على سوريا بصورة رئيسية وعدم تشتيت الطاقات في حروب صغيرة اخرى بالمنطقة. لقد اثبتت التجربة أن قوة العدوان وآلة الحرب لا تستطيع هزيمة شعب مصمم على الحرية والانعتاق ، وإن التصميم عبر التمسك بشروط المقاومة التي طالبت بحرية الحركة للافراد والبضائع والصياديين بالصيد والمزارعين بالزراعة بالمنطقة العازلة ، كانت مطالب من السهولة تحقيقها على خلفية الصمود والمقاومة التي استطاعت استعادة توازن الردع النسبي في مواجهة آلة الاحتلال الهمجية . إن الاستثمار المباشر من وراء التجربة الراهنة يتجسد اساساً بالدفع باتجاه استكمال تفكيك الحصار وإنهاؤه بصورة كاملة عن قطاع غزة إلى جانب تحقيق الوحدة الوطنية وانهاء حالة الانقسام ثم السير بعدها باتجاه إعادة بناء النظام السياسي والحركة الوطنية مجسدة ب م.ت.ف على اسس كفاحية بما يضمن مشاركة الجميع بها وعلى ارضية وثيقة الوفاق الوطني . إن سد اسرائيل لأفق حل الدولتين والامعان بالاستيطان والعدوان واقامة منظومة من المعازل و الباتتوستانات يجب أن يدفع قوى شعبنا للوحدة على قاعدة الاستمرار في مشروع الكفاح والمقاومة بكافة اشكالها لأنها وكما أثبتت التجربة الخيار الوحيد في مواجهة الاحتلال ولنيل شعبنا لحقه في الحرية والاستقلال. صحيح ان حركة حماس هي التي قادت المقاومة واستطاعت سواءً بتكتيكاتها السياسية أم العسكرية تحقيق الانجاز ولكن الصحيح كذلك يؤكد مشاركة كافة القوى في غرفة عمليات موحدة وكذلك الصمود الجبار لشعبنا الذي تحمل وصبر ولم يترك البيوت والتف وساند خيار المقاومة ، فقد لعب ذلك دوراً رئيسياً في تحقيق الانجاز والانتصار ، الأمر الذي يتطلب تعزيز مشاركة القوى سواءً السياسية أو الحقوقية أو المدنية في السياسات والرؤى سواءً الاجتماعية أو الاقتصادية أو المدنية الداخلية أو كذلك في إدارة الصراع السياسي في مواجهة الاحتلال ليتم خلق لوحة متكاملة يشارك بها الجميع في سبيل تحقيق الهدف الوطني الرامي إلى كنس الاحتلال على طريق تحقيق حقوق شعبنا بالحرية والاستقلال والعودة . لقد أثبتت التجربة تلاحم الضفة الغربية والقدس ومناطق 48 مع قطاع غزة في مواجهة الاحتلال الأمر الذي يؤكد على وحدة الشعب والوطن والهوية والمصير ، كما يؤكد أن المقاومة الشعبية بالضفة وتوسعها وانتشارها بالوقت الذي شكل مفاجئة للاحتلال فإنه ساهم في تعزيز فرص الانتصار في معركة غزة . إن موقف كل من حركتي حماس والجهاد تجاه المصالحة وتجاه دعم خطوة الرئيس ابو مازن بالأمم المتحدة من اجل الحصول على العضوية المراقبة بها بالوقت الذي يشير إلى نضج الوقت والحالة باتجاه تحقيق المصالحة فإنه في نفس الوقت يشير إلى ضرورة السير بآليات وأشكال المقاومة المختلفة التي منها المسلحة ومنها الشعبية ومنها الدبلوماسية السياسية للتكامل في لوحة نضالية واحدة ترمي لتحقيق أهداف شعبنا في معركة التحرر الوطني . قد يكون هناك أسئلة تجاه تفاصيل الاتفاق ومنها الضمانات التي ستقوم بها حماس بما يتعلق بضبط الأوضاع في قطاع غزة ، وكذلك مسؤولية مصر فيما يتعلق بضمان الاتفاق، ولكن هذه الأسئلة يجب التعامل معها بواقعية بعيداً عن التشكيك بمضمون الانجاز والانتصار النسبي الذي تحقق ، وهذه الأسئلة وغيرها يمكن معالجتها من خلال إنهاء الانقسام وتحقيق حكومة وحدة وطنية إلى جانب تعزيز العلاقة مع الشقيقة مصر كحامي لشعبنا ولنضاله المشروع في مواجهة الاحتلال . يجب الاستفادة من نقاط القوة التي يملكها أبناء شعبنا بقواه وفاعليات المختلفة ،فالقوى السياسية تملك العديد منها وكذلك منظمات المجتمع المدني التي تملك قدرات وخبرات على مستوى العلاقة مع قوى التضامن الشعبي الدولي وباتجاه السعي لمقاضاة قادة الاحتلال امام المحاكم الدولية والتوسع باتجاه تعزيز عزلة إسرائيل وإسقاط عضويتها بالعديد من المنظمات الدولية ، وكذلك دورها في مجال تقديم الخدمات الاغاثية والتنموية . إن مشروع التحرر بحاجة إلى كافة الجهود وإن استثمار طاقات وقدرات القوى على اختلافها بات ضرورة يجب ان تتموضع في دائرة القيادة الوطنية الموحدة التي يجب ان تخوض النضال بأشكاله وآلياته ووسائله المختلفة من اجل تحقيق الهدف الوطني .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المنتدى الاجتماعي العالمي ساحة صراع محتدم
-
قطر بين الاعمار والانقسام
-
المنتدى الاجتماعي العالمي انتصارا لفلسطين
-
نحو حكومة ظل فلسطينية موحدة
-
الاحتقان بين السلطة والاحتلال
-
المنطقة التجارية الحرة الفرص والمخاطر
-
أزمة الهوية
-
نحو تفعيل المبادارات المجتمعية
-
مجزرة الماسورة ....وماذا بعد ؟؟؟
-
حركات الاسلام السياسي واهمية التغيير
-
مقاطعة المنتجات الاسرائيلية نقطة ضوء في مشهد قاتم
-
اوروبا حينما تصطدم المبادئ بسد اسرائيل
-
من أجل درء مخاطر النزعات الطائفية
-
لقاء موفاز وتجدد وهم المفاوضات
-
رؤية المجتمع المدني في خطابات الرئيس مرسي
-
اثر الاحتلال والانقسام على حالة سيادة القانون
-
المنظمات الأهلية الفلسطينية التحديات والفرص
-
الحراك الانتخابي المصري والتيار الديمقراطي
-
الأول من آيار والتيار الديمقراطي
-
وفاءً للمناضل سعدات ولكافة الأسرى
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|