|
- هولوكوست كربلاء - باعثاً للتخلف والرجعية
نضال سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 3922 - 2012 / 11 / 25 - 11:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
" هولوكوست كربلاء " باعثاً للتخلف والرجعية
تعددت المعاني واختلفت الآراء في مصطلح " الهولوكوست " ولكنها كانت تعني الكوارث والدمار والموت على الدوام ، وأستخدم مصطلح الهولوكوست بشكل عام أبان الحرب العالمية الثانية لوصف الحملات الحكومية المنظمة من قبل ألمانيا النازية لتصفية اليهود في أوربا حيث تم تسمية " المحرقة " التي قام بها هتلر ضد اليهود عام 1942 بالهولوكوست ، وهنالك أنواع أخرى من الهولوكوست مثل الهولوكوست الآسيوي وغيرها .
بعد هذا الإيجاز القصير عن مصطلح وتاريخ الهولوكوست نأتي للكارثة الكبرى التي يمر بها بلدنا العراق ففي هذه الأيام تحل على العراقيين الشيعة تحديداً مناسبة أليمة – كما يصفونها – وهو مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب في سنة 61 هـ والموافق لـ 680 م أي قبل 1332 سنة !! وهذه المناسبة السنوية تحل في شهر محرم حيث ذكرى خروج الحسين بن علي من المدينة متجهاً إلى العراق بدعوة من الموالين له هناك لكي ينصبوه خليفة عليهم .
والقصة معروفة للجميع حيث لم يصل الحسين للكوفة كما كان متوقعاً وذلك بسبب اعتراض جيش أبن زياد له في مكان قريب من كربلاء تسمى بـ الطف ، وحدث ما حدث حيث قتل الحسين وجمع من أصحابه وأهل بيته على يدّ جيش بن زياد بأمر من الخليفة الأموي في دمشق يزيد بن معاوية والذي كان على صراع مع الحسين على منصب الخلافة بعد وفاة أبيه معاوية بن أبي سفيان ، وهو السبب نفسه الذي دعا الحسين بن علي للخروج من أجله أي الخلافة .
بعد هذه المقدمة المختصرة ، قدّ يتبادر لذهن القارئ بأنني أصف ما حدث في واقعة الطف حيث قتل الحسين وأهله بالهولوكوست !! عذراً ليس هذا ما قصدت !؟ فالهولوكوست الذي أنا بصددهِ هو من نوع آخر ؟ على خلاف ماجرت عليه العادة في هذا المصطلح !!
نعم لم أعثر على أي مصطلح أسمي به ما يجري في العراق من كوارث قاتلة للفكر والحداثة والتقدم والباعثة للتخلف والرجعية والسلفية المقيتة غير أن أسميه ( بالهولوكوست ) .
هذا هو حالنا في هذه الأيام حيث تصدح وسائل الإعلام بكافة صنوفها وأنواعها بالعويل والبكاء والتطبير والمشي لآلاف الأمتار قصداً قبر الحسين في كربلاء !! ونتسأل بقلوب دامية على ماحل بنا من التخلف والرجعية ، ما لفائدة من هذه الطقوس المتكررة على مرّ السنين وبنفس الطريقة ؟ وقبل إكمال سؤالنا وطرح ما في خلجات أنفسنا .. نُصدم بالإجابة من أهم وثيقة تقرر مصير بلدنا وشعبنا وهو الدستور العراقي !! حيث المواد الآتية تجيبنا :
المادة (10) : العتبات المقدسة، والمقامات الدينية في العراق، كياناتٌ دينيةٌ وحضارية، وتلتزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها، وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها.
المادة (41) : اولاً :ـ اتباع كل دينٍ او مذهبٍ احرارٌ في : أ ـ ممارسة الشعائر الدينية، بما فيها الشعائر الحسينية.
نعم أيها الأحبة هذا ما نص عليه الدستور العراقي الجديد بعد عام 2003 !!
بالعودة لموضوعنا الأساس : نرى أنّ عقل الفرد العراقي يتعرض لهجمة شرسة من قبل هؤلاء الظلاميين الذين يريدون إيقاف عجلة التقدم والحداثة بعرضهم لبضاعتهم الفاسدة حقاً والذي تم إنتاجه قبل 1332 سنة !! وهذا ما أسميه بــ ( الهولوكوست ) نعم هي المحرقة النازية الجديدة للعقل البشري على أيدي النازيين الجدد في العراق !!
تبدأ مراسيم الهولوكوست بموجة إعلامية همجية شعواء عبر جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة من قبل الضحايا البسطاء من عامة الشعب ، وتستمر على هذا المنوال مدة أربعين يوماً أو أكثر ، حيث العويل والصراح والبكاء بحرقة على الشاشات الفضائية وبشكل حي ومباشر ويصاحب هذا التخلف بذخ الأموال وتبذيرها بحجة إقامة المآتم وعمل الخير لإطعام الملايين من الخراف المتوافدين إلى مشاهدة مراسيم الهولوكوست مباشرة !!
والحكومة الرشيدة واجهزتها تطبق المادة العاشرة من الدستور بحذافيرها حيث تكرس أقصى جهودها في حماية الملايين من المشاركين في " محرقة عقل الإنسان العراقي " وهكذا تتم مراسيم الهولوكوست بمباركة وحماية من الدولة ذاتها ..!!
وهكذا تترتب الأخطاء واحدة تلو الأخرى وعلى قاعدة ( ما بُني على خطأ فهو خاطئ ) حيث تعطل المدارس والجامعات والدوائر الحكومية ، وتعطل الحياة بكافة مجالاتها وتغلق الأسواق والمحلات والورش الصناعية وغيرها ، ويفرض حظر للتجوال ويُساق الناس من أتباع الهولوكوست إلى مشاهدة الحدث العظيم والمهيب !!
وفي نهاية المطاف يرفع رأس الحسين ممثلاً به على رؤوس الرماح بين آلاف المحتشدين فيعلون أصواتهم بالصراح قائلين .. أبد والله ما ننسى حسينا !! ويتناسون أنهم رفعوا وجردوا أدمغتهم من الأفكار المفيدة للإنسانية وتقدمها وسلموها لجلادي المحرقة لرميها في براثن الهولوكوست ..!! وهكذا يعودون أدراجهم وقد هتكت عذريتهم الفكرية وسالت دمائهم السوداء على أرض المحرقة الكبرى ، وكلهم أملٌ وطمأنينة بأنهم قدموا المطلوب وفعلوا الواجب و واسوا المفجوع ... متناسين وغافلين أنهم شاركوا في أكبر مذبحة ومحرقة للفكر الإنساني .
دمتم برعاية العقل . نضال سعيد .. في العاشر من محرم أكبر أيام الهولوكوست .!!!
#نضال_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- رسالة مفتوحة إلى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العر
...
-
إلى الأستاذ فؤاد النمري ..!!
-
السارقون ..!!
-
قراءتي النقدية للمؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي
-
بلاد الرمال تفرج عن أقدم سجين ديني
-
لعنة الإعلام الرجعي ... والمناسبات الدينية في العراق .
-
التاريخ الأسّود والدموي للأديان
-
الكَذبُ والتَدليس في زَمن إنعدام التدقيق والتَمحيص / د. زغلو
...
-
الثائرُ المُرغم وَالثورة الفَاشِلة ... قِراءة عقلانية ومُحاي
...
-
الشيوعيون المتشيعون والمتسننون ..!!
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|